الغرب والتهديد الثقافى فى مقالات عبدالله النديم
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
فى إبريل 1930، التقى عباس محمود العقاد (1889-1964) وسلامة موسى (حوالى 1887-1958)، فى الجامعة المصرية المبنية حديثًا لمناقشة عبارة كيبلينج Kipling الشهيرة عن كون الشرق والغرب التوأمين اللذين لن يلتقيا أبدًا.
واتفق العقاد مع كيبلينج فى قوله إن السجل التاريخى يتوافق مع صدق رأى كيبلينج. أجاب سلامة موسى: كلا، إنّ الشرق والغرب قادران على إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم لأن كليهما ينتمى إلى أسرة إنسانية واحدة ومصير إنسانى واحد، وأوضح موسى أن علينا أن نتبنى القيم والممارسات الغربية بالكامل، واختلف العقاد معه بقوله إنّ عدم التوافق بين الهوية الروحية للشرق والهوية المادية للغرب يحول دون أى لقاء بينهما.
وتدل هذه المناقشة على انشغال الأدباء المصريين بالغرب والحضارة الغربية، وهو الانشغال الذى يتجلى أيضًا فى عدد كبير من الأعمال الخيالية والواقعية.
يُعتبر الغرب تهديدًا ثقافيًا من وجهة نظر الكاتب عبدالله النديم (1845-1896) فكان يدعو إلى الحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية الشرقية وعدم التأثر بالغرب. فى مقالته «عربيٌّ تفرنج» (مجلة «التنكيت والتبكيت» 6 يونية 1881) ينتقد المصريين الذين تأوربوا (تفرنجوا) إلى حد الغربة عن ثقافتهم الأصلية وحتى لغتهم الأم، وهذا مشهد صوّره النديم لاستقبال أحد الفلاحين لولده بعد دراسته فى أوروبا :
«.. قرب أبوه ليحتضنه ويقبله شأن الوالد المحب لولده فدفعه فى صدره وجرت بينهما هذه العبارة:
زعيط:.. مسألة الحضن دى قبيحة جدًا.
معيط: أمال يا بنى نسلّم على بعض إزّاي؟
زعيط : قول بُونَريفي {يعنى زعيط هنا أن يقول بالفرنسية bonne arrivée} وحط إيدك فى إيدى مرة واحدة وخلاص
معيط: لهو يا ابنى أنا باقول منيش ريفى.
ولما قدمت له أمّه طاجنًا فى الفرن مملوءًا لحمًا ببصل لم يعرف الكلمة العربية للبصل:
«زعيط: ليه كترتى من الـ.. ال البتاع اللى ينزرع.. نونو دى اللى يبقى لو راس فى الأرض.. البتاع اللى يدمع العنين اسمو أونيون.
معيكه: والله يا ابنى ما فيه أونيون دا لحم ببصل.
زعيط: سى سا بصل بصل..
معيكه: يا زعيط يا ابنى نسيت البصل وإنت كان أكلك كله منه.
ويعقّب النديم على لسان أحد النبهاء بقوله للأب الفلاح: «.. ولدك لم يتهذّب صغيرًا ولا تعلّم حقوق وطنه ولا عرف حقّ لغته ولا قدّر شرف الأمة ولا ثمرة الحرص على عوائد الأهل ولا مزيّة الوطنية، فهو وإن كان تعلم علومًا إلا أنها لا تفيد وطنه شيئًا.. ولدك.. جاهل بوطنه فكم من شبان تعلّمت فى أوروبا وعادت محافظة على مذهبها وعوائدها ولغتها وصرفت علومها فى تقدّم بلادها وأبنائها ولم ينطبق عليهم عنوان «عربى تفرنج».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عباس محمود العقاد وسلامة موسى الجامعة المصرية الشرق والغرب
إقرأ أيضاً:
تحالف أحزاب التوافق: تيته منحازة للدبيبة بتجاهلها مطالب الغرب الليبي في تشكيل حكومة جديدة
اتهم التحالُف الليبي لأحزاب التوافق الوطني، المبعوثة الأممية هانا تيتيه، بالانحياز لعبدالحميد الدبيبة، بتجاهلها مطالب تشكيل حكومة جديدة، معرباً عن قلقه من أن البعثة أصبحت جزءاً من الصراع.
وقال التخالف في بيان له:” نستنكر التجاهل المتعمد لرأي القوى السياسية، حيث صرحت تيتـه، بأن مطالب الغرب الليبي يتلخص في الدستور وتوحيد بعض مؤسسات الدولة، في حين أن أبرز مطالب الشرق الليبي هو تشكيل حكومة جديدة” .
واعتبر التحالف حديثها المتعلق بالغرب الليبي، انحياز لوجهة نظر واحدة وهي سلطة الأمر الواقع، وكل البيانات الصادرة عن القوى السياسية في الغرب الليبي، تؤكد على ضرورة إيجاد حكومة جديدة، إضافة للجوانب الأخرى.
وأكد التحالف، أن هذا الانحياز يثير القلق ويقوض الثقة في البعثة الأممية وفريقها الذي يبدو أنه أصبح جزءا من الصراع، وله انحيازاته ومصالحة المرتبطة بقوى الأمر الواقع، مما يستدعي ضرورة إعادة النظر في تجديد هذا الفريق.
وشدد التحالف، على ضرورة تشكيل حكومة جديدة، كشرط مسبق لإجراء الانتخابات، كما يراه العديد من الفاعلين السياسيين.
ونوه بأن هذا الشرط يعكس مصلحة حقيقية في تحقيق الاستقرار، فالتعديل الدستوري الـ13، الذي يدعمه عدد كبير من الأحزاب والسياسيين، يشدد على أهمية توحيد السلطة التنفيذية، كخطوة أساسية نحو إجراء انتخابات شاملة.
ولفت التحالف، إلى أن التصريحات التي تدعم رؤية الحكومة الحالية، والمستفيدين من الوضع القائم، تعتبر انحيازا واضحًا، يسهم في تعزيز الانقسام.
وأفاد، بأن هذه المواقف غير متسقة مع الواقع السياسي، وهي محاولة لتجاوز أطراف سياسية التقـت البعثة بهم، واستمعت لآرائهم، ومقترحاتهم، وتجاهل هذه الأطراف سيؤدي حتمًا إلى عدم الاعتراف بنتائج أي انتخابات تُجرى تحت هذه الظروف.
ودعا التحالف، المجتمع الدولي إلى إدراك أهمية الاستماع لجميع الأطراف السياسية، والعمل على دعم الحلول التي تعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي في ليبيا.
وتطلع التخالف، في بيانه، إلى دعم المجتمع الدولي في هذه المساعي، وضرورة إعادة النظر في النهج الحالي للبعثة الأممية وسلوكها في قيادة الوساطة لضمان إنجاز حل حقيقي ينهي الأزمة السياسية.