أتابع بشىء من الشغف برنامج نور الايمان الذى يقدمه المفتى الأسبق الدكتور على جمعة وكتبت فى هذه الزاوية إشادة بفكرة البرنامج التى تقوم على المواجهة والمناقشة لأكثر الأسئلة صعوبة، خاصة عندما تأتى هذه الأسئلة من أطفال وشباب حديثى السن يطرحونها على عالم موسوعى مثل الدكتور على جمعة، لديه القدرة على التصدى بالاجابة عن أى سؤال مهما بلغت صعوبته، الدكتور على جمعة يتعامل بقاعدة لا حياء فى الدين.
فى حلقة أول أمس تلقى الدكتور على جمعه سؤالاً من طفلة تسأل هل من باب الحلال أن يترك الرجل شعره ويربطه ذيل حصان أو يجعل منه ضفيرة؟ وهنا كان الرد غير المتوقع من الدكتور على جمعه أنه من المباح للرجل أن يربط شعره ذيل حصان ويربطه «بتوكة».. بل وأضاف أن الرسول كان لديه ضفيرة فى شعره، ويجوز للرجل أن يجعل بشعره ضفيرة أو اثنتين.. لم يتوقف الدكتور على جمعة عند المباح ولكنه ربط بين ما هو مباح فيما يتعلق بشعر الرجل بالمتاح فى هذه الوقت، وقال إن من يقدم على المباح لا بد وأن يراعى الصدمة لدى المجتمع إذا كان المباح غير متاح بمعنى مراعاة تقاليد رسخت فى المجتمع تنظر إلى الأمر بعين الاستنكار، وترى طول الشعر وتضفيره أو عمل ذيل الحصان هى اشياء حصرية للنساء، ما يهمنى هنا هو أن الدكتور على جمعة لم يحاول التغطية فى إجابته على ما هو مباح حتى ولو تعارض مع ما استقر فى يقين المجتمع ووضع ضابط مراعاة هذه التقاليد.
برنامج نور الدين يجب أن نأخذه متكاملاً بعيدًا عن اجتزاء معيب يخرج ما يقصده الشيخ عن سياقه، وروحه إلى شىء آخر بغرض التقليل من قيمة التعاطى بإيجابية مع أسئلة تدور فى ذهن الصغار، بل إن قاعدة المباح والمتاح التى تحدث فيها الشيخ تنهى كثيرا من الجدل حول بعض المسائل التى تستخدم احيانًا فى الطعن فى الدين نفسه، على اعتبار أنه احيانًا لا يجيب عن اسئلة تشغل بال الناس فى العصر الحديث، وجعل قاعدة المتاح تعلو حتى على المباح بالدين.
وهذه القاعدة لا تنطبق بالضرورة على الممنوع قطعى الدلالة فى الدين، فليس مع هذا متاح يعلو وانما الحلال بين والحرام بين.
خلاصة القول تجديد الفتوى وإخراجها من قالب الجمود هو الطريق الصحيح الذى يحصن العقول من الانغلاق ومن الانحلال فى نفس الوقت،
أتمنى استمرار برنامج نور الدين إلى ما بعد رمضان، وأتمنى أكثر إقامة زخم حوله ومناقشات جادة من علماء بوزن الدكتور على جمعة لمناقشته فى هذه الآراء، وليكن فى حلقة بعد عدد من الحلقات المخصصة للشباب والأطفال، وتكون الحلقة المقصودة خاصة بعالم آخر يتولى مناقشة الدكتور على جمعة وتكون النتيجة هى تثبيت رأى الدكتور على جمعة أو الخروج برأى آخر، وبهذا تكون لدينا فتاوى موثقة صالحة لكل زمان ومكان وتكون مقدمة تجديد الخطاب الدينى بشكل عام.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نور الايمان الدكتور علي جمعة الأسئلة صعوبة الدکتور على جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يقدم نصيحة ذهبية لترتيب الأولويات
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ترتيب المسؤوليات يبدأ بترتيب المهم فالأهم، ومن أهم ما ينبغي البدء به: التعليم والتدريب؛ فثمة فرقٌ كبير بين العِلم والتدريب.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان التدريب يُنشئ لديك ملكات ومهارات، أما التعليم، فيُنشئ لديك معلومات، وذكاؤك إنما يكون على قدر قوة ربط هذه المعلومات، بل إن أحد تعريفات الذكاء هو: قوة ربط المعلومات.
وأشار الى انه إذا جمعت بين الكفاءة، والعلم، والتدريب، والذكاء، فقد امتلكت عناصر النجاح والتقدم.
وفي ترتيب أولوياتك، لا تغفل قضية الوجود الكبرى، لأن حياتك تدور حولها، وغايتك من خلالها، فلا تنسَ ربك، ولا تنسَ كيف تتصل به.
فلا تحرم نفسك من الدعاء لله رب العالمين؛ وقد قال النبي ﷺ: «الدعاء هو العبادة».
ولا تحرم نفسك من الصلاة، ولا من الذكر، ولا من الخلوة مع الله، والتدبر، والتأمل، والانفراد به سبحانه.
كان المسلمون، عبر تاريخهم، يفكرون قبل أن ينشطوا؛ يفكرون بهدوء، وسكينة، وبودٍّ، ومحبة، ثم يسلكون، ثم يتكلمون، ثم يعملون.
وقد نبّه الفيلسوف الفرنسي رينيه جينو (عبد الواحد يحيى) إلى أزمة هذا العصر حين قال: "النشاط قد سبق الفكر".
إنها مصيبة كبيرة: أن نعمل قبل أن نفكر.