لا نعرف في حياتنا القصيرة الكثيرين مثل الكاتبة الكبيرة بركسام رمضان. فإذا منحك الله فرصةَ الاقتراب من إنسان على هذه الدرجة من الصدق والوضوح والإنسانية والمعرفة والقدرة على العطاء، فهذه منَّة لا يدركها إلا مَن رأى من البشر عكس تلك الصفات، وهذه محنة لأن رحيل شخص مماثل يعني فراغًا هائلًا وألمًا لا يوصف، وكأن الحياة تخلو شيئًا فشيئًا من أجمل ما فيها.

لم أكن أدرك أن قامةً صحفيةً من الطراز الرفيع وسيدةً من زمن الحب حقًّا ستبحث عنِّي بعد أن أرسلت لها على مكتبها في الأخبار مجموعتي القصصية الأولى دون أن أكتب رقم هاتف أو أي وسيلة اتصال، لكنها اهتمت إلى حد الاتصال بدار النشر لأخذ رقم هاتفي، وكانت أول جملة بيننا (دوختيني يا شيخة.. فيه حد يبعت كتاب بدون رقم تليفون؟!). لم أصدق أن كاتبًا صحفيًّا بحجم هذه السيدة يمكن أن يفعل ذلك مع كاتبة في بداياتها، لكنني عندما اقتربت منها أيقنت أن مثلها لابد أن يفعل. فهذا القلم المبدع يُشعرك أنه معجون بالمحبة، يستنشق جمال الحرف كنسيم عليل ينعش حرفه، وكلما قرأت بركسام جمالًا، بثته حولها بسعادة، وكأن السعادة أن تجعل الآخرين يسعدون مثلك ويتمتعون بما أمتعت به روحك. بهذه الروح كتبت مجموعة حواراتها الرائعة التي جمعتها فيما بعد في كتاب (موسم كتابة البنات) ككشاف خبير التقط أحرفًا طازجة مختلفة لكاتبات جديدات أصبحن الآن من كبار كاتبات مصر، وتضمَّن الكتاب جزءين، الأول ١٠ مقالات عن كاتبات هن: إيمان مرسال، ميرال الطحاوي، سوزان عليوان، بهيجة حسين، عفاف السيد، منال القاضي، مي التلمساني، عزة بدر، والشاعرة التونسية عروسية النالوتي.وأضافت لهن الكاتبة الكبيرة التي كانت داعمة للمواهب الشابة الأستاذة فوزية مهران أما الجزء الثانى من الكتاب فقد ضمَّ مجموعة من الحوارات الصحفية التى أجرتها مع مجموعة من كبار الأدباء، منهم: سكينة فؤاد، فاروق شوشة، فاروق جويدة، حلمي سالم، إدوارد الخراط، مصطفى أمين، وأمل دنقل.. إضافة إلى عدد من التحقيقات الصحفية التي تمسُّ الواقع الأدبي وتشرح بعضًا من أعماله. أما كتابها (طيور خارج السرب) فقد قدمت فيه دروسًا في تضفير النقد الأدبي بالاقتراب من شخصية الكاتب، ووازنت بين العام والخاص وكأنها تضع يدها على ملمح غائب عن الكثيرين بعدم الفصل بين المنتَج الأدبي وطبيعة صاحبه وتضيف رؤيتها الشخصية. لقد كانت من هذا النوع الذي لا يتوقف عن الدهشة، تشعر بجمال ما تفعل وتأثيره، تتحدث عن غادة السمان وأحلام مستغانمي ومحمود درويش وكبار الشعراء والكتاب وكأنها قرأتهم جميعًا منذ قليل، مُعدة برامج من طراز رفيع، لا تحب الأضواء وتهرب من اللقاءات التليفزيونية ومنصات النقد رغم براعتها، وتفضل جلسة جميلة في حديقة أو خروجة مع الأصدقاء الذين تحبهم على أي شيء آخر، تدعوك إلى طعامها لتطعمك من محبتها لك. لم أظن أن قرارها بالابتعاد عن الكتابة إلا استراحة محارب أراد أن يتمتع قليلًا بحياة خالية من هذا الالتزام القاسي الذي تفرضه استمرارية النشر في صفحة متخصصة على كاتب ملتزم، لكن استراحة المحارب لم تطُل، حيث هاجمها المرض، وكأن الجسد يعلن تمرده على محاولة البعد عن مهنة عشقتها وأخلصت لها وصدقت في كل ما قدمته لها، فكانتِ الرحلة القصيرة التي امتدت شهورًا من المعاناة، رفضت خلالها أن ترهق محبيها بألمها، رفضت أن يروا منها وجهًا غيرَ الذي ألِفوه مبتسمًا مشرَّبًا بالحياة والجمال. وكما كانت في منتهى الكرم والرحمة في كل حياتها، مهمومة بأوجاع الناس إلى حد المرض لأنهم يتألمون، جاءت أيام الرحمة من شهر رمضان المبارك لتكون موعدَ لقاء بركسام رمضان بوجه ربها الكريم. رحلتِ التي كانت جزءًا من عائلة تتنفس الكتابة، بدايةً من الزوج الراحل الكاتب الكبير إسماعيل النقيب صاحب أجمل يوميات قرأتها في الأخبار، ثم الأخوين الأستاذين: خيري رمضان الكاتب والإعلامي، وليد رمضان مدير تحرير الأهرام. رحلتِ الزهرة البيضاء النقية التي تركت لنا ما هو أكثر من عبير القلم، تركت لنا كلَّ المعاني الإنسانية التي يمكن أن تقترن بكاتب لا يعرف الزيف ويعشق ما يفعل ويخلص له.. تركت لنا قطعة من روحها بثتها فيمن علَّمتهم فنون الكتابة في بلاط صاحبة الجلالة، وفيمن مدت لهم يدها تدفعهم إلى الأمام بسطورٍ كتبتها بالقلب في صفحة الأدب بجريدتها أو في أخبار الأدب.. رحلتِ الجميلة، وما أقسى الفراق.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

بالجلد.. إطلالة جذابة لـ ميرنا جميل

حرصت  الفنانة ميرنا جميل على مشاركة جمهورها صور من أحدث ظهور لها على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي إنستجرام.

وظهرت ميرنا جميل  بإطلالة جذابة وأنيقة مرتدية بلوزة كت باللون الأسود، وجيبة جلد باللون البني، كما اعتمدت تسريحة شعر تتناسب مع إطلالتها، ومكياج بسيط يبرز جمال ملامحها.

بفستان أنيق.. أحدث ظهور لميرنا جميل

فيلم الساحل الشرير

وتستأنف الفنانة ميرنا جميل تصوير فيلم الساحل الشرير والذي تلعب فيه أولى بطولاتها في السينما .

وكان قد توقف تصوير الفيلم بسبب انشغال علي ربيع بتصوير فيلم اخر يحمل اسم صفا الثانوية بنات.

ميرنا جميل :
وتقدم ميرنا جميل دور البطولة النسائية أمام الفنان على ربيع في فيلم الساحل الشرير الذى انطلق تصويره الأسبوع الماضى، حيث صور ربيع يوم واحد في أحداث الفيلم ومن المقرر استكماله بعد انتهائه من تصوير فيلمه الآخر "الصفا الثانوية بنات" الذى يواصل تصويره للعرض فى عيد الفطر 2025.

وتعود ميرنا جميل إلى السينما بعد غياب حيث كان آخر تواجد سينمائى لها في فيلم "توأم روحى" بطولة حسن الرداد وأمينة خليل وعائشة بن احمد ورجاء الجداوى وبيومى فؤاد وتم عرضه عام 2020.
 

يذكر أن ميرنا جميل قدمت في رمضان الماضي، بطولة مسلسل "بيت الرفاعي" أمام أمير كرارة وشارك في بطولة العمل أحمد رزق، سيد رجب، محمد لطفي، تامر نبيل، صفاء الطوخي، ملك قورة، رحاب الجمل، إيناس كامل، عايدة رياض، أحمد فؤاد سليم، أحمد عبد الله، شادي جميل، الطفلة ليا سويدان، وحنان فكري، والمسلسل من تأليف بيتر ميمي وهند عبد الله وعمرو أبو زيد، وإخراج أحمد نادر جلال.

مقالات مشابهة

  • الكاتب الصحفي محمد الليثي: نشر خطابات جنود مصر بمثابة كبسولة زمنية ترجعنا للماضي
  • إطلالة ملكة كابلي في افتتاح ماتش بريدة.. فيديو
  • الكاتب الصحفي محمد الساعد: السعودية منصة ثقة تنشر الأمن والسلام في الإقليم
  • شوقي ضيف.. المؤرخ الأدبي الذي أعاد كتابة تاريخ الأدب العربي
  • ماذا يفعل النصر في إياب ثمن نهائي «أبطال آسيا»؟
  • أضف الشوفان لوجبة السحور.. واكتشف ماذا يفعل لجسمك
  • بالجلد.. إطلالة جذابة لـ ميرنا جميل
  • لليوم الـ8 على التوالي| عرض «السرب» وفقرات السيرك القومي والآلات الشعبية بمسرح البالون
  • قيام الليل في رمضان.. معجزة لمن كانت له حاجة عند الله
  • حوار الأمين.. إطلالة تلفزيونية لنعيم قاسم وهذا موعدها