محللون: نتنياهو يراهن على فشل مفاوضات صفقة التبادل ليهاجم رفح
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
القدس المحتلة– يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضغوطا داخلية غير مسبوقة، من أجل التوصل إلى صفقة تبادل شاملة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، وذلك مع اتساع دائرة الاحتجاجات المطالبة بوقف الحرب وإجراء انتخابات مبكرة.
تأتي هذه الضغوط في ظل اعتراف رسمي لكبار المسؤولين الإسرائيليين بأن حركة حماس أبدت مرونة من شأنها أن تفضي إلى إتمام صفقة التبادل واستعادة المحتجزين الإسرائيليين على مراحل، وهو الاعتراف الذي يضع نتنياهو، الذي يواصل المراوغة، في دائرة الإرباك.
بدا نتنياهو خارج الإجماع الإسرائيلي الداعي لتحرير المحتجزين عندما رفض إجراء مباحثات بمجلس الحرب بشأن مفاوضات الدوحة لصفقة التبادل، وهو الموقف الذي دفع وزير الأمن، يوآف غالانت، لعقد جلسة بديلة دون نتنياهو، وهي الخطوة التي اعتبرت تقديرات المعلقين الإسرائيليين بأنها تتناغم مع المسار الأميركي الذي يدفع إليه الرئيس جو بايدن.
وناقش غالانت بحضور قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية طبيعة صلاحية الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد، ديفيد برنيع، الذي سيصل إلى العاصمة القطرية الدوحة، غدا الاثنين، لاستئناف محادثات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار.
متظاهرون في تل أبيب يطالبون نتنياهو بإبرام صفقة تبادل لإعادة المحتجزين ووقف إطلاق النار (رويترز) دفع الثمنوسارع غالانت للتأكيد على أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ملزمة بإعادة المحتجزين إلى ذويهم واستغلال كل فرصة لذلك بما فيها مفاوضات الدوحة.
وقال إن "الضغط العسكري في المناورة البرية هو المفتاح ليس فقط للإنجاز العملياتي، بل أيضا لعودة المختطفين عبر الوسائل العملياتية أو عبر المفاوضات".
وفي مؤشر لإمكانية تجاوز العراقيل التي يضعها نتنياهو ومعسكر أحزاب اليمين المتطرف الرافض لأي صفقة تبادل، صرح وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبيل سفر وفدهم للدوحة، بأن "إسرائيل ستدفع ثمنا مقابل تحرير المختطفين، ولكن لن نوافق على وقف الحرب".
وأمام خطوة غالانت وتعالي الأصوات في حكومة الطوارئ، وكذلك لدى معسكر المعارضة برئاسة يائير لبيد، وبصفوف وزراء من الليكود الداعية لدفع الثمن مقابل صفقة التبادل، وجد نتنياهو نفسه مضطرا لعقد جلسة خاصة للحكومة، وذلك للنظر في توسيع صلاحيات الوفد الإسرائيلي بشأن صفقة التبادل المحتملة.
قبالة هذه المستجدات واتساع الدعم الإسرائيلي للمسار الأميركي الذي يدفع نحو صفقة تبادل ووقف إطلاق النار، افتتح نتنياهو جلسة الحكومة الأسبوعية، بمهاجمة الرئيس الأميركي جو بايدن، قائلا "هل نسيت بالفعل أحداث 7 أكتوبر؟ بدلاً من الضغط على إسرائيل، حوّل الضغط إلى حماس".
ويعتقد المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل أنه أمام نهج وسياسات نتنياهو في إدارة أزمة الحرب ومفاوضات صفقة التبادل، فإن "فرصة التوصل إلى اتفاق تعتمد على الصلاحيات ومساحة المناورة التي سيمنحها نتنياهو للوفد الإسرائيلي إلى قطر".
وأكد هرئيل أنه في الجواب الذي قدمته حماس، تظهر مرونة معينة، ومعها احتمال متجدد للتوصل إلى اتفاق، لكن نتنياهو يواصل رفع شعار "القتال حتى النصر الكامل"، حيث من الصعب توقع انعطاف حاد في موقفه، وذلك رغم الضغوط الداخلية الإسرائيلية واتساع دائرة الاحتجاجات والمظاهرات ضده.
وأوضح المحلل العسكري الإسرائيلي أن نتنياهو الذي أبدى موافقة على استئناف الوفد الإسرائيلي مفاوضات الدوحة، يتكتم على طبيعة الصلاحيات والتفويض لأعضاء الوفد، وإذا ما سيكون دورهم مجرد الاستماع إلى المقترحات التي يقدمها الوسطاء، كما كان في إحدى الجولات السابقة في القاهرة.
التصور الأميركي
ويعتقد هرئيل أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطا على الجانب الإسرائيلي من أجل التوصل إلى اتفاق، مشيرا إلى أنه من وجهة نظر واشنطن فإن صفقة "الرهائن" ومعها وقف إطلاق نار مؤقت، هي حجر الزاوية في تحريك مسار سياسي مستقبلي في الشرق الأوسط.
وقدر أن واشنطن تتوقع تقدما محتملا بشأن قائمة طويلة من القضايا الحاسمة، في حال أبرمت صفقة تبادل، عبر الشروع بتطبيق "اليوم التالي"، مع إعطاء دور كبير للسلطة الفلسطينية بالقطاع، وهو ما يثير استياء نتنياهو، ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، وحتى استئناف مفاوضات التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
وخلافا للمسار الأميركي الذي يصطدم مع نتنياهو، يعتقد المراسل العسكري للموقع الإلكتروني "والا"، أمير بوخبوط، أن نتنياهو يريد كسب الوقت من أجل الحصول على دعم دولي للعملية البرية في رفح، حيث يراهن على فشل المفاوضات مع حماس بوساطة قطرية، من أجل إعطاء الضوء الأخضر للجيش للهجوم على رفح.
وأوضح المراسل العسكري أن التقييم في الجيش الإسرائيلي هو أنه إذا أعلن المستوى السياسي فشل المفاوضات بالجولة الحالية، ستزداد الشرعية لعملية برية واسعة، وعندها سيكون على المستوى السياسي أن يقرر، ما إذا كانت القوات البرية ستتوغل باتجاه رفح، وما إذا كان من الضروري الانتظار لبدء العملية إلى ما بعد رمضان.
مسؤولون إسرائيليون يعتقدون أن عملية رفح لن تؤدي إلى القضاء على حماس (الفرنسية) قتال طويلولفت بوخبوط إلى أن تقديرات المؤسسة الأمنية، تشير إلى أن الدخول في هدنة طويلة كجزء من صفقة إطلاق سراح الرهائن، سينزع شرعية حزب الله في مواصلة الهجمات على البلدات الحدودية الإسرائيلية، ومن ثم سيكون على المستوى السياسي اتخاذ قرارات بشأن استمرار القتال في جنوب لبنان.
ومن وجهة نظر أمنية، يرى القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي، يعقوب نيغل، أنه على الرغم من أنه لا يرى أي فرصة للتوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة، فمن المهم الاستمرار في إرسال الوفد الإسرائيلي إلى المحادثات في قطر، قائلا إن "الاتفاق مع حماس يجب أن يشمل كل شيء، باستثناء نهاية الحرب".
وقدر نيغل في مقابلة مع راديو تل أبيب، أنه "لن تكون صفقة في الفترة القريبة لأن حماس ما زالت قوية وتفرض الشروط، كذلك الأمر ما زالت الحركة لديها سيطرة بغزة، وما زالت تقاتل في الشمال ووسط القطاع".
وقال المسؤول بمجلس الأمن القومي إن "قتال حماس يستغرق سنوات طويلة، ولن يتم القضاء على حماس بمجرد عملية برية في رفح، وسيستمر القتال حتى بعد السيطرة الأمنية للجيش على القطاع، وهو ما يشير إلى المقاومة المسلحة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات حماس الوفد الإسرائیلی ووقف إطلاق النار صفقة التبادل صفقة تبادل إلى اتفاق من أجل
إقرأ أيضاً:
ما حقيقة موقف حزب الله من مفاوضات وقف إطلاق النار؟!
منذ بدأ الحديث عن مفاوضات "جدية" لوقف إطلاق النار في لبنان، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين، ثمّة سؤال أساسي يُطرَح عن الموقف الفعلي والحقيقي لـ"حزب الله" من الاتفاق، حتى لو صحّ أنّ الحزب سبق أن "فوّض" رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو "الأخ الأكبر" بإدارة التفاوض، معلنًا القبول بما يقبل به الأخير، استكمالاً للنهج الذي كان قد أرساه الأمين العام السابق للحزب السيد الشهيد حسن نصر الله.ولعلّ الشكوك المثارة حول موقف الحزب، تجد ما تنطلق منه من التسريبات التي صوّرت الاتفاق على أنه يشكّل "تراجعًا" للحزب على أكثر من مستوى، ولا سيما بتخلّيه عن الكثير من الثوابت التي كان نصرالله قد أرساها، وكرّرها الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، بدءًا من "الربط المطلق" بين جبهتي غزة ولبنان، وصولاً إلى رفض النقاش بأيّ تفصيل قبل وقف إطلاق النار، خلافًا لمبدأ "التفاوض بالنار" الذي كرّسته إسرائيل في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أنّ الشيخ قاسم في كلمته التي جاءت متزامنة مع جولة المفاوضات، رفض الدخول في التفاصيل، إلا أنّه كان لافتًا حرصه على "توضيح" هاتين النقطتين بالتحديد، قبل تحديد "سقف" التفاوض بثابتتين هما وقف الحرب بشكل كامل وحفظ السيادة اللبنانية، فهل هذا يعني أنّ "حزب الله" يوافق على التسوية المطروحة، وبالتالي أنّ موقفه إيجابي منها، وأنّه جاهز لوقف إطلاق النار، متى أعلنت إسرائيل سيرها به؟!
موقف الحزب من وقف النار
بعيدًا عن "الجدل" المثار حول موقف "حزب الله" من التسوية، يؤكد العارفون بأدبيّات الحزب أنّ الأخير أبدى "كامل الانفتاح" على مفاوضات وقف إطلاق النار منذ ما قبل اغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله، بدليل الواقعة التي أصبحت معروفة لدى الجميع بأنّ الأخير كان قد أبلغ المفاوضين موافقته على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، قبل أن يتبيّن أنّ إسرائيل حينها كانت تخدع العالم بأسره، لتقترف جريمتها باغتيال السيد نصر الله.
وحتى بعد اغتيال السيد نصر الله، وانتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا للحزب خلفًا له، حرص الحزب أكثر من مرّة على تأكيد انفتاحه على مفاوضات وقف إطلاق النار، وهو ما أكّده الشيخ قاسم في أكثر من مناسبة، حين كان يحرص على التأكيد أنّ الحزب منفتح على أيّ اتفاق إذا كان يلبّي تطلعاته، ولكنه لن "يستجدي" مثل هذا الاتفاق، تحت أيّ ظرف من الظروف، وهو ما ثبّته بتأكيد جاهزيته لكل السيناريوهات، بما في ذلك "حرب استنزاف طويلة".
وإذا كان صحيحًا أنّ الاتفاق قد يناقض في مكانٍ ما، الثوابت التي كان الحزب يكرّرها، وأهمّها أنّ وقف إطلاق النار لن يحصل قبل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، بل أنّ أيّ نقاش بهذا المعنى مؤجّل لما بعد انتهاء الحرب، فإنّ العارفين بأدبيّات الحزب يشدّدون على أنّ هذه الثابتة كانت قائمة في "زمن" جبهة الإسناد، إلا أنّ الحزب سبق أن أعلن أنّ "حرب الإسناد" تحوّلت إلى "التصدّي للعدوان"، ما يعني أنّ العناوين والظروف اختلفت أيضًا.
ما يرفضه "حزب الله"..
بهذا المعنى، لا يعتبر "حزب الله" التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ، "تراجعًا أو هزيمة"، فما كان يسري في السابق على "جبهة الإسناد" لم يعد ساريًا اليوم، بما في ذلك حتى الحديث عن "التفاوض بالنار" الذي كان الحزب يرفضه سابقًا، لكنه اليوم يمضي به، ولكن بالاتجاهَين، كما أوضح الشيخ قاسم في كلمته الأخيرة، حين قال إنّ الحزب يفاوض اليوم بشأن التسوية، "وإسرائيل تحت النار"، بمعنى أنّ عملياته مستمرّة، ولم تتأثّر بالمفاوضات القائمة.
لا يعني ما تقدّم أنّ "حزب الله" يقبل بأيّ اتفاق وبأيّ تسوية، فسقف الاتفاق واضح، وقد اختصره الشيخ قاسم أيضًا ببندين أساسيّين هما حفظ السيادة اللبنانية ووقف الحرب بشكل كامل، وهما يحملان الكثير من الدلالات، إذ يتضمّنان "البوصلة" التي يسير الحزب بموجبها، وفي صلبها رفض كلّ ما يُثار من اجتهادات حول احتفاظ إسرائيل بـ"حرية الحركة" في الداخل اللبناني بعد الاتفاق، أو ربما "استنساخ" النموذج الجاري في سوريا بشكل أو بآخر لبنانيًا.
تحت هذا السقف فقط، يصبح الاتفاق مقبولاً، بحسب ما يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله"، الذين يؤكدون وجود تناغم كامل بهذا المعنى بينه وبين المفاوض اللبناني الرسمي، ممثلاً برئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، علمًا أنّ الأساس يبقى في الموقف الإسرائيلي برأي هؤلاء، فالأخير هو الذي اعتاد التنصّل من الاتفاقات، أو حتى الانقلاب عليها، وما جرى في مفاوضات من غزة، مرارًا وتكرارًا، خير دليل على ذلك.
الكرة في ملعب إسرائيل، لا "حزب الله"، يقول العارفون ردًا على محاولات "التشكيك" بموقف الأخير من المفاوضات. على العكس، يقول هؤلاء إن الخطاب الأخير للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، يمكن أن يُفهَم بوصفه "تهيئة للجمهور" لمثل هذا الاتفاق، خصوصًا بحديثه عن "مفهوم الانتصار"، المرتبط بالأهداف المُعلَنة من الحرب، منعًا لأيّ تأويلات أو استفسارات أو استنتاجات قد تأخذ منحى آخر ومختلفًا... المصدر: خاص لبنان 24