هل عدم التركيز دليل على قلة الذكاء؟
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
قدمت دراسة جديدة تفاصيل دقيقة لم يسبق الكشف عنها حول آليات عمل الدماغ لمساعدة الإنسان على التركيز والانتباه في البيئة التي فيها الكثير من المشتتات والضجيج.
وأجرى الدراسة باحثون في معهد كارني لعلوم الدماغ في جامعة براون الأميركية، ونشرت في بداية مارس/آذار الجاري في مجلة "نيتشر هيومان بيهيفير" (Nature Human Behaviour)، وكتب عنها موقع "ساينس ديلي" (ScienceDaily).
وكانت دراسة نفسية سابقة بينت أنه بإمكان الإنسان التحكم في مدى تركيزه؛ وذلك عن طريق تعزيز المعلومات ذات الصلة بالموضوع، وقدرته على تصفية الذهن من عوامل الإلهاء، إلا أن هذه الدراسة كشفت عن طبيعة العمليات التي تمكن الدماغ من تنظيم هاتين الوظيفتين.
وشبهها المؤلف الرئيسي وعالم الأعصاب هاريسون ريتز، بالعمليات التي تساعد في تنظيم نشاط العضلات اللازم لأداء المهام البدنية، فكما أنه باستطاعتنا التحكم بأكثر من 50 عضلة لأداء مهمة بدنية في وقت واحد مثل الكتابة أو الخياطة، وجد أنه بإمكاننا أيضا التحكم بأشكال متعددة من الانتباه لأداء بعض الأعمال الذهنية ببراعة.
وتقدم نتائج هذه الدراسة تصورا واضحا عن كيفية استخدام الإنسان لقوة الانتباه، وتسهم هذه النتائج في فهم هذه القدرة الاستثنائية على إظهار مرونة إدراكية هائلة وقتما نشاء عندما نولي اهتمامًا لأمر ما، كما تساعدنا أيضًا في فهم القيود التي تحد من تلك المرونة، وكيف يمكن أن تظهر هذه القيود في بعض الاضطرابات المتعلقة بالانتباه مثل حالة فرط الحركة وقلة التركيز.
نشاط الدماغ
ولإجراء هذه الدراسة قام الباحثون بجعل المشاركين في الدراسة يقومون بإنجاز بعض المهام الإدراكية المتنوعة في صعوبتها، في أثناء ذلك تم قياس نشاط الدماغ بواسطة جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI. ثم بعد ذلك قاموا بتحليل نتائج مخططات نشاط أدمغة المشاركين استجابةً لأداء هذه المهام.
ويقيس جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) التغيرات الصغيرة في تدفق الدم التي تحدث مع نشاط الدماغ. ويمكن استخدامه لفحص أجزاء الدماغ التي تتعامل مع الوظائف الحيوية، أو تقييم آثار السكتة الدماغية أو غيرها من الأمراض، أو لتوجيه علاج الدماغ.
فعلى سبيل المثال: تم عرض مجموعة من النقاط الخضراء والبنفسجية المتحركة على المشاركين، وطلب منهم تحديد لون أغلبية النقاط المتحركة بشكل متسارع، بينما كانت نسبة اللون الأخضر إلى الأرجواني متساوية.
أظهرت التحليلات كيفية عمل شقي الدماغ أثناء أداء هذا النوع من المهام، حيث لوحظ أن هنالك جزءا محددا من الدماغ يتحكم في العمليات المسؤولة عن الانتباه وتصفية الإلهاء، فعندما تُلتقط صورة النقاط الخضراء والبنفسجية المتحركة؛ تجعل حركة هذه النقاط مهمة إيجاد اللون الغالب أكثر تعقيدا، فيقوم الدماغ تلقائيا بضبط حساسيته للحركة حتى يتمكن من التركيز على الألوان؛ وبذلك يتمكن الدماغ من تحديد اللون الصحيح بشكل أقرب إلى الصحة.
تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية التنظيم العقلي للمعلومات التي تصل الدماغ وقدرته على ضبط عوامل الإلهاء، وتركيز الانتباه، حيث تبين أن هذه القدرات هي عوامل مهمة في عمليات الإدراك بشكل أكبر من القدرات العقلية ذاتها.
ولطالما نسبت قلة التركيز إلى نقص في قدرات الشخص العقلية أو الحسابية، وهذه فكرة خاطئة، حيث أظهرت نتائج هذه الدراسة أن هنالك سببا مختلفا لعدم التركيز طوال الوقت. فقلة التركيز لا تعني بالضرورة أن أدمغتنا بسيطة أو أن قدراتنا العقلية ضعيفة، ولكن بدلًا من ذلك، فإنها تدل على أن أدمغتنا معقدة حقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات هذه الدراسة
إقرأ أيضاً:
النظام الغذائي ومحيط الخصر يؤثران على شيخوخة الدماغ
وجد باحثون من جامعة أكسفورد، وكلية لندن الجامعية، ومؤسسات متعاونة في ألمانيا وفرنسا وهولندا، أن جودة النظام الغذائي ونسبة محيط الخصر إلى الورك خلال منتصف العمر ترتبطان باتصالات الدماغ والأداء الإدراكي في مراحل لاحقة من الحياة.
ومن خلال مراجعة بيانات واسعة، خلص الفريق إلى أن اتباع أنظمة غذائية صحية ونسبة محيط الخصر إلى الورك المنخفضة خلال منتصف العمر يرتبطان بتحسن صحة الدماغ في سن الشيخوخة.
وبحسب "مديكال إكسبريس"، ساهمت التحولات العالمية في العادات الغذائية في ارتفاع معدلات السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وكلها مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالخرف.
عولمة النظام الغذائيوقد ركزت الأبحاث المتعلقة بالعلاقة بين النظام الغذائي والصحة الأيضية ووظائف الدماغ بشكل أساسي على العناصر الغذائية الفردية، مع وجود عدد أقل من الدراسات التي قيّمت جودة النظام الغذائي بشكل عام، وتوزيع الدهون في الجسم على مدى فترات طويلة.
وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن منتصف العمر يمثل فرصة حاسمة لتدخلات الصحة الإدراكية، إلا أن أدلة الدراسات طويلة الأمد على النظام الغذائي واتصال الدماغ لا تزال محدودة.
وفي هذه الدراسة تم تحليل مدى جودة النظام الغذائي، ونسبة محيط الخصر إلى الورك، وعلاقتهما بشيخوخة الدماغ، من خلال مسوحات وتصوير لمناطق الدماغ المختلفة بواسطة تقنيات متنوعة.
النتائجوأشارت النتائج إلى أن جودة النظام الغذائي، والسمنة البطنية في منتصف العمر تنبئان باتصالات الدماغ والوظيفة الإدراكية في مراحل لاحقة من العمر.
وارتبطت جودة النظام الغذائي الأفضل في منتصف العمر بسلامة أفضل للذاكرة العاملة، والوظيفة التنفيذية، والأداء الإدراكي العام، مع تفسير جزئي لتحسن الذاكرة العاملة والوظيفة التنفيذية بسلامة أفضل للمادة البيضاء.
وارتبط ارتفاع نسبة محيط الخصر إلى الورك في منتصف العمر بانخفاضات واسعة النطاق في سلامة المادة البيضاء بالدماغ.
وارتبط ارتفاع نسبة محيط الخصر إلى الورك بزيادة متوسط الانتشار الشعاعي في مناطق المادة البيضاء الرئيسية، التي لها علاقة بالذاكرة والوظيفة التنفيذية.
وقال الباحثون: "قد لا تكون الاستراتيجيات التي تركز فقط على المسؤولية الشخصية كافية إذا استمرت بيئات الطعام في الترويج لأنظمة غذائية عالية السعرات الحرارية، وفقيرة بالعناصر الغذائية".