ترامب وأفريقيا.. هل يصحح علاقته مع القارة السمراء إن فاز مجددا بالرئاسة؟
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
يستبعد كثر في أفريقيا أن تكون لفوز محتمل لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني تداعيات كبرى على العلاقات الأميركية-الأفريقية، إلا أن احتمال عودة الملياردير الجمهوري للبيت الأبيض يثير قلقا عند البعض.
وفي ولايته الرئاسية (2017-2021)، لم يبدِ ترامب اهتماما كبيرا بأفريقيا، وقد استدعت تصريحات له وصف فيها بلدانا في القارة السمراء بأنها "حثالة" موجة تنديد عارمة.
من جهته، تعهّد جو بايدن، خلفه ومنافسه في الاستحقاق الرئاسي المقرر في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري، إيلاء مزيد من الاهتمام بأفريقيا، إلا أنه لم يفِ إلى الآن بوعده بزيارة القارة.
وفي حال عاد ترامب إلى البيت الأبيض، قد يكون المدخل إلى العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا متصلا بالصين، وفق كريستيان موليكا، المنسّق الوطني لـ"ديبول"، وهي شبكة باحثين في العلوم السياسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي ولايته الرئاسية، انصب اهتمام إدارة ترامب على الصعيد الدولي، خصوصا على التنافس التجاري مع الصين.
وفي أفريقيا الوسطى، بما في ذلك شرق الكونغو الديمقراطية، المنطقة التي تشهد نزاعات منذ أكثر من 30 عاما، يتسابق الغربيون والصين على استغلال رواسب معدنية نادرة.
وقد يكون اهتمام الإدارة الأميركية في حال فاز ترامب منصبّا على الولايات المتحدة في المقام الأول ومن ثم على الصين، وبالتالي قد يكون تعاملها مع الحكومات الأفريقية أقلّ تشددا على صعيد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
إلى ذلك، فإن "عودة ترامب قد تعني تراجعا في الانخراط الأميركي على مستوى تعدّدية الأقطاب، على غرار قضية المناخ، وربما تقليصا لمساعدات تنموية"، وفق موليكا.
التقارب مع روسيا والصين
واعتبر موليكا أن نهج كل من ترامب والصين يمكن أن يناسب قادة أفارقة يواجهون انتقادات على خلفية تراجع الديمقراطية في بلدانهم.
ولفت موليكا إلى أن العودة المحتملة لترامب إلى البيت الأبيض من المرجّح جدا أن "تشجّع" أنظمة استبدادية في أفريقيا.
فعودة ترامب إلى سدّة الرئاسة الأميركية مع إدارة لا تولي اهتماما بأفريقيا بما يتخطى المصالح الاقتصادية، من شأنها وفق كيلما ماناتوما، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نجامينا في تشاد، أن تشجّع "التقارب العلني للأنظمة الاستبدادية في أفريقيا مع روسيا والصين".
وقد شوه صورة الولايات المتحدة لدى بعض الأفارقة عدم احترام ترامب القواعد الديمقراطية في بلاده، بما في ذلك زعمه أن انتخابات 2020 تم تزويرها ودفاعه عن مناصرين له اقتحموا مقر الكونغرس.
وسخر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا من دعوات يطلقها خصومه لإشراف مراقبين أميركيين على الانتخابات العامة المقرّرة في مايو/أيار، مسلّطا الضوء على انتخابات لم يحصل تنازع على نتائجها على مدى 30 عاما.
وعلاقات بريتوريا متوترة مع إدارة بايدن على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة، وقد اعتبرت واشنطن أن "لا أساس" لاتّهام جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وفي منطقة الساحل، يبدو نفوذ واشنطن متّجها للانحسار، إذ ألغى النظام العسكري الحاكم في النيجر "بمفعول فوري" اتّفاق التعاون العسكري المبرم في 2012 مع الولايات المتحدة، ما قد يؤدّي إلى طرد العسكريين الأميركيين من البلاد على غرار الجيش الفرنسي.
وتنشر الولايات المتحدة في النيجر نحو 1100 جندي يشاركون في القتال ضد جماعات مسلحة في البلاد ولديها قاعدة كبيرة للمُسيّرات في أغاديز (شمال).
أما في منطقة القرن الأفريقي، فيتوجّس البعض من أن تؤثر سلبا العودة المحتملة لترامب إلى البيت الأبيض على المساعدات العسكرية الأميركية لمكافحة الإرهاب.
وفي الأيام الأخيرة من ولايته الرئاسية، أمر ترامب بسحب 700 جندي أميركي من الصومال حيث كانوا يؤازرون القوات المحلية في مواجهة تمرّد حركة الشباب، في قرار ألغاه بايدن.
لكن في حال عاد ترامب إلى البيت الأبيض وأصر على هذا الانسحاب "سينطوي الأمر على إشكالية كبرى"، لأن الإشراف والتدريب الأميركيين ضروريان لعناصر الكوماندوز في لواء دنب الصومالي، وهو قوة عسكرية نخبوية، وفق ما أوضحت سميرة جيد، المستشارة في مركز الاستشارات والأبحاث "بلقيس إنسايتس"، ومقرّه في مقديشو.
"إنعاش" العلاقاتوقالت جيد "قد نواجه أوقاتا عصيبة في المستقبل سواء في الصومال أو على مستوى المشهد الأمني الأوسع نطاقا في المنطقة".
وكانت إدارة بايدن قد تسبّبت في بعض الأحيان بإحباط لبلدان أفريقية، لانهماكها غالبا في الأزمات، خصوصا في أفغانستان وأوكرانيا والشرق الأوسط.
لكن نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجريا زيارات للقارة حظيت بتغطيات إعلامية واسعة النطاق.
واستثمرت الولايات المتحدة 250 مليون دولار لبناء سكة حديد بطول 1300 كيلومتر تربط مواقع تعدين في الكونغو الديمقراطية وزامبيا بموانئ أنغولا على المحيط الأطلسي.
ووفق الخبير الاقتصادي في جامعة غانا، جوليوس كاتا، قد تترحّم أفريقيا في نهاية المطاف على عهد بايدن في حال خسر الانتخابات.
واعتبر كاتا أن "إدارة بايدن أنعشت العلاقات الأميركية-الأفريقية" في حين أن سلفه كان "عمليا قد تخلّى عن القارة".
وأضاف "ترامب بكل بساطة لم يكترث لأفريقيا، إذا عاد (إلى الرئاسة) لن تتغيّر سياسته تجاه أفريقيا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات ترامب إلى البیت الأبیض الولایات المتحدة فی أفریقیا فی حال
إقرأ أيضاً:
الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية تدخل حيز التنفيذ
بكين (أ ف ب)
فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتباراً من الأربعاء دفعة جديدة من الرسوم الجمركية على عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، من ضمنها رسوم باهظة باتت تتخطى 100% على الصين التي توعدت بالرد «بحزم».
ومع هذه الرسوم الإضافية التي بلغت على سبيل المثال 20% للاتحاد الأوروبي، عاودت البورصات الآسيوية والأوروبية التراجع.
وبالنسبة إلى الخصم الصيني، نشر البيت الأبيض مرسوماً رئاسياً «معدلاً» رفع الرسوم التي ستفرضها واشنطن على الواردات الآتية من بكين من 34 إلى 84%، تضاف إلى 20% مفروضة بالأساس عليها، ما يرفع التعرفة الإجمالية إلى 104% اعتباراً من الأربعاء.
وردت الصين على الفور، فأعلنت وزارة التجارة أن بكين لديها «إرادة حازمة ووسائل وافية»، وستتخذ بحزم تدابير مضادة، وتقاتل حتى النهاية إن أصرت الولايات المتحدة على مواصلة تصعيد التدابير الاقتصادية والقيود التجارية.
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، لين جيان، خلال مؤتمر صحفي روتيني، أن حق الشعب الصيني المشروع في التنمية غير قابل للتصرف، وسيادة الصين وأمنها ومصالحها الإنمائية لا يمكن المساس بها.
وفي الوقت نفسه، اعتبرت الصين أن من الممكن حل الخلافات مع الولايات المتحدة من خلال الحوار المتكافئ والتعاون ذي المنفعة المتبادلة، وفق ما ورد في كتاب أبيض نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الأربعاء.
وكانت بكين فرضت رسوماً مضادة بنسبة 34% على المنتجات الأميركية، تدخل حيز التنفيذ الخميس.
ورغم انتعاش طفيف مساء الثلاثاء، يسيطر الهلع على الأسواق المالية عبر العالم على وقع الحرب التجارية العالمية التي باشرها ترامب.
وعم التراجع الأسواق الآسيوية، ولا سيما في سيؤول (-1,98%) وهونغ كونغ (-1,84%)، وأغلقت بورصة طوكيو على تراجع بنسبة 3,93%، وبورصة تايبيه على 5,8%.
وفي الصين، ارتفع سعر الين بنسبة 1,1% مقابل تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر. أما بورصتا شنغهاي وشينجين، فحققتا ارتفاعاً طفيفاً بعد الظهر.
وفي أوروبا، فتحت البورصات على تراجع حاد بلغ في أولى التداولات 2,85% في باريس، و2,37% في فرانكفورت، و2,31% في لندن، و2,78% في ميلانو، فيما تراجعت البورصة السويسرية 2,86%.
ودخلت دفعة أولى من الرسوم الجمركية المعممة بنسبة 10% حيز التنفيذ السبت على مجمل الواردات الأميركية مع استثناءات نادرة مثل الذهب والطاقة.
وباستثناء التعرفة الطائلة المطبقة على الصين، تتراوح الرسوم الجديدة المفروضة على حوالى ستين شريكاً تجارياً للولايات لمتحدة ما بين 11 و50%.
ويخضع الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، لنسبة 20% من الرسوم، وفيتنام لنسبة 46%.
ودعا أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعتبر الولايات المتحدة السوق الرئيسية لصادراتها، الأربعاء إلى «التحرك بجرأة»، رداً على مخاطر الحرب التجارية.
وبمواجهة الهلع الذي سيطر على العالم، سعى ترامب للطمأنة، فوعد بإبرام اتفاقات مصممة على المقاس مع الشركاء التجاريين، مع إعطائه الأولوية للحلفاء الآسيويين، وفي طليعتهم اليابان وكوريا الجنوبية.
وتباهى الملياردير المحافظ خلال مأدبة عشاء مع مسؤولين من حزبه الجمهوري، بأن عشرات الدول، ومن بينها بحسبه بكين، تتصل بنا.
وحضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على تفادي التصعيد خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، داعية إلى حل عبر التفاوض.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن التكتل سيعلن رده مطلع الأسبوع المقبل، لكن قائمة اطلعت عليها وكالة فرانس برس أظهرت أن البوربون مستثنى من الرسوم بنسبة 25% التي تعتزم بروكسل فرضها على بعض المنتجات الأميركية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الهدف هو التوصل إلى وضع، حيث يعود الرئيس ترامب عن قراره.
من جهتها، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جورجيا ميلوني التي تعتبر مقربة من ترامب، مساء الثلاثاء، أنها ستزور واشنطن في 17 أبريل.
وتهدد الحرب التجارية التي يشنها ترامب بتقويض الاقتصاد العالمي، وحذر محللون بأنها قد تتسبب بارتفاع الأسعار وزيادة البطالة وتراجع النمو.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه الكبير حيال الدول النامية الأكثر عرضة، مشددة على أن التبعات عليها ستكون كاسحة.