«بربوجاندا» التفوق ووهم القدرة
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
رغم كل ما قد يتبادر إلى أذهان الساسة والعسكريين في العالم من احتمالات مآل العدوان الإسرائيلي على غزة ومحاولات هذا العدوان الجلية للتصفية والإحلال، إلا أنه لا يمكن لأحدهم إنكار حقيقة أن أحداث السابع من أكتوبر -الذي شغل الاهتمام الدولي- هو صورة لفشل استخباري وعسكري هائل لا تزال ملابساته وتفاصيله غامضة حتى اليوم؛ فإسرائيل التي تفاخرت قبل هذا التاريخ ببراعة جهازها الاستخباراتي ومهارتها في تصنيع خرسانتها المستخدمة لبناء الجدار الحدودي مع قطاع غزة كافية لبناء طريق سريع من غزة إلى بلغاريا تُهزم هزيمة ساحقة خلال ساعات معدودة من هجوم مقاتلي حماس واجتيازهم الجدار الذي لا يُقهر بطائرات شراعية بسيطة مقارنة بما أعلنت إسرائيل من إمكانات وأسلحة! وكنتيجة منطقية لتحليل أولي فإن هذا لا يعكس قدرة حماس على هزيمة إسرائيل وإمكاناتها وحسب، بل يعكس هشاشة الواقع الاستخباراتي الإسرائيلي عسكريًا أمام أبسط اختبار عابر، فأي صدمة لإسرائيل وحلفائها وعملائها من الدول التي آمنت إيمانا مطلقا بتفوقها، وهذا ما يمكن للإعلام فعله حين ينتصر لطرف ما بتصنيع «بربوجاندا» لا تُضاهى لأسطورة تفوق وهمي مبنيّ على تهويل الدعاية وتسويق الخيال دون أي اختبار للقدرة الحقيقية، وكأننا بهؤلاء ينكرون حتى ما يرون بأعينهم إزاء آلة التسويق الهائلة، وكأننا بهم يتهمون أعينهم وأدواتهم دون تصديق ضعف حليفهم الأقوى.
ورغم كل جهود التسويق وتهويل القدرة والتفوق الإسرائيلي التي نجحت في إقناع كثير من الدول لتوقيع تعاقدات وصفقات مع إسرائيل سعيًا لنيل بعض نجاحات إسرائيل استخباراتيًا وعسكريًا، إلا أن المضحك المبكي أن تؤثر تلك الدعاية المُعَمْلِقة للنجاحات الإسرائيلية على العقلية الإسرائيلية نفسها فتقع ضحية تلك الدعاية مستهينة بإمكانات الآخر واثقة من قدراتها وقوتها التي لا تقهر. وما كان لكل تلك الأوهام أن تتلاشى لولا هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر.
لم يغب عن إسرائيل وحلفائها أثر «طوفان الأقصى» على الصورة النمطية المهولة المصنعة للقدرات الإسرائيلية والإمكانات العسكرية الاستخباراتية متضمنة توظيف الهجوم السيبراني لاختراق الوسائط الفلسطينية خصوصًا والعربية عمومًا تعزيزًا لفكرتي التفوق والسيطرة فبدأ الترويج لفكرتين لم تتمكنا من بلوغ أهدافهما، أما الأولى فهي ترجيح الخيانة في الصف الإسرائيلي بحيث تحصل حماس على معلومات دقيقة تمكنها من اختيار توقيت وظروف الهجوم، وفي ذلك ما لا يخفى من ضعف الجانب الإسرائيلي وإمكانية خضوع أعضائه لإغراءات خارجية، لكن القصد البعيد من تلك الادعاءات محاولة التقليل من أثر الفشل العسكري باتهام بعض أفراده بالخيانة.
وأما الثانية فهي ترويجهم لادعاءات أرادوا بها تبرير آلة القتل والتصفية والتهجير متناسين أن صنيعهم هذا ومحاولة إثباتهم ما هي إلا تأكيد لفكرة تفوق الجانب الفلسطيني عليهم أمنًا رقميًا وقدرات عسكرية مهما كانت الأسباب متضمنة فرضيات تحالف حماس مع إيران أو روسيا ودعمهم لهم، ونجد هذا واضحا في ما أعلنوه مؤخرا بعد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة وعثوره على الخوادم التي أقامتها حركة حماس تحت الأرض وتصويرهم (كمات يدعون) أجهزة الحاسوب المتصلة بها، وإن كان المبتغى من هذا التوثيق المدعى هو تبرير خرقهم كل مواثيق الإنسانية في استمراء القتل وشن حملاتهم مع حلفائهم لتجويع وتهجير الشعب الفلسطيني فإنهم تجاهلوا -في شتاتهم واستماتتهم لإقناع شعوب العالم بهمجيتهم وهشاشة كيانهم- تقويض «بربوجاندا» التفوق ووهم القدرة.
مهما كانت المبررات ومحاولات إقناع العالم بشرعية العدوان الإسرائيلي (حتى تلك الرواية الضعيفة لإمكانية تحالف إسرائيل نفسها مع حماس في مخطط» طوفان الأقصى لصنع مبرر مقبول شعبيًا لإقناع الشعوب والدول بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية رعاياها) إلا أن الحرب الأهم التي خسرتها إسرائيل في همجية عدائها المعلن هي حرب الوعي والتأييد الشعبي إلى الحد الذي دفع بكثير من الجماعات اليهودية ذاتها للتنصل من إسرائيل وعدوانها ووصفها المستحق باللاإنسانية والعدائية الهمجية.
ختاما: لممكنات الواقع الافتراضي والعالم الرقمي والأمن السيبراني معًا قدرة فائقة على تحقيق الكثير مما لا يمكن حدوثه من شيطنة الملاك وملائكية الشيطان، صنع أطر جاهزة لدول عظمى وأخرى نامية وعالم ثالث، رفع أفراد أو مجموعات وإسقاط المصداقية عن أفراد آخرين، وجماعات ودول أُخَر، لكن يبقى الرهان الأقوى على الزمن وتغيرات التقدم المتسارع في هذه المجالات التي سرعان ما تتكشّف عندها الأقنعة، وتسقط الأساطير مفندة كل أباطيل السلطة وعوالم تخليق الوهم.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
يونيفيل: بلدة الخيام الوحيدة التي أخلتها إسرائيل وانتشر فيها الجيش اللبناني
ذكرت وكالة نيويورك تايمز عن رئيس بعثة يونيفيل، أنهم قلقون من استمرار إطلاق النار والهدم من القوات الإسرائيلية حول الناقورة، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
إسرائيل ولبنان واليونيفيل والولايات المتحدة وفرنسا يعقدون أول اجتماع للجنة مراقبة وقف إطلاق النار الإمارات تدين حرق إسرائيل مستشفى كمال عدون في غزة
وتابع نيويورك تايمز عن رئيس بعثة يونيفيل، أن بلدة الخيام هي الوحيدة التي أخلتها إسرائيل وانتشر فيها الجيش اللبناني.
قصفت مقاتلات إسرائيلية، اليوم ، ان 7 نقاط عبور على طول الحدود السورية اللبنانية بهدف قطع تدفق الأسلحة إلى حزب الله في جنوب لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات الإسرائيلية صادرت أيضا شاحنة مزودة بقاذفة صواريخ تحتوي على 40 فوهة إطلاق في جنوب لبنان ضمن مصادرات من مناطق مختلفة شملت متفجرات وقاذفات قنابل صاروخية وبنادق كلاشنيكوف.
وأفاد قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء تومر بار في بيان، بأن "حزب الله يحاول تهريب الأسلحة إلى لبنان لاختبار قدرة إسرائيل على وقفه"، مضيفا أنه "لا يمكن التسامح في هذا".
وبموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر، من المفترض أن تسحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان على مراحل في حين يتم تفكيك المرافق العسكرية غير المصرح بها لحزب الله جنوبي نهر الليطاني، لكن الجانبين يتبادلان الاتهامات بانتهاك الاتفاق الذي استهدف إنهاء القتال الذي استمر لأكثر من عام في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023.
ودعت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان يوم الخميس القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب مستندة إلى ما وصفته بانتهاكات متكررة للاتفاق.
وتقول إسرائيل التي دمرت أجزاء كبيرة من مخزونات صواريخ حزب الله في أسابيع من العمليات في جنوب لبنان، إنها لن تسمح بتهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر سوريا.
أول استعراض عسكري في دمشق بعد سقوط الأسد
شهدت ساحات رئيسية مختلفة وسط دمشق، أول مسيرة عسكرية لمقاتلي إدارة العلميات العسكرية، منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وأظهرت فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشار المقاتلين في الشوارع بشكل منظم، وترديد هتافات.
منظومة "ثاد" الأمريكية تعترض لأول مرة صاروخا باليستيا أطلق من اليمن
قالت وسائل إعلام عبرية، اليوم ، إن منظومة الدفاع الجوي الأمريكية "ثاد" والمنصوبة جنوبي إسرائيل، أسقطت ولأول مرة صاروخا باليستيا أطلقه الحوثيون صوب البلاد.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عملية الاعتراض تمت يوم الخميس 26 ديسمبر.
وأشارت إلى أنه تم إسقاط الصاروخ الباليستي قبل اختراق حدود إسرائيل.
يذكر أن هذه المنظومة نصبت في إسرائيل ضمن الاستعدادات للتصدي لأي هجوم إيراني محتمل.
ووثق جندي أمريكي عملية الاعتراض الليلة الماضية، وفي التسجيل حيث سُمع يقول: "لقد كنت أنتظر هذه اللحظة منذ 18 عاما".