على المحك.. تحذيرات من حرق المليارات بالاندفاع غير المنضبط في مشاريع النقل
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
17 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث: تطرقت تحذيرات باحثين اقتصاديين الى ظاهرة الاندفاع العارم الذي تبديه الجهات العراقية المسؤولة نحو صرف مليارات الدولارات على مشاريع النقل التجاري، سواء على مستوى الطرق أو الموانئ، دون مراعاة للصعوبات والتحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العراقي وسوق النقل الدولي.
وبحسب التقارير الاقتصادية الصادرة، فإن الجهود العراقية في تطوير البنى التحتية للنقل تتسم بالاندفاع والعجلة، دون وضوح الرؤية المستقبلية ودون دراسة دقيقة للتأثيرات الاقتصادية المحتملة.
وتشير الدراسات الاقتصادية الى أن الاستثمارات الضخمة في مشاريع النقل يجب أن ترافقها دراسات دقيقة وتحليلات شاملة للتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة، بما في ذلك تقييم الطلب المحلي والعالمي على النقل وتوقعاته المستقبلية.
ويشدد الباحثون على ضرورة الحذر وتوجيه الاستثمارات بشكل أكثر استدامة، مع التركيز على تعزيز القدرات الإنتاجية الداخلية وتطوير الصادرات، بدلاً من الاعتماد الكبير على مشاريع النقل التجاري الضخمة التي قد لا تكون مستدامة في الطويل الأجل.
ووجه الباحث الاقتصادي زياد الهاشمي التحذيرات للجهات العراقية المسؤولة والتي تتحرك باندفاع في صرف (او حرق) المليارات على مشاريع النقل التجاري العراقية (الطريق والميناء)، دون اعتبار للصعوبات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد وسوق النقل الدولي، ومنها مايلي:-
النقل السككي التجاري.
ـ شركة السكك الحديد الالمانية DB AG الأكبر على مستوى العالم، تتعرض لخسارات تشغيلية كبيرة أدت لتراكم في الديون تجاوزت حد 28 مليار يورو.
ـ مما دفع إدارة الشركة الألمانية لعرض ذراعها السككي اللوجستي المربح DB Schenker للبيع لشركات أخرى، وقد قدمت شركات لوجستية كبرى عروضاً بالشراء، كشركة DHL و DSV.
ـ عملية البيع هذه ستوفر 15 مليار يورو لشركة السكك الالمانية ستذهب لتسديد جزء كبير من الديون وجزء لإدامة عمل الشركة، لكنها ستخسر واحدة من أنجح وأهم أذرع لوجستيات النقل في العالم.
ـ هذا مثال واحد من أمثلة عدة تؤكد كلها ان النقل السككي هو نقل تنافسي ومكلف جداً وهذا يعني ان هامش الربح محدود او ضئيل بسبب كلف التشغيل العالية مما يؤدي لتراكم الخسارات والديون وفي النهاية الاضطرار لبيع الشركات او اعلان الإفلاس.
ـ النقل البحري التجاري
ـ قدم بعض الرؤساء التنفيذيين لشركات نقل بحري كبرى ومعهم جمع من خبراء النقل الدولي، رؤية قاتمة عن مستقبل سوق النقل البحري.
ـ حيث يتعرض سوق النقل البحري لمشكلة وجود زيادة كبيرة في المعروض من السفن ووفرتها مقابل انخفاض في الطلب الدولي على النقل البحري، لأسباب عديدة (نشرحها لاحقاً)
ـ ففي 2024 سيكون هناك 11% زيادة في عدد السفن الجديدة الداخلة لسوق النقل البحري و 7% اضافية في 2025.
ـ هذا الخلل بين العرض والطلب سيشعل حرب أسعار بين شركات النقل ستؤدي حسب التوقعات لانخفاض أسعار النقل البحري بحدود 80% في العام القادم عن مستوى الأسعار الحالي.
ـ هذه الأسباب وغيرها وضغوطات السوق الدولي، كلها عوامل تجعل من قطاع النقل الدولي قطاعاً تنافسياً ليس من الممكن من خلاله تحقيق أرباح مجزية ومستدامة.
ـ وهذا ما دفع شركات النقل للتوسع (أفقياً وعامودياً) لتنويع الناشطات وفتح أبواب جديدة وعدم الاعتماد على النقل فقط لتحقيق العائدات والأرباح.
ـ لذلك يجب ان يأخذ صناع القرار الاقتصادي المتعلق بمشاريع النقل العراقية، هذه التحديات العالمية الكبيرة على محمل الجد، وان يطوروا من نماذج مشاريع النقل العراقية وتحويلها لنماذج متنوعة تعتمد على عدة مصادر لتوليد الارباح، وبنفس الطريقة التي تعمل عليها الآن شركات النقل العالمية.
ننتظر ونرى مدى الاستجابة العراقية لهذه المتغيرات والمتطلبات العالمية في سوق النقل الدولي!.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: مشاریع النقل النقل الدولی النقل البحری
إقرأ أيضاً:
حكومة المونديال على المحك.. كيف تستعد الأحزاب المغربية للفوز بثقة الناخبين قبل 2026؟
بين أحزاب تقليدية تحاول تجديد خطابها، وتيارات ناشئة تسعى لكسر الاحتكار السياسي، وشارع يبدي نوعا من الفُتور تجاه العملية السياسية، شدّت الأحزاب أنفاسها، مجدّدا، لكسب ثقة الناخبين، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المغربية لعام 2026، والتي تكتسي أهمية استثنائية لكونها ستشكل ما بات يوصف بـ"حكومة المونديال" إذ ستتولى إدارة الشأن العام خلال استضافة المغرب لكأس العالم 2030.
في هذا التقرير، انطلقت "عربي21" من رسم خريطة الأحزاب المغربية، قبيل الاستحقاقات الانتخابية المُقبلة، مع قراءة مؤشرات المشهد في ظل معطيات محلية ودولية استثنائية. فيما برزت جُملة من الأسئلة بخصوص: قدرة الأحزاب على تقديم نفس جديد يلبّي تطلعات الشارع المغربي خاصة في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية باتت توصف بـ"الطّاحنة"؟
وجرّاء تحليل استعدادات الأحزاب الكُبرى وبرامجها، ورصد تحركاتها الميدانية، وقياس درجة تفاعل المغاربة مع خطابها، نحاول الإجابة عن سؤال آخر: هل تمتلك النخب السياسية المغربية ما يكفي من الرؤية والجدّية لتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلاد خلال هذه المرحلة الحاسمة التي تجمع بين الاستحقاق الانتخابي والحدث الرياضي العالمي؟.
تحدّيات المرحلة.. أي تعامل؟
تحديات جسيمة تواجه المجتمع المغربي، في السنة الأخيرة من عمل الحكومة الحالية، التي يرأسها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش؛ والتي تُعتبر تقليديا "سنة بيضاء" من حيث التشريع والمبادرات الحكومية. ما يستدعي وفقا لمهتمين بالشأن العام المغربي: "تسريع وتيرة العمل وتحقيق انسجام أكبر بين مكونات الائتلاف الحكومي، إذ سينعكس إيجابا على مصالح باقي الأحزاب المُشاركة".
وقال الباحث في العلوم السياسية، محمد أمكور: "أعتقد أن حزب التجمع الوطني الأحرار، حاليا، هو الحزب الأكثر تنظيما وانضباطا واستعدادا للاستحقاقات القادمة لعدة أسباب؛ أولها: حضور مكثف في المشهد السياسي طيلة هذه الولاية، عبر أنشطة بجميع الأقاليم والجهات".
وأضاف أمكور، في حديثه لـ"عربي21" أنّ الأحرار: "استفاد من التواجد في الحكومة، بعدد من الحقائب الوزارية التي تغطّي مجمل القطاعات الحيوية كالفلاحة والتعليم على سبيل المثال لا الحصر؛ مع توفّره على فريق برلماني من الناحية العددية يمثل مختلف الجهات".
"حزبا العدالة والتنمية، يتوفر هلى خزان انتخابي قار يتمثّل في مناضليه ومنتسبي حركة التوحيد والإصلاح مضاف إليهم المتعاطفون، ومن جماعة العدل والإحسان" تابع أمكور، مردفا: "صحيح أنه فقد جزء هامّا من الكتلة النّاخبة والتي كانت تشمل الطبقات الوسطى؛ لكن أمام الإصلاحات التي مسّت جيوب هذه الطبقة (التقاعد/ المقاصة…) تخلت عن فكرة التصويت للحزب" بحسب تعبير الباحث في العلوم السياسية.
وتابع: "بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي فقد دخل في سبات طويل منذ حوالي عقدين من الزمن، وبالضبط منذ حكومة جطّو، تراجع انتخابيا بشكل قفز من المرتبه الأولى للمرتبة الخامسة في حكومة عباس2007-2010 (حكومة ما قبل الربيع العربي) والسبب يعود بشكل مباشر لانسحاب المناضلين وتجميد عضويتهم في الحزب، إثر خلافات بدأت منذ تولي اليازعي القيادة وصولا لولايات إدريس لشكر المتتالية".
وفيما ختم أمكور بالقول إنّ: "مسألة الحضور الرقمي تقتصر أحيانا على عدّة أحزاب: الأحرار، الاستقلال، الأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية". رصدت "عربي21" تراجع تفاعل الشباب المغربي، مع القضايا السياسية، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، إلاّ من شباب منتمين لأحزاب معينة، مثل العدالة والتنمية، أو حملات رقمية منسّقة من حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، مع حضور خافت لحزب الاستقلال، وحضور نوعا ما بارز لأحزاب اليسار.
لعبة العودة..
وفي قراءة للمشهد الحزبي المغربي، البداية مع حزب العدالة والتنمية التي جدّد الثقة في عبد الإله بنكيران، بانتخابه أمينا عاما، خلال المؤتمر الوطني التاسع الذي اختتم أعماله نهاية الأسبوع الماضي، في مدينة بوزنيقة. وذلك عقب تولّيه المنصب ذاته بمؤتمر استثنائي، أتى بعد ما وُصف بـ"الهزيمة الانتخابية الكبيرة" التي تعرّض لها الحزب في 8 أيلول/ شتنبر 2021، والتي أنهت سيطرته على رئاسة الحكومة بعد ولايتين متتاليتين.
وبالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة المغربية، حاليا، فإنّ عدّة التكهنات تتصاعد حوله، بخصوص عودة الملياردير السياسي، يوسف بنجلون، بعد رحلته السياسية بين عدة أحزاب، إذ كشفت مصادر لـ"عربي21" أنّ: "لقاء جمعه مع قيادات الحزب بالرباط يشير لرغبة الأخير في استقطابه وترشيحه للانتخابات المقبلة، ما قد يُشعل جدلا داخليا".
أمّا بخصوص حزب الاستقلال فإنّه يخوض معركته الانتخابية بجُملة سيناريوهات توصف بكونها "متضاربة"، إذ تشير معطيات وصلت لـ"عربي21" إلى توجّه الحزب لترشيح عبد الجبار الراشدي، وهو كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، بدلا من النائب الحالي محمد لحمامي، فيما تستبعد مصادر أخرى من داخل الحزب نفسه لهذا الخيار وترجّح اسما آخر.
في السياق نفسه، يعيش حزب الأصالة والمعاصرة، المعروف باسم "البام" على إيقاع توتّر مُحتدم، بين أبرز وجوهه (عادل الدفوع ومنير ليموري)، وذلك على خلفية تمثيل الحزب في البرلمان، مع إمكانية لجوء الحزب لاستقطاب وجوه جديدة من خارج صفوفه الحالية، بحسب ما يرد من معلومات مُتفرٍّقة.
كذلك، أثار تصريح منسقة حزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، جدلاً واسعا، بعد تأكيدها استعداد حزبها للفوز بالانتخابات المقبلة وقيادة "حكومة المونديال" ما بعد 2026؛ في إشارة لطموحها لأن تكون أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في المغرب. فيما عبّر قادة حزب التجمع الوطني للأحرار عن تصميمهم على الاحتفاظ بموقعهم على رأس الحكومة لولاية ثانية، وأكد حزب العدالة والتنمية عودته للصورة من جديد بشكل أقوى، ما أضفى طابعا تنافسيا محتدما، قبيل أشهر من الاستحقاقات الانتخابية.
أمام هذه التحولات التي تعكس ديناميكية المشهد السياسي المغربي في خضمّ التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، كان الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، قد قال إنّ: "قادة الأغلبية الحكومية يستفزون المغاربة وهم يعلنون بشكل صريح الدخول في سباق نحو الانتخابات المقبلة".
وتابع أوزين، خلال حديثه ببرنامج حواري بثّ على "القناة الأولى" (رسمية) أنّ: "هؤلاء تركوا انشغالات المواطنين مع جملة من الملفات في مقدمتها الأسعار المرتفعة، وانصبّ تفكيرهم على حكومة المونديال ومن سيقودها، قبل نحو عام ونصف على الانتخابات".
الأمين العام لحزب السنبلة، اعتبر أيضا أنّ: "الأحزاب المشكّلة للأغلبية، ليس من حقها أن تعبر عن طموحها لقيادة الحكومة المقبلة إلى حين انقضاء الولاية"؛ في إشارة لكون قادة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والعدالة والتنمية، والاستقلال والأصالة والمعاصرة، قد عبروا بعدّة مناسبات عن طموحهم لتصدر الانتخابات المرتقبة، صيف عام 2026.
بين تضارب المصالح وعزوف الناخبين
"أصبح من الواضح أن بعض الأحزاب، وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار، توجّه جهدا كبيرا نحو الحملات الرقمية الممولة" هكذا انطلق الصحفي والباحث في العلوم السياسية، سمير الباز، في حديثه لـ"عربي21".
وأوضح الباز، أنّ: "الحزب نفسه، يستفيد من من إمكانيات مالية ضخمة، إذ بات رمزا للاحتكار الاقتصادي وتضارب المصالح، ويستفيد من خدمات شركات يُرجّح أن بعضها أجنبية"، مردفا: "أيضا، يسلك حزب الأصالة والمعاصرة المسار ذاته، ولو بشكل أقل وضوحا، لأنه أطلق حملة "جيل 2030" دون وضوح بارز لمعالمها".
وتابع: "ورغم المظهر الاحترافي لهذه الحملات، إلا أن مضمونها غالبا ما يظل بعيدا عن انشغالات الشباب وهموم المواطن الذي اكتوى بأزمات متتالية، بسبب هذه الحكومة، كما يعتمد على شعارات جاهزة لا تُلامس الواقع الحقيقي" أوضح سمير لـ"عربي21"، مسترسلا: "ما نعيشه اليوم هو هيمنة للصورة على حساب البرامج، وللإشهار السياسي على حساب النقاش الجاد".
وأكّد: "نحتاج لخطاب مسؤول يُعيد الثقة بدل تكريس النفور"، مضيفا: "لا يبدو أن المشهد الحزبي في المغرب يتّجه نحو تحالفات جديدة قبل انتخابات 2026، فالتوازنات الحالية توحي بأن الكتل السياسية الكبرى ستُحافظ على مواقعها كما هي، دون مفاجآت تُذكر".
وختم الباز حديثه لـ"عربي21" بالقول: "من غير المُرتقب أن تظهر قوى سياسية ناشئة قادرة على قلب المعادلة، خصوصا في ظل استمرار هيمنة المال واستغلال النفوذ، خاصة في العالم القروي، حيث تُكرَّس الولاءات على حساب النقاش الديمقراطي الحقيقي".
واستطرد: "يُرجّح أن تشهد الانتخابات القادمة عزوفا أكبر من طرف فئات واسعة من الناخبين، خصوصًا الشباب، نتيجة شعورعام بعدم جدوى العملية الانتخابية. وعليه، فإن انتخابات 2026 تبدو إلى حد كبير امتدادا لما جرى في 2021، دون إشارات حقيقية إلى تغيير في العمق أو تجديد في العرض السياسي".
إلى ذلك، بينما تحاول الأحزاب المغربية إثبات وجودها، خلصت "عربي21" إلى أنّ: المشهد السياسي في البلاد على أعتاب مفترق طرق حاسم. فمن جهة، تحاول النخب الحاكمة تجديد خطابها عبر الحملات الإعلامية المكثفة، واستقطاب الوجوه القديمة، ومن جهة أخرى، يزداد اتساع الفجوة بين هذه الخطابات وبين هموم المواطن اليومية.