في الولايات المتحدة، يشكل سعر الفائدة الحقيقي الآمن الطويل الأجل -العائد المعدل تبعا للتضخم على الاستثمارات المنخفضة المخاطر مثل سندات الخزانة- بالإضافة إلى «الظروف المالية»، الآلية الرئيسية التي تؤثر على حوافز البناء وتوازن صافي الصادرات (نظرا لتأثيره على سعر الصرف).
منذ أوائل مارس وحتى منتصف مايو 2022، قفز هذا المقياس بأكثر من نقطة مئوية واحدة، حيث أدركت سوق السندات أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفف قريبا جهوده الرامية إلى تعزيز التعافي السريع في تشغيل العمالة في أعقاب الجائحة.
المعدل المحايد، كما يوضح جون ماينارد كينز في كتابه «النظرية العامة لتشغيل العمالة والفائدة والمال»، هو المستوى الضروري «لإحداث التعديل بين الميل إلى الاستهلاك والحافز للاستثمار». وعلى هذا فإن سعر الفائدة الذي يعتبره الجميع أعلى من المستوى المحايد يعكس ثقة الأسواق في أن حلول الركود -أو على الأقل التباطؤ الكبير- ليس سوى مسألة وقت. وعندما يأتي ذلك الوقت، سوف يتوقف كل شيء على ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي ليدرك الضعف المتزايد الاقتراب في الوقت المناسب لخفض أسعار الفائدة وتحقيق «الهبوط الناعم». وقد صمد تكوين سعر الفائدة هذا لمدة سبعة أشهر الآن. بطبيعة الحال، لم يكن الوضع ساكنا بشكل كامل. فقد حدث ارتفاع آخر بمقدار نقطة واحدة بين يونيو وأكتوبر من عام 2023. لكن تلك الموجة سرعان ما انحسرت مع تحول التكهنات إلى أسئلة حول متى يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة ومدى سرعة هذا الخفض. وبالتالي، عاد سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل 30 عاما إلى ما كان عليه في أكتوبر من عام 2022. كان الهبوط سلسا بالفعل. لكن الطيار لم يجرؤ على تحويل ناقل الحركة من الاتجاه إلى الخلف إلى فك التعشيق على الترس المحايد.
من الواضح أن الاحتياطي الفيدرالي يخشى أن يستمر ارتفاع الأجور في الوظائف غير الزراعية. على أساس معدل موسميا، كان عدد الوظائف في فبراير أكبر بنحو 275 ألف وظيفة مقارنة بشهر يناير، وهذا أعلى قليلا فقط من المتوسط الذي كان 250 ألف وظيفة خلال الأشهر الستة الأخيرة. وأظن أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يشعر بالانزعاج الشديد إزاء أسعار الفائدة التي تتجاوز كثيرا ما يعتقد بكل ثقة أنه سعر الفائدة المحايد، وخاصة الآن بعد أن أصبح التضخم قريبا للغاية من الهدف المحدد بنسبة 2%. لكنه لن يجرؤ على التحول من الاتجاه إلى الخلف إلى أي سرعة أخرى قبل أن يرى علامات تؤكد تباطؤ نمو الوظائف.
ثلاثة تفسيرات من الممكن أن توضح الوضع الحالي. فربما يستند الاستنتاج بأن أسعار الفائدة تتجاوز المعدل المحايد إلى تحليل خاطئ. أو ربما حدث خطأ في كيفية قياسنا لحالة الاقتصاد. أو ثالثا، ربما ارتكب بنك الاحتياطي الفيدرالي خطأ على غرار أخطاء ذئب البراري Wile E في الرسوم المتحركة الشهيرة.
لو أخذنا هذه التفسيرات بترتيب عكسي، إذا كان الضعف الاقتصادي قادما بالفعل، فسوف يتمنى الاحتياطي الفيدرالي قريبا لو بدأ خفض أسعار الفائدة في يناير 2024. ولنتذكر هنا أن قرارات القطاع الخاص بتقليص الإنفاق على البناء، وإعادة تأمين المشتريات لموردين خارجيين، أوقِفت مؤقتا في عام 2022 وأُخِّـرَت حتى عام 2023 حيث كان الناس ينتظرون لمعرفة مدى إحكام السياسات من جانب الاحتياطي الفيدرالي. ولو كانت الشركات تابعت آنذاك تنفيذ تلك القرارات المؤجلة خلال الفترة من مايو إلى أكتوبر 2023 -مع ارتفاع عائد سندات الخزانة لعشر سنوات مؤقتا من 3.53% إلى 4.93%- فإن التأثير على أنماط التوظيف يجب أن يبدأ في ضرب الاقتصاد في وقتنا هذا تقريبا. في سعيه وراء عَدّاء الطريق (roadrunner)، يركض ذئب البراري Wile E (شخصية كلاسيكية في مسلسل الرسوم المتحركة الشهير Looney Tunes) دائما حتى يوشك أن يسقط من حافة الجرف لكنه لا يكاد يبدأ السقوط حتى ينظر إلى الأسفل ويدرك أنه يركض في الهواء. كنت واثقا بدرجة كبيرة أن هذا هو الموضع الذي كان يقف عنده الاحتياطي الفيدرالي قبل ستة أشهر. ولكن مع مرور الوقت دون أن يحدث أي شيء، أصبحت أقل يقينا. ماذا لو كانت القياسات خاطئة؟ كان الإجماع يؤكد لفترة طويلة أن دراسات مسح الرواتب في الولايات المتحدة تتفوق على دراسات مسح الأسر. ولكن في الأعوام القليلة الأخيرة، ظهرت فجوة بين هاتين الدراستين. فبينما يسجل مسح الرواتب 2.7 مليون وظيفة أكثر من عام مضى، فإن مسح الأسر يسجل زيادة قدرها 700 ألف شخص فقط في عدد العاملين في تلك الوظائف مقارنة بعام مضى. إذا كانت سوق العمل ضعيفة كما تشير دراسات مسح الأسر، فإن هذا الضعف كان لا بد وأن يظهر بالفعل في الإنفاق الاستهلاكي. لكنه لم يظهر. وهذا يترك لنا احتمال التحليل الخاطئ.
كان شبه الإجماع منذ اندلاع الجائحة يؤكد أن عوامل أساسية قوية تبقي على سعر الفائدة المحايد عند مستوى منخفض للغاية، وأنه لم تحدث تغيرات كبرى في تلك الأساسيات. وعلى هذا فإن المعدل المحايد لابد أن يظل شديد الانخفاض، وهو ما يعني ضمنا أن سعر الفائدة المرتفع غير مناسب لاقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل للعمالة مع اقتراب التضخم من المستوى المستهدف له. ولكن إذا كنت تعلمت درسا واحدا خلال أكثر من أربعين عاما من محاولتي فهم دورة الأعمال، فهو أنه لا يوجد انتظام تجريبي في الاقتصاد الكلي يوحي بالثقة في قدرته على الصمود وعدم الانهيار تحت أقدامنا في وقت قصير بدرجة غير عادية.
جيه. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ومؤلف كتاب «التراخي نحو المدينة الفاضلة: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين».
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة سعر الفائدة
إقرأ أيضاً:
الجرام بـ3735 جنيها.. ماذا حدث في أسعار الذهب بعد قرار الفائدة؟
يسعي الكثير من المواطنين إلي معرفة أسعار الذهب على مدار تعاملاتها اليومية خاصة المقبلين على الزواج لشراء الشبكة كما أن البعض الأخر يتجه لشراء الذهب من أجل الاستثمار.
ارتفاع هائل في سعر الذهب عالميا.. تفاصيل 500 جنيه|مفاجأة في أسعار الذهب وعيار 21 رسميا بعد قرار البنك المركزيوتعد أسعار الذهب ذات أهمية على مدار تعاملاتها اليومية؛ حيث يسعى الكثير من المواطنين إلي تحديد الوقت الأنسب للشراء فى ظل استقرار الأسعار حيث سجل عيار 21 حوالى 3735 جنيها للجرام.
ويعتبر الذهب ملاذ آمن للكثيرين في ظل اضطراب الأسواق كما أن المعدن الأصفر مرتبط بالاقتصاد العالمي وفي الوقت الذي تدهورت فيه اقتصاد الكثير من الدول بقي الذهب ملاذ آمن للكثيرين سواء فى مصر أو بباقي الدول العربية.
أسعار الذهب اليوم- سجل سعر الذهب عيار 24 عند 4262.86 جنيها.
- وصل سعر جرام الذهب عيار 21 صباح اليوم عند 3735 جنيهًا.
- فيما يبلغ جرام الذهب عيار 18 خلال تعاملات اليوم 3200 جنيها.
- كما بلغ سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 29880 جنيها.
وكنات قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى تثبيت سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25%، 28.25% على الترتيب.
سعر الذهب بالمصنعيةويختلف أسعار الذهب بالمصنعية من محل لآخر ومن منطقة لأخري حيث تترواح قيمة المصنعية ما بين 30 و65 جنيهًا وتتراوح بين 7% و10% من سعر جرام الذهب، بحد أقصي من قيمة الجرام الواحد، وباختلاف محلات الصاغة ومن محافظة إلى أخرى ومن تاجر إلى آخر.
أسعار الذهب عالمياوعلى المستوي العالمي اتجهت أسعار الذهب، الجمعة، إلى تحقيق أفضل أداء لها في عام مدعومة بالطلب على الملاذ الآمن وسط ازدياد التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، بينما يترقب المستثمرون مؤشرات عن تخفيضات الفائدة الأميركية.
و صعد الذهب في المعاملات الفورية 0.7 بالمئة إلى 2688.70 دولار للأونصة. وزاد الذهب نحو خمسة بالمئة على أساس أسبوعي حتى الآن وهو أفضل أداء له منذ مطلع أكتوبر 2023.
وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.6 بالمئة 2691دولارا للأونصة.
ويزداد الإقبال على الذهب في أوقات التوترات الجيوسياسية والمخاطر الاقتصادية وكذلك مع انخفاض أسعار الفائدة.
سعر الذهب اليوم 22-11-2024 أقل من 3200 جنيه| تراجع سريع في أسعار الذهب بعد قرار البنك المركزيوبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة في المعاملات الفورية 0.6 بالمئة إلى 30.97 دولار للأوقية، وصعد البلاتين بنفس النسبة إلى 966.14 دولار بينما ارتفع البلاديوم 1.1 بالمئة مسجلا 1040.58 دولار للأوقية.
وتتجه المعادن النفيسة الثلاثة إلى تسجيل مكاسب أسبوعية.