- من شروط التوبة الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار

- أناشد الجميع بالاستجابة لنداءات الله عزَّ وجلَّ المتكررة بالتوبة والإنابة له سبحانه

- على رَبِّ الأسرة النصحُ لمن هُم تحت رعايته من الزوجة والأولاد وغيرهم بالمحافظة على الصلاة

-  نحتاج إلى وقفة صادقة في شهر رمضان لنعيد حساباتنا في مسألة صلة الأرحام

 

قال  الأستاذ الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: ينبغي للمسلم في رمضان أن يطهر نفسه بالتوبة إلى الله تعالى، لينال الجائزة الكبرى والمغفرة لذنوبه وألا ينفق وقته وعمله في غير طاعة الله حتى لا يرغم أنفه ويخسر المغفرة، وعلى من أراد التقرب إلى الله عليه أن يسارع بالتخلص من التبعات برد حقوق العباد واستغفار الله عز وجل والندم على ما فات من تقصير في حقه عز وجل.

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا  أن الذنب الذي تكون منه التوبة لا يخلو إمَّا: أن يكون حقًّا لله، أو للآدميين، فإن كان حقًّا لله؛ كترك الصلاة مثلًا، فإن التوبة لا تصحُّ منه حتى يجتهد قدر طاقته في قضاء ما فات منها، وهكذا إن كان ما ترك صومًا، أو تفريطًا في الزكاة، وأمَّا إن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصحُّ التوبة منه إلا بردِّه إلى صاحبه، إن كان قادرًا عليه، فإن لم يكن قادرًا فيجب أن يعزم على أدائه وقت القدرة عليه، وأن يكون ذلك في أسرع وقت.

وناشد  المفتي الجميع بالاستجابة لنداءات الله عزَّ وجلَّ المتكررة بالتوبة والإنابة له سبحانه، وبرغم أن الباب في كلِّ الأوقات يظلُّ مفتوحًا، فإن مواسم الخير تأتي وكأنها دعوةٌ أخرى، تجدِّد الأملَ أمام العبد في رحمة مولاه، وفي قبوله سبحانه لتوبة التائبين؛ فيشدِّد على أنه هو مَن يتقبَّل توبتهم: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى: 25]، بل ينادي عباده من شدَّة حرصه على قربهم منه يطلب منهم التوبة من الذنوب فيقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [النور: 31]، ثم يعلمهم بأنَّ هذه التوبة يجب أن تكون توبةً خالصةً، أسماها سبحانه "نصوحًا" فيقول لهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: 8].

وعن شروط التوبة قال فضيلته: إنَّ العلماء قد حددوها في أربعة: الندم بالقلب، وترك المعصية في الحال، والعزم على ألا يعود إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياءً من الله تعالى، لا من غيره، فإذا اختلَّ شرط من هذه الشروط لم تصحَّ التوبة"، وقد أضاف بعض العلماء أن من شروط التوبة الاعترافَ بالذنب وكثرةَ الاستغفار.

وردًّا على سؤال يسأل هل يجوز استخدام الإكراه والإجبار كي يؤدي الأبناء الصلاة، قال فضيلته على رَبِّ الأسرة النصحُ لمن هُم تحت رعايته من الزوجة والأولاد وغيرهم بالمحافظة على الصلاة، واتخاذ كافة الوسائل المعنوية المشروعة في حثِّهم عليها، فإن أصرّوا على تركها فلا يلحقه من ذلك إثمٌ، مع مراعاة المداومة على النُّصح والإرشاد، والدعاء لهم بصلاح الحال.

وأما الضَّربُ الوارد في الحديث النبوي الشريف؛ كصورةٍ من صور التأديب على التهاون في أداء الصلاة، فالمراد به: الخفيف غير المبرح الذي يكون من جنس الضرب بالسواك ونحوه مما لا يُعَدُّ أصالةً للضرب والإيلام؛ لأن المقصود من ذلك هو التربية والتأديب النفسي بإظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن التقصير في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بإقام الصلاة، واللجوء إليه ليس بواجبٍ، وإنما هو مندوبٌ إليه في حقِّ الولد المميِّز إذا تعيَّن وسيلةً لتأديبه، بخلاف الزوجة والولد البالغ والصغير غير المميِّز؛ فلا يجوز ضربهم على ترك الصلاة.

وردًّا على سؤال ما حكم من أكل أو شرب ناسيًا قال فضيلته: ما نفتي به هو مَن أفطر ناسيًا في صوم فَرضٍ أو نَفْلٍ فليتم صومه، ولا قضاء عليه ولا كفارة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فإن قَدَرَ على قضاء هذا اليوم فهو أَكْمَل وأَوْلَى خروجًا مِن الخلاف.

وتابع: ومِن كمال رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أنَّه تجاوز عن مؤاخذتهم بسبب الخطأ والنسيان؛ إذ النسيان أمرٌ جُبلت عليه طبائع البشر، فرَفَع عنهم إِثْم ما ارتكبوه نسيانًا، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك".

وردًّا على سؤال عن حكم عقوق الوالدين حتى في رمضان قال إننا نحتاج إلى وقفة صادقة في شهر رمضان لنعيد حساباتنا في مسألة صلة الأرحام، ونحتاج وقفة شجاعة لترتيب الأوراق لإنهاء الخصام والقطيعة، وعلينا الاستفادة من نفحات هذا الشهر الكريم لنعالج أي جفاء أو قطيعة موجودة.

كما أن الشرع حرص على صِلَةِ الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾» (متفقٌ عليه).

وأشار فضيلته إلى أن الله تعالى -وكذلك رسولُه صلى الله عليه وآله وسلم- أوجب بِرَّ الوالدين والإحسانَ إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24]، بل قَرَنَ ذلك بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: 36]، كما قرن الشكر لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: 14]، وأكَّد سبحانه وتعالى على برِّ الوالدين حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وإنما لَم يأمر الوالدين بمِثل ذلك للاستغناء بالطبع عن الشرع؛ فعلاقة الوالدين بولدهما هي علاقة طَبَعِيَّة جُبِلَت عليها الفطرة السوية.

واختتم فضيلته بالرد على سؤال عن حكم الإجهاض لأن لديها ولدين ولا تريد الثالث ولذا قامت بإجهاضه، قائلًا إن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع؛ وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم، وعلى السائلة أن تتوب إلى الله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية حكم من أكل أو شرب ناسي ا حكم عقوق الوالدين حكم الإجهاض صلى الله علیه وآله وسلم سبحانه وتعالى الله تعالى قال تعالى على سؤال إلى الله إن کان

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: تحويل القبلة حدث عظيم يعكس حب النبي للوطن

كشف الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عن أسباب تحويل القبلة في الإسلام، وهو الحدث العظيم الذي يعكس فرحة النبي صلى الله عليه وسلم باستجابة الله لدعائه، مؤكدًا أن هذا التحول كان له أهمية كبيرة لدى الصحابة، حيث كانوا يتوقون إليه.

وفي حديثه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة "صدى البلد"، أضاف الدكتور عياد أن حب النبي صلى الله عليه وسلم لمكة، رغم ما تعرض له من معاناة وعداء هناك، يعكس معنى عميقًا حول حب الوطن حيث قال النبي: "والله إني أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله، ولو لا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".

وتابع المفتي أن الوطن في الإسلام ليس مجرد فكرة عابرة بل هو جزء من العقيدة التي يلتزم بها المسلم، مشيرًا إلى أن هناك محاولات لتشويه هذه الفكرة من خلال تأثيرات سلبية تتناقض مع مقاصد الدين.

وأوضح المفتي أن حفظ الوطن يتطلب العمل على إزالة أي معوقات تحول دون تقدمه، وينبغي أن تتضمن هذه المسؤولية الحفاظ على العلاقة الطيبة بين العبد وربه. وأضاف أن الإسلام يعزز واجب المسلم تجاه وطنه ويحث على الحفاظ عليه من أي أذى أو تهديد.

وأكد أن هناك من يروج لأفكار مغلوطة حول الوطن لأهداف شخصية أو مصالح ضيقة، داعيًا إلى تصحيح هذه المفاهيم من خلال المؤسسات الدينية والعلمية.

مقالات مشابهة

  • حكم الإكثار من الحلف دون داعٍ وهل له كفارة ؟ الإفتاء توضح
  • هل يجوز تأخير الصلاة بسبب الجوع .. اعرف رأي الشرع
  • مفتي الجمهورية: تحويل القبلة حدث عظيم يعكس حب النبي للوطن
  • مفتي الجمهورية: الزكاة والعمل الصالح من أبرز الأعمال المستحبة في رمضان
  • مفتي الجمهورية يكشف عن أفضل الأعمال في رمضان وأحكام إخراج الزكاة
  • المسجد الأقصى أقل قداسة من مكة .. مفتي الجمهورية يرد
  • مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
  • فرصة للطاعة واستقبال رمضان.. مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بليلة النصف من شعبان
  • محافظ المنوفية يستقبل فضيلة مفتي الجمهورية في مستهل زيارته للمحافظة
  • محافظ المنوفية يستقبل مفتي الجمهورية في مستهل زيارته للإقليم