ـ قيس اليوسف: التعريف بأهمية القطاع والمشاريع سترى النور خلال المرحلة القادمة

ـ عائشة السيفية: ممكنات وفرص استثمارية ستجد طريقها إلى التأطير واستخراج التصاريح

رعى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب صباح اليوم ختام حلقات العمل التطويرية للصناعات الثقافية والإبداعية والتي نظمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات (نزدهر)، والتي شارك فيها ما يقارب 235 مشاركا ومشاركة خلال الفترة من الـ 25 من فبراير الماضي وحتى الـ 7 من مارس الجاري وأقيمت حلقات العمل في مركز عمان للمعارض والمؤتمرات.

وخرجت الحلقات بـ3 مشاريع بقيمة استثمارية قدرها 15.4 مليون ريال عماني، و8 فرص استثمارية بقيمة 19 مليون ريال عماني، أما عدد الممكنات التي خرجت منها فقد بلغت 20 مبادرة تمكينية.

فرص مستقبلية

وأكد معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار رئيس اللجنة التسيرية الثاني للبرنامج التطويري للاستثمار في قطاع الصناعات الإبداعية والثقافية بأن حلقات العمل كانت حافلة بالعديد من النقاشات والحوارات والجلسات الإبداعية التي أثرت بالأفكار الإبداعية المختلفة وكان لها الأثر الطيب في تنوع الأفكار وحلحلة التحديات وبناء ممكنات صلبة، ستساهم في دعم مسيرة العمل الابداعي في سلطنة عمان.

وأضاف: "لقد حرص القائمون على الحلقات التطويرية خلال المرحلة الماضية من استضافة عدد من المعنيين بالشأن الثقافي والإبداعي في سلطنة عمان وخارجها، وتمت الاستعانة بالعديد من الجهات ذات الشأن بالمشاريع الإبداعية من مؤسسات وأفراد، بالإضافة إلى الأكاديميين والباحثين، وبيوت الخبرة للوصول إلى النتائج المرجوة من المشاريع الاستثمارية التي تم إعلانها والتي سترى النور خلال المرحلة القادمة، حيث استطعنا من خلال هذه الحلقات جذب عدد من المشاريع وعرض الفرص في هذا القطاع، تأكيدا على أهمية هذا القطاع والفرص المستقبلية".

وتابع: "ستواصل فرق العمل طريقها خلال المرحلة القادمة لتعظيم النتائج ومتابعة تحقيقها بشكل أكبر، حيث إن أهم ما تم التوصل إليه في هذه الحلقات الوصول إلى تعريف لقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية ومعرفة أهميته من حيث الفرص الاستثمارية التي قد يوفرها إضافة إلى فرص العمل التي من الممكن أن يولدها هذا القطاع للشباب والشابات العمانيين، وحوكمة القطاع وإيجاد ترابط وتكامل بين الجهات المعنية به وتحديد بعض الممكنات المطلوبة للنهوض بهذا القطاع، متطلعين إلى ترجمتها لتكون منسجمة مع أهداف الاستراتيجية الثقافية وتحقيقا لرؤية عمان 2040".

أثر اقتصادي كبير

وفي كلمة لمقدمة الفريق الفني الاستثمار في الصناعات الإبداعية عائشة السيفية أكدت على أنها مخرجات عامٍ من العمل الدؤوب المكثف الذي بدأ داخل قاعات العصف الذهني في وزارة الثقافة والرياضة والشباب مع فريق الوزارة وفريق المحللين الاستثماريين في البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات (نزدهر)، والذي أكمل في المختبر وسيواصل العمل عليه في قادمِ الأيام.

وسردت السيفية خلال حديثها قصة المختبر التي بدأت بإعداد استراتيجية التطوير والاستثمار للصناعات الإبداعية العُمانية فكان الفريق الذي ضم المحللين الاستثماريين، وخبراء القطاع، ومصممي الأزياء، ومصممي المجوهرات والأكاديميين، والمستثمرين والقانونيين، ومديري المشاريع لجعل الصناعات الإبداعية في عُمان قطاعا استثماريا "نؤمن جميعاً أنه لم يُكتشَف بعد".

وذكرت السيفية الأولويات الخمس التي ارتكز عليها المختبر بعد التوافق مع أصحاب المصلحة والقطاع وبالتماشي مع توصيات الدراسة الاستشارية والتي تمثلت في التكنولوجيا الإبداعية، التراث، صناعة الأفلام، التصميم والأزياء.

وتابعت: "فعّلنا ثلاثة محاور قسّمت إليها فرق العمل شاملةً، وهي المشاريع الاستثمارية مع المستثمرين الجاهزين برؤوس أموالهم وخرجنا فيها بثلاثة مشاريع تجاوزت قيمتها الاستثمارية 17 مليون ريال عُماني، والممكنات: بشقها الإجرائي والتشريعي والتنظيمي والتنفيذي، والفرص الاستثمارية التي ستجد طريقها إلى التأطير واستخراج التصاريح من قبل الجهات المعنية بقيمة تتجاوز 18 مليون ريال عُماني".

مؤكدة على الأثر الاقتصادي الكبير للقيمة الاستثمارية للمشاريع والفرص البالغة 30 مليون ريال حيثُ إنّ المهارات العاملة فيها ستوفر وظائف عمل للنساء وتفتح الطريق لعدد غير قليل من الباحثات عن عمل والمشاريع المنزليّة التي تدعم البيوت العُمانية اقتصاديا أيا كان موقعها الجغرافي في عُمان حسب تعبيرها.

وأشارت إلى أن الرؤية لهذا القطاع هو الخروج من التمركز في العاصمة واستقطاب المبدعين والمستثمرين إلى رقع واسعة من سلطنة عمان، وقالت: "خرجنا بمقترح مركز تصميم المجوهرات ليكون في قلب نزوى ومركز التجارب الثقافية ليكون في صحار وبهلا ونزوى وقرية الأفلام في خزائن ببركاء ومركز الواقع الافتراضي في مدينة العرفان وعمدنا إلى خصخصة الكثير من الأصول مثل المجمع الثقافي في نزوى إيماناً منا بأهمية إشراك المحافظات في هذا الحراك الاستثماري النشط".

الفرص الاستثمارية

ومن الفرص الاستثمارية التي خرجت بها الحلقات إنشاء قرية الأفلام كمشروع نوعي في سلطنة عمان لتلبية الطلب المتزايد على المحتوى والإنتاج مع تقديم تجارب ترفيهية جديدة من خلال السياحة السينمائية، على سبيل المثال: (سنغافورة ميديابوليس) هذه الفرصة تهدف إلى: حل مشكلة نقص المرافق ووجود المنتجات السينمائية المحلية والدولية في مكان واحد، وستضم القرية استوديوهات كبيرة (داخلية وخارجية)، واستوديوهات صغيرة مزودة بقدرات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي/الواقع المعزز والتأثيرات البصرية، بالإضافة إلى مساحات مساعدة ومساحة لحلقات العمل ومكاتب ومواقع خارجية خاصة للتأجير، وفندق ثلاث نجوم يضم حوالي 100 غرفة فندقية وستصبح قرية الأفلام شريًكا أساسًيا للجنة العمانية للشاشة والتلفاز في المستقبل عند الترويج للسلطنة كوجهة إقليمية للتصوير ومركزا للسياحة السينمائية.

إلى جانب فندق بوتيك للفنون الإبداعية ويتمثل في تعزيز عرض السياحة الثقافية في سلطنة عمان من خلال تجربة ثقافية متعمقة - تستهدف السياح الدوليين والإقليميين والمحليين الذين يبحثون عن تجارب إبداعية غامرة، حيث يقدم الفندق فرصة استثمارية للقطاع الخاص - يمكن أن يجمع الصناعات الثقافية والإبداعية مع الهوية والتراث والحرف اليدوية والابتكار والتصميم المعاصر
ورواية القصص، على سبيل المثال: أرتوتيل لندن باترسي باور ستي وفايف آرمز في المملكة المتحدة، والهدف من ذلك هو تحقيق رؤية عمان 2040 من خلال تطوير مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من خلال السياحة الثقافية وتطوير جامعة جنوب المحيط الهادئ في سلطنة عمان كوجهة سياحية ثقافية في دول مجلس التعاون الخليجي.

أما مركز المجوهرات المبتكرة فيشمل مساحة للصناعة الحرفية والحديثة بالإضافة لمعارض ومساحة عمل وبرنامج تنمية المهارات، ويلتمس هذا المركز ملامح من عدة أمثلة عالمية كمركز جولد سميث في لندن واستوديو المجوهرات الإبداعية CJS في سنغافورة. ويهدف المركز إلى توفير كتلة كافية من المعدات والأدوات والتكنولوجيا والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية عمان 2040 من خلال رفع مهارات رواد الأعمال في الصناعات الثقافية والإبداعية وتطوير ورفع مجتمع الحرف التقليدية من الجانب المهني واحتضان مجموعة جديدة من المواهب للحرف المعاصرة.

بينما يتمثل مركز عمان للأزياء في إنشاء مصنع يعمل على البحث والتطوير في مجال الأزياء عن طريق مساحات تعاونية وحاضنة للبحث والتطوير، بشراكة بين القطاعين العام والخاص. وكونه علامة تجارية مميزة بهوية وطنية واستوديو للأزياء يصنع منتجات عالية الجودة مع التركيز على التراث العماني. ومن المشاريع المماثلة: معهد الأزياء والنسيج في لندن و Fashion for Good في أمستردام.

وإلى جانب هذه الفرص الاستثمارية خرجت الحلقات التطويرية بمقترحات مثل مركز الواقع الافتراضي، ومركز التجارب الثقافية ومركز ابداعي متعدد الاختصاصات ومركز الابداع الرقمي.

الممكنات

كما خرجت بمجموعة من الممكنات تمثلت في عدد من المبادرات منها: مبادرة برنامج إقامة الفنانين والمبدعين، ومبادرة لجنة عمان للأفلام، ومبادرة استضافة المؤتمر العالمي للاقتصاد الإبداعي في 2026، ومبادرة تطوير قطاع الإبداع الرقمي - مركز الإبداع الرقمي، وتطوير روزنامة فعاليات عمان، وبرنامج مهارات قطاع الفعاليات، وتوحيد تراخيص الفعاليات- واستمارة الخدمة الموحدة، ومبادرة أسبوع مسقط للأزياء، ومبادرة برنامج تطوير قطاع الأزياء في سلطنة عمان- مركز عمان للأزياء والمنسوجات، واستراتيجية قطاع الترفيه والفعاليات، ومبادرة البرنامج التطويري للترفيه والفعاليات، ومبادرة منصة ترويج الصناعات الثقافية والإبداعية محليا ودوليا، ومبادرة إطار عمل لتعليم المهارات الإبداعية، ومبادرة برنامج القيادة في الصناعات الثقافية والإبداعية، ومبادرة الحملة التوعوية للصناعات الثقافية والإبداعية في سلطنة عمان، ومبادرة مركز الصناعات الثقافية الإبداعية في المحافظات، ومبادرة تحديد مهن وأنشطة الصناعات الثقافية والإبداعية وتحسين نظام جمع البيانات، ومبادرة تمويل قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصناعات الثقافیة والإبداعیة الفرص الاستثماریة الاستثماریة التی فی سلطنة عمان خلال المرحلة ملیون ریال ع هذا القطاع من خلال

إقرأ أيضاً:

الملامح الإبداعية لـ «قمر 14 وقصص أخرى» لأصيل سلامة من رفح

«اليوم هو أول يوم أشرب فيه كوب ماء بارد منذ حوالي 7 أشهر، شعرت أن الماء يسلم على كل خلية في جسدي» من «نص ماء» صفحة 18. هي إذن قيمة الأشياء العادية المتوفرة بما وهب الله الأرض حين يسلبها الغزاة فيعطش البشر. وهي علاقة الإنسان مع مكانه وممتلكاته كما في نص «أول أيام النزوح» صفحة 92: «أما أنا فكنت أرتكز في المقعد الخلفي على جرة الغاز وبين يديّ جهاز الضغط الخاص بأبي، وطقم عزيز على أمي». وهي وجود من يبيع الورد في غزة: «ورد يا حلوة» كما في صفحة 28، وهو الحنين في «ليلة العيد» صفحة 25، والصفحة التالية في نص «صباح العيد»، وهي اللقاءات مع من نزحوا ونزحن، في نص «مفاجأة» صفحة 30، وهي تذكر لجوء عام 1948، كما في نص «البيت» صفحة 89 وهو الحنان على الأطفال في أكثر من نص منثور في المجموعة.

هو وهي، هما وهن، في تلك الأرض التي أريد لها الموت فازدادت حياة، تذكرنا بمشاهد تمسك جذور الزيتون في الأرض حين يخلعها الطغاة.

87 نصا، تقريبا نص في كل صفحة، للأديبة الشابة أصيل سلامة من رفح في قطاع غزة، أثبتت فيها الكاتبة على إرادة الوجود، وكيف قلب الفلسطينيون هرم ماسلو حين انتصروا لوجودهم المعنوي، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

وتفسير شكل النصوص التي بين أيدينا وهويتها، مرتبط بتفسير المضمون والحالة الشعورية وحالة الحياة في الحرب بشكل عام من جهة، وبين بدايات الكتاب والكاتبات. والظن إذن من وضع كلمة قصص في اسم المجموعة، هو الطموح باتجاه القص وربما التفرغ له.

نصوص كثيرة بالعشرات توزعت بين أجناس أدبية كالقصة، واليوميات، والنص الأدبي الفكري، والخاطرة. ويبدو أن الكاتبة متجهة في كليتها نحو القصة، مختارة القصة القصيرة جدا. وللكاتبة الشابة أن تبدع ما شاءت وهي في الطريق إلى اكتسابها الشكل الذي تجد نفسها فيه، والذي يعبر عن مضامينها. ولعلنا نجد أن في هذه المجموعة ما يؤكد إيثارها لشكل القصة، خاصة أننا قرأنا عددا منها اتسمت بالإبداع فعلا. لذلك ليس من الضرورة أن نقف عند شكل النصوص، بقدر الوقوف عند ما هو إبداعي.

ملامح إبداعية:

أولى هذه الملامح، سرد الكاتبة لحدثين زمنيين أو مكانين أو هما معا، تبدأ بنصها بوصف ما، ثم تصدمنا في نهاية عدد من النصوص. منها: نص «حياة» صفحة 12، وصف لما خلف الأسوار، مكررة ظرف «خلف» ثلاث مرات، لتصوير الحياة العادية، ثم لتصدمنا في آخر عبارة: «داخل هذه الأسوار طفل يدقّ مسامير طفولته وتدا لخيمة قد نزح إليها قبل أشهر معدودات».

ومنها نص «ليل» صفحة 24: «النهار يحرق كل طاقتها فتتوسل الليل كي يحنو عليها علها ترتاح فيه... أما هي التي ظلت تتقلب في الفراش فلم يكن لها من مفرّ سوى انتظار النهار»، في مفارقة قاسية، حيث تهرب من النهار القاسي لعلها ترتاح في الليل الذي حينما يأتي بقسوته فإنها تلوذ بالنهار الأقل قسوة.

وفي نص «عروس» صفحة 33: «تلك العروس قضت ليالي ترطب قدميها كي تغري فارسها بنعومة مثيرة، ولم تكن تعلم أن ساقها ستكون أول فرائس الحرب المشؤومة» ص33. وتتكرر المفارقة الموجعة مرة أخرى حين تفاجئ الحرب العروس.

وفي نص «ضياع» صفحة 32، «وبعد الوصول إلى البيت اكتشفت أن بيجامتها قد سقطت منها»، حيث يعمق ضياع ما اشترته حالة الاستلاب. كذلك في نص «جدران» صفحة 46: «وتستوقفها عناقات الجدران، وفي لحظة لا جدران ولا هي ولا هو ولا جدران».

كذلك في نص «زنزانة» صفحة 42، يختتمه «جثة هامدة بملابس ملونة، هكذا صار بعد أن خرج من زنزانة الحبس الانفرادي بعد ثلاثين عاما». وفي قصة «أسير» صفحة 43، «وفي اليوم الموعود صباحا جاءه نذير يبلغه أنه قد فقد آخر فرد كان ينتظره: أمه». وهما نصان بعيدان عن الموضوع العام الموجود في النصوص، وهو موضوع الحرب.

أما الملمح الثاني فكان في فواتح الفصول، حيث اختارت الكاتبة الشابة ثلاث عبارات تعبر عن التحولات في الحرب:

في بداية الفصل الأوّل، كتبت «في الصباح، كانت الحافلة تأخذني من بيتي في الجنوب إلى الجامعة في الشمال». وفي بداية الفصل الثاني كتبت: «في المساء كانت الحافلة تعيدني من باب الجامعة في الشمال إلى بيتي في الجنوب».

في الفصل الثالث، كتبت: «لم تعد هناك حافلة ولا جامعة ولا رفيقات دراسة. أنا الآن في خيمة من خيام النازحين».

لقد تعلقت العبارتان الأولى والثانية بالحال من قبل حيث التنقل بين شمال القطاع وجنوبه، فيما تعلقت الثالثة بما صار من تقطيع للبلاد، وتدمير للجامعة وتفرّق الطالبات.

أما الملمح الثالث، ولعله الأكثر إبداعا الذي كشف لنا موهبة الكاتبة أصيل سلامة، فهو العمق في الرؤية الإنسانية للشخصيات بعيدا عن التنميط، حيث قدمت شخصيات حقيقية، بما فيها من نوازع إنسانية طبيعية.

مثال ذلك نص «حرص» صفحة 73، «أمسكت يد ابنتها بخوف وحرص شديدين لتحذرها من الشباب؛ فكم أوقعوا البنات في شباكهم وأضمرت في نفسها: «حتى أنا»..»

كما ظهر العمق هنا من خلال مفارقة ذات بعد نقدي ساخر كما في نقد الصحفي المتكرش في نص «جوع» صفحة 55، «أطعمني أولا وبعد ذلك أجيبك».

وفي نص «معلمتي» صفحة 59: «معلمتي التي كانت تكتب دوما في خانة حكمة اليوم: بلادي وإن جارت علي عزيزة... قرأت اليوم اسمها في أول صفحات سجل المهاجرين».

أما الملمح الرابع، فيتعلق بالكتابة من حيث هي كتابة إبداعية ممتعة وجميلة، ولعلنا هنا نختار بضع نماذج، كما في نص «ماء» صفحة 31، حيث يشكل وصف الطفلة التي تلعب بالماء، وصفا في اللاوعي لرغبة الساردة بالانطلاق.

أما في نص «فستان» صفحة 50 عن المرأة الخمسينية التي «انتزعته من بين الفساتين، وقالت بتصميم كما لو أن الفستان سيعيد لها شبابها: سأرتديه الآن»، فهو نص يعبّر فعلا عما داخل النفوس التي تحاول استعادة الفرح ولو على سبيل الحلم.

كذلك كان نص «رغبة» صفحة 66، نصا جميلا في التعبير، بما يحقق الحاجة الإنسانية بصدق. وفي نص «سحاب» صفحة 41 نص إبداعي فعلا، عن ضحكة مساعدة الزبائن من امرأة سمينة، ليتوقفن، ولكن يعدن جبرا عنهن «وفجأة انفتق السحاب معلنا سخرية لا يمكن كتمانها»، حيث يكشف جوانب من حياة النساء.

آخر هذه الملامح، والتي تم نثرها خلال المجموعة، هي شخصية «الجد»، الذي تتواصل معه واقعيا وأدبيا، الذي يبدو مثل ملاكها الحارس والملهم، والذي ظهرت في صوره مشاعر إنسانية متنوعة. لقد شكل ورود الجد هنا ظاهرة ما، كأنها تروي له، وتستحضره فيما تكتبه وتعيشه.

في الشكل، نلاحظ أن الناظم بين عدد من النصوص، خاصة في الجزء الأول والثاني بدرجة أقل والثالث بما هو محدود، هو هذه الحرب، وهذا يعني أنه كان عليها اختيار هوية للمجموعة بشكل عام، دون أن تدخل فيها نصوص بعيدة عن المضمون حتى ولو كانت نصوصا إبداعية كما سيتلو الحديث.

ثمة لغة غير متكلفة، بعيدة عن الإغراق في الجماليات التي تسطو على السرد بدون داع، في الوقت الذي لمحنا الأسلوب الأدبي الجميل من خلال البيان والمحسنات البديعية التي جاء ورودها سلسا غير متكلف.

وأخيرا، فلعل الكاتبة تقرأ ما كتبنا في الملمح الثالث من ملامح الإبداع لديها، وهو ما يلفت نظر النقاد، وهو المرتبط بعمقها في الرؤية الإنسانية للشخصيات بعيدا عن الصور الجاهزة، حيث تستطيع هنا الإضافة للأدب، بما تقدمه من شخصيات حقيقية بصدق فني وإنساني. لذلك فسيكون عليها في كتابها القادم الحرص في اختيار النصوص، فقد حفلت المجموعة بعدد كبير من النصوص التي جعلت هناك تفاوتا في المستوى، ما يؤثر سلبا على مجمل العمل.

*وقعت نصوص قمر 14 في 103 صفحات من القطع المتوسط، عن مكتبة كل شيء/ حيفا 2024، تصميم شربل إلياس.

مقالات مشابهة

  • السلامة في العمل: ما هي دول الاتحاد الأوروبي التي تشهد أكبر عدد من الوفيات والإصابات في مكان العمل؟
  • الملامح الإبداعية لـ «قمر 14 وقصص أخرى» لأصيل سلامة من رفح
  • وزير العمل يعلن عن 61 فرصة عمل بالأردن.. مهن متنوعة
  • طارق الجيوشي: عمال مصر عصب التنمية في الجمهورية الجديدة
  • 61 فرصة عمل للمصريين بالأردن.. موعد التقديم والتخصصات المطلوبة (تفاصيل)
  • الهيئة العامة للصناعات العسكرية تنظّم مشاركة الجناح السعودي في معرض أثينا الدولي للدفاع والأمن “DEFEA”
  • 100 مليون ريال قيمة 18 اتفاقية استثمارية في "اليوم اللوجستي"
  • الشعب الجمهوري: عيد العمال مناسبة لتجديد العهد على مواصلة البناء
  • 29 شركة من «تصديري الصناعات الغذائية» تنطلق إلى جنوب أفريقيا لجذب أسواق جديدة
  • وزير الإنتاج الحربي: دعم كبير من القيادة السياسية لتطوير الصناعات وتوطين التكنولوجيا