قال الشيخ المقرئ عبد الرشيد صوفي، المتخصص في علم التجويد وقراءات القرآن الكريم، إن مكانة أهل القرآن تتلخص في اعتبارهم "أهل الله وخاصته" كما ورد في الحديث النبوي، مضيفا أن عليهم الجمع بين 3 خصال لتحقيق هذا الفضل والاصطفاء.

وتناول الشيخ عبد الرشيد -في الحلقة (2024/3/17) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"- موضوع فضل القرآن الكريم ومكانته وفضائل أهله وصفاتهم وما ينبغي عليهم التحلي به من أخلاق وسمات.

ويوضح الشيخ أن أول الخصال الواجب على أهل القرآن التمثل بها عمل اللسان، وذلك بتجويد كتاب الله وتحسينه وترتيله على الوجه الأمثل، ثم عمل الجنان بالتدبر والوقوف عند آياته والاعتبار بها وبما تقدمه من رسائل يرى أنه مخاطب بها مباشرة من رب العالمين.

أما الخصلة الأخيرة، فهي -حسب صوفي- عمل الأبدان، فليس الأمر مقصور على القراءة والحفظ والتدبر، بل لا بد من تطبيق واتباع لهدي كتاب الله، وذلك بأن يجمع بين القرب من الناس بالتواضع والمعايشة، والاغتراب عنهم بالتميز بأحوال يختص بها أهل القرآن من قيام وصلاة وذكر.

تعليم القرآن مقدم

ولفت الشيخ عبد الرشيد إلى أن تقديم تعليم القرآن على خلق الإنسان في مطلع سورة الرحمن، فيه إشارة واضحة إلى عظمة القرآن الكريم ومكانته عند الله فهو كلامه، ولو لم يكن من الفضل للإنسان على فقره وضعفه أمام باقي مخلوقات الله، أن يسر الله له قراءته ووعيه لكفاه ذلك.

وفي سياق الحديث عن فضل القرآن ومكانته، يؤكد الشيخ عبد الرشيد أن القرآن موصوف بالعظمة والعزة والكرم، وأن تلك العظمة والعزة ينالها من انتسب إليه بحق، مضيفا أن القرآن هو أعظم منة وأكبر هدية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.

وأشار إلى أن الخصوصية التي يمتاز بها أهل القرآن باعتبارهم "أهل الله وخاصته"، تقتضي أنهم في مكانة لا تتوفر لغيرهم، وتجعلهم في مقدمة من امتدحهم الله في كتابه، وذكر في هذا السياق الحديث النبوي: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".

كما ذكر حديث النبي المتفق عليه "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر".

فضله يسع الجميع

وحول فضل قراءة القرآن حتى لمن لا يفهمه من الأعاجم، يؤكد الشيخ عبد الرشيد أن القرآن له بركة تطال كل من تلاه حتى ممن لم يفقه معناه، فله أجر القارئ والفضل الذي ثبت لتالي القرآن، مستدركا: "لكن من تفقه به وفهمه وتدبره وعمل به له مزية ومكانة ليست لغيره".

وصاحب القرآن -حسب صوفي- يعرف قيمة الدنيا وحقارتها وهوانها على خالقها ومالكها، ومن ثم فإن ذلك يساعده على أن تهون عليه مصائب الدنيا ولا تعظم في عينه، كما أنه بتخلقه بخلق القرآن يصبر ويحلم ويعفو عمن أساء إليه.

وفي هذا السياق، يؤكد الشيخ عبد الرشيد أنه لا يوجد شيء أعظم في ميزان العبد من حسن الخلق، وأهل القرآن وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم لهم الحظ الأوفر من ذلك، حيث وصفه الله بأنه على خلق عظيم، كما وصفته زوجته أم المؤمنين عائشة بأنه "كان خلقه القرآن".

ولفت كذلك إلى أن طالب القرآن يقدر مشايخه ويجلهم ويرى لهم الفضل الكبير عليه، كما أنه يتنزه عن مواطن التهم وأماكن اللغو واللهو، ويجد في كتاب الله المعين والسلوى في الصبر على البلاء ومصائب الدنيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات أهل القرآن

إقرأ أيضاً:

ضابط تغيير خلق الله المنهي عنه في القرآن الكريم

تغيير خلق الله.. قالت دار الإفتاء المصرية إن المفسرون اختلفوا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119]، أي هل المراد تغيير دين الله بتحليل الحرام وتحريم الحلال؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾، أو المراد تغيير الأحوال التي تتعلق بالظاهر؛ كالوصل والوشم ونحو ذلك.

حكم تغيير خلق الله 

واوضحت الإفتاء أنه إذا كان المراد بهذه الآية هو تغيير الأحوال الظاهرة فإن المنهي عنه هو العدول عن صفة الخِلْقة أو صورتها التي تعرف بها بالإزالة أو التبديل؛ كالوشم وتفليج الأسنان.

قال الإمام البيضاوي في "أسرار التنزيل" (2/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ عن وجهه وصورته أو صفته] اهـ.

والضابط في تغيير خلق الله المنهي عنه، والذي نص عليه العلماء: أن يسبب ضررًا لفاعله، وأن يعمل في الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا دائمًا باقيًا، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، أما إذا خلا من ذلك فلا يعد تغييرًا لخلق الله.

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين به للنساء، فقد أجاز العلماء ذلك] اهـ.

وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (5/ 205-206، ط. الدار التونسية): [وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن، فإن الختان من تغيير خلق الله، ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر؛ لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليم الأظفار؛ لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين، وأما ما ورد في السُّنَّة من لعن الواصلات والمتنمصات والمتفلجات للحسن؛ فمما أشكل تأويله، وأحسب تأويله أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيًّا عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك، وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثمًا إذا كان فيه حظٌّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها] اهـ.

 

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: أكدت السنة النبوية حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتزين
  • ضابط تغيير خلق الله المنهي عنه في القرآن الكريم
  • مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه
  • قصة ابن الشيخ القرضاوي الذي قررت لبنان تسليمه للإمارات
  • هل المسلم على ملة إبراهيم عليه السلام.. الشيخ خالد الجندي يجيب (فيديو)
  • حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند البيع والشراء
  • موعد صيام الأيام البيض في شهر رجب 2025.. الفضل والأجر كما ورد عن النبي
  • الشيخ رمضان عبد المعز: الإيمان بالتوراة والإنجيل من أركان عقيدتنا
  • وفاة الشيخ سارية الرفاعي “جبل سوريا”.. والرجل الذي لم يهاب الأسد
  • وفاة الداعية السوري سارية الرفاعي في إسطنبول.. تعرف عليه