لم يستطع صناع القرار في أمريكا، وأوروبا، الاستمرار في التستر على جرائم إسرائيل في غزة، لأن ما يقوم به العدوان فاق كل الخيال الإنساني، حيث ارتكب الإجرام الإسرائيلي كل أنواع جرائم الحرب المنصوص عليها في القانون من إبادة جماعية، وتهجير قسري، واستخدام أسلحة محرمة، واستخدام سلاح التجويع، وقتل الأطفال، والنساء، والعجائز، وإبادة طالبي الإغاثة أمام الشاحنات.
وكل تلك الجرائم تنقلها الفضائيات، ووسائل التواصل على مدار الساعة، وهو ما حرك الضمير الإنساني في شوارع أمريكا والعواصم الأوروبية، وحاصر صناع القرار في تلك الدول التي تعتبر شريكة في الجرائم الإسرائيلية.
ولأن أمريكا هي القائد الذي يجر أوروبا من خلفه، فإن ما يحدث بها يتم تأييده تلقائيًا من تلك الدول، ووفقًا لذلك بدأت الصحف الأمريكية تنقل في تناغم متكامل أحاديث حول تحميل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو كل تلك الجرائم، وكأنه هو من يحارب وليس الجيش، وهو من يصنع الأسلحة، ويرسلها من أمريكا والعواصم الغربية، لتقتل شعبنا الفلسطيني، وهو أيضًا من يتظاهر ليمنع شحنات الغذاء من المرور إلى الشعب الفلسطيني.
لا يمكن لأي عاقل أن يرى نتنياهو مجرمًا وحيدًا في إسرائيل، بل إن كل المنظومة العسكرية والأمنية والسياسة والإعلامية، بل والأكاديمية تشارك في تلك الجرائم البشعة التي تعدت كل حدود الإنسانية والخيال، وتجاوزت حتى أفعال الوحوش الضارية.
إن مصطلح حيوانات بشرية الذي أطلقه رئيس وزراء العدو في بداية الحرب على أبناء المقاومة، ينطبق تمامًا على كل أفراد تلك المنظومة الإجرامية التي تقتل وتبيد الأطفال، والنساء والشيوخ والرجال على مدار الساعة في غزة.
إسرائيل إذًا، أوشكت أن تتحول إلى دولة إجرامية في نظر كل أصدقائها الذين صنعوها، ووقفوا إلى جانبها حتى أصبحت أكبر قوة إقليمية في الشرق الأوسط، والتزييف وألعاب الخداع التي مارسها الإعلام الصهيوني لم تعد تنطلي على أصغر شاب في أوروبا وأمريكا، وهو ما أشارت إليه استطلاعات للرأي تقول إن 80% من الشباب تحت العشرين في أمريكا يرون أن العالم بدون إسرائيل سيكون أفضل.
ولأن الإدارة الأمريكية ترصد وتراقب ما يدور في العالم، وهي تستشعر بأن الجثث الهامدة في الوطن العربي يمكنها أن تتحرك، وتقف، وترفض هذا العدوان، أو تنكفئ لتموت ويسحقها التاريخ، ويأتي خير منها، وهذه خسارة كبرى لإسرائيل وأمريكا، ولأن المجتمع الإسرائيلي نفسه بدأ ينقسم بين إرادات مختلفة فإن الإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارًا استراتيجيًا بأن تحمل مجرم الحرب نتنياهو الجريمة لتبرأة إسرائيل، وإعادة غسلها، وتنظيفها وتقديمها للعالم مرة أخرى باعتبارها دولة حريات تحترم القانون الدولي، وتلتزم بحماية المدنيين، وترغب في وقف الحرب وإغاثتهم.
ولا يتوقف الأمر عند غسل العار عن إسرائيل فقط، لكن الولايات المتحدة أيضا تحاول أن تستعيد مكانتها الأخلاقية التي فقدتها من خلال ما تقدمه من فتات أغذية عبر ما يسمى برصيف غزة، أو عبر إلقائه على رؤوس الجوعى من أبناء شعبنا، وتصوير الأمر وكأن يدًا رحيمةً من أمريكا هي من تطعم الجوعى في غزة.
لا يمكن أن يستيقظ ضمير صناع القرار فجأة بعد قرابة 6 أشهر من القتل والذبح والإبادة والتجويع، ويتغنون الآن بضرورة فتح ممرات لإغاثة الجوعى، ويتحدثون الآن عن تعطيل نتنياهو لخطط وقف الحرب، وإغاثة المدنيين، هو استيقاظ مقصود ومرتب ومنظم فعلته أمريكا في الماضي كثيرًا، وتحاول أن تخدعنا وتخدع العالم كله اليوم بفعله مرة أخرى.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
مكتب نتنياهو يعلن تسلّم الجيش للمجندة المُفرَج عنها بجباليا وأن إسرائيل ملتزمة بإعادة كل الأسرى والمفقودين
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تسلّم الجيش للمجندة المُفرَج عنها بجباليا وأن إسرائيل ملتزمة بإعادة كل الأسرى والمفقودين.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين إسرائيل و"حماس".
وأكد آل ثاني، أن "قطر ومصر والولايات المتحدة ستعمل على ضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أنه "نعمل مع حماس وإسرائيل بشأن خطوات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف أن سريان الاتفاق بدأ يوم الأحد، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق تبلغ 42 يوما وتشهد وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية حتى حدود قطاع غزة وتبادل الأسرى والرهائن وفق آلية محددة وتبادل رفات المتوفين وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج.