قال   محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه لقد اجتمع لمصر من عوامل الفخر والعز ما يسعد القلوب، ومن ذلك الأمن الذي وصف الله عز وجل به مصر فقال: ﴿ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين﴾، أي مطمئنين أنه لن تصيبكم المكاره والأخطار والمخاوف، فدخلوا في حال من الفرح والسرور، وزال عنهم الغم والهم والكدر، وحصل لهم السرور والسكينة والطمأنينة والثقة، والأمن غاية كل إنسان عاقل، وكل أمة عاقلة.

وأضاف الدكتور الضويني خلال كلمته بذكرى تأسيس الجامع الازهر الـ ١٠٨٤ عاما أن الأزهر الشريف ذاتا وموطنا ورجالا يصون هذا الأمن؛ ولا عجب فالأزهر شريف في ذاته، شريف في موطنه، شريف فيمن انتسب إليه وتشرب منهجه، شريف في غاياته ومراميه، وإن الأمن والشرف لا يكون بالكلام ولا بالشعارات، ولا بدعاوي مجردة عن الدليل، وإنما بالعطاء وبالصدق وبالمسئولية.

وبيّن وكيل الأزهر أن الأمن الذي يطلبه العقلاء ليس أمنا مقصورا على جانب واحد من جوانب الحياة، بل لا يتوقف عند أمور الدنيا فحسب، فهو الأمن الذي يشمل كل جنبات الحياة، ويشمل الآخرة معها، والأمن الفكري والعقدي أمن داخلي لا يقل أهمية عن أمن الوطن الخارجي، فأمن الفكر والعقيدة هو أمن الأمة، وقد من الله على مصر بالأزهر ليحمي أمنها العقدي والفكري، ويكون سدا منيعا أمام أي محاولة لطمس هوية مصر والعبث بعقيدة الأمة.

وتابع  أن الأزهر في جميع عصوره كالبحر الخضم يموج بالعلماء والطلاب يعلمون ويتعلمون وينشرون الدين بين العالم، ويحرسونه من عبث العابثين، وإلحاد الملحدين، ولم يخل عصر من عصوره من وجود فطاحل العلماء الذين أتموا الدراسات لجميع العلوم وأحاطوا بدقائقها ووقفوا على خفاياها، إليهم المرجع في حل المشكلات وتبيين المعضلات، ومن مزاياه الجليلة أن أبوابه مفتوحة لجميع أبناء العالم من جميع الأقطار يفدون إليه ليتفقهوا في دينهم وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.

واستشهد وكيل الأزهر بكلمة العلامة الكبير الشيخ عيسى منون في وداع كلية الشريعة بعد بلوغه سن التقاعد وتركه لمنصب العمادة: "لا ترى عالما ولا واعظا ولا قاضيا ولا مفتيا ولا موظفا في الشئون الدينية في معظم البلاد الإسلامية في هذا الزمان وفيما مضى من الأزمان إلا وقد تلقى علومه في الجامع الأزهر بالمباشرة أو بالواسطة، فهو غرة في جبين الدهر، ودرة وهاجة في تاج العز لمصر، ومفخرة عظيمة تتيه بها على سائر الأقطار»، مشيرا إلى أن وفضيلة الشيخ فلسطيني يجري الأزهر في عروقه، تعلم بالأزهر حتى صار شيخا لكليتي أصول الدين والشريعة، وعضوا بهيئة كبار العلماء، وإذا كان هذا كلام فلسطيني في أزهره فكلام الأزهر في فلسطين لا ينسى، ومواقفه لا تمحى، والله نسأل أن يعجل بالفرج والنصر والتأييد، وعسى أن يكون قريبا.

وأضاف وكيل الأزهر أننا نحتفل اليوم بمؤسسة وضعت بذور الخير منذ مئات السنين في أرض مصر الطيبة فأثمرت، وما زالت ثمراتها تخرج بإذن ربها: تعليما في منهجية، ودعوة على بصيرة، وتوجيها في لين، وكفاحا في عز، تحمل مشعل هداية القلوب، واستنارة العقول، وتنشر الوسطية والاعتدال، وتدافع عن العقيدة الصحيحة فكرا ومنهجا؛ لتكون بذلك لبنة رئيسة في حماية أبناء الأمة من الوقوع في براثن الفتن.

وتابع  أنه في أروقة الأزهر تعلم الملوك والسلاطين،‏ وفي معاهده تخرج الرؤساء والوزراء والسفراء من شتى بقاع الدنيا،‏ وإلي علمائه تقرب الملوك والأمراء، ومن صحنه انطلقت الثورات، ومن على منبره وجهت، وبقيادة علمائه ومشاركة طلابه انكسرت قوي الطغيان، وتحطمت أحلام الغزاة، وإن احتفالنا اليوم بهذه المؤسسة العريقة في حقيقته احتفال بعطاء الله للأمة، ونعمته عليها: مؤسسة عادلة، تدعو إلى الله على بصيرة، وفي سماحة، وتنقل أحكام الشريعة في يسر وسهولة، فلا إفراط ولا تفريط، ولا مغالاة ولا تهاون، وتقف سدا منيعا أمام الدعوات المتطرفة، والمناهج الهدامة، وتصون العقيدة والإيمان، وتحافظ على الهوية والأوطان.

واختتم الدكتور الضويني أن الأزهر الشريف مؤسسة شاملة بقطاعاتها المتنوعة، بهيئة لكبار علماء الأزهر التي تحمل هم الدين وهم الأوطان، وتعكف على ما يشغل الناس من مستجدات لتصل فيها إلى رأي يرعى واقع الناس ويستجيب لحاجاتهم، ومجمع للبحوث الإسلامية يعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب المذهبي، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، بوعاظه الذين ينتشرون في ربوع البلاد، وقطاع للمعاهد يربي النشأ على الفضيلة وحسن الخلق قبل العلم، وجامعة عريقة أفادت المجتمع والعالم بخريجين أصبحوا رموزا وقدوة لغيرهم، ولجان للفتوى في كل مراكز مصر ومدنها تستقبل الجماهير كل يوم فتبين لهم ما اختلط عليهم من أمور دينهم ودنياهم، ومركز عالمي للفتوى الإلكترونية أسهم في تيسير التواصل مع الناس بشكل لحظي للرد على أسئلتهم والإجابة على استفساراتهم، وأكاديمية لتدريب الأئمة من مختلف دول العالم وغير ذلك من وحدات، وإن هذه المؤسسة العظيمة، بما تقدمه من أدوار، وما تمارسه من أعمال، وما تطلقه من مبادرات، وبيانات؛ تؤكد أنها مؤسسة واعية، توقر الماضي، وتقرأ الحاضر، وتسعى إلى مستقبل مشرق.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: محمد الضويني وكيل الأزهر كبار العلماء الجامع الأزهر الازهر الشريف وکیل الأزهر شریف فی

إقرأ أيضاً:

تتصل بالعلاقات الثنائية.. خادم الحرمين يبعث رسالة خطية إلى رئيسة المكسيك

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رسالة خطية إلى رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في شتى المجالات.‏حفل مراسم التنصيبنيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، شارك نائب وزير الخارجية م. وليد بن عبدالكريم الخريجي اليوم الأربعاء، في حفل مراسم تنصيب كلاوديا شينباوم رئيس الولايات المتحدة المكسيكية.
كما سلم الخريجي رسالة خطية من خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - إلى رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في شتى المجالات.
أخبار متعلقة وزير الصناعة يبحث مع جامعة "تورونتو" الكندية تطوير القدرات البشرية التعدينيةنيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في قمة حوار التعاون الآسيوي .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } نيابة عن خادم الحرمين.. الخريجي يشارك في حفل تنصيب رئيسة المكسيك - واستهنئة وتحيات القيادةونقل نائب وزير الخارجية خلال مراسم التنصيب، تهنئة وتحيات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - إلى فخامتها وتمنياتهما لها بالتوفيق والنجاح، وإلى حكومة وشعب المكسيك الصديق المزيد من التقدم والازدهار.
فيما حملته فخامتها تحياتها وتقديرها إلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - أيدهما الله -، وإلى حكومة وشعب المملكة اطراد التقدم والازدهار.

مقالات مشابهة

  • «الشفافية».. سلاح فعال في مواجهة مثيري الفتن ومُروِّجي الأكاذيب
  • أبناء مديرية القبيطة بلحج يحتشدون تضامناً مع الشعبين الفلسطيني واللبناني
  • مجلس الأمن والسلم الإفريقي: حريصون على حماية مؤسسات الدولة الرسمية
  • الدكتور الضويني يفتتح جناح الأزهر بمعرض «ذاكرة أكتوبر»
  • وكيل الأزهر: سيظل السادس من أكتوبر شاهدا على عظمة العسكرية المصرية
  • الإمام الطيب يستقبل سفير سلطنة عمان بمشيخة الأزهر
  • سمو ولي العهد يستقبل رئيسة وزراء تايلاند على هامش قمة حوار التعاون الآسيوي بالدوحة
  • “حماس” تدعو أبناء الأمة للحشد يوم بعد غد الجمعة لوقف العدوان على فلسطين ولبنان
  • تتصل بالعلاقات الثنائية.. خادم الحرمين يبعث رسالة خطية إلى رئيسة المكسيك
  • رئيس الوزراء: مصر واحة الأمن والاستقرار في المنطقة.. وعقيدتنا حماية مصالحها