الضويني: الأزهر وضع لبنة رئيسة في حماية أبناء الأمة من الوقوع في براثن الفتن
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه لقد اجتمع لمصر من عوامل الفخر والعز ما يسعد القلوب، ومن ذلك الأمن الذي وصف الله عز وجل به مصر فقال: ﴿ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين﴾، أي مطمئنين أنه لن تصيبكم المكاره والأخطار والمخاوف، فدخلوا في حال من الفرح والسرور، وزال عنهم الغم والهم والكدر، وحصل لهم السرور والسكينة والطمأنينة والثقة، والأمن غاية كل إنسان عاقل، وكل أمة عاقلة.
وأضاف الدكتور الضويني خلال كلمته بذكرى تأسيس الجامع الأزهر الـ ١٠٨٤ عاما أن الأزهر الشريف ذاتا وموطنا ورجالا يصون هذا الأمن؛ ولا عجب فالأزهر شريف في ذاته، شريف في موطنه، شريف فيمن انتسب إليه وتشرب منهجه، شريف في غاياته ومراميه، وإن الأمن والشرف لا يكون بالكلام ولا بالشعارات، ولا بدعاوي مجردة عن الدليل، وإنما بالعطاء وبالصدق وبالمسئولية.
وبيّن وكيل الأزهر أن الأمن الذي يطلبه العقلاء ليس أمنا مقصورا على جانب واحد من جوانب الحياة، بل لا يتوقف عند أمور الدنيا فحسب، فهو الأمن الذي يشمل كل جنبات الحياة، ويشمل الآخرة معها، والأمن الفكري والعقدي أمن داخلي لا يقل أهمية عن أمن الوطن الخارجي، فأمن الفكر والعقيدة هو أمن الأمة، وقد من الله على مصر بالأزهر ليحمي أمنها العقدي والفكري، ويكون سدا منيعا أمام أي محاولة لطمس هوية مصر والعبث بعقيدة الأمة.
الأزهر في جميع عصوره كالبحر الخضم يموج بالعلماءوتابع أن الأزهر في جميع عصوره كالبحر الخضم يموج بالعلماء والطلاب يعلمون ويتعلمون وينشرون الدين بين العالم، ويحرسونه من عبث العابثين، وإلحاد الملحدين، ولم يخل عصر من عصوره من وجود فطاحل العلماء الذين أتموا الدراسات لجميع العلوم وأحاطوا بدقائقها ووقفوا على خفاياها، إليهم المرجع في حل المشكلات وتبيين المعضلات، ومن مزاياه الجليلة أن أبوابه مفتوحة لجميع أبناء العالم من جميع الأقطار يفدون إليه ليتفقهوا في دينهم وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.
واستشهد وكيل الأزهر بكلمة العلامة الكبير الشيخ عيسى منون في وداع كلية الشريعة بعد بلوغه سن التقاعد وتركه لمنصب العمادة: "لا ترى عالما ولا واعظا ولا قاضيا ولا مفتيا ولا موظفا في الشئون الدينية في معظم البلاد الإسلامية في هذا الزمان وفيما مضى من الأزمان إلا وقد تلقى علومه في الجامع الأزهر بالمباشرة أو بالواسطة، فهو غرة في جبين الدهر، ودرة وهاجة في تاج العز لمصر، ومفخرة عظيمة تتيه بها على سائر الأقطار»، مشيرا إلى أن وفضيلة الشيخ فلسطيني يجري الأزهر في عروقه، تعلم بالأزهر حتى صار شيخا لكليتي أصول الدين والشريعة، وعضوا بهيئة كبار العلماء، وإذا كان هذا كلام فلسطيني في أزهره فكلام الأزهر في فلسطين لا ينسى، ومواقفه لا تمحى، والله نسأل أن يعجل بالفرج والنصر والتأييد، وعسى أن يكون قريبا.
وأضاف وكيل الأزهر أننا نحتفل اليوم بمؤسسة وضعت بذور الخير منذ مئات السنين في أرض مصر الطيبة فأثمرت، وما زالت ثمراتها تخرج بإذن ربها: تعليما في منهجية، ودعوة على بصيرة، وتوجيها في لين، وكفاحا في عز، تحمل مشعل هداية القلوب، واستنارة العقول، وتنشر الوسطية والاعتدال، وتدافع عن العقيدة الصحيحة فكرا ومنهجا؛ لتكون بذلك لبنة رئيسة في حماية أبناء الأمة من الوقوع في براثن الفتن.
في أروقة الأزهر تعلم الملوك والسلاطين،وتابع أنه في أروقة الأزهر تعلم الملوك والسلاطين، وفي معاهده تخرج الرؤساء والوزراء والسفراء من شتى بقاع الدنيا، وإلي علمائه تقرب الملوك والأمراء، ومن صحنه انطلقت الثورات، ومن على منبره وجهت، وبقيادة علمائه ومشاركة طلابه انكسرت قوي الطغيان، وتحطمت أحلام الغزاة، وإن احتفالنا اليوم بهذه المؤسسة العريقة في حقيقته احتفال بعطاء الله للأمة، ونعمته عليها: مؤسسة عادلة، تدعو إلى الله على بصيرة، وفي سماحة، وتنقل أحكام الشريعة في يسر وسهولة، فلا إفراط ولا تفريط، ولا مغالاة ولا تهاون، وتقف سدا منيعا أمام الدعوات المتطرفة، والمناهج الهدامة، وتصون العقيدة والإيمان، وتحافظ على الهوية والأوطان.
الأزهر الشريف مؤسسة شاملة بقطاعاتها المتنوعةواختتم الدكتور الضويني أن الأزهر الشريف مؤسسة شاملة بقطاعاتها المتنوعة، بهيئة لكبار علماء الأزهر التي تحمل هم الدين وهم الأوطان، وتعكف على ما يشغل الناس من مستجدات لتصل فيها إلى رأي يرعى واقع الناس ويستجيب لحاجاتهم، ومجمع للبحوث الإسلامية يعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب المذهبي، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، بوعاظه الذين ينتشرون في ربوع البلاد، وقطاع للمعاهد يربي النشأ على الفضيلة وحسن الخلق قبل العلم، وجامعة عريقة أفادت المجتمع والعالم بخريجين أصبحوا رموزا وقدوة لغيرهم، ولجان للفتوى في كل مراكز مصر ومدنها تستقبل الجماهير كل يوم فتبين لهم ما اختلط عليهم من أمور دينهم ودنياهم، ومركز عالمي للفتوى الإلكترونية أسهم في تيسير التواصل مع الناس بشكل لحظي للرد على أسئلتهم والإجابة على استفساراتهم، وأكاديمية لتدريب الأئمة من مختلف دول العالم وغير ذلك من وحدات، وإن هذه المؤسسة العظيمة، بما تقدمه من أدوار، وما تمارسه من أعمال، وما تطلقه من مبادرات، وبيانات؛ تؤكد أنها مؤسسة واعية، توقر الماضي، وتقرأ الحاضر، وتسعى إلى مستقبل مشرق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر محمد الضويني ذكرى تأسيس الجامع الأزهر الأزهر الشريف وکیل الأزهر الأزهر فی شریف فی
إقرأ أيضاً:
المحاضرات الرمضانية.. تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية
يمانيون/ تقارير
في هذا الزمن الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واستحكمت فيه أهواء الأنفس وكثرت الشبهات وتعددت المشكلات والتحديات التي تواجهها الأمة جراء الحرب الشعواء التي يتبناها اللوبي الصهيوني، يطل السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي طوال أيام شهر رمضان المبارك بمحاضرات من هدي القرآن الكريم تُعطينا الطاقةَ اللازمةَ من التدبُّر والتفكُّر في آيات الله وآلائه، وفي العمل والأخذ بأوامر الله ونواهيه. فلا خلاص مما تعانيه الأمة، ولا أنس لنفس، ولا تحقيق لوعد، ولا أمن من عقاب، ولا ثبوت لمعتقد، ولا بقاء لذكر وأثر طيب إلا بأن تتجه الأمة اتجاهاً صحيحاً نحو ثقافة القرآن الكريم؛ فالرفعة والقيادة والكرامة والريادة والعزة والسيادة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة إنما هي لحملة كتاب الله العاملين به.
ودشن السيد القائد المحاضرات الرمضانية، بكلمة ألقاها في جمع كبير من العلماء ومسؤولي الدولة تمحورت حول استقبال شهر رمضان المبارك وأهمية الاستعداد الذهني والنفسي له، واستشهد السيد القائد بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله في التنبيه إلى فضل الشهر الكريم. وضرورة الاستفادة من بركات رمضان، لنيل المغفرة والرحمة ومضاعفة الأجر، وتهذيب النفس وتعزيز التقوى، بالإضافة إلى دور القرآن الكريم في توجيه الأمة وتعزيز الوعي والبصيرة.
شهر رمضان ليس شهر الخمول، بل هو شهر الجهاد والعمل، فقد كانت فيه معارك إسلامية كبرى مثل غزوة بدر وفتح مكة فيجب أن يكون الشهر محطة لتعزيز القوة المعنوية والاستعداد لمواجهة أعداء الأمة. وقد أشار السيد إلى دور رمضان التاريخي ففيه وقعت غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) وفتح مكة، فرمضان منصة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ولا بد من مواجهة الحرب الشيطانية التي تقودها الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي الذين يحاولون في نفس الوقت تفريغ الإسلام من مضمونه عبر الإفساد الفكري (التطبيع، القنوات الفتنوية) وعبر تحويل العبادات إلى طقوس شكلية.
وتضمنت الرسالة المركزية للسيد في التكامل بين العبادة والجهاد فرمضان ليس موسمًا للعبادة الفردية فحسب، بل فرصة لبناء القوة المعنوية (الإيمان، الصبر، الارتباط بالله) و تعزيز التضامن الإسلامي في مواجهة الأعداء. ولتحقيق ذلك لا بد من العودة إلى القرآن كمرجعية لحل المشكلات الفردية والجماعية. والربط بين التقوى الشخصية والمسؤولية الجماعية في إصلاح الواقع.
ومن هنا يمكن القول إن تحويل رمضان من شهرٍ للعبادة الروتينية إلى مشروع نهضوي متكامل، يجمع بين تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية وإحياء دور الأمة كـ “خير أمة أُخرجت للناس” هي أبرز مضامين كلمة السيد القائد.
شهر الجهادكما تحدث السيد عن الأوضاع الراهنة، مع التركيز على قضايا الأمة الإسلامية، خصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومواجهة التحديات التي تفرضها القوى المعادية، مثل أمريكا و”إسرائيل”، مع اتخاذ موقف حازم بأن اليمن سيتدخل بشكل مباشر وفي مختلف المسارات إذا تنصل العدو الإسرائيلي عن الالتزام بالاتفاق، كما أكد السيد أن الجهوزية للتدخل لا تقتصر على غزة وحسب بل إنه يجري التحضير والاستعداد للتدخل إذا استمر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وكذلك في لبنان.
وفي كلمة استقبال شهر رمضان أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي وجوب الاستعداد والجهوزية واليقظة لأي مستوى من التطورات في الضفة يستدعي التحرك الشامل أو في غزة أو لبنان أو أي ساحة أخرى. مؤكدا أن كل الكيان الصهيوني بما فيه يافا سيكون تحت النار.
وأوضح السيد القائد أن ترامب تحدث بكل وقاحة عن تهجير أهل غزة وتملكها بكل العبارات الوقحة جدا وكان يريد مصادرة الاتفاق بكله وحدد يوم السبت في أحد الأسابيع التي قد مضت بأنه موعد نهائي لإخراج كل الأسرى الإسرائيليين وعندما لم يتم لترامب إخراج كل الأسرى الإسرائيليين في الموعد الذي حدد اتضح له أن المسألة ليست كما يريد وليس له أن يفرض ما يشاء. وأوضح أننا كنا جاهزين للتدخل العسكري إذا فتح ترامب حربا في يوم السبت الماضي فنحن أمام مستوى من الصلف والطغيان والعدوان والإجرام والوقاحة الأمريكية والإسرائيلية ويجب أن نكون دائما في حالة استعداد تام للتحرك في أي وقت يلزم فيه التحرك.
وشدد أهمية السعي على الدوام لتطوير قدراتنا والاستعداد بكل ما نحتاج فيه إلى استعداد في كل عناصر القوة وأضاف: علينا أن نكون جاهزين للتحرك بفاعلية وقوة في أي يوم أو وقت أو مرحلة تستدعي التدخل لمساندة الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو أي شعب من شعوب أمتنا وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة أي عدوان على بلدنا.
وقال: نحن نراقب ونرصد باستمرار مجريات الوضع هناك ونلاحظ مدى تهرب العدو من الالتزام بالاتفاق بشكل كامل
الكيان تحت الناروأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في (كلمة قصيرة) لتهنئة الأمة الإسلامية والعربية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، على ثبات موقفنا بنصرة الشعب الفلسطيني والفصائل مع المحاولات “الإسرائيلية” للتهرب من وقف إطلاق النار والمرحلة الثانية. مؤكدا أن عودة الحرب على غزة سيصاحبه عودة كل كيان العدو وفي المقدمة يافا المحتلة ليكون تحت النار وسنتدخل بالإسناد بمختلف المسارات العسكرية.
وجدد السيد التأكيد على ثبات موقفنا في مساندة حزب الله والشعب اللبناني مع استمرار العدو بالاعتداءات وعدم التزامه بالانسحاب التام واحتلاله مواقع في الأراضي اللبنانية. محذرا من استمرار العدو في الاحتلال والاعتداء. وأضاف: نقول لإخوتنا المجاهدين في فلسطين وفي لبنان لستم وحدكم فالله معكم ونحن معكم وننصح الصهاينة ومن يدور في فلكهم أن يصححوا نظرتهم الخاطئة فالتشييع التاريخي للسيد نصر الله والسيد صفي الدين يؤكد ثبات الشعب اللبناني على خيار المقاومة واحتضانه للمجاهدين وتعافي المقاومة.
الجهاد وضرورة تزكية النفوسوتطرق السيد إلى أهمية الاستعداد لشهر رمضان فالنبي محمد صلى الله عليه وآله كان يلفت الأنظار إلى شهر رمضان قبل قدومه، ويحث على اغتنامه كفرصة للتقرب إلى الله فهناك فرق كبير بين من يدخل رمضان بوعي واستعداد، وبين من يدخله بروتينية ودون اهتمام، فشهر رمضان له فضل كبير فهو فرصة لمضاعفة الأجور، وزيادة القرب من الله، وتحقيق تزكية النفس وشهر رمضان هو شهر مبارك فيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر وفيه يُفتح باب الرحمة والمغفرة، وتتنزل البركات. كما أن صيام رمضان يساعد على ضبط النفس وقوة الإرادة، والتغلب على الشهوات والغرائز ويزيد من الشعور بالمسؤولية تجاه الفقراء والمحتاجين ويعزز التقوى، حيث قال الله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين رمضان والقرآن فرمضان هو شهر نزول القرآن، لذا يجب استغلاله في التدبر وقراءة القرآن والالتزام به فالقرآن هو مصدر الهداية والوعي للأمة، وفيه حلول لكل التحديات التي تواجه المسلمين.
وشدد السيد على ضرورة تجنب إضاعة الوقت في اللهو والتسلية، مثل متابعة المسلسلات والبرامج غير المفيدة مع الحذر من قرناء السوء الذين يضيعون أوقات الناس فيما لا ينفع وتجنب المعاصي، مثل الغيبة، والنظر الحرام، والكلام السيئ، لأنها تُحبط ثواب الصيام.
وركّز السيد على أهمية الإقبال على الله بالتوبة والاستغفار والالتزام بالفرائض والحرص على الصلوات والاهتمام بتلاوة القرآن والتدبر فيه والإكثار من الذكر والدعاء، واستغلال أوقات الاستجابة والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإخراج الزكاة وإحياء المساجد بالصلاة والذكر والعبادة.
التقوى وأهميتها في ميدان الصراع
بعد أن تحدث السيد القائد عن أهمية شهر رمضان كمدرسة متكاملة يمكن الاستفادة منها في مواجهة الأخطار والتحديات عن طريق الخروج من الروتين إلى تحويل الصيام لمفاهيم عملية تبني الإنسان بشكل صحيح ليتحرك وفق ذلك لبناء الأمة، فإن السيد القائد بدأ محاضراته الرمضانية بالحديث عن التقوى كونها المعيار التي من خلاله نتقي سخط الله والعقوبة في الدنيا والآخرة، لأننا أمام تحديات كبيرة والتخاذل في هذه المرحلة له تبعات على حياتنا في الدنيا وتعبات على مصيرنا في الآخرة.
وحتى يكون الإنسان جدير بأن يسير على منهج الله لا بد له من تطبيق العديد من التعليمات التي من أهمها التقوى والتي تعني الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، وهي الهدف الرئيسي من فريضة الصيام في رمضان ، كما جاء في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
وهناك ثمار للتقوى فقد وَعَدَ الله المتقين بالجنة والنعيم الأبدي، كما في آيات: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، و{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} و في الدنيا، يمنح الله المتقين التيسير والرزق من حيث لا يحتسبون، كما في قوله تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
والتقوى ليست مجرد اجتناب المحظورات، بل هي إدراكٌ دائم لرقابة الله، يعكس علاقةً قوية بين العبد وربه. هذا الوعي يُحوِّل الأفعال اليومية إلى عبادة، ويجعل المسلم يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
المحاضرة تُلمح إلى مفارقة عظيمة، الالتزام بالتقوى ليس قيدًا، بل تحررًا من عبودية الشهوات والغضب والخوف. فالمتقون الأولى بالفوز في الدنيا والآخرة لأنهم تحرروا من سطوة الأنا. كما أن التزام التقوى للفرد ليست منفصلة عن تقوى الجماعة. فإهمال الواجبات الاجتماعية (كالجهاد) هو نقص في التقوى، كما أن التهاون بالمعاصي يُضعف نسيج الأمة. والخلاصة فإن التقوى — في جوهرها — هي فن العيش بوعي، حيث تصبح كل لحظة فرصةً للقاء الله في العمل والنية. وهي ليست شعارًا يُرفع في رمضان، بل مشروعٌ وجودي يُبنى يوميًا، يجمع بين خشية القلب وحركة الجوارح، بين الفرد والأمة، بين الدنيا والآخرة.
نقلا عن موقع أنصار الله