بوابة الوفد:
2025-03-04@12:47:38 GMT

وعند الله تجتمع الخصومُ

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

قبل أيام أعلن الادعاء العام فى سويسرا توجيه الاتهام للسياسى السورى السابق رفعت الأسد لمسئوليته عن مذبحة مدينة حماة، والتى مر عليها أربعون سنة، وراح ضحيتها نحو عشرة آلاف إنسان.
وقطعا فإن هذا الإجراء شكلى، لأن المتهم عاد بالفعل إلى بلاده، بعد سنوات طويلة قضاها بين منفى وآخر على إثر خلافه مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، ولأن عمره اقترب الآن من التسعين عاما.


وفى كل الأحوال فقد عودتنا الدوائر الغربية على مثل هذه المحاكمات الشكلية التى قد يكون وراءها أغراض سياسية أخرى، ففيما مضى رأينا دعاوى مثيلة ضد الجنرال الجزائرى خالد نزار، ومن قبله ضد رجل الأمن المغربى محمد أوفقير، وغيرهما الكثير من المسئولين والقادة العرب.
وقد يقول قائل، ومعه الحق إن مثل هذه القضايا ليست انتصارا للعدالة فقط، وفى الأغلب فإن وراءها ضغوطا وأغراضا غير نزيهة، وإلا فمَن حاكم الجنرالات الإسرائيليين المسئولين عن المذابح وعمليات الإبادة العلنية ضد الفلسطينيين على مدى أكثر من نصف قرن؟
لكن على أى حال، فإن ذلك لا يعنى أبدا أن المذابح مختلقة، وأن المتهمين أبرياء، وأنهم ضحايا تلفيق غربى استعمارى مؤامراتى. وليس هناك مبرر مانع للشعور بالازدراء تجاه كل مَن اقترفت يداه بدم الأبرياء فى معارك من أجل حُكم أو سلطة أو مكسب، شرقا أو غربا، حديثا أو قديما، حيا أو ميتا، فجرائم الدم لا تسقط بالتقادم، وضحايا الظلم لا يعوضهم شىء.
ولقد عودنا التعمق والتدبر فى قراءة التاريخ أن كثيرا من القتلة يفلتون بجرائمهم، وأن بعضهم قد يحقق أمجادا ظاهرية، وأن صور البعض تزدهر، وأن مكانتهم قد تعلو فى مخيلة الأجيال التالية بفعل تدوين التاريخ الرسمى، لكن مَن قال إن حسابات الدُنيا دائما عادلة؟
وحسبنا أن نذكر مثالا مهما وواضحا لتحول السفاحين القتلة إلى عظماء، هو الوالى الكبير محمد على باشا، الذى حكم مصر خمسا وأربعين سنة قهرا، واستبد منفردا بكل شىء، بعد أن أزهق أرواح ألف مملوكى غدرا فى مذبحة مروعة قتل فيها خصومه بعد دعوتهم على مأدبة طعام، لقد صار هذا الرجل ملء السمع والبصر بما حقق من انتصارات على أعدائه، واعتبرته الذاكرة الجمعية للمصريين باعثا لنهضتهم الحديثة، وهو قول باطل سبق وأن فندته، وفنده آخرون ممن يهتمون بتحليل التاريخ.
وربما كانت من أخطاء أحد مثقفى جيلى البارزين، وهو الكاتب أحمد المسلمانى التى لا تغتفر أنه كتب يوما فى «المصرى اليوم» مقالا يحتفى فيه بمذبحة المماليك مُسميا إياها بـ«الجريمة الرائعة» مقدما تفسيرا مغلوطا مفاده أن المذبحة كانت فاصلا بين التخلف والحداثة، وأنها كانت ضرورة لبناء الأمجاد وتحقيق الانتصارات، وقد أعفى الأكاديمى النابه خالد فهمى الجميع من الرد على «المسلماني» بتفنيده للفكرة الواهية، المبررة للدم فى سبيل ما يتصور البعض أنه مجد وتقدم.
ولا شك أن إفلات القتلة والسفاحين من العقاب والحساب ممكن وجائز فى الدُنيا، لأن العدل يبقى دائما منقوصا على هذه الأرض، لكن ثمة يوم عدل أكبر لا يُمكن الإفلات منه، يقف فيه كل ظالم أمام الله لا يفتح فمه، موقنا أنه لا إفلات ولا نجاة.
فكما قال الشاعر العظيم أبو العتاهية: «أما والله إن الظُلم شؤمٌ/ وما زال المُسىء هو الظلومُ/ إلى الديّان يوم الدين نمضي/ وعند اللهِ تجتمعُ الخصومُ».
والله أعلم
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد رفعت الأسد مدينة حماة

إقرأ أيضاً:

أقصر حرب في التاريخ.. 38 دقيقة 500 قتيل وجريح

في 25 أغسطس/آب 1896، توفي حمد بن ثويني، سلطان زنجبار الموالي لبريطانيا فاستولى ابن عمه خالد بن برغش على القصر الملكي وأعلن نفسه سلطانا، لكن ذلك لم يرق للبريطانيين الذين كانوا يرغبون في تولي ابن السلطان المتوفى خلافته.

ولأن لندن كانت قد وقعت مع زنجبار معاهدة عام 1886 تنص على أن أي سلطان جديد يجب أن يحصل على موافقة لندن، فإنها رأت في مخالفة خالد لذلك تجاهلا لتلك الاتفاقية واعتبرت أن ذلك مبرر كاف لشن الحرب، فحشدت البحرية الملكية قواتها في ميناء زنجبار، ثلاث طرادات وزورقين حربيين ونحو ألف رجل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة روسية: هناك إستراتيجية أميركية لإخراج موسكو من البحر الأسودlist 2 of 2موقع أميركي: تحول مثير في حرب أوكرانيا من ستارلينك إلى ستارشيلدend of list

أصدرت بريطانيا إنذارا نهائيا ينتهي عند الساعة 9 صباحًا يوم 27 أغسطس/آب، وبعد دقيقتين من نهاية الإنذار وفي ظل عدم رد من السلطان، فتحت السفن البريطانية النار، فأصابت قذائفها القصر مباشرة، مما أدى إلى اشتعال النيران في المبنى خلال دقائق، وقد حاولت المدفعية الزنجبارية الرد، إلا أنها فشلت في التصدي لقوة نيران العدو.

نشبت معركة بحرية، قصيرة وغير متوازنة، بين السفن الزنجبارية والبحرية الملكية، وفي الساعة 9:40 انتهى كل شيء، حيث تمزقت راية القصر بقذيفة، إيذاناً باستسلام السلطان، وبسط لندن هيمنتها على المنطقة.

خالد بن برغش استولى على السلطة في زنجبار لكن البريطانيين أسقطوه في حرب خاطفة (غيتي)

يشار إلى أن زنجبار ظلت على مدى قرون جزيرة مزدهر ومركزًا تجاريًا حيويًا بين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وآسيا، فكان ميناؤها مهما في تجارة التوابل والعاج وبالذات العبيد، وقد وضعت الإمبراطورية البريطانية لتجارة الرقيق.

إعلان

وقد حصلت زنجبار في عام 1856 على استقلالها عن عمان بمساعدة لندن، وفي عام 1890، أدت معاهدة بين ألمانيا وإنجلترا إلى إضفاء الطابع الرسمي للسيطرة البريطانية على الجزيرة، التي أصبحت محمية.

كانت 1896 قصيرة، لكن الخسائر التي نجمت عنها كانت كبيرة: 500 قتيل أو جريح على الجانب الزنجباري؛ ومن الجانب البريطاني أصيب بحار واحد فقط، وهو ما صفه المؤرخ الفرنسي برونو فوليني في كاتبه: "الحروب الغبية في التاريخ) قائلا: "12 ونصف حالة وفاة في الدقيقة طوال مدة الأعمال العدائية، وهي النتيجة التي جعلت الحرب الإنجليزية الزنجبارية واحدة من أكثر الصراعات دموية في التاريخ".

أما خالد بن برغش فلما أحس بالهزيمة هرب ولجأ إلى القنصلية الألمانية التي رفضت تسليمه إلى البريطانيين، ليتم تهريبه لاحقا إلى تنزانيا قبل أن يعتقله البريطانيون هناك عام 1916، ليتم نفيه أثناء الحرب العالمية الأولى، إلى جزر سيشل، ومن ثم إلى جزيرة سانت هيلينا في المحيط الأطلسي واالتي تعتبر إحدى أكثر الأماكن عزلة في العالم.

وفي سياق متصل، تساءلت مجلة لوبوان الفرنسية التي أوردت هذا التقرير، عن أطول حرب شهدها التاريخ فقالت إن حرب 100 عام بين بريطانيا وفرنسا ربما تخطر على البال إذ استمرت 116عامًا (1337-1453)، لكن الواقع، وفقا للمجلة، أن ثمة صراعات الأخرى كانت أطول بكثير، إذ يعتقد بعض المؤرخين أن أطول هذه الحروب كانت حرب 335 عاماً، التي دارت بين الهولنديين وجزر سيلي، جنوب غرب كورنوال، من عام 1651 إلى عام 1986، دون أن تطلق فيها رصاصة واحدة، وفقا للمجلة.

مقالات مشابهة

  • ولادة الدينار الإسلامي.. أول حرب عملات في التاريخ العربي
  • إعلام إسرائيلي: كارثة أكبر كانت ستحدث لو انضم حزب الله لهجوم 7 أكتوبر
  • نجل شقيق الضحية الثانية لسفاح الإسكندرية يكشف التفاصيل الأخيرة في حياتها: «كانت واعية وحنونة»
  • علاقة حوادث الكون بحقائق التاريخ!
  • داعية إسلامية تروي قصة «المكيدة التاريخية لإبليس.. أول جريمة قتل في التاريخ» |فيديو
  • تزوير التاريخ
  • أقصر حرب في التاريخ.. 38 دقيقة 500 قتيل وجريح
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
  • أحمد عمر هاشم من الجامع الأزهر: شهر رمضان شهد أعظم الانتصارات في التاريخ الإسلامي
  • أحمد عمر هاشم: شهر رمضان شهد أعظم الانتصارات في التاريخ الإسلامي