موقع النيلين:
2025-04-24@09:53:30 GMT

هل للأمة قوات مسلحة أم للقوات المسلحة أمة؟

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT


حكمت قوى الحرية والتغير بسائر مسمياتها بأن فساد الأمر في بلدنا بدأ في 1989 وأنت رائح. وهو اعتساف للتاريخ وجرجرة له من يد المرء التي لا توجعه. ولا مانع مع ذلك من استيائهم السودان منذ ذلك التاريخ. ولكن يبقى السؤال إن كانوا أحسنوا فهم هذا القدر من التاريخ الذي اقتطعوه احتساباً. للأسف، لم يفهموه وكانت حربهم للإنقاذ بحكم عادة المعارضة المتأصلة فيهم لا فتحاً يبدأ ب”من أين جاء هؤلاء الناس؟” كموضوع للبحث لا استهوالاً أو قرفاً.

وحاولت خلال ثلاثة عقود أن أوطن سؤال من أين جاؤوا في هيبة البحث ورحمانه في حين لم يطلبوا منه سوى التأفف من الكيزان على مجيئهم إليهم على حين غرة ب” شنط الحديد”. ولما سقموا من سوقي لهم للحفر في البنية الاجتماعية والتاريخية للإحاطة بما هم فيه من مأزق اعتزلوني وتخلصوا مني بقولهم إنني معارضة المعارضة “مقطوع طاري” بما فيها من إيحاء عن نومي من العدو. ولا معارضة لمعارض عندهم حتى لو “ضرب ظهرك وأخذ مالك”.

وأنشر هنا بعض ما رغبت لهم التفكير فيه عن تركيب دولة الإنقاذ السياسي والاجتماعي والثقافي والمقارن ليعرفوا من أين جاءت. ولكنهم أضربوا عن التفكير من هول نظام اتحد فيه مكروهان من أعظم الشرور في نظرهم وهما الجيش والكيزان. والإطاحة بها معجلاً أولى ثم تصح البيئة للتفكير بعد الخلاص منهم. إلى المقال القديم:

لم يكن بروفسير العجب أحمد الطريفي يشير إلى القوات المسلحة إلا بـ “قوة دفاع السودان” وهو اسمها منذ نشأتها على يد الإنجليز. ثم أصبحت تُسمى الجيش السوداني بقرار حكم الفريق عبود، ثم سماها نميري قوات الشعب المسلحة (اختلطت التغييرات عليّ نوعاً ما). وكان تمسك العجب باسم “قوة دفاع السودان” نوعاً من الهذر و “التعوجز”.

لم يتغير اسم المؤسسة العسكرية عندنا فحسب، بل تحولت باطنياً إلى مؤسسة مترامية الأطراف. وأصبح كادرها البشري، بحكم احتلاله مراكز القرار والإدارة والتنفيذ في الساحة العسكرية والمدنية سواء بسواء زهاء ثلاثة وثلاثين عاماً، أوعى بالإشكال الوطني قياساً بطوائف أخرى من الصفوة المتعلمة. فإدارة العمليات والمخابرات والتموين والروح المعنوية خصّبت ونوَعت خبرات ضباط القوات المسلحة. ولهذا تنامت مؤسساتهم الأكاديمية العسكرية العليا وأصبحت مراكز شديدة للتنوير والأبحاث والتدريس. فإذا نظرت بالمقابل إلى ضباط الحكومة المحلية، الذين كانوا نوارة الخدمة المدنية يُديرون المجالس والمديريات مترامية الأطراف، تجدهم قد تدنوا إلى أصحاب كناتين يوزعون السكر والمعجون الصيني وسجائر ذات صندوق فضي. وهدم ذلك قامتهم بين الناس وغطَّى على خيالهم وتردَّى بخبراتهم.

القول بفصل القوات المسلحة عن السياسة تطبيقاً للشعار المأثور “إلى الثكنات يا عساكر” قول هين ساذج. فالقوات المسلحة خلال سنوات حكمها الطويل تمددت في المجتمع المدني ذاته ونَمَّت تقاليداً في الحكم أو سوء الحكم لا فرق. ولذا صح، ونحن على أعتاب الوفاق والسلام إن شاء الله (مما ذاع في وقت ما من الإنقاذ)، أن نُولي أدق عنايتنا لهذه المؤسسة الأساسية في حاضر حياتنا ومستقبلها. فقد أضحت فينا مثل قول أحدهم عن الجيش الجزائري. فقال القائل إنه إذا كان للأمم مثل إنجلترا قوات مسلحة فإن للقوات المسلحة الجزائرية أمة هي الجزائر. وأعجبتني كلمة أخرى عن منزلة الجيش الباكستاني الذي هو إما في الحكم أو عائداً إلى الحكم. فعلق أحدهم عن هذا الجيش بعد انقلاب جنرال المشرف الأخير قائلاً إن باكستان مثل بطل من أبطال كمال الأجسام ركَّز على ترييض جزءٍ من جسده (هو الجيش) في حين أهمل بقية الأجزاء (مؤسسات المجتمع المدني والحكم الشورى) حتى تضعضعت وتهاوت. وقواتنا المسلحة قريبة من هذا الوصف.

إن على المعارضة الموافقة للإنقاذ (وفيها قدر من الضباط الناقمين على القوات المسلحة أو الإنقاذيين بحق لإنهاء خدماتهم المتميزة باكرًا وبلؤم وهم الذين قرروا أن يعطوا عمرهم جنداً للوطن) أن يُحسنوا الحديث عن الجيش والنظر في سياساته، والتوقير للقوات المسلحة. فالمدنيون خلو الوفاض من خبرة الخطاب الحسن مع هذه القوات وقد تربوا على لعنها في المظاهرات وفي قعداتهم. وعليهم أن يقفوا على ثقافة القوات المسلحة إن أرادوا لها أن تبتعد عن الحكم وتقبل بإرادة المدنيين بشأن حربها وسلمها. وأضرب لذلك مثلاً. فقد حكى لي الدكتور أحمد الأمين البشير، أستاذ التاريخ بأمريكا، أن السفارة السودانية استضافت العقيد قرنق في سياق المساعي الجارية للسلام قبل قيام الإنقاذ. وتوافد السودانيون بروفسورات ودكاترة وطلاب دكتوراة وماجستير أو ماجستيراه (والكلمة الأخيرة من ابتكار الأستاذة عواطف سيد أحمد وزميلاتها اسماً للماجستير التي يطول مداها ولا يفرغ منها صاحبها، فتكاد تُصبح دكتوراة): مدنيون صر، الأعمى شايل المكسر، لسماع حديث العقيد قرنق عن السلام. ورأى أحمد الملحق العسكري للسفارة، العميد المك، ينفلت غاضباً من مكتبه، مديرًا ظهره للاجتماع، خارجاً من الباب. وتوقف ليقول لدكتور أحمد:
– يعني اتلميتو تسمعو كلام المتمرد ده.

فالعقيد الذي تقاطر المدنيون لسماع حديثه كزعيم لحركة سياسية هو في نظر زملاء سلاح له سابقين مجرد “متمرد”. صح حديث الملحق أم لم يصح، إلا أنه يكشف عن ثقافة للقوات المسلحة حري بالمدنيين معرفتها إذا أرادوا ثقة تلك القوات في المجتمع المدني الديمقراطي الذي ينشدون.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة للقوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

حزب المؤتمر: تحرير سيناء ذكرى خالدة تجسد بطولة الجيش المصري وحكمة القيادة السياسية

هنأ اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول عبدالمجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وقادة وضباط وجنود القوات المسلحة الباسلة، وكافة أبناء الشعب المصري، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء.

وأكد الدكتور رضا فرحات في بيان له أن هذه الذكرى العطرة تظل محفورة في وجدان الأمة المصرية، حيث تجسد أسمى معاني البطولة والتضحية والفداء مشيرا إلى أن الخامس والعشرين من أبريل ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو يوم تاريخي خالد يشهد على عظمة مصر وقدرتها على تجاوز التحديات واستعادة حقوقها المغتصبة.

وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن تحرير سيناء يمثل بحق ملحمة وطنية متكاملة، جمعت بين البطولة العسكرية الفذة للقوات المسلحة المصرية، وبين الحكمة السياسية والقيادة الرشيدة التي قادت مسيرة النضال حتى تحقيق النصر مؤكدا أن هذا اليوم يمثل انتصارا لإرادة الشعب المصري الذي وقف صفاً واحداً خلف قيادته وجيشه العظيم.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تواصل مسيرة البناء والتعمير في سيناء الحبيبة، حيث تشهد تنمية شاملة غير مسبوقة في كافة المجالات لافتا إلى أن المشروعات العملاقة التي تنفذها الدولة في سيناء تؤكد أن هذه الأرض الغالية أصبحت نموذجا للتنمية المستدامة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن مصر ستظل قلعة شامخة وصخرة صلبة في وجه كل التحديات، بفضل تضحيات أبنائها البواسل وقوة قواتها المسلحة التي هي درع الأمة وسيفها المسلول مؤكدا أن أبطال القوات المسلحة كتبوا بدمائهم الطاهرة تاريخا من البطولة والإخلاص سيظل محفورا في ذاكرة الأمة جيلاً بعد جيل داعيا الله أن يحفظ مصر وشعبها وقادتها، وأن تظل دائما وأبدا دار أمن وسلام.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس حزب المؤتمر: تحرير سيناء ذكرى خالدة تجسد بطولة الجيش وحكمة القيادة
  • حزب المؤتمر: تحرير سيناء ذكرى خالدة تجسد بطولة الجيش المصري وحكمة القيادة السياسية
  • الجالية السودانية بجنوب أستراليا تنظم فعالية “عافية السودان” دعماً للقوات المسلحة
  • حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء
  • المؤتمر يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء
  • القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء
  • القوات المسلحة تهنئ الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء: يوم مجيد من الكبرياء الوطني
  • القوات المسلحة تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى الـ 43 لتحرير سيناء
  • القوات المسلحة تدفع بلجان تجنيدية إلى شمال سيناء لإنهاء مواقف ذوي الهمم وكبار السن
  • القوات المسلحة تدفع لجان تجنيدية لشمال سيناء لإنهاء مواقف ذوي الهمم وكبار السن