لا يمكن أن تكون العدالة البشرية كاملة حتى في أحسن الأحوال، يظهر ذلك في وقائع كثيرة أدين فيها أبرياء بعقوبات ثقيلة، وفيما قضى البعض سنوات طويلة في السجون، أعدم آخرون.

إقرأ المزيد وجه ملائكي جاء من العدم

تكرار مثل هذه الأخطاء وخاصة التي تفضي إلى إعدام أبرياء، يدفع الكثيرين إلى مناصرة إلغاء عقوبة الإعدام من القوانين الجنائية، وذلك لأن مثل هذا القصاص نهائي ولا يمكن تصحيحه في حل ظهور أدلة قاطعة بالبراءة.

من بين أشهر القضايا المحزنة من هذا النوع ما جرى للمراهق الأمريكي ستيني جورج الذي أصبح أصغر من أُعدم في القرن العشرين.

حين أعدم بالكرسي الكهربائي كان عمر جورج 15 عاما، وكان أدين في قضية قتل طفلتين تبلغان من العمر 8 و11 عاما في عام 1944.

الجريمة ارتكبت في بلدة "الكولو" بولاية كارولينا الجنوبية، وكانت في ذلك الوقت يقسمها طريق للسكة الحديدية نصين، قسم يقطنه البيض والقسم الثاني للسود، وكان المراهق ستيني من هؤلاء.

كانت الأجواء مناسبة في أحد أيام شهر مارس في عام 1944، فقررت الطفلتان التنزه على دراجتيهما، إلا أن النزهة انتهت بمأساة وعثر على جثتيهما مرميتين في حفرة.

المحققون ذكروا أن الفتى جورج كان آخر من تحدثت إليه الطفلتان. لم تستمر المحكمة أكثر من ثلاثة أشهر، فيما اضطر والدا المراهق المتهم إلى الفرار من المدينة خوفا من الانتقام، وتركا ابنهما يواجه مصيرا وحيدا.

الشرطة أدلت بالشهادة الرئيسة في تلك المحكمة السريعة، وورد فيها أن المراهق اعترف بارتكاب الجريمة. وبعد مداولات استمرت 10 دقائق، قررت هيئة المحلفين إدانة جورج، وفي 16 يونيو 1944، جرت عملية إعدامه بواسطة الكرسي الكهربائي، وقيل إنه قبل ذلك بكى بحرقة!

بعد مرور 70 عاما، فتحت العدالة عينيها، حين تصادف أن أعيد فتح القضية من جديد، وكان ذلك في عام 2013 حيين ظهرت أدلة جديدة، على ضوئها تمت إعادة المحاكمة، وبالفعل حصل جورج الصغير على البراءة بعد الوفاة!

العدالة تصحح خطأها بعد 90 عاما:

الواقعة الثانية ضحيتا صاحب حانة في أستراليا يدعى ستيني جورج، كان أعدم شنقا في عام 1922 في قضية اغتصاب وقتل ضحيتها طفلة تدعى الما تيرشكي، وتبلغ من العمر 12 عاما.

الدليل الدامغ ضده كان يتمثل في خصلة من الشعر الأشقر عثر عليها على بطانية كانت على سريره، ونجح المدعي العام في إقناع المحكمة بأن صاحبة الشعر الضحية التي قتلت بعد اغتصابها.

 أصر روس على براءته وتمسك بها حتى النهاية، إلا أن ذلك لم يشفع له وصدر حكم بالإعدام ضده، نفذ بعد أربعة أشهر.

تصادف أن وضعت مواد القضية منتصف التسعينيات تحت تصرف الباحث المتخصص كيفن مورغان، وباستخدام الأساليب الحديثة في فحص الشعر، تأكد أن الخصلة لا تعود للضحية.

طالب أحفاد المدان الذي نفذ فيه حكم الإعدام في تلك القضية بالعدالة ومراجعة القضية، واعترف المدعي العام في ولاية فيكتوريا بأن لائحة الاتهام خاطئة، وأعيد الاعتبار إلى المدان البريء، بعد مرور 90 عاما!

الواقعة المماثلة الثالثة جرت ملابساتها في الصين، حين تعرضت سيدة في مرحاض عام بمدينة هو هوتو عاصمة منغوليا الداخلية، للاغتصاب والقتل، وكان ذلك في يناير عام 1996.

رجال الشرطة الجنائية في المنطقة احتجزوا على الفور رجلا يدعى هودزيلت، اعترف بارتكاب الجريمة، وأدين ثم أعدم في يونيو من نفس العام.

 بعد مرور نحو 10 سنوات، اعتقلت الشرطة قاتل متسلسل يدعى تشاو تشى هونغ، أعلن مسؤوليته عن 10 عمليات اغتصاب وقتل، بما في ذلك تلك التي أعدم فيها بريء. أعيد النظر في القضية رسميا في عام 1996، وفي ديسمبر عام 2014 تم إلغاء الحكم السابق، وعوض أقاربه بمبلغ 30 ألف يوان، وهو ما يعادل 5 آلاف دولار أمريكي، وطالت العدالة أيضا نحو 30 مسؤولا جرت محاكمتهم على خلفية هذه القضية.

أما الضحية الرابعة فقد كانت أكثر حظا. الواقعة جرت في بريطانيا في عام 1876، حين ألقت الشرطة القبض في لندن على ويليام هابرون وكان يبلغ من العمر 18 عاما بتهمة قتل شرطي.

المحكمة عدت الأدلة التي قدمتها الشرطة كافية لإدانة هابرون والحكم عليه بالإعدام شنقا، إلا أن اشتراط القوانين تنفيذ أحكام الإعدام فقط ببلوغ المدان 19 عاما، أعطى فسحة من الوقت، ما سمح باستئناف الحكم والنجاح في استبدال عقوبة الإعدام بالسجن مدى الحياة.

تصادف بعد عامين أن اعترف رجل من أصحاب السوابق ويدعى تشارلز بيس بقتل الشرطي. وبعد أن أدين مرتين وحكم عليه بالإعدام ثم بالسجن مدى الحياة، حصل هابرون أخيرا على حكم بالبراءة، وأطلق سراحه.

هكذا تدخل بالصدفة شرط "قانوني" في هذه القضية، وأصبح بالإمكان تصحيح خطأ العدالة، وإعادة الاعتبار للمدان ظلما، وهو حي يرزق!

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف فی عام

إقرأ أيضاً:

تأييد حكم الإعدام على قاتل الطفلة السودانية جانيت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أيدت محكمة جنايات مستأنف القاهرة ، حكم الإعدام الصادر من محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار سيد التوني، بمعاقبة المتهم بقتل الطفلة السودانية "جانيت" بالإعدام شنقا.
وكانت قد استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة في القضية والمتهم فيها «محمد. س»، عامل بمحل كشرى، بالقتل العمد مع سبق الإصرار، وقال ممثل النيابة: «جئت لقاعة المحكمة ‏حاملاً أمانة الدفاع عن المجتمع، ولم أحضر إلى محرابكم المقدس حكيماً، أوتى جوامع الكلام، بضمير ‏تنبض به الأمة، بهدف تحقيق العدل والعدالة وإرساء القانون».‏

وأضاف مُمثل النيابة العامة أمام المحكمة: «المتهم مجرم ليس ككل المُجرمين، لقد خرج عن نواميس الكون، وقف الشيطان حائراً من فعلته، وكان لسان حاله يا من جئت لأغويك لقد أغويتني، المتهم انتهك كل الحقوق، حقوق الجار والصغير والعرض والحق فى الحياة».‏
أوضح ممثل النيابة أثناء مرافعته: ««لقد رتع المُتهم في ضلالته، وأتى جرمه بكل خسة، مُتناسياً قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، يا له من يوم تحالف هذا المتهم وهو من شياطين الإنس مع شياطين الجن، ليهتك عرض طفلة بريئة».‏

وقال ممثل النيابة العامة، فى ختام مرافعته: «نُطالب بتطبيق أقصى عقوبة على المُتهم، وهى الإعدام»، مُستشهداً بالآية ‏الكريمة: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون».‏

أمرت النيابة العامة بإحالة المتهم بقتل الطفلة سودانية الجنسية في القضية رقم 5901 لسنة 2024 جنايات ثالث مدينة نصر إلى محكمة الجنايات المختصة، وذلك لمعاقبته فيما نُسب إليه من ارتكاب جرائم خطف المجني عليها وهتك عرضها وقتلها عمدًا، والمعاقب عليها بالإعدام.


تلقت النيابة العامة إخطارًا بالعثور على جثمان المجني عليها -التي تبلغ من العمر عشرة أشهر- بإحدى الحدائق العامة المجاورة لمسكنها، فبادرت بالانتقال لمعاينة مسرح الجريمة، ومناظرة الجثمان، وقد أبانت التحقيقات بسؤال والدي الطفلة، أن المتهم خَطف المجني عليها حال لهوها وشقيقتها أمام منزلهما، وتوجه بها إلى حديقة مجاورة، حيث قام بهتك عرضها، فلما تعالت صرخاتها قتلها خنقًا، وقد اعترف المتهم بالتحقيقات بارتكابه الواقعة وفق هذه الرواية، وهو ما تأكد بتقرير الصفة التشريحية.

مقالات مشابهة

  • طائرة خاصة تقود أكبر وفد عراقي إلى لبنان للمشاركة بتشييع نصر الله
  • موعد وكان جنازة حماة نيكول سابا.. ويوسف الخال: «رقدت بأسرارها»
  • أختي لم تنه حياتها| بكاء هستيري لشقيقة المصرية المتوفاة في الأردن
  • مصر.. الإعدام لشخصين من اليمن اعتديا على طفل صغير
  • الإعدام شنقًا لـ يمنيين بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل
  • تحقيق ميداني: الاحتلال أعدم زوجين مسنين بغزة بعد استخدامهما دروعا
  • تأييد حكم الإعدام على قاتل الطفلة السودانية جانيت
  • الأورومتوسطي: الجيش الإسرائيلي أعدم مسنا فلسطينيا وزوجته في حي الزيتون
  • بعد 25 عاماً.. جورج ويا إلى دوري أبطال أوروبا من جديد
  • ميثاء بنت محمد تقود «الإمارات» لنهائي كأس دبي الذهبية للبولو