إنهيار الدعم السريع عسكرياً في السودان
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
ما حدث من إنهيار قوي للدعم السريع في أمدرمان كان يرجع إلى عامل حاسم وهو إستخدام التفوق الجوي للجيش خصوصاً في معركة الإذاعة وتوظيفه بفعالية في عدة مهمات : الإستطلاع جوي، تحديد أماكن تجمعات العدو، إستهداف أرتال وتجمعات العدو بواسطة الهاونات والصواريخ الموجهة ، توجيه المشاة حسب تحركات العدو المكشوف الظهر جوياً ومعرفة عدد القوة وتحركاتها وتسليحها، والأهم من كل ذلك هو تصحيح التدوين المدفعي الذي ينطلق من معسكر سركاب في كرري .
مع هذا التكتيك الجديد الذي بدأت القوات المسلحة إستخدامه لن تُجدي سيارات الدفع الرباعي ( التاتشرات ) كثيراً بل أصبحت نقطة ضعف للدعم السريع لسهولة استهدافها عبر المسيرات أو قذائف المدفعية الثقيلة مِن ما سيمنع الدعم السريع من كسب أي معركة أخرى ضد الجيش ( إلا في حال حدوث خيانة على غِرار ما حدث في مدني ) بسبب حرمانه من تنفيذ إستراتيجيته الأساسية في القتال وهي تركيز قوة النيران في جبهة واحدة.
الآن أصبح أفراد الميليشيا مُجبرين على التحرك في شكل مجموعات صغيرة راجلة تفادياً لمسيرات الجيش ومدفعيته الدقيقة وهذا هو سبب تفوق الجيش ودخوله في مرحلة إكتساب الأرض ووضع الدفاعات بها بأريحية وبأقل الخسائر، بعد الإشتباك مع هذه المجموعات الصغيرة وتحييدها بسهولة [ كان الجيش طوال الشهور السابقة يعتمد على إستراتيجية ملاحقة العنصر البشري للميليشيا وليس ملاحقة الأرض تماماً كما فعل الجنرال الروسي روكوسوفسكي في مواجهة الجيش النازي في الحرب العالمية ] .
ما لم يصدر البرهان تعليمات للجيش بالتوقف، فبهذا المعدل السريع للعمليات العسكرية تنتهي معركة الخرطوم في شهور بإذن الله ويبقى التحدي الأكبر الذي يواجه الشعب السوداني وهو عملية إعادة الإعمار بعد الخراب والدمار الذي خلفه صعاليق حميدتي في الخرطوم، وأيضاً بداية تنظيم السودانيين لأنفسهم في أوعية سياسية جديدة تُعبّر عنهم بالأصالة وتمضي بالبلاد إلى النور وإلا فإن هذه الحرب لن تكون آخر حرب في السودان .
#النصر_لجنود_وضباط_القوات_المسلحة
#المقاومة_الشعبية_المسلحة
#حرب_التحرير
Shadi Ali
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الضحية الأولى لأوّل رصاصة في السودان
حمّور زيادة
اختلف المختلفون، من أطلق الرصاصة الأولى في حرب السودان؟... يؤكّد بعضهم أن قوات الدعم السريع هي من فعلت. ومن شواهد ذلك أنه قبل الحرب (13 مارس/ آذار 2021) تحرّكت في خطوة مفاجئة نحو قاعدة مروي الجوية لمحاصرتها. يعتبر بعضهم أن الحرب بدأت في ذلك اليوم، سيّما أن المتحدّث باسم الجيش أعلن أنها تحرّكات من دون الرجوع إلى القيادات العليا للجيش. بينما ردّ المتحدّث باسم "الدعم السريع" أنها عملية انتشار عادية، ونقل للقوات، ضمن اختصاصاتهم لتأمين البلاد. ومن الشواهد أيضاً أنه في يوم إطلاق الرصاصة الأولى (صباح 15 إبريل/ نيسان 2023)، اعتقلت قوات الدعم السريع عدداً من كبار ضبّاط الجيش. بعضهم اعتقلوا في منازلهم، وهم يستعدّون ليوم عمل عادي.
ويؤكّد بعضهم أن الجيش هو من هاجم معسكر "الدعم السريع" في بالمدينة الرياضية (التي انتقلت إليها "الدعم السريع" في خطوة مفاجئة أخرى قبل أيام). هذه الرواية لا يقدّم أصحابها علناً أدلّةً، ولا حتى شواهد متماسكة. يقولون فقط إن "الدعم السريع" كانت مستعدّة، وأنه ما أن هاجم الجيش مقرّها في المدينة الرياضية، حتى انطلقت قواتها كلّها لتنفذ خطّة موضوعة مسبقاً للدفاع عن النفس. هكذا كان قائد المليشيا يردّد بغضب في القنوات الفضائية، "لقد هاجمونا. نحن ندافع عن أنفسنا. ماذا نفعل مع من يهاجمنا؟ هل نردّ عليه بالبسكويت والتفّاح؟". جزء من هؤلاء يتّهمون الحركة الإسلامية داخل الجيش بأنها من أطلقت الرصاصة الأولى، ووضعت الطرفَين قبالة الأمر الواقع. لكن هذا الاختلاف يوحي أن الحرب ظهرت من العدم (!)، رغم أن الخرطوم كانت تنتظرها.
في 18 مارس 2023، قبل الرصاصة الأولى بحوالي شهر، قال كاتب هذه السطور في خاتمة مقال في "العربي الجديد"، "لا يمرّ أسبوع من دون خطاب جماهيري للفريق أوّل عبد الفتاح البرهان، ولا يمرّ يوم لا يتبادل فيه سكّان الخرطوم الشائعات عن تحرّكات عسكرية، وعن دخول مزيد من قوات الدعم السريع إلى الخرطوم. ولا يعلم أحد بدقّة ما الحقيقة وما الشائعة. لكن الناس يؤمنون بأن شيئاً ما سيحدُث. بشكل ما، الخرطوم في انتظار طلقة الرصاص الأولى، إلى درجة أن احتفالاً بالألعاب النارية، في مساء 27 الشهر الماضي (يناير/ كانون الثاني) جعل المدينة ترتجف، وظنّ الناس أن الساعة التي يعلمون أنها آتية قد وقعت".
قبل عام من الحرب، نشرت "العربي الجديد" في فبراير/ شباط 2022، أن الفريق أوّل عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة (وقتها) أبلغ القاهرة مخاوفه من أن نائبه الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو يرتّب انقلاباً بمساعدة أطراف خارجية. كان المكون العسكري يتفكّك منذ وقت قبل إطلاق الرصاصة الأولى.
في 16 مارس 2023 (شهر قبل الحرب)، هدّد البرهان علناً من يحاولون القدح في الجيش أو النيل منه، وقال إن الجيش امتلك تكنولوجيا تسليح حديثة، وطائرات مسيَّرة تجعله قادراً على حسم أيّ تهديد داخلي أو خارجي.
جدل من أطلق الرصاصة الأولى يأخذ الناس بعيداً من الضحية الأولى. فالرصاصات التي انطلقت، سواء في مدينة مروي، أو في المدينة الرياضية، أو في القيادة العامة للجيش، أيّاً كان مطلقها، أصابت العمل السياسي في مقتل. منذ لحظة الحرب الأولى قُتِلت العملية السياسية. إنها الضحية الأولى، وأصبح الرصاص والمسلحون هم من يحدّدون مستقبل البلاد.
بعد حوالي عامَين من الحرب، يظهر أن أحلام "الدعم السريع" أبعد من أن تتحقّق، في عاصمة البلاد المدمَّرة ووسطها على الأقل، بينما يقترب الجيش من إعلان انتصاره في الخرطوم. واستباقاً لهذا الانتصار أعلن أكثر من قائد عسكري "موت السياسة". فقائد الجيش سيبقى في رأس الدولة عدّة سنوات حتى بعد الانتخابات (!)، كما كُلّف قائد عسكري بتأسيس "تجمّع شبابي، يتجاوز الأحزاب التقليدية، ويصبح بديلاً لها" (!).
أمّا "الدعم السريع"، التي انهارت أحلامها في إعلان حكومة موازية في العاصمة الخرطوم، فالأمور في أماكن سيطرتها لن تختلف. فالحكومة الموازية أينما أُعلِنت ستكون مُجرَّد سكرتارية مدنية لقائد "الدعم السريع"، ناهيك عن أن تجارب المليشيات في العالم كلّه لا تبشّر بنموذج مختلف.
أمّا الشعب، فمن المؤكّد أن أولوياته قد تغيّرت. فبعد النزوح والتهجير والقتل والمذابح، يصبح الأمان هو أولويته ولزمن طويل. وهو ما يعده به حملة البنادق.
هكذا قتلت الرصاصة الأولى (أيّاً كان مطلقها) كل أحلام تحوّل السودان من دولة الانقلابات العسكرية والحروب الأهلية، التي كانتها طوال تاريخها، إلى دولة ديمقراطية مدنية، فيها تداول للسلطة، وسلام وتنمية، وصديقة للعالم.
نقلا عن العربي الجديد