على أثر الكشف عن لقاء سري جرى في سلطنة عُمان بين الأميركيين والإيرانيين؛ لمناقشة التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، انطلقت موجة من الانتقادات بحق إدارة بايدن على اعتبار أنها تتساهل تماماً مع الإيرانيين.
وجل الانتقادات مستحقة، وقديمة، ومنذ زمن باراك أوباما، لكن هل فتح قنوات سرية مع العدو، وأياً كان، خطأ؟ الأكيد لا، والتفاوض يتم عادة من أجل تجنب الحروب، وهذا من طبيعة العمل السياسي.
ورغم كل ذلك فإن انتقاد إدارة بايدن مستحق سواء بالتعامل مع إيران، أو الحوثيين، الذين تساهلت معهم واشنطن إلى درجة أضرّت بمصداقيتها باليمن نفسه، وبكل دول الخليج، ودون استثناء.
تساهلت واشنطن مطولاً مع طهران، وميليشياتها، وعلى حساب دول المنطقة، وتحديداً مع الحوثيين، حين رفعتهم من قوائم الإرهاب، وحمتهم، ومكّنتهم من البقاء، من خلال الضغط السياسي والدبلوماسي، ضد التحالف العربي.
كما لعبت واشنطن بورقة حقوق الإنسان بشكل انتهازي ضرب مصداقية حقوق الإنسان التي لا نرى لها أثراً اليوم بالحرب الإسرائيلية على غزة. وأخّرت واشنطن تسليم الأسلحة للسعودية والحلفاء، وحالت دون سقوط ميناء الحديدة.
وتجاهلت إدارة بايدن الدور الإيراني بتمويل وتدريب وتسليح الحوثيين، وإرسال قيادات ومدربين من «حزب الله» إلى اليمن، هذا عدا عن إغفال الدور الإيراني التخريبي باليمن إعلامياً وسياسياً.
الآن، وبعد أن باتت القوات الأميركية والبريطانية تقصف الحوثيين، وإن كان على استحياء، وإعادة الحوثي لقوائم الإرهاب، عادت واشنطن تتحدث عن الدور الإيراني المخرّب، وبدلاً من مساندة الشرعية اليمنية تذهب واشنطن لمفاوضة إيران في عُمان!
وهذا التفاوض متوقع لأن لا استراتيجية أميركية واضحة تجاه إيران وميليشياتها، وتخبط واشنطن، إن أحسنّا الظن، هو ما أقنع طهران بأهمية ميليشياتها التي تستطيع جلب واشنطن لطاولة التفاوض. وأبسط مثال عدم حدوث هجمات من العراق وسوريا ضد القوات الأميركية منذ 4 فبراير (شباط).
ونقلت صحيفة «الفاينانشال تايمز» عن مسؤول إيراني قوله إن العميد إسماعيل قاني، قائد «فيلق القدس»، طلب ببغداد الشهر الماضي، من الميليشيات العراقية «إدارة سلوكها بطريقة لا تسمح لأميركا بالاشتباك مع إيران». ولذلك سعت واشنطن للاستعانة بطهران مع الحوثي.
لكن العقدة في اليمن الآن أكبر، حيث يقول لي نجيب غلاب، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، إن الشرعية تعتقد بأن الحوثي يستغل أزمة الملاحة البحرية الآن للقيام بعمل عسكري ضد الشرعية، وهو الأمر الذي أكده المبعوث الأممي.
ويتحدث المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، عن ازدياد «احتمال تغيير أطراف النزاع باليمن لحساباتها وأجنداتها التفاوضية، إذ قد تقرر الأطراف الانخراط في مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر تعيد اليمن إلى حلقة جديدة من الحرب».
وحال حدثت هذه الحرب، وبحال استمرّ استهداف الملاحة البحرية، فإن الورطة الحوثية بالنسبة لإدارة بايدن تبقى كبيرة ومعقدة، فما أُهمل بالأمس لا يمكن أن يُنجز بمفاوضات سرية فقط اليوم. وهنا تكمن ورطة إدارة بايدن، وهي التي لا تجد تعاطفاً من أحد بالمنطقة الآن.
*نشرت أولاً في صحيفة الشرق الأوسط
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفWhat’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...
الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...
الله يصلح الاحوال...
الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...
ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة البحر الأحمر إدارة بایدن فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن: الحوثي يستخدم المدنيين دروعاً بشرية
عبدالله أبوضيف (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلةدعت الحكومة اليمنية جميع الموظفين والعاملين في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة إلى عدم الانصياع للضغوط التي تمارسها ميليشيات الحوثي الإرهابية، بهدف إجبارهم على العودة للعمل في ظروف محفوفة بالمخاطر، في ظل محاولاتها استئناف عمليات تفريغ الوقود بصورة غير قانونية. وقال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، في تصريح صحفي، «إن هذه المحاولات تكشف مجدداً مدى استخفاف ميليشيات الحوثي بحياة المدنيين الأبرياء، واستمرارها في استغلالهم واستخدامهم كدروع بشرية والمتاجرة بمآسيهم لتحقيق أهدافها الإرهابية».
وحذر الإرياني، من أن أي كارثة إنسانية قد تنجم عن هذه التصرفات الإجرامية، محمّلاً ميليشيات الحوثي كامل المسؤولية عن تبعاتها.
وجدد الإرياني دعوته لجميع العاملين في الميناء إلى حماية أنفسهم، والامتناع عن المشاركة في أي أنشطة غير قانونية قد تعرض حياتهم للخطر، وعدم منح الحوثي فرصة لاستغلالهم في تنفيذ مخططاتها الخبيثة.
وأقرت ميليشيا الحوثي، أمس، أن الجيش الأميركي نفذ غارة جوية استهدفت سفينة وقود كانت تستعد لتفريغ شحنتها في ميناء رأس عيسى، الواقع في محافظة الحديدة الساحلية.
في غضون ذلك، حذر وزير حقوق الإنسان اليمني، الدكتور أحمد عرمان من أن ميناء الحديدة يواجه أزمة كبيرة، تهدد حركة التجارة وإمدادات الغذاء، ما يزيد من معاناة المدنيين في المناطق التي تعتمد عليه، مشيراً في هذا الصدد، إلى أن أوضاع الصيادين تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حيث يواجهون قيوداً متزايدة واعتقالات تعسفية تمنعهم من ممارسة أعمالهم، مما أدى إلى تدهور قطاع الصيد بشكل خطير.
وشدد الدكتور عرمان في تصريحات لـ«الاتحاد» على ضرورة إعادة تشكيل المنظومة الإدارية والرقابية لضمان تحسين أوضاع العاملين في مختلف القطاعات، خصوصاً في ظل وجود أكثر من 22 ألف موظف يعانون من ظروف قاسية بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد.
وأشار عرمان إلى انتهاكات الحوثي المتصاعدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، لافتاً إلى وجود 25 موظفاً تابعين للأمم المتحدة لا يزالون رهن الاحتجاز، و72 آخرين يواجهون مصيراً مجهولاً، في ظل استمرار القمع والانتهاكات ضد العاملين في المجال الإنساني.
وأوضح عرمان أنه رغم مرور ما يقارب الـ 9 أشهر منذ بدء موجة الاعتقالات الأخيرة إلا أنه لا يوجد تحرك جاد للإفراج عنهم، ما يعكس مدى تعنت الحوثيين وانتهاكهم للقوانين الدولية.
وشدد الوزير على أن الانتهاكات لم تقتصر على الموظفين الإنسانيين، بل امتدت إلى قمع الناشطين والصحفيين، حيث يتعرض العشرات منهم للاعتقال والتعذيب في سجون سرية، وسط صمت دولي مريب، فهذه الممارسات تتطلب تحركاً دولياً جادًا للضغط على الحوثي لوقف هذه الممارسات والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.