يوميات وزير فلسطيني في حرب غزة (2).. "وسام" تفقد رجليها ويدها
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
ترجمة: محمد مستعد
مقدمة:
عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه ” ياسر” (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.
الثلاثاء 17 أكتوبر: “وسام” تفقد رجليها ويدها
مرت أحد عشر يوما على الحرب، وصارت متشابهة: نفس التفجيرات، نفس الأخبار، نفس الخوف، ونفس الرائحة. في الليلة الماضية لم يكن لدي من خيار سوى النوم في بيت صديق لي في جباليا. في السابق وخلال ثلاثة أيام متتالية، كنت أنام مع ولدي في حديقة بالمركز الصحفي. كان ولدي مرعوبًا بالطبع من الشظايا التي كانت تتحطم على مدار الساعة.
فجأة رن هاتفي. فسمعت صوت سيدة من عائلتي من الضفة الغربية. قالت لي إن قصفا قد استهدف شارعا في حي “تل الهوى” بجنوب مدينة غزة. وهو الحي الذي يسكن فيه ابن عمي “حاتم” المتزوج من “هدى” الأخت الوحيدة لزوجتي واللذان يسكنان في منزل بعمارة من أربعة طوابق مع والدة الزوجة وإخوتها وعائلاتهم.
بعد ثلاثين دقيقة، وصلت إلى حي “تل الهوى”. فأخبرني شقيق “حاتم” أن منزل العائلة أصيب فعلا بقذيفة. وأن “وسام”، إحدى بنات “هدى” هي الوحيدة التي نجت من الموت وتم نقلها إلى العناية المركزة حيث أجريت لها عملية جراحية بسرعة. وتم قطع رجليها ويدها اليمنى. أما باقي أفراد العائلة فلم يتم العثور عليهم.
كنا نصرخ وسط الركام وننادي بأسماء أفراد العائلة على أمل أن يكون البعض لا يزال على قيد الحياة تحت الركام. لكننا في نهاية اليوم وجدنا خمس جثث، من بينها جثة طفل يبلغ من العمر 3 أشهر. فذهبنا لندفنهم في المقبرة.
في نفس المساء ذهبت لرؤية “وسام” في المستشفى. كانت ما تزال نصف نائمة، وقالت لي وهي تسأل:
“خالو، أنا أحلم، أليس كذلك؟ أنا لا أحب هذا الحلم، خالو. ”
اضطررت إلى أن أخرج، ولمدة 10 دقائق طويلة، بقيت أبكي، وأبكي…
الأربعاء 18 أكتوبر: “الخطر موجود في كل مكان”
كانت ثاني ليلة أقضيها في مخيم “جباليا” حيث اجتمع كل أفراد عائلتي: الأب، الأخوات، الإخوة. كان الانترنت مقطوعا وليست هناك وسائل للتواصل الاجتماعي. لقد عدنا إلى عصر الراديو. الانفجارات متتالية، ونحس بها في كل مرة أقرب إلينا. وكنت في كل مرة أتحسس جسمي من أجل أتأكد وأتحقق بأنني لم أتعرض لأية إصابة.
في كل مكان، يقف الناس في الطوابير لشراء الخبز. وإذا كنت محظوظا، تستطيع أن تحصل خلال ساعتين أو ثلاث ساعات على الخبز اللازم لإطعام العائلة خلال ليلة واحدة. لم نستطع الأكل منذ نهار أمس، شربنا القهوة والقهوة، ثم المزيد من القهوة.
ذهبت إلى “المركز الصحفي”، حيث يوجد عادة الكهرباء وحيث تستطيع أن تقوم بشحن هاتفك المنقول وتتبع الأخبار على التلفزيون. خلال الليلة الماضية، تم تدمير هذا الحي سبب القصف. داخل “المركز الصحفي” تحطمت جميع النوافذ والأرضيات، والسقوف والرفوف والأبواب. الزجاج المكسور موجود في كل مكان، إلى جانب قطع من الخشب والألمنيوم الملتوي. القمامة في كل زاوية. باب الحديقة تخربت. لو كنت قضيت الليلة هنا مع “ياسر” ومع أخي كما كنا نفعل طوال الأسبوع الأول من الحرب، لربما كنا قد قتلنا. لا أحد يعرف في الوقت الحالي، ما هو آمن وما هو محفوف بالمخاطر. وما هو جيد وما هو سيء. عليك فقط أن تقوم باختيار معين. وكأنك تلعب لعبة حظ.
يقال إن الإسرائيليين يريدون ترحيل أكثر من 60% من سكان القطاع، ربما من أجل مسح مدينة غزة بالكامل. المروحيات الإسرائيلية ترمي بمنشورات باللغة العربية تحذر بأن أي شخص سيبقى في شمال “وادي غزة” سيتم اعتباره كشريك لمنظمة إرهابية، وبالتالي يمكن استهدافه بدون سابق إنذار. لكنني لن أسمع لإنذاراتهم. زوجتي “هناء” كانت تتوسل إلي، وترسل لي رسائل نصية عبر الهاتف تدعوني لانتقل إلى رفح حيث يوجد ابني “ياسر” حتى نكون قريبين من نقطة العبور إلى مصر في حال إعادة فتح هذا المعبر لحامليه من أصحاب جوازات السفر الأجنبية أو الدبلوماسية. لكنني كنت أجيبها: ” أنا لا أثق في الجيش الإسرائيلي”. لقد قتل مآت الفلسطينيين أمس في عمليات قصف صاروخي استهدفت طريق “صلاح الدين”، وهو الشريان الرئيسي للذهاب نحو جنوب القطاع. الخطر موجود وحاضر في كل مكان مثل ضجيج الطائرات الإسرائيلية بدون طيار. وصديقي الصحفي “بلال” مدير مركز الصحافة يقول لي دائمًا: “لا يوجد مكان آمن في غزة”.
عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان “حياة معلقة”. وكتاب بعنوان ” الدرون يأكل معي” The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي.عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة حماس في قطاع غزة.
كلمات دلالية عاطف ابو سيف غزة
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: عاطف ابو سيف غزة عاطف أبو سیف فی کل مکان
إقرأ أيضاً:
نشوى مصطفى لـ«كلم ربنا»: نمت مكان زوجي في القبر وشميت رائحة مسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت الفنانة القديرة نشوى مصطفى، إنني «تزوجت جواز صالونات تقليدي من زوجى الله يرحمه، زيجة دامت 33 سنة، وهو أكرمنى وسندنى وشالنى وربى ولادنا أعظم تربية، كان عايش فى أمريكا بيشتغل فى بزنس المطاعم، وفى مصر اشتغل فى التطوير العقاري».
وأضافت «نشوى»، خلال حوارها لـ برنامج «كلم ربنا»، الذي يقدمه الكاتب الصحفي أحمد الخطيب على الراديو «9090»: «بالصدفة عرفت إن زوجي مريض، وكان عندى بنتى حامل والدكتور طلب منها تحاليل، فقالتلى أنا هجيب المعمل البيت ياخد العينة، وانتى يا ماما اعملى وخلي بابا كمان لربما يكون عنده سكر، لكنه رفض، وقالى أنا سليم وبلاش توهمينى، لكنه وافق وجاتلى النتيجة بالليل، فلقيت فى نتيجته ارتفاع شديد فى أنزيمات الكبد، فاتصلت بدكتور وروحنا عملنا الاشعات، فاكتشفنا عنده تليف فى المرحلة الأخيرة بالكبد، وده كله بدون أعراض وقالولى دى معجزة، وعمره ما قال يا بطنى، ومرضتش أقوله بصراحة غير إنه فى خمول فى الكبد ومحتاج أدوية وملحقناش، لأنه كان لازم يستمر 3 شهور، لكن بعد 18 يوم قالى أنا طالع أنام، ولما قام رجع دم فملحقناش نروح المستشفى وانهار مرة واحدة».
وأشارت إلى أنه « في آخر كلامه قال مرتين يا رب، وراح استقبل القبلة - كانت الإسعاف لسه موصلتش- وكأنه شايف حاجة قدامه، وابتسم وراح، ومات على كتفي وعرقه على جبينه، وشفت لحظة خروج الروح، بقيت اتشاهد كتير بس، وفجأة ملامحه اتغيرت ورجعت لأيام ما كنا مخطوبين، مبتسم وبدون تجاعيد».
وعن لحظة الدفن، قالت: «لما روحت المقابر استأذنت إنى أنزل المقبرة، أموره كانت سهلة وبسيطة وناس كتير حضرت، لأنى استغثت بالناس تيجي تحضر الدفنة، كنت خايفة لمحدش يجي لأن المسجد كان جنب المستشفى وبعيد، لكن الناس جات والأعداد كانت كبيرة، المقبرة كنا لسه شارينها تبع المحافظة، فكلمت التربي، وكنت لأول مرة حد فينا يروحها، فقالى تعالوا، فنزلت المقبرة كان نفسي أشوفه هينام فين، الراجل قالى هنا عشان يكون اتجاه القبلة، فلقيت نفسي بنام مكانه عشان أشوف هو هيحس بإيه، ولما نزلت تحت شميت ريحة مسك حلوة، فلما نمت مكانه الراجل قومنى وقالى حرام، وسألته عن الريحة، قالى أنا شامم والريحة حقيقية، وكنت أول مرة أنزل مقبرة، وحد قالى انا تعمدت أعد الناس اللى تحت كنا 14 فرد، وقالى انها واسعة وشميت ريحة مسك، وشفت لحظة نزوله لأنى كنت مكتفية بيه».
واستطردت: «أنا زوجي لسه موجود عايش معايا، لما بيكون عندى شغل بخلص بسرعة عشان أرجعله، ريحته لسه فى سجادة الصلاة بتاعته وأنا بصلى عليها، ومصحفه وهدومه، ولما بكون نازلة بقوله السلام عليكم أنا نازلة، ولما برجع بقوله يا عماد أنا رجعت بصوت عالى، وأنا فى المطبخ سمعت صوت كحته فى أوضة النوم، وهو موجود، وفى الأول كان عندى انكار ومش مصدقة إنه مشي، وقلت لربنا: (أنا ليه مروحتش الأول يا رب، كان المفروض أنا اللى أموت، لأنى كان حالة القلب عندى مش كويسة والمفروض أنا اللى أروح، وكنت عملت عملية قلب كبيرة وركبت 3 دعامات، وكان هو اللى واقف جنبي وشالينى فى كل حاجة، وكنت مسنودة عليه، انا لسه بستغفر ربنا لأني مش فاهمة الحكمة إنه يسبنى، لكن بقول ربنا بيعلمنى إنه هو الباقي والسند مش البشر، وربنا بيقولى أنا الواحد الأحد اللى ساند ومعاكى، فالرسالة وصلت يا رب، ودلوقتى أنا متونسة بربنا، وفى بيتى أنا وربنا قاعدين مع بعض ومعايا، وبحس بعماد إنه موجود لكن ربنا الباقي، إحنا عايشين عشان رسالة لسه مخلصتهاش، وعماد خلصت اجاباته وسلم ورقته، ولسه ورقتى».
وقالت إنها «بكلم ربنا دايما، وطلباتي منه كتير، وساعات بتكسف من كتر ما بطلب، هو الغني وخزائنه مليانة، ولما الدنيا بتسرقني الكرب بيزيد فارجع بسرعة»، مضيفة: «أنا نشأت فى شبرا، وأبويا الله يرحمه كان بيوديني الكُتاب عشان أحفظ القرآن الكريم، وكنت الأولى على الجمهورية فى الشهادة الابتدائية الأزهرية، ووالدي كان بسيطًا، يعمل سائقًا بالمصانع الحربية، وكان يصرف دخله على تعليمنا، رغم أننا 5 إخوة، أنا خريجة تجارة عين شمس، ثم درست التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية».
وتابعت: «عملت أثناء الجامعة في البيع بمنطقة العتبة أنا وصحبتي، وكنت أكسب 120 جنيهًا شهريًا، وتعلمت التعامل مع الناس، كنت بحب التمثيل منذ الصغر، وشاركت في المسرح بالجامعة تحت إشراف الفنان أحمد عبد العزيز، قررت دخول معهد الفنون رغم اعتراض والدي، وقال لى لازم حد من اخواتك يبطل تعليم، فأعتمد على نفسي بالعمل وبيع سندوتشات منزلية لدعم دراستي».
واستطردت: «عشت في شبرا بلا تفرقة دينية أو تعصب، كنت أزهرية في الابتدائي، ثم درست في مدرسة مسيحية، وكنا عائلة واحدة ومفيش فرق بين مسلم ومسيحي، وحتى الآن ما زلت أزور أمي هناك».