الوقت ليس للمزايدات.. باسيل: التناحر السياسي يجب أن يتوقف
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
ناشد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والقيادات في الطائفة السنية، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بقياداته، ورئيس مجلس النواب نبيه بري بحكمته، ورئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد ونجله تيمور جنبلاط بفهمهم للجبل، وكل القيادات اللبنانية ان "لا يفرّطوا بالشراكة المتوازنة والمتناصفة".
وشدد على ان "مسار التناحر السياسي يجب أن يتوقف والاختلاف بالرأي مسموح لا بل مطلوب والتنافس لا بل مرغوب".
كذلك ناشد باسيل "القوات" والكتائب، والمردة آل فرنجية وإرث التضحيات من اجل لبنان، وقال: "فلنضع خطًّا احمر عريضًا تحت الوجود والشراكة المتناصفة و لبنان الكبير؛ ونبدأ من هنا". ولفت الى أن "هناك ثلاثة أخطار كبيرة تتهدد وجودنا: الحرب والأزمة الاقتصادية، النزوح واللجوء يؤدون الى تغيير تركيبتنا الديمغرافية والمجتمعية، كذلك فقدان الشراكة لأنّه يصيب علّة وجود لبنان، يعني وجودنا".
وتابع: "لن نسمح بالهيمنة على موقع وصلاحيات الرئاسة، ولا نرضى بانتخاب رئيس يكسر الشراكة والميثاق"، معتبرا ان "الشراكة هي اولاً بتحديد المصير سوية، وهي بالاستراتيجية الدفاعية لحماية الوطن، وبتحييد لبنان عن صراعات هو بغنى عنها"، مضيفا "صحيح لا نستطيع ان نكون محايدين عن قضية فلسطين بوجه اسرائيل الاجرامية، ولا عن سوريا المدنية بوجه الارهاب الاصولي، ولكن نستطيع ربط لبنان ونهاية الحرب على ارضه بكل حروب المنطقة وازماتها".
وشدد على أن " اسرائيل نقيض لبنان ولبنان ينتصر عليها بتنوّعه ومقاومته وخصوصاً بقيام دولته، وليس باعتماد أجندات ليس كلّها صنع لبنان"، مؤكدا أن "حرب غزّة نقطة سوداء بسجلّ البشرية"، ومضيفا: " الحرب نخوضها ونستشهد فيها عندما تفرض علينا، ولكن لا يجوز ان نفتعلها، خاصةً اذا كنا محكومين بمعادلة اقليمية ودولية، وعلى راسها اميركا وايران، والاثنان لا يريدان توسيع الحرب"، مشددا على أن "مشكلتنا مع "وحدة الساحات" انها لم تأخذ بالاعتبار وحدة الساحة اللبنانية، اسرائيل تهدّد بالحرب ولكنها ستخسرها"، محذرا انه " يوم تعرف اسرائيل انه اهتزّت الخلفية اللبنانية الشعبية الحاضنة لحزب الله، يصبح لديها حافز لشن الحرب والأرجح ربحها، الحدّ الأدنى من تضامن الساحة الداخلية اساسي لتحصيل مكاسب من الحرب".
وشدد باسيل على أنه "بالأساسيات التيار لا يخطئ أي أنه اذا أخطأ "حزب الله" معنا لا تصبح اسرائيل صديقة، بل تبقى عدوة لغاية استعادة كل الحقوق لأصحابها"، مؤكدا أن " تموضعنا الاستراتيجي لا نخطئ فيه، ومطالبنا الوطنية لا نساوم عليها بمكاسب سلطوية، نريد الرئيس الميثاقي الاصلاحي والمقاوم ونريد اللامركزية والصندوق الائتماني". وقال: "المعادلة المفروضة مرفوضة، ولن نقبل بمرشحّ يختارونه عنّا ولا نسلّم امرنا لحكومة مبتورة تحكمنا من خارج الميثاق والدستور"، مشددا على أنه "في هذا البلد نضطر الى أن نزعجهم لنحصل حقوقنا، والازعاج يكون بموقف موحّد ورافض وبتحريك الرأي العام، وبالنهاية بالانتقال للعمل المضاد، بدءًا من الشارع وصولاً للعصيان المدني"، معتبرا أن " الأزمة اليوم ابعد من الحقوق، هي أزمة وجود وهي تحدّد علاقتنا مع الآخرين"، مؤكدا أنه "لا يوجد تحالف ثابت مع أحد، بل تفاهم حيث الممكن واختلاف حيث يلزم".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على أن
إقرأ أيضاً:
هل باتت القدس أبعد؟
– مع كل احتفال سنوي لإحياء يوم القدس كنا نقيس المدى الذي يفصلنا عن القدس ونقول إنها باتت أقرب، ونحن نشهد تنامي قوة المقاومة في لبنان وفلسطين، خصوصاً بعد ظهور محور المقاومة إلى حيّز الوجود، وتحوله إلى محور حقيقي، ظهرت ملامح تبلوره كجبهة مقاتلة موحّدة بعد طوفان الأقصى. وها نحن اليوم مع الإحياء السنوي ليوم القدس نجد السؤال يطرق أبوابنا، وقد حوصرت المقاومة في العراق حتى أقفلت الإسناد واضطرت للبحث عن كيفية حماية حضورها من الحصار، بينما المقاومة في لبنان قد أصيبت بجراحات بالغة خسرت معها كثيراً من كبار قادتها، وعلى رأسهم قائد محور المقاومة السيد حسن نصرالله، الذي أتاح اغتياله لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن يقول إن المحور انتهى باغتيال السيد نصرالله، وصولاً إلى سقوط سورية من موقعها في محور المقاومة وخياراتها، وإقفالها كقاعدة لقوى المقاومة وإغلاق مسارات الإمداد التي كانت تمثلها لهذه القوى، فهل يجب أن نستنتج أن القدس باتت أبعد ونحن نرى غزة تواجه حرب الإبادة منفردة، لولا يمن عزيز بقي وحيداً يساندها.
– بالعودة إلى عناصر قرب القدس وبُعدها ثمة معياران يشكل اجتماعهما مصدر الجواب، الأول هو درجة حضورها كقضية ساخنة تُلهب المشاعر وتستنهض الهمم في وجدان شعوب الأمتين العربية والإسلامية، والثاني هو درجة تأثير كل عناصر القوة التي تمثلها المقاومة في بنية كيان الاحتلال وجيشه وجبهته الداخليّة، ودرجة بلوغ هذا التأثير الحد الذي يجعل المأزق الوجودي أشدّ عمقاً وحضوراً. وكي نستطيع فهم المشهد بعقل بارد، لأن المشاعر الحارة تفسد هنا القدرة على الملاحظة والاستنتاج، بحجم الخسائر التي لحقت بقوى المقاومة ودرجة حرارتها الحارقة للقلوب والمشاعر، لأن هذه الحرب بما تمثل من تصادم وارتطام كبير لقوّتين متعاكستي الاتجاه بكل القوة والسرعة، تركت خراباً على ضفتي التصادم، وإذا كنا نلاحظ ونستشعر ما حلّ بالضفة التي نقف عليها، فما يهمّ هو رؤية ما لحق بالضفة المقابلة؟
– إذا كانت القدس ترمز في ما ترمز للقضية الفلسطينية، فإن الأعداء أنفسهم لا ينكرون أن ما جرى خلال عام ونصف نقل القضية الفلسطينية إلى مرتبة ومكانة ما كانتا لها في يوم من الأيام، وقد صارت استحقاقاً سياسياً وأخلاقياً ودبلوماسياً واستراتيجياً لا مفرّ منه بالنسبة لكل دول العالم وشعوبه وحكومات المنطقة وشعوبها. وبالتوازي فإن شعور شعوب العرب والمسلمين بالتقصير والخزي بسببه مع فقدان الثقة بأن تفعل الحكومات شيئاً زاد من تطلّع الشعوب نحو قوى المقاومة، ولعل أبرز مثال على ذلك هو مقارنة مكانة اليمن في عيون العرب قبل الطوفان وجبهات الإسناد وبعدهما، وقد صار اليمن قدوة الجميع في الحديث عن الشرف والنخوة والشهامة ومقياس العروبة والتقيّد بأحكام الإسلام. وفي الجواب على السؤال من هذه الزاوية، فإن القدس باتت أقرب بكثير مما كانت عليه من قبل، وأن يوم القدس صاحب أفضل في مراكمة الوعي وشحن الذاكرة لإبقاء القدس حاضرة عصيّة على النسيان.
– في حال كيان الاحتلال، رغم صخب الحرب ومظاهر القوة التي يُبديها قادة الكيان إلى حد التوحّش، ومن خلفهم كل القدرات الأميركية العسكرية والسياسية والمالية والدبلوماسية، فإن النظر إلى المشهد داخل الكيان، ومتابعة خطابات قادته، يكشف لنا بوضوح أن الحديث يجري عن كيفية تفادي خطر الحرب الأهلية، وعن وجود أكثر من “إسرائيل” يجب أن تضمحل إحداهما كي تبقى الأخرى على قيد الحياة، وأن الفشل في التخلص من حركات المقاومة، يجعل المأزق الوجودي حاضراً بقوة، بدليل رفض نازحي مستوطنات الشمال والجنوب العودة إلى مستوطناتهم، بينما رفض الانضمام إلى الخدمة العسكرية يتسع بصورة تصيب القادة بالذهول، والهجرة المعاكسة من الكيان بلغت أرقاماً قياسية مع التحفظ على العودة، ولا أحد يجرؤ من القادة العسكريين على التحدث عن كفاءة القوات البرّية للفوز في جبهات لبنان وغزة، ولا عن كفاءة القبّة الحديدية أمام صواريخ اليمن وطائراته المسيّرة، وأمام أي احتمال للعودة إلى المنازلة مع المقاومة في لبنان، وفرضيّة الحرب مع إيران.
– تستمرّ الحرب أساساً لأن إقفالها يعني تكريس الفشل الاستراتيجي لمشروع اسمه “إسرائيل”، ولذلك يجهد قادة الكيان ومن خلفهم الغرب كله كي تنتهي بصورة تتيح للكيان الاحتفال بصورة نصر يتفادى بها كتعويذة بقاء خطر التفكك، لكن الحرب لم تنته بعد ولا يبدو في الأفق أن الكيان يستطيع الحصول على التعويذة المنشودة لإنهائها، وعندما يضطر لإنهاء الحرب بغير شروط تتيح الحصول على تعويذة البقاء بمزاعم النصر، سوف نكتشف كم جعلتنا هذه المتغيّرات، رغم الجراحات وآلامها، أقرب إلى القدس.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية