اقتصاديون: الدعم الأوروبي يعزز السيولة الدولارية داخل القطاع المصرفي
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
أكد خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن المنحة المقدمة من الاتحاد الأوروبى إلى مصر، والتى تبلغ حوالى 8 مليارات دولار، من شأنها أن تسهم فى دعم السيولة الدولارية داخل القطاع المصرفى، بما ينعكس على استقرار وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وما يترتب على ذلك من القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية، وبالتالى انخفاض أسعار السلع والخدمات بالأسواق المحلية.
وقالت الدكتورة سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية والمصرفية، إن المباحثات بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ومبعوث الاتحاد الأوروبى لا تقتصر على المنحة فقط، بل تناولت المشاكل التى تعانى منها المنطقة، خاصة مشكلات النزوح والتهجير التى حدثت فى السودان وغزة، نتيجة الأحداث الجارية، والتى أدت إلى تكبد الاقتصاد المصرى خسائر كبيرة، نتيجة استضافة أكثر من 10 ملايين من المهجَّرين، وأضافت أنه سوف يتم بحث تعظيم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى، خاصةً فى مجال الصناعة والتجارة والتكنولوجيا، مما يترتب عليه تقليل الفاتورة الاستيرادية لمصر.
وأشارت «الدماطى» إلى أن مصر من أكبر الدول التى لديها تبادل تجارى مع أوروبا، وسوف يتم العمل على تقوية هذا التبادل، وتعظيم المصالح المشتركة بين الطرفين، كما أن مصر من أكبر الدول التى تقوم بتصدير النفط المسال إلى أوروبا، كل هذا يسهم فى دعم استقرار السوق المصرفية المصرية، نتيجة توافر العملة الصعبة.
وأعربت الخبيرة المصرفية عن توقعاتها بأن تشهد الفترة المقبلة تراجعاً كبيراً فى سعر الصرف لكافة العملات الأجنبية، وبالتالى سوف ينعكس ذلك على أسعار السلع، لأن جزءاً كبيراً من السلع التى تدعمها الدولة يتم استيراده من الخارج، وأضافت أن هناك تخوفاً حدث خلال الفترة الماضية لدى المضاربين ومُخزنى العملة، نتيجة الاتفاقات التى قامت بها الحكومة مع صندوق النقد والبنك الدولى ومع الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى مشروع تطوير رأس الحكمة، التى أسهمت فى تعزيز السيولة الدولارية بالبنوك، مما ساعد فى القضاء على السوق الموازية للدولار.
وأشارت «الدماطى» إلى أن توفير السيولة الدولارية من شأنه أن يعمل على تخفيض حدة التضخم بشكل سريع، وبالتالى سوف ينعكس ذلك على تراجع الأسعار وضبط السوق لكى يشعر المواطنون بقيمة الإجراءات التى اتخذتها الدولة، خاصةً أن الارتفاعات المتتالية فى الأسعار، خلال الفترة الماضية، كانت بصورة مبالغ فيها وغير مبررة، إلا أن ما قامت به الدولة من إجراءات ساهم فى إعادة ضبط الأوضاع مرة أخرى.
«عادل»: توفير فرص عمل من خلال المشروعات الجديدةمن جانبه رحب وليد عادل، الخبير المصرفى، بالدعم الأوروبى لمصر، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبى يعرف جيداً أهمية مصر فى محيطها العربى والأفريقى والدولى، وأنها قوة إقليمية تضمن استقرار المنطقة، لذلك يحرص الاتحاد الأوروبى على تعميق علاقاته مع مصر. وأضاف، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الفترة الحالية تشهد تقديم حزمة مساعدات حجمها 7.4 مليار يورو لمصر من قبَل الاتحاد الأوروبى، أى حوالى 8.08 مليار دولار، مشيراً إلى أن هذا الدعم يساعد الاقتصاد المصرى فى الخروج من الأزمة الحالية، والتى تسببت فيها الصرعات العالمية والأزمات المختلفة، منها أزمة كورنا، والحرب الروسية الأوكرانية، والصراع فى غزة والسودان، مؤكداً أن هذه المنحة ستؤدى إلى تراجع سعر الدولار، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك على تراجع أسعار السلع بشكل عام.
وأشار «عادل» إلى أن مبادرات مبادلة الديون، التى تُعفى مصر من سداد بعض ديونها للاتحاد الأوروبى مقابل استخدام تلك الأموال فى تنفيذ مشروعات تنموية، تزيد من قوة الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى المصرى، بما يضمن وجود سيولة دولارية تغطى احتياجات مصر من العملة، لاستيراد احتياجاتها من السلع الأساسية، واستكمال المشروعات القومية، وأكد أن المنحة تسهم أيضاً فى توفير فرص عمل جديدة، من خلال دعم المشروعات المختلفة، واستقرار العمالة المصرية داخل البلاد، وعدم اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية، التى تعانى منها كثير من الدول الأوروبية، وأوضح أن مصر وقَّعت بالفعل اتفاقية مع الاتحاد الأوروبى، لتعزيز إدارة الحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
«شعيب»: الاتحاد الأوروبي يعتبر مصر بوابة التجارة مع أفريقياوقال بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، إن حزمة المساعدات التى من المقرر أن يقدمها الاتحاد الأوروبى للدولة المصرية، لها مجموعة من الأسباب، وكلها فى النهاية مرتبطة ببعضها، ومن أبرز أسباب هذه المساعدات الاضطرابات التى تحدث فى الوقت الحالى بمنطقة الشرق الأوسط، وأبرزها الحرب الدائرة فى قطاع غزة. وأضاف، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن نظرة الاتحاد الأوروبى لمصر فى الوقت الحالى تغيرت بشكل كبير، فمن الناحية السياسية، يحرص الاتحاد الأوروبى على الشراكة مع مصر باعتبارها دولة محورية فى الشرق الأوسط، ومن الناحية الاقتصادية يعتبر مصر بوابة التجارة مع أفريقيا، بالإضافة إلى دورها فى منع الهجرة غير الشرعية، التى تؤرق الجانب الأوروبى فى الوقت الراهن.
وأضاف أن هناك أبعاداً اقتصادية أخرى للعلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبى، تتعلق بتصدير الغاز المسال، وهو ما ظهرت أهميته خلال عام 2022، عقب استخدام روسيا الغاز الطبيعى كعنصر ضغط على أوروبا، التى كانت تعتمد بشكل كبير على إمدادات الغاز الروسى، وقامت مصر بدور محورى فى توفير احتياجات القارة الأوروبية من الغاز، من خلال تصدير حوالى 8 ملايين شاحنة، بقيمة تبلغ حوالى 8.5 مليار دولار، إلى الاتحاد الأوروبى، كما يدعم اتفاق المنحة بين مصر والاتحاد الأوروبى المشروعات المتبادلة بين الجانبين، وهو ما يحقق فائدة للجانبين، من خلال زيادة الإنتاج والتصدير، وتحقيق فائض نقدى من العملات الصعبة.
«عزيز»: تخصيص تمويل جزئى للطاقة المتجددةمن جانبه، قال الدكتور ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمى، إن مصر لديها استراتيجية للطاقة المتجددة، تتضمن توسعات فى إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وفى معدلات استهلاكها واستخدامها، بنسبة تصل إلى 42% من المزيج الكلى للطاقة الكهربية بحلول عام 2035، وهو ما يحتاج إلى تمويلات ضخمة، وبالتالى فإن جزءاً كبيراً من تمويل الاتحاد الأوروبى سيتم توجيهه إلى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر، مثل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر الاتحاد الأوروبى شراكة استراتيجية شاملة السیولة الدولاریة الاتحاد الأوروبى من خلال حوالى 8 مصر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
مسؤول أوكراني يتحدث لـعربي21 عن الدعم الأوروبي والتوتر مع أمريكا
قال مستشار وزارة الداخلية الأوكرانية، أنطون جيراشينكو، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن بلاده لن تتمكن من الصمود في وجه روسيا بدون أوروبا، مؤكدا أن القمة الأوروبية التي عقدت في لندن الأحد، دليل على حاجة الطرفين للوحدة في وجه التحديات.
ومتحدثا عن توتر العلاقة مع أمريكا، قال جيراشينكو، إن الرئيس الأوكراني سيبذل قصارى جهده لاستعادة الحوار مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفا: " لقد ساعد الشعب الأمريكي في إنقاذ الشعب الأوكراني، وتسعى أوكرانيا والرئيس زيلينسكي إلى علاقة قوية مع الولايات المتحدة".
ويرى المسؤول الأوكراني أن توقيع اتفاق المعادن مع أمريكا يمكن أن يمثل الخطوة الأولى نحو ضمانات أمنية، لكن مجرد وقف إطلاق النار، بدون ضمانات أمنية، يشكل خطرًا كبيرًا على أوكرانيا، لأنه لا يضمن عدم تكرار الهجوم الروسي.
واختتمت في العاصمة البريطانية لندن، الأحد، قمة رفيعة المستوى ناقشت توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا وتحقيق سلام دائم فيها، شارك فيها قادة ووزراء من أوكرانيا وفرنسا وألمانيا والدنمارك وإيطاليا وهولندا والنرويج وبولندا وإسبانيا وتركيا وفنلندا والسويد وجمهورية التشيك ورومانيا.
تاليا نص حوار "عربي21" مع أنطون جيراشينكو:
ما الدور الذي تأمل أن تلعبه أوروبا كشريك استراتيجي لأوكرانيا في ظل التوترات الأخيرة في العلاقات مع الولايات المتحدة؟
تحتاج أوكرانيا وأوروبا إلى بعضهما البعض لضمان الأمن الدائم في القارة. لقد كانت أوروبا دائمًا ولا تزال الشريك الاستراتيجي لأوكرانيا. تمتلك أوروبا إنتاج الأسلحة، ومرافق التدريب، والموارد المالية لدعم أوكرانيا، بينما تقاتل أوكرانيا من أجل أمن أوروبا.
لن تتمكن أوكرانيا من الصمود في وجه روسيا بدون أوروبا، ولن تكون أوروبا آمنة بدون أوكرانيا. قوتنا في وحدتنا، وأعتقد أن قمة اليوم في لندن تُظهر أن القادة الأوروبيين يدركون ذلك جيدًا.
هل هناك جهود جارية لإصلاح العلاقة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي؟
سيبذل الرئيس زيلينسكي بلا شك قصارى جهده لاستعادة الحوار مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائد الشعب الأمريكي. لقد ساعد الشعب الأمريكي في إنقاذ الشعب الأوكراني، وتسعى أوكرانيا والرئيس زيلينسكي إلى علاقة قوية مع الولايات المتحدة.
تشعر أوكرانيا بامتنان عميق للولايات المتحدة على كل الدعم الذي قدمته.
لقد دار حوار متوتر بين الرئيسين، لكن بلدينا لا يزالان شريكين استراتيجيين. هناك حاجة إلى حوار صريح ومفتوح بين الجانبين لتوضيح الأهداف المشتركة.
العلاقات بين الرئيسين أكبر من مجرد علاقة بين زعيمين، فهي تعكس الروابط والعلاقات بين شعبينا.
سيظل الأوكرانيون ممتنين للأمريكيين على مساعدتهم.
كيف تقيّم التغير الأخير في موقف الولايات المتحدة تجاه الحرب في أوكرانيا؟ وما الأسباب وراء هذا التغيير؟
من وجهة نظري، لتحقيق سلام دائم، يجب أولًا وقبل كل شيء أن تغيّر روسيا وبوتين موقفهما من الحرب. وقف الحرب يعتمد على بوتين نفسه، وحتى الآن، لا يبدو أنه ينوي التوقف. لم يتم العثور على حجج مقنعة تجبره على ذلك أو تجبره على تقديم ضمانات أمنية مشتركة لأوكرانيا وسلام عادل ودائم. وقف إطلاق النار دون ضمانات أمنية يشكل خطرًا على أوكرانيا.
بوتين لن يقبل إلا باستسلام أوكرانيا، ولم يتخلَّ عن خططه لتدمير بلدنا.
لذلك، يبدو لي أن هذا هو السبب الذي أثر على موقف الولايات المتحدة: فقد تبين أن التفاوض على سلام مستدام هو مهمة أصعب مما كان الرئيس ترامب يتوقع.
لكنني أثق بأن السلام سيتحقق بفضل الجهود المشتركة.
هل هناك مقترحات داخلية يمكن تقديمها للولايات المتحدة بشأن خطة محتملة لوقف إطلاق النار وتسوية سلمية مع روسيا؟
يمكن أن يكون توقيع اتفاق المعادن الخطوة الأولى نحو ضمانات أمنية. لكن مجرد وقف إطلاق النار، بدون ضمانات أمنية، يشكل خطرًا كبيرًا على أوكرانيا، لأنه لا يضمن عدم قيام بوتين بقصفنا مرة أخرى.
إذا لم تستطع أوكرانيا الانضمام إلى الناتو، فنحن بحاجة إلى ضمانات أمنية فعالة من حلفائنا، وخاصة من الولايات المتحدة.
في ظل التطورات الحالية، هل تعتقد أن لقاءً مباشرًا بين الرئيس زيلينسكي والرئيس بوتين قد يصبح ممكنًا في المستقبل القريب؟ وأي دولة تعتقد أنها ستكون مناسبة لاستضافة مثل هذا اللقاء؟
سيكون هناك لقاء بين القيادة الأوكرانية والروسية عندما يكون هناك فهم واضح للضمانات الأمنية لأوكرانيا وشروط وقف إطلاق النار. أوكرانيا تريد سلامًا عادلًا ودائمًا، بينما يريد بوتين تدمير أوكرانيا وتحويلها إلى دولة تابعة لروسيا.
الأمر المهم هو منح أوكرانيا موقفًا قويًا في أي مفاوضات محتملة.
فيما يتعلق باتفاق المعادن بين أوكرانيا والولايات المتحدة، هل ترى أنه اتفاق عادل يخدم مصالح الطرفين، أم أن أحد الجانبين يستفيد أكثر من الآخر؟
بحسب ما أعلمه، فإن النسخة الحالية من الوثيقة هي اتفاق إطاري يحدد التعاون العام في هذا المجال.
بالطبع، هذا الاتفاق مهم باعتباره خطوة أولى نحو ضمانات أمنية، وأوكرانيا مستعدة لتوقيعه مع الولايات المتحدة، شريكها الاستراتيجي. ضمانات الأمن الفعالة لأوكرانيا هي المفتاح.
باعتبار أوكرانيا خط الدفاع الأول في أوروبا، هل تعتقد أن دوركم يتطلب التوصل إلى اتفاق خاص يعزز الأمن والدعم العسكري؟
تحتاج أوكرانيا إلى ضمانات أمنية قوية وموثوقة وفعالة. كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يجب أن تصبح أوكرانيا "نيصًا فولاذيًا لا يمكن ابتلاعه من قبل أي غزاة محتملين".
عندما تصبح أوكرانيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي، ستكون هذه الاتفاقيات موجودة تلقائيًا. وحتى ذلك الحين، أعتقد أنه يمكن توقيع مثل هذا الاتفاق.