تبقى ماريا وزوجها ألكسندر على يقين من أن الرئيس فلاديمير بوتين، سيؤمن فترة ولاية خامسة كزعيم لروسيا في الانتخابات الرئاسية التي تدخل، الأحد، يومها الثالث والأخير.

لكن الزوجين، اللذين يعيشان في موسكو مع أطفالهما الثلاثة، ليسا متأكدين مما سيحدث بعد ذلك. وأهم ما يدور في أذهانهم وفقا لحديثهم لصحيفة “نيويورك تايمز”، هي المخاوف من أن يدفع الفوز بولاية جديدة بوتين للإعلان عن تعبئة أخرى للرجال الروس للقتال في أوكرانيا.

وقالت ماريا إن زوجها ألكسندر، 38 عاما، غادر روسيا بعد وقت قصير من إعلان بوتين عن التعبئة الأولى في سبتمبر 2022 قبل أن يعود مؤخرا، غير أنه يفكر مجددا في الرحيل من البلاد.

وتضيف ماريا، 34 عاما، في محادثة مع الصحيفة عبر تطبيق واتساب: “أسمع فقط عن التعبئة، وأن هناك هجوما مخططا له في الصيف وأن القوات بحاجة إلى التناوب”.
مخاوف وعدم يقين

ورغم أن السلطات الروسية تنفي التخطيط لتعبئة أخرى للحرب، إلا أن الشعور بعدم الارتياح لا يزال قائما، حيث يشعر العديد من الروس بالقلق بشأن العديد من القضايا، التي ترتكز أساسا على احتمال استخدام بوتين سلطته المطلقة لإجراء تغييرات تجنّبها، خلال الفترة الماضية التي سبقت الانتخابات.

وقال دينيس فولكوف، مدير مركز “ليفادا”، أحد مراكز استطلاع الرأي المستقلة القليلة في روسيا، إن هذه المخاوف “مطروحة بشكل رئيسي لدى أقلية الروس الذين يعارضون الحكومة”.

وفي حين تظل التعبئة المحتملة هي المصدر الأول للقلق، يشعر المواطنون أيضا بمخاوف بشأن الوضع المالي والاقتصادي للبلاد، خاصة فيما يتعلق بإمكانية سماح السلطات بانخفاض الروبل، بعد أن دعمته خلال تراجعه العام الماضي، مما سيزيد من تكلفة الواردات.

من جانبهم، يطرح رجال الأعمال مخاوف بشأن رفع الضرائب، فيما يتوقع نشطاء بالمعارضة المزيد من حملات القمع ضد المعارضة.

وقالت نينا خروشيفا، أستاذة الشؤون الدولية جامعة “نيو سكول” بمدينة نيويورك، والتي تزور روسيا بانتظام: “الناس قلقون للغاية”، مشيرة إلى أن “حالة انعدام اليقين هي الأسوأ، بالرغم من أن الشعب الروسي اعتادها”.

وتعكس هذه المخاوف، وفقا للصحيفة، المزاج الحالي في روسيا، حيث تعلم الكثيرون “الأمل في الأفضل لكن مع توقع الأسوأ”، لافتة إلى أن حالة عدم اليقين التي تحدثت عنها خروشيفا وخبراء آخرين “تفاقمت”، مع حديثهم عن أن “روسيا أصبحت أكثر استبدادية”.
“حر وأكثر جرأة”

وتذكر الصحيفة، أنه بعد أكثر من عقدين من الزمان في السلطة، لم يعد بوتين “مقيّدا بحزب معارض في البرلمان أو مجتمع مدني قوي”، وبالتالي فهو يبقى “حر نسبيا في التصرف كما يحلو له”.

ويقول خبراء للصحيفة، إن الكرملين يمكن أن يستخدم نتائج التصويت – المتوقع أن يحمل انتصارا ساحقا لبوتين، لـ”قمع المعارضة بشكل أكبر وتصعيد الحرب في أوكرانيا” والتي كان المقصود منها أن تكون “عملية عسكرية خاصة” سريعة، قبل أن تتحول إلى حرب أسقطات آلاف القتلى.

وقالت يكاترينا شولمان، الباحثة المختصة في الشؤون السياسية الروسية، “في الانتخابات الاستبدادية، يمكن التنبؤ بالنتائج، لكن العواقب ليست كذلك.. إذا قرر النظام أنه قام بعمل جيد وأن كل شيء على ما يرام، فإن فترة ما بعد الانتخابات يمكن أن تكون الوقت المناسب لاتخاذ قرارات لا تحظى بشعبية”.

وأشارت شولمان إلى مثال رفع سن التقاعد في روسيا بعد إعادة انتخاب بوتين في عام 2018، رغم أن القرار لم يحظ بالرضا الشعبي.

وتتم إدارة الانتخابات في روسيا بشكل محكم من قبل الكرملين من خلال سيطرته شبه الكاملة على وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، التي كثيرا ما يتعرض عمالها للضغوط من أجل التصويت. وتقوم الآلة الانتخابية بتصفية المرشحين غير المرغوب فيهم، وقد أُجبر نشطاء المعارضة على الفرار أو انتهى بهم الأمر في السجون الروسية.

وتوفي أبرز المعارضين في البلاد، أليكسي نافالني، الشهر الماضي في سجن في القطب الشمالي حيث كان حيث كان يقضي أحكاما بالسجن يبلغ مجموعها 30 عاما.

ورغم أن نتيجة التصويت ليست “محل شك”، إلا أن الروس يبقون منشغيلن بما ستسفر عنه الانتخابات الأولى منذ قرار بوتين بغزو أوكرانيا في فبراير 2022.
“ليس الفوز فقط بل انتصار كبير”

من جهتها، اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أنه وبعد 24 عاما في الكرملين، أصبح الزعيم الروسي على أعتاب ضمان ست سنوات أخرى رئيسا لروسيا، في انتخابات تبقى “شكلية إلى حد كبير”، وتفتح أمامه الطريق لثاني أطول ولاية في السلطة منذ ستالين.

وبذلت حكومة بوتين، وفقا للصحيفة، كل ما في وسعها لـ”ضمان فوزه”، بعد أن سجنت منتقديها، وضيّقت على حرية الصحافة، وأصدرت قوانين جديدة لمواجهة وقمع أي انتقادات لحربه في أوكرانيا.

ويقول محللون للصحيفة، إن بوتين، البالغ من العمر الآن 71 عاما، لا يريد الفوز فقط، بل “يحتاج إلى تحقيق انتصار كبير يسمح له بإطلاق يده فيما يقول إنها التقاليد الأرثوذكسية المحافظة في روسيا، والتي تشمل في نهاية المطاف الحرب في أوكرانيا ومواجهته الأوسع مع الغرب”.

ويقول مركز أبحاث البرلمان الأوروبي، الذي يقدم تحليلات حول قضايا السياسة المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، إن من شأن أي فوز كبير “أن يضفي الشرعية على إرث بوتين وحربه العدوانية، ويهمش المعارضة المتبقية، ويسمح له بتنفيذ رؤيته دون رادع على مدى السنوات الست المقبلة”.

وبلغت المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2018 نسبة 67.5 بالمئة، مع ذهاب ما يقرب من 77 بالمئة من الأصوات لبوتين، وفقًا للبيانات الحكومية.

ويطمح الكرملين في أن تكون الأرقام أعلى هذه المرة حتى يُمنح الزعيم الروسي “الحرية في تحقيق أهدافه”، من خلال “منح بوتين تفويضا مطلقا بعد الانتخابات”، كما قال بوريس فيشنفسكي، نائب رئيس حزب المعارضة، “يابلوكو”.

وقد أشار بوتين بالفعل إلى بعض خططه في خطاباته ومقابلاته، والتي تمسك فيها أساس بمواصلة الحرب في أوكرانيا.

في هذا الجانب، تقول أنجيلا ستينت، مؤلفة كتاب “عالم بوتين: روسيا ضد الغرب ومع البقية”، ومستشارة بارزة في معهد الولايات المتحدة للسلام ومقره واشنطن، إنه بنظر الكرملين تتمحور الانتخابات فقط على مسألة: “نحن في حرب وطنية وهو زعيم الأمة في هذا الصراع الوجودي للحفاظ على دور البلاد في العالم، والحفاظ على سلامة أراضي البلاد”.

ويتوقع مراقبون أن يطلق الزعيم الروسي قريبا موجة أخرى من الاعتقالات والاحتجازات في الداخل، وقوانين جديدة لخنق المعارضة وزيادة الضرائب على الأغنياء، وفقا لوول ستريت جورنال.

وقال أندريه سولداتوف، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الأوروبية، مقره واشنطن العاصمة: “ما شهدناه مؤخرا هو زيادة في نشاط أجهزة المخابرات والأمن الروسية، التي تتسم بالعدوانية الشديدة.. يعكس جنون العظمة الذي يعاني منه النظام حتى قبل الانتخابات”.

وأضاف سولداتوف: “نظرا لأن الاستقرار السياسي على المحك، فإن كل شيء له ما يبرره، بما في ذلك قتل المعارضين السياسيين [و] الهجمات في الخارج”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی أوکرانیا فی روسیا

إقرأ أيضاً:

«الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يمثل قطاع الدواء أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الصحي، حيث يلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المواطنين وضمان توفير الأدوية بأسعار مناسبة وجودة عالية ومع التحديات المتزايدة التي تواجه هذا القطاع في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة وفعالة لإزالة العقبات وتوفير بيئة مواتية للنمو والتطوير.

وفي هذا السياق، جاءت استجابة الحكومة، ممثلة في الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، للمطلب المقدم من شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، لتؤكد حرص الدولة على دعم الصناعات الدوائية والعمل على إيجاد حلول عملية للمشكلات التي تعترض طريقها ويأتي هذا التحرك يعكس استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي ككل، وجعله أحد المحركات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة.

حيث استجاب الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، لمطلب الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بتشكيل لجنة تضم عددًا من المختصين، من بينهم الدكتور عوف، لدراسة التحديات التي تواجه قطاع الدواء والعمل على إزالة العقبات التي تعرقل تطوره.

وجاءت هذه الخطوة بعد أن ناشد الدكتور علي عوف الحكومة، عبر بيان رسمي سابق، بضرورة الإسراع في تشكيل لجنة لمناقشة المشكلات التي يعاني منها قطاع الدواء وأشار في بيانه إلى أهمية هذا القطاع الذي يضم أكثر من 2000 شركة ومصنع وموزع، تمثل كيانًا كبيرًا يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلي.

وقد عبرت شعبة الأدوية عن امتنانها لهذه الاستجابة السريعة من الحكومة، حيث أرسلت برقية شكر وتقدير إلى الفريق كامل الوزير وأشادت بالاجتماعات الدورية التي يعقدها الوزير مع المستثمرين لبحث مشكلاتهم والعمل على حلها بفعالية، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية الدولة لتعزيز القطاع الصناعي ووضعه ضمن أولويات التنمية.

وأكد الدكتور علي عوف أن تشكيل اللجنة يُعد تطورًا إيجابيًا يعكس اهتمام الحكومة بقطاع الدواء، الذي شهد تحديات كبيرة في الفترة الأخيرة. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير الصناعات الدوائية بما يدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الواردات.

استجابة وزير الصناعة

وفي هذا السياق يقول محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء، يعتبر قطاع الدواء أحد الركائز الأساسية التي تدعم منظومة الصحة العامة والاقتصاد الوطني ومع تنامي التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، جاء قرار وزير الصناعة بتشكيل لجنة مختصة بالتعاون مع شعبة الأدوية خطوة هامة لمعالجة الأزمات وتعزيز مكانة الصناعة الدوائية.

وأضاف فؤاد، أن استجابة وزير الصناعة لمطالب شعبة الأدوية التي تتعلق بتحديات تواجه القطاع، مثل نقص المواد الخام وغيرها مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغيرات التنظيمية خطوة جيدة لدعم القطاع من خلال تبني سياسات تسهم في تخفيف الأعباء على الشركات المصنعة، وتعزيز قدرتها على المنافسة محليًا ودوليًا.

تشكيل لجنة مختصة

وفي نفس السياق يقول محمود علي طبيب صيدلي، أن الإعلان عن تشكيل لجنة متخصصة تضم ممثلين عن شعبة الأدوية، وخبراء في الصناعة، ومسؤولين حكوميين بداية الطريق الصحيح لضبط سوق الدواء وطالب علي اللجنة بدراسة المشكلات المطروحة ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ مثل تقييم العقبات التنظيمية والإدارية واقتراح سياسات لدعم المنتجين المحليين إلى جانب تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ووضع آليات لضمان توفير الأدوية بأسعار معقولة.

وأضاف «علي»، رغم أهمية هذه المبادرة، يبقى نجاحها مرهونًا بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة حيث تحتاج الحكومة إلى توفير الدعم المالي والفني اللازم لضمان تحقيق النتائج بالإضافة إلى أن تشكيل لجنة لبحث تحديات قطاع الدواء خير دليل على الاهتمام الحكومي بصناعة الدواء، التي تعد دعامة أساسية للأمن الصحي والاقتصادي، موضحًا أن التنفيذ الفعال لتوصيات اللجنة، يمكن أن يشهد القطاع نقلة نوعية تسهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية وتحفيز الاستثمار في هذه الصناعة الحيوية.

مقالات مشابهة

  • «الصناعة» تُشكل لجنة لبحث تحديات هيئة الدواء.. خبراء: يعد القطاع أحد أهم الركائز التي تدعم منظومة الصحة والاقتصاد الوطني.. ونجاح المبادرة مرهون بقدرة اللجنة على تنفيذ التوصيات ووضع خطة عمل واضحة
  • أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
  • بوتين يهدد بضرب الدول التي تزود أوكرانيا بالأسلحة.. الباليستي رد أولي
  • بوتين: موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها
  • بوتين يحذر الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح ضد روسيا
  • بوتين يقول إن روسيا أطلقت صاروخ باليستي تجريبي على أوكرانيا
  • بوتين: روسيا اختبرت صاروخًا جديدًا في هجوم على أوكرانيا
  • بوتين يتوعد باستهداف دول تستخدم أوكرانيا أسلحتها لضرب روسيا
  • روسيا أطلقت صاروخا بالستيا عابرا للقارات على أوكرانيا للمرة الأولى
  • روسيا تشنّ هجوماً صاروخياً غير مسبوق على أوكرانيا