صحيفة روسية: من يكون الرئيس الفلسطيني المقبل؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
استبعدت صحيفة إزفيستيا الروسية عودة رئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس لمنصبه حال إجراء انتخابات رئاسية، وقالت إن شعبيته انخفضت بشكل كبير منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال الكاتب برخور دورينكو، في تقريره بإزفيستيا، إن السياسي الأكثر شعبية في فلسطين في الوقت الراهن هو مروان البرغوثي، المسجون منذ أكثر من 20 عاما، والذي تسعى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جاهدة لإطلاق سراحه كجزء من تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي.
وأضاف أنه على الرغم من استمرار الحرب على غزة، بدأت بعض الأصوات مناقشة وضع ما بعد الحرب، ومسألة تشكيل حكومة موحدة.
وذكر أن تحقيق الوحدة السياسية يتطلب التوصل إلى اتفاق بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وقوى أخرى داخل منظمة التحرير الفلسطينية التي تسيطر على السلطة في الضفة الغربية.
أمر صعب
وأكد أنه نظرا للتاريخ المعقّد للعلاقة بين الفصائل، فإن تحقيق هذه الغاية أمر صعب المنال.
وأورد أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية تحدث مؤخرا لصالح دعم عملية توحيد الشعب الفلسطيني قائلا "إننا مهتمون أكثر من أي وقت مضى بوحدة الشعب الفلسطيني، وإعادة هيكلة كافة مكوناته السياسية والحكومية"، وطرح مقترحات بشأن ذلك.
ونقل الكاتب عن المحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرقب قوله إن الفلسطينيين يريدون تشكيل حكومة تكنوقراط لا تضم القوى الفلسطينية، بما في ذلك فتح وحماس، تكون مهامها إعادة تنظيم جميع المؤسسات الفلسطينية والإصلاحات، والتحضير للانتخابات العامة للرئيس ونواب البرلمان.
وأكد الرقب أن ولاية هذه الحكومة تنتهي بعد إجراء انتخابات المجلس التشريعي الذي سيمنح الثقة للحكومة الجديدة، مشيرا إلى أهمية الاختيار المحتمل لرئيس فلسطيني جديد قادر على العمل كحلقة وصل موحدة بين الفلسطينيين، وعلى إجراء حوار مع إسرائيل.
وتقول إزفيستيا إنه وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، أصبح لدى ثلاثة سياسيين فرصة لقيادة الفلسطينيين وهم: مروان البرغوثي، وإسماعيل هنية، والرئيس الحالي للسلطة الفلسطينية محمود عباس.
شخصية رئيسية
وقالت إن مروان البرغوثي يعد إحدى الشخصيات الرئيسية في فتح، ويطلق عليه لقب "نيلسون مانديلا الفلسطيني"، وقد اعتُقل خلال الانتفاضة في 2002، وحكمت عليه بخمسة أحكام مؤبدة و40 عاما سجنا.
وحسب الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور، يتمتع مروان البرغوثي بشعبية كبيرة وسط الفلسطينيين، ويحظى باحترام كبير لدى حماس والحركات الأخرى، نظرا لآرائه المعتدلة، وهو لا يعارض اتفاقيات السلام مع إسرائيل ومستعد للحوار، وعلى هذه الخلفية، يمكن اعتباره شخصية مناسبة تماما من وجهة نظر تنفيذ صيغة التعايش السلمي بين الدولتين.
ووفقا للمحلل أيمن الرقب انخفضت شعبية عباس بعد بدء الحرب في قطاع غزة، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه لن يحصل إلا على نسبة محدودة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المحتملة.
وتابع أنه إلى جانب الحرب على غزة، يلعب السن المتقدم للرئيس الفلسطيني ومشاكله الصحية دورا في انخفاض شعبيته، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات مروان البرغوثی
إقرأ أيضاً:
بوب وودوارد وخبايا حرب غزة
إذا كانت مؤلفات الصحفي الاستقصائي الأمريكي بوب وودوارد السابقة قد أثارت ضجة كبرى فور صدورها، وحققت نسبة أعلى المبيعات ليس في أمريكا فقط بل في العالم أجمع، فإنّ كتابه الأخير «الحرب» قد فعل الفعل ذاته. ورغم أنه صدر منذ شهر فقط عن دار «سايمون وشوستر» في 15 أكتوبر 2024، إلا أنّ ترجماته غير الرسمية انتشرت في العالم بكل اللغات، ومنها النسخة العربية التي تُرجمت فورًا عبر الذكاء الاصطناعي، فأتاح ذلك للقارئ العربي أن يلم بمواضيع الكتاب الرئيسية وهي: الحرب الأوكرانية، وحرب غزة، وكذلك حرب سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي فاز بها الرئيس دونالد ترامب.
يتضمّن الكتاب مجموعة من التحقيقات والتصريحات من داخل البيت الأبيض، وتصريحات القادة العرب لوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن بعد السابع من أكتوبر 2023. ويقول المؤلف إنّ كتابه يستند إلى مئات الساعات من المقابلات مع المشاركين والشهود المباشرين على الأحداث التي تناولها، وإنّ معظم هؤلاء سمح له بتسجيل المقابلات. كل ذلك يضفي أهمية على الكتاب، ولا عجب أن يكتب سايمون هندرسون زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «إذا كانت الجرائد هي المسودة الأولى للتاريخ، فإنّ كتابات بوب وودوارد هي المسودة الثانية، (..) يحلم مراسلو الصحف بتصريحات ولو مقتضبة من المسؤولين الكبار، أما كتاب الحرب لوودوارد فهو من دهاليز البيت الأبيض».
ما يهم القارئ العربي للكتاب (أو هكذا أتصوّر) الجزء المتعلق بالحرب على غزة، حيث يتناول المؤلف «طوفان الأقصى» وكواليس لقاءات وزير الخارجية الأمريكي مع زعماء بعض الدول العربية في الجولة التي قادته إلى المنطقة في شهر أكتوبر 2023. ويرى المؤلف أنّ هذا «الطوفان» أظهر فشلًا مخابراتيًّا إسرائيليًّا، ولكنه في تقديمه سردية ما حدث، لم يزد عن ترديد الافتراءات نفسها التي انتشرتْ في بدايات الطوفان: «تدفق ثلاثة آلاف من مسلحي حماس إلى مجتمعات الكيبوتس، وأحرقوا المنازل وذبحوا عائلات بأكملها، بمن في ذلك الأطفال والرضّع في مهودهم وأسرّتِهم ذات الطابقين، وقطعت رؤوسهم وأوصالهم وأحرقتهم أحياء (..) كما ارتكب مسلحو حماس أعمال عنف جنسي وحشية ضد النساء بما في ذلك ربطهن بالأشجار واغتصابهن»!، وهو ما لم يستطع إثباته حتى الكيان الصهيوني نفسه الذي ارتكب فظائع مثل هذه عبر تاريخه.
ربما كانت أهم نقطة في الكتاب في رأيي هي موقف بعض القادة العرب من الحرب على غزة؛ فمجملُ ما سمعه أنتوني بلينكن منهم هو: «كان على إسرائيل ألا تأمن لحماس، وقد حذّرْنا نتنياهو من ذلك مرارًا؛ فحماس هي جماعة الإخوان المسلمين. (..) الجماعات الإرهابية لا تحاول القضاء على إسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين، ونحن قلقون من تداعيات ما تفعله إسرائيل في غزة على أمننا جميعًا، وما سيأتي بعد حماس قد يكون أسوأ، فداعش جاءت بعد القاعدة وهي أسوأ منها. (..) دعمت إسرائيل حماس لسنوات، وكانت عشرات الملايين تتدفق، ويجب عليها أن تهزم حماس، لن أقول ذلك علنًا، كان ينبغي عليهم التعامل مع السلطة الفلسطينية والعمل معهم. (..) يجب على إسرائيل ألا تدخل غزة بريًّا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها تقطع رقابهم. (..) يمكننا أن نمنح إسرائيل المساحة والوقت للقضاء على حماس، لكن يجب على إسرائيل أن تساعدنا أيضًا من خلال السماح بدخول المساعدات الإنسانية وإنشاء مناطق آمنة للتأكد من عدم قتل المدنيين، بجانب السيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية. (..) لا ينبغي إيقاف الحرب حتى استئصال حماس من غزة».
وإذا كانت مواقف القادة الذين التقاهم بلينكن في جولته الشرق أوسطية مخزية، كما يبدو من هذه التصريحات، فإنّ على العكس من ذلك يظهر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان بمواقف قوية وصلبة ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته، ويفشل بايدن في فرض أيّ قرار عليه. ورغم الدعم العلني لإسرائيل، يُظهِر الكاتب إحباط بايدن الشديد من نتنياهو خلف الكواليس، ومن ذلك مثلًا أن سأل بايدن نتنياهو في إحدى المحادثات في أبريل 2024 بشكل مباشر: «ما هي استراتيجيتك؟». وعندما أصر نتنياهو على التوغل جنوب غزة، ردّ بايدن بحزم: «ليس لديك استراتيجية»، ولاحقًا في شهر مايو، بعد إصرار نتنياهو على غزو رفح رغم التحذيرات الأمريكية، أبدى بايدن غضبه واصفًا رئيس الوزراء الإسرائيلي لمستشاريه بالكاذب، بل قال أيضًا إنّ معظم فريقه كذابون «ثمانية عشر من تسعة عشر كلهم كذابون». وقد رفض نتنياهو رفضًا تامًا إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، وحتى عندما طلب منه بلينكن ذلك مشيرًا إلى أنّ الرئيس بايدن سيأتي لإسرائيل «ونحتاج أن نكون قادرين على الإعلان قبل مجيئه بأنكم ستسمحون بدخول المساعدات الإنسانية»، رد نتنياهو بنبرة غاضبة: «تعلمون أنّ هذا سيكون خطأ كبيرًا. لقد تعرّضَت هذه البلاد لهجوم. يجب ألا يُعتبر مجيء الرئيس بمثابة زيارة لمساعدة الفلسطينيين، إنه هنا للوقوف مع إسرائيل. لا ينبغي أن تكون زيارة لمساعدة الفلسطينيين». وبالفعل حدثت الزيارة دون أن يضطر نتنياهو لتقديم أيّ تنازل عن مواقفه أو التزحزح عنها قيد أنملة، وهو ما حدث فيما بعد أيضًا في جنوب لبنان عندما اعتزم الكيان الصهيوني القضاء على قيادات حزب الله. ينقل وودوارد عن وزير الخارجية الأمريكي أنه التقى بنتنياهو صباح 16 أكتوبر 2023، وطلب منه السماح بدخول المساعدات الإنسانية لغزة، لكن نتنياهو انفجر غاضبًا رافضًا الفكرة تمامًا وقال: «الشعب الإسرائيلي لن يتسامح مع تقديم مساعدات لهؤلاء النازيين، إذا لم نكن قد دمّرنا حماس بالكامل». وكان رد بلينكن أنّ إدخال المساعدات الإنسانية هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به وهو «في مصلحتكم»، لكن هذا الرفض لم يمنع بلينكن من زَف البشارة لنتنياهو ومن معه في ذلك الاجتماع بإخباره كلَّ ما سبق أن سمعه من القادة العرب: «منذ آخر لقاء لنا، سافرنا في المنطقة، التقينا بأصدقائكم وأشخاص ليسوا أصدقاء، لكنهم ليسوا أعداء لكم. والشيء الوحيد الذي سمعناه مرارًا وتكرارًا هو أنهم يدعمون ما تقومون به، يدعمون هزيمة حماس. قد لا يستطيعون قول ذلك علنًا، لكنهم يدعمونكم فيما تفعلون. يريدون الاستقرار. لا يوجد حب ضائع بين أيِّ من هذه الدول وحماس».
ما كشفه بوب وودوارد عن مواقف القادة العرب من حماس، هو في الواقع معروف من قبل، وسبق لكثير منهم أن أعلنوا عنها، لكن الجديد في هذا الكتاب أنها موثقة بالأسماء والتواريخ ومنقولة من مصادر ثقة، بما يعني أنها ستبقى مواقف تاريخية تشهد على أصحابها وتذكّر الشعوب العربية ببيت معروف الرصافي:
لا يخدعنّك هتافُ القومِ بالوطنِ / فالقومُ في السرّ غيرُ القومِ في العلنِ.
شغلت بالي نقطة - وأنا أقرأ الكتاب - هي عن الإخوان المسلمين؛ فحسب وودوارد تضمنت كلُّ لقاءات وزير الخارجية الأمريكي مع قادة المنطقة، مطالبات بتدمير حركة حماس لارتباطها التاريخي بجماعة الإخوان، فما الداعي إلى الوقوف مع العدو وقوفًا معلنًا - رغم كلِّ جرائمه وخطورته - ضد جماعة يمكن احتواؤها؟!
يتعلل البعض بأنّ الأنظمة العربية اهتمت بالوضع الإنساني في غزة، ولكن من يقرأ الكتاب يصل إلى استنتاج أنّ هذه الأنظمة تريد من الكيان الصهيوني أن يتحلى «بالإنسانية» حتى يسمح ذلك بعد القضاء على المقاومة بالهرولة إلى التطبيع، وهذا ما أشارت إليه أمريكا وكذلك الدول العربية حيث أكد أحدُ قادتها تمسكه بالتطبيع، رغم كلِّ المآسي والمجازر التي حصلت من قبل الكيان.
يبقى أنّ بوب وودوارد أحرج في كتابه «الحرب» بعض الأنظمة العربية أمام شعوبها. ومن ذلك ما جاء على لسان أحد قادة المنطقة: «يجب على الإسرائيليين أن يتعلموا شيئًا نعرفه في العالم العربي؛ خذ وقتك في الانتقام.. كن صبورًا.. إنه نهج أفضل». ولكن مهما صار من أمر، فإنّ ما قاله أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي لمجلس الحرب الإسرائيلي خلال إحدى رحلاته لتل أبيب من أنّ «حماس فكرة، ولا يمكنك تدمير فكرة»، سيبقى حقيقة، حتى وإن خذل العرب حماس والمقاومة. والسؤال المطروح هو: هل ستنسى الشعوب هذه المواقف المتخاذلة؟!