الأسبوع:
2024-11-04@18:25:31 GMT

إنقاذ إسرائيل والتضحية بنتنياهو

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

إنقاذ إسرائيل والتضحية بنتنياهو

لم يستطع صناع القرار في أمريكا، وأوروبا، الاستمرار في التستر على جرائم إسرائيل في غزة، لأن ما يقوم به العدوان فاق كل الخيال الإنساني، حيث ارتكب الإجرام الإسرائيلي كل أنواع جرائم الحرب المنصوص عليها في القانون من إبادة جماعية، وتهجير قسري، واستخدام أسلحة محرمة، واستخدام سلاح التجويع، وقتل الأطفال، والنساء، والعجائز، وإبادة طالبي الإغاثة أمام الشاحنات.

وكل تلك الجرائم تنقلها الفضائيات، ووسائل التواصل على مدار الساعة، وهو ما حرك الضمير الإنساني في شوارع أمريكا والعواصم الأوروبية، وحاصر صناع القرار في تلك الدول التي تعتبر شريكة في الجرائم الإسرائيلية.

ولأن أمريكا هي القائد الذي يجر أوروبا من خلفه، فإن ما يحدث بها يتم تأييده تلقائيًا من تلك الدول، ووفقًا لذلك بدأت الصحف الأمريكية تنقل في تناغم متكامل أحاديث حول تحميل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو كل تلك الجرائم، وكأنه هو من يحارب وليس الجيش، وهو من يصنع الأسلحة، ويرسلها من أمريكا والعواصم الغربية، لتقتل شعبنا الفلسطيني، وهو أيضًا من يتظاهر ليمنع شحنات الغذاء من المرور إلى الشعب الفلسطيني.

لا يمكن لأي عاقل أن يرى نتنياهو مجرمًا وحيدًا في إسرائيل، بل إن كل المنظومة العسكرية والأمنية والسياسة والإعلامية، بل والأكاديمية تشارك في تلك الجرائم البشعة التي تعدت كل حدود الإنسانية والخيال، وتجاوزت حتى أفعال الوحوش الضارية.

إن مصطلح حيوانات بشرية الذي أطلقه رئيس وزراء العدو في بداية الحرب على أبناء المقاومة، ينطبق تمامًا على كل أفراد تلك المنظومة الإجرامية التي تقتل وتبيد الأطفال، والنساء والشيوخ والرجال على مدار الساعة في غزة.

إسرائيل إذًا، أوشكت أن تتحول إلى دولة إجرامية في نظر كل أصدقائها الذين صنعوها، ووقفوا إلى جانبها حتى أصبحت أكبر قوة إقليمية في الشرق الأوسط، والتزييف وألعاب الخداع التي مارسها الإعلام الصهيوني لم تعد تنطلي على أصغر شاب في أوروبا وأمريكا، وهو ما أشارت إليه استطلاعات للرأي تقول إن 80% من الشباب تحت العشرين في أمريكا يرون أن العالم بدون إسرائيل سيكون أفضل.

ولأن الإدارة الأمريكية ترصد وتراقب ما يدور في العالم، وهي تستشعر بأن الجثث الهامدة في الوطن العربي يمكنها أن تتحرك، وتقف، وترفض هذا العدوان، أو تنكفئ لتموت ويسحقها التاريخ، ويأتي خير منها، وهذه خسارة كبرى لإسرائيل وأمريكا، ولأن المجتمع الإسرائيلي نفسه بدأ ينقسم بين إرادات مختلفة فإن الإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارًا استراتيجيًا بأن تحمل مجرم الحرب نتنياهو الجريمة لتبرأة إسرائيل، وإعادة غسلها، وتنظيفها وتقديمها للعالم مرة أخرى باعتبارها دولة حريات تحترم القانون الدولي، وتلتزم بحماية المدنيين، وترغب في وقف الحرب وإغاثتهم.

ولا يتوقف الأمر عند غسل العار عن إسرائيل فقط، لكن الولايات المتحدة أيضا تحاول أن تستعيد مكانتها الأخلاقية التي فقدتها من خلال ما تقدمه من فتات أغذية عبر ما يسمى برصيف غزة، أو عبر إلقائه على رؤوس الجوعى من أبناء شعبنا، وتصوير الأمر وكأن يدًا رحيمةً من أمريكا هي من تطعم الجوعى في غزة.

لا يمكن أن يستيقظ ضمير صناع القرار فجأة بعد قرابة 6 أشهر من القتل والذبح والإبادة والتجويع، ويتغنون الآن بضرورة فتح ممرات لإغاثة الجوعى، ويتحدثون الآن عن تعطيل نتنياهو لخطط وقف الحرب، وإغاثة المدنيين، هو استيقاظ مقصود ومرتب ومنظم فعلته أمريكا في الماضي كثيرًا، وتحاول أن تخدعنا وتخدع العالم كله اليوم بفعله مرة أخرى.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الواقعية السياسية التي قيدت يد إسرائيل

ترجمة - أحمد شافعي -

يرى الصديق والعدو سواء بسواء أن الجيش الإسرائيلي من أقوى الآلات العسكرية في العالم. ولكن قادة إسرائيل درجوا على تصوير بلدهم باعتباره خاضعا لحصار من دول معادية عازمة على تدميره. وتستمر هذه السردية برغم أن بعض أهم الدول في الشرق الأوسط ـ من قبيل مصر والمملكة العربية السعودية والأردن ـ لم تعد تتسق وهذا الوصف إلا لماما، بل إنها فضلا عن ذلك متحالفة مع الولايات المتحدة الحامية الأساسية لإسرائيل. ولكن هذا المفهوم لمأزق إسرائيل هو الذي أفضى بقادتها إلى إيثار صيغة معينة لردع الخصوم وهي أنه عند التعرض للضرب، لا بد من رد الضرب بسرعة وبمزيد من القوة.

وهكذا، عندما ضربت مائة طائرة مسيرة تقريبا مواقع في إيران ـ وكذلك في العراق وسوريا ـ في السادس والعشرين من أكتوبر، لم يكن هذا مفاجأة حقيقية لأحد. فقد كان السؤال دائما هو متى ستضرب إسرائيل وليس سؤال عما لو كانت ستضرب. غير أن رد إسرائيل لم يأت متسقا مع منطقها المعهود وهو الرد بسرعة وبمزيد من القوة. ابتداء، أخرت إسرائيل ضربتها لقرابة شهر، إذ كانت إيران قد أطلقت وابلا من الصواريخ على إسرائيل في الأول من أكتوبر في أعقاب اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله. ولعل مجلس إسرائيل الوزاري الحربي انقسم حيال الأهداف الإيرانية الواجب ضربها. ولعل الولايات المتحدة كانت بحاجة إلى وقت أكبر مما توقعت لإقناع إسرائيل بعدم ضرب بنية إيران الأساسية والنووية. في كل الحالات: كان الإبطاء مفاجئا.وكذلك كان نطاق الانتقام الإسرائيلي عندما تحقق. فهي لم تضرب مواقع البنية الأساسية في إيران وقصرت ضربها على مصانع إنتاج الصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة الرادار ومواقع عسكرية ـ تبلغ إجمالا عشرين موقعا بحسب ما قال الجيش الإسرائيلي ـ تحيط بطهران وإيلام وخوزستان. فكان هذا بعيدا كل البعد عن سيناريوهات نهاية العالم التي خشيها المتخصصون. فقد كان من شأن أي ضربة لمراكز تخصيب اليورانيوم وأجزاء مجمعات الطاقة في إيران لتزيد من احتمالية التراشق في حلقة مفرغة ومتزايدة التصعيد.

مرة أخرى: يحتمل أن تكون الولايات المتحدة قد استعملت قوتها بوصفها مصدر السلاح والدعم الاقتصادي الذي لا غنى عنه لإسرائيل في إقناع بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت للاكتفاء بضربة محدودة، أو إن إسرائيل أرادت أن تجتنب فترة تراشق طويلة. ولكن إسرائيل باللجوء إلى الحكمة لم تتبع كتاب قواعدها. بل إن إسرائيل، بحسب تقرير باراك رافيد في أكسيوس، أنذرت إيران قبل يوم من الضربة ونبهتها إلى عدم الرد. وقد أثار هذا الشكل من ضبط النفس استياء الساسة في اليمين الإسرائيلي المتطرف، ومنهم وزير الأمن الوطني إيتمار بن جيفير وكذلك زعيم المعارضة الوسطي يائير لابيد.ولقد كانت لإسرائيل أسباب اقتصادية لتعديل الضربة. فلو كانت إسرائيل ضربت البنية الأساسية النفطية لإيران لاهتزت سوق النفط، ولتسبب ذلك في ارتفاع صاروخي لأسعار النفط، وما كان ذلك ليروق للحكومة الأمريكية قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية، وما كان أيضا ليروق لداعمي إسرائيل في الغرب. صحيح أن إنتاج إيران من النفط لا يعدو محض 4% من إنتاج النفط العالمي، وصحيح أنها تبعثه كله إلى الصين. ولكن المغزى لا يكمن في هذا، وإنما في أن الأسواق تتفاعل على نحو سيء مع الإضرابات وانعدام اليقين، وليس سوق النفط استثناء من هذا.

وأهم من ذلك أن خمس تجارة النفط البحرية العالمية يمر عبر مضيق هرمز اللصيق بإيران. وسياسات التأمين في الغالب لا تغطي أضرار الحروب وخسائرها، ولو أن إيران حذرت فقط من أن حاويات النفط سوف تبحر في هذا الممر المائي على مسؤوليتها الخاصة، لمنعت شركات الشحن قباطنها من الإبحار في المضيق. وإسرائيل نفسها شديدة الحساسية تجاه ارتفاع أسعار الطاقة. فهي تستورد فعليا قرابة كل النفط الذي تستهلكه، ويتعرض اقتصادها لتوتر بالغ من تصاعد تكاليف حروبها في غزة ولبنان (فقد تضخمت التكاليف الشهرية من متوسط 1.8 مليار دولار قبل حرب غزة إلى 4.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ولا شك أنها ازدادت أكثر من ذلك الحين).

لو كانت لدى إسرائيل أسباب وجيهة لاجتناب التصعيد، فقد كانت لإيران مثل ذلك أيضا. فالقيادة الإيرانية تعلم أن نتنياهو أراد منذ أمد بعيد أن يسقط الجمهورية الإسلامية التي يعدها أخطر خصومه، وأن إيران لا تستطيع أن تستبعد احتمال استدراج الولايات المتحدة إلى الحرب بين إيران وإسرائيل. وبرغم خطاب الكراهية المعهود من القيادة الإيرانية، لكنها لا تفتقر إلى العقلانية، وهي تقدر في المقام الأكبر الحفاظ على الدولة. وخلال المشاحنات مع إسرائيل وأمريكا، عمدت إلى ما يعرف بـ«الصبر الاستراتيجي»، ومارسته من جديد بعد ضربات نهاية الأسبوع. إذ قال المرشد الأعلى علي خامنئي قولا محسوبا وهو أنه لا ينبغي «التهويل أو التهوين» من الضربة، بينما تجاهل الجيش الإيراني التأثير تماما، مشيرا إلى «الضرر المحدود» ومشيدا بأداء بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية.

يبدو أننا اجتنبنا مواجهة هائلة وطويلة بين إسرائيل وإيران، وذلك لسبب بسيط هو أن كلا الطرفين كانت لديه أسبابه الوجيهة لاجتنابها. ومع ذلك فإن ضربات إسرائيل لإيران زادت عزلتها في الشرق الأوسط. فقد انتقدت دول عربية كبيرة الضربة، ومنها مصر والمملكة العربية السعودية والأردن، وجميعها ذات ارتباط قوي بالولايات المتحدة وليس بينها في الوقت الراهن من يعادي إسرائيل. ومن الممكن تفسير إداناتها باعتبارها مواقف محسوبة. لكنها تشهد مع ذلك بعداء «الشارع» العربي لإسرائيل بعد حرب غزة وحساسية الحكام لهذه المشاعر. وفيما تبدو حرب إسرائيل المزدوجة لحماس وحزب الله مستمرة، فسوف يزداد هذا العداء. وفي حال إعراب دول عربية أخرى عن مزيد من الدعم للقضية الفلسطينية، فإن التوتر بين إسرائيل وإيران في الشهور الماضية قد يبدو لشعوب المنطقة محض عرض جانبي لصراع إقليمي لا تبدو له من نهاية في الأفق.

راجان مينون أستاذ فخري للعلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك، وباحث أول في معهد سالتزمان لدراسات الحرب والسلام

عن نيوستيتسمان

مقالات مشابهة

  • مباشر. الحرب بيومها الـ395: إسرائيل تقطع علاقاتها بالأونروا وحزب الله يقصف ميرون ومستشار نتنياهو يتحسس رأسه
  • إعلام عبري: غضب في إسرائيل بعد فضيحة التسريب يهدد بالإطاحة بنتنياهو
  • بزشكيان: أمريكا أشعلت الشرق الأوسط وشجعت الكيان الصهيوني على ارتكاب أبشع الجرائم
  • الأقوى في العالم.. تعرف على قاذفات «بي-52» التي أرسلتها أمريكا للشرق الأوسط
  • أمريكا والكيان: من ينقذ من بعد الانتخابات؟
  • الشيعي الأعلى: لتحرك عاجل يوقف تدمير إسرائيل لدور العبادة
  • الواقعية السياسية التي قيدت يد إسرائيل
  • خبير في الشؤون الإسرائيلية: نتنياهو لن يتراجع عن التصعيد بسبب أمريكا
  • عشرات المنظمات المحلية والاقليمية تدعو لمحاسبة المتورطين في الجرائم التي طالت الصحفيين في اليمن
  • محاصرة نتنياهو.. أكسيوس تكشف تفاصيل أكبر فضيحة في إسرائيل