الجزيرة:
2024-12-23@13:36:46 GMT

هكذا يقضي متضررو زلزال الحوز بالمغرب شهر رمضان

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

هكذا يقضي متضررو زلزال الحوز بالمغرب شهر رمضان

إقليم الحوز- "رمضان تحت الخيمة وحيدا لا يشبه رمضان وأنا مع عائلتي داخل بيتي الدافئ"، هكذا عبّر لحْسن عما يخالج صدره في أول أسبوع من رمضان الذي يحل بعد 6 أشهر من كارثة الحوز، وقد فقد كل أفراد الأسرة عندما انهار منزله على رؤوس من فيه جراء الزلزال الذي هز المغرب في الثامن من سبتمبر/أيلول 2023.

في الطريق إلى قرية مولاي إبراهيم التي تبعد حوالي 50 كيلومترا عن مراكش، نترك المدينة الحمراء بعد ليلة صاخبة احتفاء بقدوم الشهر الفضيل، وتلوح في الأفق جبال الأطلس الشامخة أمام عين تتأمل وذهن يتساءل: ماذا تخبئ هذه الجبال يا تُرى؟ هل يعيش سكانها نفس الحماسة؟ أم هي حاجز بين نقيضين؟

في أثناء المضي راجلا إلى أعلى قمة القرية الجبلية، لا تخطئ العين الخيام المنتشرة في كل الأنحاء، وكيف مُهّدت الطريق بعد تنظيفها من الحجارة ولم يخطئ شعور النفس أن "سِيدنا رمْضان" (تسمية مغربية) قد حط رحاله في هذا المكان أيضا.

عائلة عبد الكبير المتضررة من زلزال الحوز تقضي رمضان في خيمة وسط أجواء باردة (الجزيرة) رمضان الخيام

داخل خيمة منهكة بقساوة الشتاء، يوزع العم عبد الكبير حساء "الحريرة" في انتظار أذان المغرب، ويقول "أتانا رمضان هذا العام تحت الخيام، الجو بارد لم نشعر فيه بجوع أو عطش. الحمد لله كان اليوم طيبا، رغم الظروف السيئة داخل الخيمة، لكن لا بد من الصبر".

"الإنسان يقضي يومه بما قسمه له الله"، تقول ثورية زوجة عبد الكبير مشيرة إلى المائدة مُعرّفة مصدر طعام بينه ما جاد به المتعاطفون.

في ركن من الخيمة وُضع تلفاز صغير، تقول ثورية بنبرة صوت بها وجع "ذكّروني بوقت الزلزال"، ويشاركها الزوج شعورها ويتابعان المسلسل الأمازيغي "بابا عْلي" في لحظة تقتسمها -عند الإفطار- معظم عائلات القرية، وكأن المشهد الذي استهل به المسلسل قد أعاد إلى أذهانهم شعور الألم ومشاهد الدمار.

"فقدنا أبناءنا ومعهم أملاكنا.. وحدي من نجا". مشهد من المسلسل رأى فيه بَدر ابن عبد الكبير قصة لحْسن الناجي الوحيد من أسرته، وانتاب الانطباع نفسه غيره من أفراد القرية الذين التقتهم الجزيرة نت بعد صلاة التراويح.

ويقول سعيد شاب ثلاثيني "تألمت وأنا أتابع المشهد، لقد عاد بي إلى الوراء ولما حدث للحْسن. كنتُ حاضرا ولا تغيب عن ذهني لحظة انتشال جثة زوجته وهي تحتضن طفلها".

لحْسن يقضي رمضان وحيدا بعد وفاة زوجته وأطفاله في زلزال الحوز (الجزيرة) رمضان دون أهل

في صباح اليوم التالي، التقت الجزيرة نت لحْسن ووجدناه عند باب دكانه يرتب بضاعته، واستقبلنا بابتسامة لطيفة تسلّلت من وسط تقاسيم وجهه الحزين.

"كيف حالك يا عم؟". رحب بنا وأجاب: الحمد لله على كل حال. وقال للجزيرة نت "فقدتُ جميع أفراد أسرتي، زوجتي وطفلي وبناتي الثلاث، لن يكون رمضان هذه السنة مثل سابقه، ذهب البيت الذي يسترنا، ورحلت الأسرة التي تعبنا في رعايتها واعتدنا لمّتها".

ويضيف وهو ينقل الأشياء من مكان إلى آخر "أحاول هذه الفترة أن أنشغل بأي شيء، أصبحت أعيش كأحمق تلاحقه المواجع، لكن الحمد لله هذا ابتلاء يرزق معه ربي الصبر".

بعد صلاة عصر أول أيام رمضان، داعبت الأذن أصوات ندية تتلو القرآن الكريم بشكل جماعي، تعقبنا مصدر الصوت، وهناك قابلنا إماما شابا بجلبابه المغربي يتحلق حوله الأطفال داخل ملحق صغير بمسجد مؤقت، شيده متبرعون.

فراش متواضع يجلس عليه أطفال عُلّقت أمامهم سبورة كُتب عليها "تسحّروا فإن في السحور بركة". فجأة ترتفع أصوات الجمع بتناغم وهم يستظهرون سورة الأعلى، قبل أن يتركهم الإمام للحديث معنا عن أحوال القرية بعد زلزال الحوز.

صادفنا عددا من أبناء القرية يتعاونون من أجل إقامة مسجد خاص بالنساء، ويقول أحد المشاركين "إنه شهر اعتدن فيه الانضمام إلى صلاة التراويح ليعشن أجواءه المتميزة، خاصة بعد قضاء يوم متعب في النهار".

أثناء الصلاة، يدخل سعيد المسجد مصطحبا طفلته معه ويقول للجزيرة نت "آتي بجنّات معي إلى التراويح لتعتاد وتتعلم، ولتستريح الأم وتعتني بشقيقتها حديثة الولادة"، ويضيف "عادة أقضي معظم الوقت بالعمل في مراكش، لكني فضلت قضاء هذا الشهر بجانب أسرتي حتى أعيش معهم أجواء رمضان".

الإمام أمين أوزال يدرّس أطفال قرية مولاي إبراهيم القرآن والحديث الشريف (الجزيرة) غزة حاضرة

"لا تنسوا غزة، لا تنسوا فلسطين"، كانت وصية الإمام في آخر موعظته بالليلة الثانية من رمضان، قبل أن يرفع يديه إلى السماء، ويخصص الدعاء لأهل القطاع راجيا من الله أن ينصرهم. ويقول أحد الحاضرين للجزيرة نت "ما قاسيناه هنا بسبب الزلزال جزء يسير جدا مما يعانيه سكان غزة".

كما كانت أحداث غزة موضوع خيمة عبد الكبير الذي دعانا إلى جلسة شاي بعد الصلاة، وتقول زوجته ثورية "أرى أننا نعيش وضعا مشابها بعض الشيء"، وبعثت بدعوة من داخل خيمتها، لعلها تدثر طفلا أو أما مثلها في تلك الأرض.

هكذا عاشوا أول أيام رمضان، بقلب شاكر وصابر، رغم قساوة الظروف والدمار الذي يُذكّرهم بقصص أقارب رحلوا قبل وقت قصير، لكن حالهم لم يكن أسوأ من حال القرى التي تليهم، خاصة القريبة من القمم المكتسية بالثلوج، كما أن سكانها ليسوا أقل قدرا من أهل هذه القرية في تمسكهم بالصبر والأمل.

ودّعَنا لحْسن بجملة مؤثرة "سأبني بيتي من جديد وأنشئ عائلة وذرية، مرحبا دائما"، وكأنه لم يرد أن تترك حكايته حزنا في القلب وأراد أن يقول للجميع "تشبثوا بالأمل ما دمتم أحياء". هؤلاء هم سكان جبال الأطلس يشبهون أرضهم، عزائمهم صلبة وأرواحهم معطاءة تحب الخير.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات زلزال الحوز عبد الکبیر

إقرأ أيضاً:

نويرة على المسرح الكبير فى ذكرى فريد الأطرش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تتواصل فعاليات وزارة الثقافة الهادفة للإحتفاء بأعلام الإبداع حيث تحيى دار الأوبرا برئاسة الدكتورة لمياء زايد ذكرى رحيل الموسيقار فريد الأطرش خلال حفل فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية  بقيادة المايسترو أحمد عامر  المقام فى الثامنة مساء غد الأحد  على المسرح الكبير .

يتضمن البرنامج مختارات من أعمال الموسيقار الراحل البارزة منها " لكتب ع أوراق الشجر ، أنا وانت ، بقى عايز تنسانى ، أحبابنا يا عين ، بنادي عليك وغيرها .. أداء رحاب مطاوع ،وليد حيدر ، نهاد فتحي ،محمود عبدالحميد ومؤمن خليل .

المعروف أن فريد الاطرش يُعد أحد أعظم المطربين والملحنين في العالم ولقب بملك العود ، ينتمي إلى آل الأطرش إحدى العائلات العريقة في جبل الدروز جنوب سوريا والتى كان لها دور مهم في التصدي للإستعمار الفرنسي ، بدأ مشواره الفنى بعد إنتقاله للقاهرة مع والدته الأميرة عالية بنت المنذر وأشقائه فؤاد وأسمهان ، قام ببطولة 31 فيلما سينمائيا وتغنى بكلمات عمالقة الشعراء كما لحن لعدد ضخم من المطربين المصريين والعرب ، توفي فى 26 ديسمبر عام 1974 عن عمر يناهز 64 عاما تاركاً ارثاً خالداً مازل يثرى الساحة الفنية فى مصر والوطن العربى .

مقالات مشابهة

  • عبور قياسي لأفراد الجالية للإحتفال بالسنة الجديدة بالمغرب
  • "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟
  • “اليونيسكو” توجه استفسارا للمغرب.. وهذا السبب!
  • وسط أجواء روحية.. كيف يقضي البابا تواضروس الثاني رأس السنة وعيد الميلاد ؟
  • نويرة على المسرح الكبير فى ذكرى فريد الأطرش
  • مناوي يشارك في مؤتمر الاحزاب الاشتراكية بالمغرب
  • حاكم عجمان يفتتح «مسجد عائشة» في مدينة عين عودة بالمغرب
  • حميد بن راشد يفتتح “مسجد عائشة” في مدينة عين عودة بالمغرب
  • الأمين العام للأمم المتحدة يبدي الغضب لمقتل 3 من موظفي برنامج الأغذية العالمي في السودان ويقول: عام 2024 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة في السودان
  • مدير الإتحادات الأفريقية بالفيفا: الرباط محطة مفصلية للإتحاد الدولي لكرة القدم