المفتي قبلان: التسوية الرئاسية ضرورة سيادية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، أن "هناك من يصر على لُغم لعبة العدد، رغم أنّ لعبة العدد تضع لبنان بكف عفريت، ولأن الشراكة الوطنية أكبر مقدسات لبنان خضنا أكبر الحروب الوطنية ورفضنا لُغة العدد كقيمة تكوينية للبنان، ورغم ذلك هناك من يصرّ على لعبة النار هذه، وهذا أمر لن يمر، ومن خاض انتفاضة 6 شباط الوطنية وقاتل العالم طيلة عقود لإخراج إسرائيل من لبنان لن يقبل بجر البلد نحو فتنة تتطابق مع مصالح واشنطن الإنتهازية، ولسنا بموقف ضعيف، وقيمة الدستور من القيمة الميثاقية ولا دستور بلا ميثاقية، والإرتزاق السياسي عيب، وإطلاق النار الطائفية يتعارض بشدة مع المصلحة العليا للبنان، ولعبة الفرز الطائفي نار ليس بعدها نار، والحريق اللبناني ما زال ماثلاً للعيان، والغريب جداً توافق هذا الفريق وواشنطن على لعبة حافة الهاوية".
وأضاف: "ورغم أن البلد يخوض أكبر حروب البلد والمنطقة ومع ذلك ليس عند هذا الفريق إلا لعبة الروليت الروسية، لهذا الفريق أقول: لبنان شراكة وطنية والتسوية الرئاسية ضرورة سيادية، وحماية عقيدة البلد الوطنية مرتبطة بالمجلس النيابي ورئيسه، وما يقوم به الرئيس نبيه بري يخالف هوى البعض إلا أنه أكبر ممارسة دستورية لحماية العقيدة الوطنية، وضحايا المرفأ ضحايا أخطر لعبة قضائية عاشت وتعيش على الإرتزاق الأميركي القذر والمطلوب نزع الكابوس الأميركي من رأس البعض".
وختم قبلان: "ما نريده شراكة عائلة وطنية لا سواتر انتحارية لأخطر لعبة أميركية، وما تقوم به المقاومة على الجبهة الجنوبية حرب سيادية وطنية تتقاطع أكبر قيمة أخلاقية مع قطاع غزة، وقيمة لبنان من قيمة جبهاته الوطنية بدءً من الحدود وانتهاءً بالمجلس النيابي".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تصعيد سياسي وميداني.. هل سقطت التسوية الموعودة في لبنان؟!
لم تحمل عطلة نهاية الأسبوع الأخبار "السعيدة" التي كان يستبشر بها الكثير من اللبنانيين، بعد الأجواء "التفاؤلية" التي أعقبت زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين، التي قيل إنّها بلغت مستوى غير مسبوق من الجدّية، وقرّبت اتفاق وقف إطلاق النار من الدخول حيّز التنفيذ، ولو بقي الإعلان عنه معلّقًا، أو ربما مؤجَّلاً بانتظار بعض الترتيبات والإجراءات، أو بانتظار رهاناتٍ إسرائيلية لم تكتمل بعد على هجوم من هنا، أو عملية من هناك.
ففجر السبت، استفاق اللبنانيون مذعورين، على صوت غارات عنيفة جدًا، تبيّن أنّها استهدفت منطقة البسطة في قلب العاصمة اللبنانية، لا في ضاحيتها الجنوبية، في استهداف هو الثامن نوعه لبيروت، قيل إنّ المقصود منه كان "اغتيال" شخصية رفيعة المستوى في "حزب الله"، ليتبيّن أنّ جلّ الشهداء الذين سقطوا هم المدنيين بعد سقوط مبنيين كانا يعجّان بالمدنيّين، فيما نفى الحزب وجود أيّ من قياديّيه أو مسؤوليه في المنطقة المستهدَفة.
وعلى وقع هذا التفجير في قلب بيروت، استمرّ التصعيد الميداني على كلّ الجبهات، من الجنوب إلى البقاع مرورًا بالضاحية الجنوبية لبيروت، التي تجدّدت فيها إنذارات الإخلاء والغارات، ليختلط مع تصعيد سياسيّ، بدأ باستهداف الجيش مباشرةً، قبل أن يستكمله الوزير الاسرائيلي السابق بيني غانتس بالدعوة إلى "العمل بقوة ضد أول الحكومة اللبنانية"، التي قال إنّها "تطلق يد حزب الله"، فهل يُفهَم من كلّ ما سبق أن التسوية "الموعودة" سقطت؟!
تصعيد لا يتوقّف..
هي لغة التصعيد في الميدان، تسود منذ أن غادر المبعوث الأميركي آموس هوكستين بيروت، متوجّهًا إلى تل أبيب، على الرغم من الأجواء الإيجابية التي أحاطت بالزيارة ونتائجها، والتي لم تتبدّد بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإن لم تترجم إعلانًا سريعًا عن اتفاق، يقال إنّ بعض العقبات "اللوجستية" لا تزال تحول دون سلوكه حيّز التنفيذ، وإن كان البعض يعتقد أنّ عبارة "اللوجستية" تخفي رهانًا إسرائيليًا أكبر.
لكنّ هذا التصعيد وصل إلى ذروته في عطلة نهاية الأسبوع، مع رسالتين "دمويتين"، لا يمكن قراءتهما إلا بمنظور سلبيّ، أبعد ما يكون عن الرغبة الجدّية في التوصل إلى وقف إطلاق النار، بدءًا من استهداف منطقة البسطة المكتظّة في قلب بيروت، وما ترتّب عليه من مجزرة مروّعة بحق مدنيين نيام في بيوتهم، وصولاً إلى الاستهداف المباشر لأحد مراكز الجيش ، بما يضرب كل المساعي لتعزيز حضور الجيش في الجنوب.
وأبعد من الرسالتين الناريتين "السلبيتين"، لا يمكن القفز فوق التصعيد "السياسي" الذي برز بالموازاة، من خلال تصريحات عضو كابينت الحرب الإسرائيلي السابق بيني غانتس، ولو أنّه مستقيل، حيث قال إن الحكومةَ اللبنانية تطلق يد حزب الله، داعيًا إلى ضرب لبنان ومنشآتها بقوة، وهي رسالة لا يمكن أن تُفهَم إلا سلبًا في سياق المفاوضات القائمة لوقف إطلاق النار، بل تشكّل "تصويبًا مباشرًا" على الاتفاق بحدّ ذاته.
سقط.. لم يسقط
التصعيد الإسرائيلي قابله أيضًا تصعيد من جانب "حزب الله"، تجلّى في الساعات الأخيرة، مع تصعيد الحزب لهجماته الصاروخية، حيث أطلق خلال يوم واحد ما يزيد عن مئتي صاروخ على مناطق واسعة داخل إسرائيل، بينها ما كان موجّهًا نحو تل أبيب الكبرى، ردًا على مجزرة البسطة، وما سبقها من استهداف للعاصمة، وعملاً بمعادلة "تل أبيب مقابل بيروت"، وقد أسفرت الهجمات عن تسجيل العديد من الإصابات، فضلاً عن احتماء الملايين بالملاجئ.
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ "حزب الله" بتصعيده لهجماته ضدّ إسرائيل، لا يوجّه أيّ رسائل من هنا أو هناك، لكنّه يلاقي إسرائيل بالمبدأ الذي أرسته وأصرّت عليه، وقوامه "التفاوض بالنار"، ويؤكد على ما قاله أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير، عن أنّ إسرائيل "تحت النار"، علمًا أنّ الحزب الذي أبدى انفتاحًا على الاتفاق من دون أن "يستجديه"، يبدو أكثر من "حَذِر" في التعامل معه، متمسّكًا بسقف حفظ السيادة اللبنانية في كلّ الأحوال والظروف.
عمومًا، يقول العارفون إنّ التصعيد الإسرائيلي وإن حمل رسائل "سلبية" من الاتفاق، لا يعني بالضرورة الإطاحة بالاتفاق ككلّ، باعتبار أنّ الاتصالات مستمرة خلف الكواليس، وثمّة من يعتقد أن كثافة التصعيد الإسرائيلي يمكن أن تُفهَم من زاويتين، إما "الضغط" من أجل رفع السقف التفاوضي قبل المصادقة على النص النهائي، وإما "استغلال" الأيام المتبقية لتحقيق ما يمكن تحقيقه، وربما لتعميم مشهد الدمار والخراب، خصوصًا في الضاحية والجنوب.
لا توحي تطورات الأيام الأخيرة بقرب وقف إطلاق النار، من ضربة البسطة، إلى استهداف الجيش، وصولاً إلى الغارات على الضاحية الجنوبية، ولو جاءت الأخيرة ردًا على تكريس "حزب الله" لمعادلة "تل أبيب مقابل بيروت"، لكن ثمّة من يصرّ على أنّ الأمل لا يزال موجودًا، وأنّ الاتفاق قد يصبح نافذًا في غضون أيام، وما الجنون الإسرائيلي المتزايد سوى "استغلال للوقت" لرفع السقف، وربما لتكريس "انتصار ما" أمام الجمهور! المصدر: خاص "لبنان 24"