دكار- ينتخب السنغاليون يوم 24 مارس/آذار الجاري رئيسا جديدا للبلاد بعد فترة من الاضطرابات السياسية، ومحاولات التضييق على المعارضة، وعلى وقع حراك في الشارع أجهض قرارا بتأجيل الانتخابات.

تتبنى السنغال نظاما انتخابيا مشابها للمعتمد في فرنسا، وفق نظام الجولتين، حيث يحتاج أي مرشح الحصول على أكثر من 50% من أصوات المقترعين، كمعيار حاسم للفوز من الجولة الأولى.

 وفي حال عدم تجاوز أي من المرشحين العتبة المطلوبة، يتم إجراء جولة إعادة بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة من الأصوات.

ويحتاج المترشح الحصول على تزكيات ضرورية بنسبة 0.6% من القاعدة الانتخابية أو 13 نائبا، أو 120 عمدة ورئيس مجلس محلي. ويُنتخب الرئيس لولاية تمتد 5 سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة وفق الدستور المعدل عام 2016.

الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال أعلن عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية المرتقبة (غيتي) انتخابات صعبة

ويتوجه قرابة 7 ملايين سنغالي لانتخاب رئيس جديد للبلاد، ورغم الاضطراب الذي شاب المشهد في البلاد على مدى الأشهر القليلة التي سبقت جولة الاقتراع، فإن دكار تبدو قادرة على الحفاظ على آليات دستورية يتم من خلالها تداول السلطة.

وسجلت السنغال سابقة بعدم ترشح الرئيس الحالي ماكي سال لولاية جديدة التزاما بالدستور الذي يحصر أحقية تولي المنصب لفترتين متتاليتين. وبذلك، تكون ولاية سال الأولى التي بدأت عام 2012 قبل تحديد عددها، قد احتُسبت ضمنا.

وتخطى عدد سكان السنغال 18 مليون شخص بحلول منتصف الشهر الجاري، بحسب تقديرات النمو السكاني التي تقدمها الأمم المتحدة.

وتشكل الفئة العمرية ما بين 15و64 عاما النسبة الأعلى بنحو 56% من تعداد السكان، ويعيش قرابة 52% منهم في المدن. ويعاني 20% من الشباب من ارتفاع معدل البطالة في صفوفهم. ويشكلون أحد عناصر تكوين الرأي العام الفاعل والمشارك في العملية السياسية، لكنهم ليسوا العامل الوحيد في تحديد توجه صناديق الاقتراع.

وتمر السنغال بفترة مضطربة، فبعد تسجيل الاقتصاد أداء اعتُبر الأفضل في القارة على صعيد التعافي من آثار جائحة كورونا وتحقيق معدلات نمو وصلت لنحو 6.5% بحسب مؤشرات مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، عاد وغرق في أتون ارتفاع معدلات التضخم بالتزامن مع تطبيق سياسات إصلاحية أوصى بها صندوق النقد الدولي.

وشملت الإصلاحات رفع الضرائب وترشيد الإنفاق العام. وقال الصندوق في تقرير بنهاية 2023 إن "الرياح تعاكس الاقتصاد السنغالي نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا واحتمال ارتفاع منسوب التوتر السياسي الداخلي". لكن احتمالية التعافي تبقى قائمة مع توجه الحكومة إلى إدارة قطاعات الموارد الرئيسية لاسيما الطاقة، حسب تقرير النقد الدولي.

تنافس قوي

يتسابق 19 مرشحا على نيل أصوات السنغاليين، بينهم الأقوى من كلا المعسكرين، المقرب من الرئيس الحالي بنفوذه الواسع في البلاد، والمقرب من تيارات المعارضة التي أحسن بعض رموزها مخاطبة القاعدة الناخبة.

وتأتي حملات المرشحين وجولة الاقتراع الأولى -على الأقل- خلال شهر رمضان المبارك، في دولة ذات غالبية مسلمة بأكثر من 95% من السكان، وهي المرة الأولى في تاريخها.

كما أنها الانتخابات الأولى منذ الاستقلال التي لا يشارك فيها الرئيس الذي يتبوأ المنصب، ليكون سال الرئيس الأول الذي لن يخسر انتخابات في وجه خصومه.

فمن أبرز المرشحين؟ المرشح أمادو با يوصف بمرشح السلطة (رويترز) أمادو با

يوصف بمرشح السلطة، عن حزب التحالف من أجل الجمهورية، تولى مع وصول سال للحكم عدة حقائب وزارية ثم رئاسة الحكومة ما قبل الأخيرة في ولاية سال، واستقال قبل أقل من شهرين على موعد الانتخابات للتفرغ لحملته. يُعرف بكفاءة فنية ويتمتع بشعبية عالية لاسيما في العاصمة دكار.

المرشح خليفة سال تلاحقه تهم بالفساد (رويترز) خليفة سال

يستند على إرث سياسي وشعبية في صفوف الحزب الاشتراكي الذي حكم البلاد في عهد الرئيسين ليبوبولد سنغور وعبدو ضيوف. تولى عمادة العاصمة وتلاحقه تهم بالفساد وأحكام قضائية أفضت سابقا لحرمانه من الترشح قبل أن يُطلَق سراحه بعفو رئاسي.

المرشح إدريسا سك تلاحقه أيضا تهم فساد إداري (رويترز) إدريسا سك

له باع في السياسة كرئيس للوزراء وعمدة سابقا، ولاحقته أيضا تهم فساد إداري، انفض من حلف مع الرئيس السابق عبد الله واد ليلتحق بالرئيس سال، قبل أن يخوص معه مواجهة رئاسية في انتخابات 2019 وحل بالمرتبة الثانية.

باسيرو ديوماي فاي

يبقى مرشح المعارضة الأبرز، يخوص الانتخابات مستندا على دعم كامل من رئيس حزب باستيف المعارض الأبرز عثمان سونكو.

وبعد إقصائه من قائمة المرشحين من قبل المجلس الدستوري، دفع سونكو بساعده الأيمن مرشحا، وأُطلق سراح الرجلين قبل أيام بموجب عفو رئاسي شمل "متورطين بأعمال شغب" رافق التحركات المناوئة لتأجيل الانتخابات.

واستُبعد كذلك كريم واد، الوزير السابق ونجل الرئيس السابق عبد الله واد، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، من قائمة المرشحين لعدم أهليته، إذ ينص الدستور السنغالي على أن أي مرشح للرئاسة يجب أن يحمل الجنسية السنغالية حصرا.

ولم تنجح أطياف المعارضة في الالتفاف حول مرشح واحد، لكن مرشح باستيف قد يكون الأوفر حظا بين المعارضين. فمشهد دكار بعد الإعلان عن الإفراج عنه ورفيقه سونكو يعطي فكرة بسيطة عن جحم الالتفاف الشعبي، لا سيما بين الشباب، حول طروحات سونوكو متمثلة بحملة باسيرو ديوماي فاي.

الإرث والديمقراطية

تختص وزارة الداخلية بتنظيم الآليات التي تفضي للاقتراع، وتتولى اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة عملية المراقبة، وتتألف من 12 عضوا من غير المنتمين لأي أحزاب أو تيارات سياسية، وتقدم اللجنة تقريرا رسميا مع نهاية العملية الانتخابية.

وفي مراحل ما بعد الإدلاء بالأصوات، تضطلع المحكمة الدستورية ومحكمة الاستئناف في دكار بالبتّ في الطعون، ويتولى المجلس الوطني للتنظيم السمعي البصري دور الرقابة على التزام الإعلام بالقوانين المتعلقة بالدعاية الانتخابية.

وينتظر أن تفضي الانتخابات المرتقبة لاختيار الرئيس الخامس في تاريخ السنغال منذ الاستقلال، وقد اعتادت الدولة على اتباع تقاليد ديمقراطية خاصة في انتقال السلطة منذ استقلالها عن فرنسا.

ولم يمنع الانتقال السلمي للسلطة من خوض محطات من الاضطراب السياسي، وفترات احتجاجات صاخبة ودامية في بعض الأحيان، لكنها جميعها كانت دون تشكيل خطر على السلم الداخلي، فلم تعرف السنغال تدخلا للمؤسسة العسكرية أو الأمنية بشكل فج في العملية السياسية، لتكون مختلفة عن محيط يشهد اضطرابات وانقلابات، ونفوذا خارجيا يتلاعب بحالة الاستقرار والأمن الداخلي.

وقبل الاستقلال جربت السنغال الانتخابات المحلية في ظل الاستعمار على مستوى ضيق، لا يتعدى بضع بلديات، ثم تلتها انتخابات نواب محليين وممثل في البرلمان الفرنسي، كما كان حال مستعمرات فرنسا قبل استقلالها.

وبعد حكم الحزب الواحد في ظل رئاسة ليوبولد سنغور، دخلت التعددية الحزبية إلى السنغال عام 1978، لكن الرؤساء احتفظوا بأحقية الترشح لعدد غير محدد من الفترات الرئاسية المتتالية. فحكم عبدو ضيوف ربع قرن، وعبد الله واد 12 عاما حتى أزاحه مكي سال في انتخابات عام 2012 وأدخل في عهدته الأولى تعديلا دستوريا قضى بتحديد عدد الولايات الرئاسية "بولايتين متتاليتين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات

إقرأ أيضاً:

بيان من المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي)

تابع المكتب السياسي لحشد الوحدوي باهتمام شديد كل المستجدات التي تطرأ على الراهن السياسي السوداني في ظل حرب ١٥ أبريل الكارثية التي قاربت على اكتمالها العشرون شهراً، وما زال طرفي الحرب في غيهم يعمهون، وما زالت القوى المدنية منقسمة على نفسها، وما زال الاستقطاب الحاد جارٍ على قدم وساق بين جميع مكونات المجتمع السوداني. كما وما زال المجتمع الدولي يتعامل مع أزمة السودان الإنسانية بعدم مسئولية، وبمنتهي البرود وعدم الاهتمام، بعكس ما تجده الحروب والظروف الانسانية في أوكرانيا وفلسطين ولبنان.

بالأمس الأول استخدم مندوب الاتحاد الروسي حق النقض(الفيتو) لاسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن تقدمت به بريطانيا بصفتها (حاملة القلم) في الشئون السودانية بالأمم المتحدة.

ولقد بررت روسيا اسقاطها للقرار بسبب اصرار بريطانيا ومن معها على البند (١٨) الذي يقول: يطلب مجلس الأمن بموجب مشروع القرار من الأمين العام التشاور مع أطراف النزاع وأصحاب المصلحة الآخرين بما في ذلك الاتحاد الأفريقي وضع اقتراح لآلية امتثال لتسيبر تنفيذ التزامات إعلان جدة.

ولقد اتفق ذلك مع موقف حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بأن الاتحاد الأفريقي مجمد عضوية السودان، لذلك فليس لديه ولاية على السودان.

وإن الحديث عن طرفي الحرب في أمر سيادي يخص حكومة السودان، يعني ذلك المساواة بين الدعم السريع والجيش.

كما إن آلية الامتثال تعني دخول ووجود قوات أممية في السودان ما اعتبرته دعوة إلى تتدخل عسكري اجنبي صريح في السودان.

إن موقفنا في حشد الوحدوي الثابت هو رفض اي تدخلات اجنبية في السودان مهما كان نوعها وخاصة التدخلات العسكرية.

كما اننا نعلم تماماً أن روسيا لم تستخدم حق الفيتو دعماً منها للسودان، وإنما كان جزءاً من الصراع القائم بينها وبين أمريكا وأوروبا الغربية في مسألة الحرب في أوكرانيا.

لقد هللت وكبرت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ومن لف لفها بهذا الفيتو، وادعوا بأن الدبلوماسية السودانية قد انتصرت!!!
دبلوماسية ليس فيها أي إنسان رشيد، وهي كانت وما زالت عار على السودان وتاريخه.

إننا في الحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي نأسف لما يجري في وطننا العزيز، والذي أصبح ممزقاً ما بين اطماع وطموحات العسكر في جانبي الصراع وبقايا الحركة الإسلامية، وما بين اطماع واجندات الدول العظمى، وبعض الدويلات التي تدور حول افلاكها.

عليه فإننا نقول؛ يجب إيقاف هذه الحرب اللعينة فورا، وفتح المسارات الآمنة لاغاثة وانقاذ مواطني شعبنا الباسل المأزوم في كل ارجاء الوطن.

واننا نكرر دعوتنا لقوى ثورة ديسمبر المجيدة ، القابضة على جمر الثورة والقضية، أن تتوحد على قلب انسان واحد في جبهة ثورية واسعة، قائمة على أسس وشعارات وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
جبهة جماهيرية تمثل كتلة ثورية عريضة تستطيع الضغط على طرفي الحرب، وأيضا تكون هي صوت جماهير الشعب السودانية النبيلة لدى المجتمع الدولي ، ولدى الرأي العام الداخلي والاقليمي.

لا للحرب ولا لتجريب المجرب

العسكر للثكنات والجنجويد ينحل

وعاش نضال الشعب السوداني الأبي

المكتب السياسي لحشد الوحدوي

الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤م

   

مقالات مشابهة

  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • برمة ناصر: بيان مؤسسة الرئاسة بحزب الأمة القومي غير شرعي والقرار الذي اتخذ في مواجهة إسماعيل كتر جاء بعد مخالفات واضحة، تتجاوز صلاحياته كمساعد الرئيس
  • "المركزي الصيني" : الصين تحافظ على سعر صرف اليوان مستقرا بشكل أساسي
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • ترامب يدرس اختيار رجل الأعمال سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة الأمريكي
  • وزير التعليم يلتقي قيادات جامعة الملك فيصل الأكاديمية والإدارية ويكرّم رئيسها السابق
  • السنغال.. الحزب الحاكم يضمن الأغلبية في البرلمان
  • نساء الغابة المقدسة اللائي يتصلن بالسماء لحل أزمات السنغال
  • وزير الرياضة يشيد بالدعم الذي يقدمه الرئيس السيسي للرياضة والرياضيين والشباب
  • بيان من المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي)