انتقد عضو البرلمان الأوروبي النائب البلجيكي مارك بوتينغا موقف الاتحاد الأوروبي من حرب إسرائيل على غزة، ودعا في حوار مع الجزيرة نت لوقف فوري ودائم لإطلاق النار وحظر تصدير السلاح لإسرائيل والمزيد من الإجراءات العملية.

وقال بوتينغا -في حديثه من بروكسل عبر اتصال فيديو- إن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل يشكل تواطؤا مباشرا على "الإبادة الجماعية"، ويشير إلى أن الدول ملزمة بموجب "اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية" ببذل كل ما في وسعها لتجنب خطر حدوث الإبادة الجماعية، ومنبها إلى أن عدم تصويت البرلمان الأوروبي على حظر عسكري على إسرائيل يجعل "التواطؤ النشط واضحا للغاية".

وانتقد بوتينغا ما سماه النفاق والمعايير المزدوجة، معتبرا أن قرار البرلمان الأوروبي الأخير ليس كافيا وينبغي اتخاذ إجراءات عملية للحفاظ على السلام وحقوق الإنسان، فإلى الحوار:

دعنا نبدأ من التطور في الموقف الأوروبي قبل أيام، إذ صدّق البرلمان الأوروبي على قرار "يدين بشدة" تعطيل إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومهاجمة قواتها قوافل الإغاثة، هل تعتقد أن ذلك كان كافيا؟

لا، ليس كافيا، ما صوت عليه البرلمان الأوروبي بالأمس كان بالأساس تكرارًا لما صوتوا عليه الشهر الماضي للمرة الأولى، وهو الدعوة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. هذا أمر مهم بالطبع. لا أحد يختلف على ذلك. لكنه ليس كافيا لأنه في الوقت نفسه صوتت أغلبية أعضاء البرلمان الأوروبي ضد فرض حظر عسكري على إسرائيل أو أي إجراءات أخرى (دعنا نسميها إجراءات عملية) ونحن نعلم جيدا أنه إذا لم تكن هناك عقوبات، إذا لم تكن هناك إجراءات عملية فإن إسرائيل لا تلتزم.

ومن ثم، وبهذا المعنى، فمن الإيجابي من ناحية أن يتم إقرار هذا القرار، لكن هناك نفاقًا كبيرًا يتمثل في حقيقة أنهم يرفضون فرض أي إجراءات أو حتى التصويت على إجراءات عملية أو الدعوة إلى اتخاذها.

سبق لك أن اعتبرت إرسال الأسلحة إلى إسرائيل تواطؤا مباشرا على "الإبادة الجماعية"، هل يمكن أن توضح لنا سبب هذا الرأي؟

حسنًا، إنها حجة تشرح نفسها بنفسها إلى حد ما، إذا قالت محكمة العدل الدولية إن هناك خطرا معقولا بحدوث إبادة جماعية بموجب "اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية" فإن كل دولة مجبرة على بذل كل ما في وسعها لتجنب خطر حدوث الإبادة الجماعية.

الآن أصبح الأمر واضحًا جدًا.. إذا أرسلت أسلحة إلى إسرائيل اليوم، فمن المرجح أن تستخدم هذه الأسلحة في ممارسات الإبادة الجماعية التي تمارسها في غزة. إذن أنت تعرف ما يحدث. أنت تعرف إلى أين تذهب هذه الأسلحة. وتعلم فيما تستخدم هذه الأسلحة، وتراه على شاشة التلفزيون ومازلت تقرر إرسال هذه الأسلحة، هذا هو "التواطؤ النشط".

ولهذا السبب قلت ما قلته، ويمكنني أن أضيف إنه خيار واضح للغاية. بالطبع، سنحتاج إلى المزيد من الضغط على إسرائيل أكثر من مجرد حظر الأسلحة أو مجرد الحظر العسكري. لكن الحظر العسكري يجعل التواطؤ واضحا للغاية. إذا لم يكن لديك حظر عسكري، فأنت تقول، حسنًا، كما تعلم، لا أمانع في استخدام الأسلحة التي أرسلها (أو تلك التي تمر عبر الأراضي الأوروبية) في ممارسات الإبادة الجماعية هذه.

إذن، ما هي الخطوات التي تعتقد أنه ينبغي اتخاذها لمعالجة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وفي الأراضي الفلسطينية؟

حسنًا، مرة أخرى، يدعو القرار الأوروبي الصادر عن البرلمان الأوروبي إسرائيل إلى فتح جميع المعابر الحدودية، وهو أمر مهم، وسيكون تطبيقه مهمًا. ولكن بطبيعة الحال، أول شيء (ينبغي فعله) هو وقف إطلاق النار.

لنكن واضحين للغاية، لأن ما نراه، وما رأيناه خلال الأيام الماضية حيث استهدفت إسرائيل عمدا توزيع المساعدات، إنها ليست المرة الأولى، وقد شهدنا قوافل إنسانية تتعرض للهجوم وما إلى ذلك. لذلك هذا بالطبع أول شيء (وقف إطلاق النار).

والأمر الثاني هو فتح جميع المعابر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. ونحن نعلم أن عمليات الإنزال الجوي التي تقوم بها بعض الدول الغربية ليست كافية. إنها مجرد استعراض، ولدينا (بالمقابل) كل هذه المساعدات الإنسانية التي تنتظر دخولها خارج غزة.

ولكن مرة أخرى، لن يحدث أي شيء من ذلك ولن يحدث إذا لم يكن هناك ضغط على إسرائيل. يمكن أن نتحدث بقدر ما نريد، وسنتحدث في الفراغ لأن إسرائيل لن تستمع ولن تلتزم إذا لم تمارسوا الضغط، لقد رأينا هذا من قبل.

كما تعلمون، إسرائيل تنتهك العشرات من قرارات الأمم المتحدة. لماذا؟ لأنه إذا لم يكن هناك أي إجراء، ولا ضغوط، ولا عقوبات مرتبطة بإسرائيل، فإنها ببساطة لن تهتم. ومادام أنهم يتمتعون بحماية القوى الغربية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن إسرائيل ستستمر (فيما تفعله).

هل واجهت أي معارضة أو انتقادات محليا بسبب موقفك أو خطابك تجاه هذه القضية؟

بالطبع. هناك عدد من الأطراف خاصة في البداية يقولون: أنت تدافع عن حماس، أنت تدافع عن أي شيء. ولكن أعتقد أنه من الواضح جدا للناس اليوم أن هذه ليست حربا ضد حماس. هذه حرب ضد الأطفال. هذه حرب ضد الكل. أيها الناس، هذه حرب تعلمون أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال. هذه حرب ترى فيها أكثر من 12 ألف طفل يقتلون وترى قوافل المساعدات الإنسانية يتم الهجوم عليها.

لذا، نعم، هناك بالطبع دعاية من الجانب الآخر تحاول القول إذا كنت تدعم حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين واحترام القانون الدولي، فهل تدعم الإرهاب؟  لكن هذه دعاية. لا ينبغي لنا أن نسقط في هذا الفخ، ومرة أخرى كانت محكمة العدل الدولية واضحة جدًا بشأن هذا الأمر. هناك خطر حدوث إبادة جماعية، وتقول المحكمة إننا نرى ممارسات الإبادة الجماعية على شاشاتنا كل يوم. نحن نرى الأرقام. نحن نرى الإحصائيات.

وأعتقد أن الكثير من الناس يرون الآن ما يجري من خلال منظور ضمان الحقوق الأساسية للإنسان وللفلسطينيين.

ومن ناحية أخرى، هناك بالطبع الدعاية التي تقول إن هذه الأرقام مزيفة. لا يمكنك الثقة في هذه الأرقام، ولكن في الوقت الذي ظهرت فيه الأخبار يظهر أن حتى إسرائيل تستخدم هذه الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة في غزة، ولقد رأينا أيضًا مقالًا في (The Lancet) -مجلة طبية علمية معروفة دوليًا-، قالت إنه ليس لديها دليل حقيقي على التضخيم أو أن هناك أرقاما مبالغا فيها.

لذا لقد شاهدنا الحكومة الأميركية تستخدم هذه الأرقام وتستخدم أرقامًا مشابهة. ولكن بكل صراحة وبكل صدق معك أقول: معظم الناس في أوروبا يرون ما يحدث ويعارضونه. ولهذا السبب تتغير الأمور. هذا هو السبب الذي يجعل البرلمان الأوروبي يصوت على قرارات كما حدث. هذا هو السبب الذي يجعل بعض الحكومات تتخذ بعض الإجراءات لأنها تشعر بالضغط من الناس الذين يتضامنون مع فلسطين.

كيف يمكن للبرلمان الأوروبي أن يلعب دورا أكثر نشاطا في الوضع الحالي؟

حسنًا، المسألة الأولى هي الأهم يجب أن يتم وقف المعايير المزدوجة. إنه لأمر مثير للإعجاب حقًا كيف يمكن للبرلمان الأوروبي أن يدين أي بلد في العالم بسهولة شديدة، ويمكنهم التصويت على القرارات بخصوص روسيا، إيران وكوبا وفنزويلا.. إدانة تلو أخرى، ولكنهم لا يدينون إسرائيل حتى اليوم.

حتى القرار الأخير لا ينص على أن البرلمان الأوروبي يدين إسرائيل. كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف يمكن أن تكون هذه المعايير المزدوجة ممكنة؟ هناك أطفال قتلوا في غزة خلال الأشهر الماضية أكثر من الذين قتلوا في 4 سنوات في جميع الحروب الأخرى في العالم. ومع ذلك البرلمان الأوروبي والاتحاد الأوروبي، لا يستطيعان أن يدينا إسرائيل بوضوح.

لذا، الأمر الأول هو طرح الأمور كما هي عليه. ثانيا، يجب أن تقول إن هناك أسبابًا هيكلية لإقرار أن ما يحدث هو استعمار غير قانوني واحتلال غير قانوني، لكن القول بهذا لا يكفي. نحن بحاجة لإجراءات. ونحن بحاجة للتوضيح بأن هناك اتفاقيات دولية تحكم الاحتلال أو حتى في الضفة الغربية، وكذلك ما يحدث في القدس الشرقية اليوم. لأننا نتحدث عن غزة لأسباب واضحة. ولكن إذا نظرت إلى الوضع الذي يحدث الآن في الضفة الغربية مع كل القرى التي تتعرض للتضييق والهجوم وتهجير السكان من أجل إنشاء مستعمرات جديدة أو من أجل الاستيلاء على الأراضي، إذا نظرت إلى ما يحدث في القدس الشرقية مع الحي الأرمني المهدد والحي المسيحي المهدد.. إلخ، يمكنك أن ترى أن "مشروع التطهير العرقي" يحدث في جميع أنحاء فلسطين.

ينبغي على الاتحاد الأوروبي (وليس البرلمان الأوروبي فحسب) أن يقول لإسرائيل إما أنك تحترمي القانون الدولي أو أن شراكتنا المميزة انتهت لأن هناك شراكة مميزة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يطلق عليها اتفاقية التعاون. وهنا ينبغي القيام بدور نشط مثل تعليق وإلغاء اتفاقية الشراكة. وقد زاد الاتحاد الأوروبي على عدد من المستويات التعاون مع إسرائيل. على سبيل المثال، في نوفمبر/تشرين الثاني، اقترحت المفوضية الأوروبية دعم -ووافق البرلمان في النهاية على ذلك الأسبوع الماضي- مشروع الغاز الجديد لربط خط أنابيب الغاز بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. هذا تصعيد للعلاقات التجارية وإذا نظرت إلى تمويل الأبحاث والتطوير فالأمر شبيه، فقد كان هناك قرار في ديسمبر بمنح مشروع مشترك مبلغا ماليا كبيرا وجزء من هذا المشروع يخدم صناعات الطيران الإسرائيلية. وبالتالي، ينبغي أن يكون دور الاتحاد الأوروبي دورا نشطا ينحاز للعدل والقانون الدولي.

ما هي الرسالة التي تود توجيهها إلى السياسيين الآخرين وقادة أوروبا في هذا السياق؟

أعتقد أنه من الواضح جدا اليوم أن الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأوروبية قد انكشفوا أمام العالم بسبب معاييرهم المزدوجة.

وأنت تستطيع أن تلاحظ هذا وقد رأيناه من قبل لكنه أوضح كثيرا الآن، لا أحد في العالم يؤمن بصدق أن الاتحاد الأوروبي يدعم القانون الدولي وحقوق الإنسان، لأنه لا يمكنك أن تقول إن السياسة الخارجية الخاصة بك مبنية على القانون الدولي وحقوق الإنسان، ثم تتعاون مع ما تقوم به إسرائيل الآن، وهذا شيء يمكن ملاحظته في جميع أنحاء العالم.

لذا، مصداقية الاتحاد الأوروبي على المستوى الدولي تتراجع، ورسالتي واضحة جدا، أوقفوا مشاركتكم في جرائم الحرب. أوقفوا مشاركتكم في خطر محتمل للإبادة الجماعية، وأنا أتساءل، إذا نظرت إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي قالت إنها تقدم دعما كاملا لإسرائيل في بداية الحرب، ربما يجب أن يتم التعامل مع هذا التواطؤ أيضا أمام المحكمة الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المساعدات الإنسانیة البرلمان الأوروبی الاتحاد الأوروبی الإبادة الجماعیة القانون الدولی إجراءات عملیة الأوروبی على على إسرائیل هذه الأسلحة هذه الأرقام تستخدم هذه کیف یمکن ما یحدث هذه حرب یمکن أن إذا لم

إقرأ أيضاً:

هكذا تحايلت إسرائيل على أميركا لبناء مفاعل ديمونة

القدس المحتلة- كشفت وثائق أميركية -رفعت عنها السرية مؤخرا- كيف طوَّرت إسرائيل قدراتها النووية في ستينيات القرن الـ20، عبر تحايل تل أبيب على المفتشين الأميركيين، والتقدم نحو بناء المفاعل النووي في ديمونة بصحراء النقب بمساعدة فرنسا ودون علم واشنطن.

وبادر أول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون إلى إطلاق المشروع النووي في النصف الثاني من خمسينيات القرن الـ20، وبعد عقد من الزمن، وعشية حرب 1967، قامت إسرائيل بتجميع أجهزتها النووية الأولى سرا.

وفي مواجهة المعارضة الأميركية القوية بقيادة الرئيس جون كينيدي، عزم القادة الإسرائيليون على تحقيق هدفهم، ونظروا إلى المشروع النووي  باعتباره التزاما بتأمين مستقبل دولتهم.

أسرار

منذ البداية نظر قادة إسرائيل إلى مشروع ديمونة باعتباره "سرا داخل سر"؛ تمثَّل الأول بالاتفاق النووي الإسرائيلي الفرنسي عام 1957، والذي أدى إلى إنشاء المجمع النووي. وتفاوضت الدولتان على الاتفاق سرا نظرا لحساسية الموضوع، وفق تحقيق الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل".

ونشر أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي، مجلدا إلكترونيا جديدا تضمن 20 وثيقة عن مشروع إسرائيل النووي، تحدثت عن مدى معرفة الحكومة الأميركية بأسراره، والطرق التي اعتمدتها تل أبيب للحصول على السلاح النووي عبر التحايل على واشنطن.

إعلان

كما تضمنت الإصدارات الجديدة للأرشيف التقارير الكاملة عن زيارات عامي 1965 و1966، إلى جانب تقرير أولي عام 1967، وخلال هذه الفترة حقَّقت إسرائيل إنجازات كبيرة بالمجال النووي.

وحسب الوثائق التي استعرضها الموقع الإسرائيلي، كان هناك "سر أعمق" تمثَّل بمنشأة معالجة الوقود النووي والمكونة من 6 طوابق تحت الأرض، والتي سمحت بإنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة بسرية تامة.

وتشير الوثائق التي استعرضها الموقع الإسرائيلي إلى أن أميركا عندما اكتشفت "مشروع ديمونة" في الأشهر الأخيرة من عام 1960، لم تكن تعلم بوجود منشأة لمعالجة الوقود النووي تحت الأرض، حيث لم يكن يعلم بها سوى عدد قليل من الإسرائيليين والفرنسيين.

وركّزت المناقشات الداخلية في أميركا على تقييم طبيعة وأهداف المشروع، سواء كان إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء، أو الأبحاث. ورغم أن البعض في واشنطن اشتبهوا في البداية بأن المشروع كان يهدف إلى إنتاج الأسلحة النووية، فإنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك، فلم يكن هناك "دليل دامغ" على أن مفاعل ديمونة خصص لإنتاج الأسلحة النووية.

وتجلَّى الغموض في أول تقييم استخباراتي وطني خاص بشأن ديمونة أصدرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في 8 ديسمبر/كانون الأول 1960. وجاء في الوثيقة أن "إسرائيل تبني مجمع مفاعلات نووية في النقب بغرض البحث، أو إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء"، وأن "إنتاج البلوتونيوم الصالح لصنع الأسلحة النووية، هو أحد أهداف إسرائيل الأساسية".

رغم السرية

كما أظهر تقرير سري آخر، كشف عنه مؤخرا بعنوان "إنتاج البلوتونيوم الإسرائيلي"، وأعدته لجنة الاستخبارات المشتركة للطاقة الذرية في 2 ديسمبر/كانون الأول 1960، أن المسؤولين الأميركيين كانوا يعرفون قليلا عن بناء المفاعل الكبير قرب بئر السبع جنوب إسرائيل، وأنه يتضمن "منشأة لفصل البلوتونيوم".

إعلان

ولم يشرح التقرير السري كيف استنتجت اللجنة ذلك، لكن مجرد ذكر وجود منشأة لفصل البلوتونيوم، يشير إلى أن الغرض من مفاعل ديمونة لم يكن البحث النووي، بل إنتاج الأسلحة.

وربما تكون هذه الوثيقة السرية هي التقرير الاستخباراتي الأميركي الأول أو الوحيد الذي ينص صراحة على أن المشروع الفرنسي الإسرائيلي شمل منذ البداية المكونين التكنولوجيين الأساسيين لبرنامج الأسلحة النووية، مفاعل إنتاج ومنشأة لفصل البلوتونيوم.

ورغم طرح إدارة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، أسئلة صعبة على إسرائيل حول أهداف المشروع، ولكن السبب وراء عدم ظهور هذه المعرفة في التقارير الاستخباراتية اللاحقة يظل لغزا.

وتشير كافة التقييمات الاستخباراتية الأميركية بشأن ديمونة منذ عام 1961 إلى عام 1967 على الأقل، إلى قضية منشأة الفصل باعتبارها مسألة تعتمد على قرار مستقبلي قد تتخذه إسرائيل. لكن في الفترة نفسها تبنَّت وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأميركية موقفا مفاده أن "ديمونة لا تمتلك مثل هذه المنشأة".

اعتراف

وفي خطاب أمام الكنيست يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 1960، وردا على الضغوط الأميركية، أعلن بن غوريون رسميا وجود مفاعل ديمونة، لكنه أصرَّ على أنه "بحثي لأغراض صناعية وزراعية وعلمية وطبية".

لكن تقييمات الاستخبارات أثارت الشكوك لدى إدارة أيزنهاور، وعكست تصريحاتها العامة دهشتها من اكتشاف مفاعل ديمونة، حيث نفى بن غوريون سعيهم لامتلاك الأسلحة النووية، وقال بغضب للسفير الأميركي أوجدن ريد "نحن لسنا تابعين لأميركا ولن نكون كذلك أبدا".

واستخدمت إسرائيل خطاب بن غوريون غطاء لسنوات مع كل زيارة للمفتشين الأميركيين إلى ديمونة والتي كان أولها عام 1961.

واحتالت لتقنع المفتشين بأن هدفها بناء منشأة نووية لإنتاج الكهرباء، وقامت بحملة خداع واسعة أخفت عبرها منشأة الفصل تحت الأرض، ومكونات إضافية في الموقع.

إعلان

وأجرى الأميركيون بين عامي 1961 و1969 ثمان عمليات تفتيش في ديمونة، معظمها بضغط من الرئيس الأميركي جون كينيدي، وهدفت لنقل الرسائل السياسية والوصول إلى المعلومات التكنولوجية التي تجهلها واشنطن.

وكانت مشكلة فصل البلوتونيوم محل قلق كبير، وحذَّر الفريق الأميركي من أن إسرائيل قد تتمكن خلال 18 شهرا أو أقل من تجميع منشأة فصل، وتحويل ديمونة من مفاعل أبحاث إلى منشأة لإنتاج الأسلحة.

وفي عام 1965، أكملت إسرائيل بناء منشأة الفصل السرية تحت الأرض، وبعدها بعام بدأت بإنتاج البلوتونيوم الصالح لصنع الأسلحة، وعشية حرب عام 1967، قامت بتجميع أجهزتها النووية الأولى.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 9 مارس/آذار1967 أن إسرائيل أكملت فعلا بناء منشأة فصل البلوتونيوم، وأن "ديمونة" تعمل بكامل طاقتها لأغراض إنتاج السلاح، وأن تل أبيب قادرة على تجميع سلاح نووي خلال ستة إلى ثمانية أسابيع.

مقالات مشابهة

  • مختصون: إسرائيل ترتكب جرائم إبادة متعمدة و10 آلاف محام يقاضونها
  • مقررة أممية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة يتسبب في إبادة جماعية
  • مستشار حكومي: إرسال موازنة 2025 إلى البرلمان مطلع شهر نيسان المقبل
  • ألبانيز: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة يُنذر بـ"إبادة جماعية"
  • إيران توجه ضربة سيبرانية لإسرائيل.. تسريب معلومات حساسة عن حاملي الأسلحة
  • فرنسا تسرع وتيرة إرسال الأسلحة لأوكرانيا
  • هكذا تحايلت إسرائيل على أميركا لبناء مفاعل ديمونة
  • إسرائيل: إرسال وفد إلى قطر الاثنين في محاولة لدفع المفاوضات بشأن غزة
  • رئيس الوزراء الإسرائيلى يشكر ترامب لدعمه “الجريء” لإسرائيل
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة