أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنَّ تأسيس الجامع الأزهر يوم تاريخي مهم في ذاكرة التاريخ لا ينسى لأنه يمثل حقبة مهمة في تاريخ الإسلام شاءت الإرادة الإلهية أن يكون هذا الأزهر وأن يبزغ نجمه في سماء أرض الكنانة بعد القرون الثلاثة الأولى الفاضلة التي قال عنها الرسول ﷺ: "خيرُ القرونِ قرْني, ثمَّ الَّذين يلونَهم, ثمَّ الَّذين يلونَهم.

."، وبعد هذه القرون كثرت الفرق والانحرافات وجاء الزحف التتري على تراث الأمة فإذا بالإرادة الإلهية تظهر الأزهر على أرض الكنانة، حاميًا لأشرف تراث في الوجود من الهجمة، ومحتضنًا في أروقته أبناء المسلمين من كل الأرض، وباعثًا بعلمائه إلى الدنيا بأسره لينشر فيها عبير الإسلام، من أجل ذلك سعد العالم بظهوره.

ذكرى تأسيس الجامع الأزهر 

وخلال كلمته بالاحتفالية التي أقامها الأزهر اليوم بذكر مرور 1084 عامًا على تأسيس الجامع الأزهر، ردد فضيلته كلمات من قصيدة كتبها للأزهر الشريف تؤكد قيمة وعراقة هذه المؤسسة، يقول فيها: "يا مصر نادى المخلصون وكبروا لما تجلى في سماك الأزهر، من ألف عام بل يزيد ومجده في قمة التاريخ لا يتقهقر، صان التراث وصان دين محمد وبهديه ينبوعه يتفجر، يا مصر فيك النيل عذب سائغ لكن أزهرنا الشريف الكوثر"، مؤكدًا أن الأزهر الشريف نهض برسالته وكانت له وقفاته التاريخية والقومية حيال الحياة ومواجهة الغزاة على أرض مصر، فقاوم الحملة الفرنسية، وقاد أولئك الثائرين الذين ناهضوا أيضًا الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإنجليزي.

وأكد فضيلته أنه لا يوجد في العالم دولة من الدول أو قطرًا من الأقطار نزله الاستعمار إلا وغير لغته وهويته، وبقايا الاستمعار وهمجياته ما زالت حتى الآن في كثير من الدول، إلا مصر فلم يستطع أبدًا أن يغير لغتها ولا هويتها وذلك بفضل الله حين ساق لهذا البلد الأزهر الشريف، لذلك قال كبار المؤرخين إن من لم يذهب إلى مصر ما رأى مجد الإسلام ولا عزه لأن فيها الأزهر، متابعًا أن هذا الكلام لا نقوله لنتباهى بأمجادنا وأسلافنا، ولا لنحفر في ذاكرة التاريخ أشياء هامة يعلمها الناس، ولكن نقول ذلك من أجلكم يا أبناء الأزهر ويا طلاب الأزهر ويا أيها العاملون في الأزهر: انهضوا وضاعفوا جهودكم فالحياة الآن في حاجة إليكم وإلى مضاعفة جهودكم في الدعوة إلى الله.

انطلاق مسابقة القرآن الكريم لبراعم الوافدين والمصريين بالتعاون مع مجلة نور بمنظمة خريجي الأزهر

ووجه فضيلته نداء إلى كل المسؤولين في كل الأرض وفي مصر خصوصًا لمضاعفة الدعم القوي للأزهر حتى يستطيع أن ينتشر في كل شبر في العالم، لأنه لو انتشر هديه في كل بقاع العالم لانقشع الظلام والجهالة والضلالة ولأبصر الناس حياتهم الإسلامية حقيقة ماثلة لا شك فيها، ومن هنا تأتي أهمية هذه الاحتفالية، وهنا لا نتغنى بماضٍ قدمه أسلافنا ولكن ننادي أنفسنا وأنفسكم والمسؤولين أن ضاعفوا جهودكم لدعم رسالة الأزهر ليس في مصر وحدها وإنما في العالم كله، لأن الأزهر وإن كان مصري الموقع فإنه عالمي الرسالة، يستمد عالميته من عالمية الإسلام التي بعث بها سيد الأنام ﷺ، وبالقرآن الذي رجى به أن يكون أكثر الأمم تابعًا يوم القيامة، فقد قال ﷺ: "ما من الأنبياء من نبيٍّ إلا و قد أُعطَى من الآيات ما مِثلُه آمنَ عليه البشرُ، و إنما كان الذي أُوتيتُه وحيًا أوحاه اللهُ إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يومَ القيامةِ".

وأبدى عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أسفه لما حدث وما جرى من الاستعمار ومن سماسرته الذين فرقوا ومزقوا أمتنا الإسلامية، مؤكدًا أنه قد آن الوقت لأن نضاعف دعمنا وجهودنا ورسالتنا مع الأزهر قُدمًا للإمام حتى يرد الله عنا عداء المعتدين وظلم الظالمين والغاشمين الذين يحتلون الآن أشرف البقاع وأقدسها أرض الإسراء التي أسرى إليها حبيبنا وشفيعنا المصطفى ﷺ وصلى فيها بالأنبياء جميعًا معلنًا عالمية الإسلامية تطؤها أقدام شذاذ الأرض ويُذبَّح أبناؤها ويهجرون بهذه الصورة الماثلة، موجهًا رسالة من الأزهر إلى كل الحكومات العربية والإسلامية وشعوب هذه الدول لنصرة الإسلام والمسلمين والمستضعفين وأرض القدس من هذه الهجمات الشرسة ودعم أهلنا في غزة والأراضي المحتلة.

ونظم الأزهر الشريف اليوم احتفالية بذكرى مرور (1084) عامًا هجريًّا على تأسيس الجامع الأزهر، وذلك في رحاب الجامع الأزهر، بحضور فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وجمعٍ من كبار علماء الأزهر وقياداته، مع إقامة احتفاليات لهذه الذكرى الطيبة في جميع محافظات الجمهورية بتنظيم قطاع المعاهد والمناطق الأزهرية. وكان المجلس الأعلى للأزهر قد قرر فى مايو 2018 برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اعتبار مناسبة افتتاح الجامع الأزهر فى السابع من رمضان عام 361هـ يومًا سنويًّا للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع الأزهر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: احمد عمر هاشم الأزهر هيئة كبار العلماء تأسيس الجامع الأزهر ذكرى تأسيس الجامع الازهر تأسیس الجامع الأزهر الأزهر الشریف

إقرأ أيضاً:

الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن تحويل القبلة حدث يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المباركين.

وأضاف مركز الأزهر فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، إن سيدنا رسول الله ﷺ كان في مكة يصلي إلى بيت المقدس ويجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس؛ كي يستقبلهما معًا؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُصلِّي وهو بمكةَ نَحْوَ بيتِ المقدسِ والكعبةُ بينَ يدَيهِ». [أخرجه أحمد]

ولما هاجر سيدنا النبي ﷺ والمسلمون إلى المدينة كان بيت المقدس قبلتهم ما يقرب من عام ونصف؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَّى نحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا...». [متفقٌ عليه]

وجاء الأمر الإلهي إلى سيدنا رسول الله ﷺ بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام بمكة في منتصف شهر شعبان من العام الثاني للهجرة على المشهور، ونزل قول الله سبحانه: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. [البقرة: 144]

وكان تحويل القبلة اختبارًا من الله سبحانه تبين من خلاله المؤمن الصادق المُسلِّم لله وشرعه، والمعاند العاصي لله ورسوله ﷺ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّاِ لنَعْلَمَ َمنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}. [البقرة: 143] 

- فكانت استجابة المؤمنين  صدقًا وهُدًي ونورًا؛ إذ سارعوا إلى امتثال الأمر ولسان حالهم يقول: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

- أما المشركون فزادهم هذا الحدث العظيم عنادًا على عنادهم، وقالوا: يوشك أن يرجع محمدٌ إلى ديننا كما رجع إلى قِبلتِنا؛ فخاب ظنهم، وكسَد سعْيُهم، وباؤوا بغضبٍ على غضبٍ.

▪في تحويل القبلة تأكيد على عُلوّ مكانة سيدنا رسول الله ﷺ عند ربّه، فقد كان ﷺ يحبّ التوجَّه في صلاته إلى البيت الحرام، وتهفو روحُه إلى استقبالِ أشرفِ بقاع الدُّنيا؛ فعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]، فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ». [أخرجه البخاري]

وأكد تحويل القبلة على العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، تلك العلاقة التي دلت على قوتها وشرفها أدلةٌ كثيرة؛ كقول أبي ذر لسيدنا رسول الله ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى». قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ»، ثُمَّ قَالَ: «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ ». [أخرجه البخاري]

وعلى المُستوى المُجتمعي: يظهر هذا الأمر تكاتف المسلمين واتحادهم وأنهم بمثابة الجسد الواحد في التسليم لوحي الله سبحانه وشرعه، وفي حرص بعضهم على بعض، حينما خاف بعضهم على إخوانهم الذين ماتوا ولم يدركوا الصلاة إلى المسجد الحرام؛  فأنزل الحقُّ سبحانه قوله: {‌وَمَا ‌كَانَ ‌اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }.  [البقرة: 143]

ورسخ تحويل القبلة أن الغاية العظمى هي عبودية الله سبحانه والتسليم له وإن اختلفت الوجهة؛ فلله سبحانه المشارق والمغارب، قال تعالى: {وَلِلَّهِ ‌الْمَشْرِقُ ‌وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. [البقرة: 115]

وتضمن تحويل القبلة تعظيمًا وتشريفًا لأُمَّة الإسلام بالوسطية والتوفيق إلى قبلة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتستحق بذلك مكانة الشهادة على جميع الأمم؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ ‌جَعَلْنَاكُمْ ‌أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [البقرة: 143]

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر يعلن قرب اكتمال مشروع الأزهر لكتابة ‏المصحف الشريف.. صور
  • عباس شومان: جمال الخطوط العربية لا مثيل له في ‏أي لغة أخرى
  • برعاية فضيلة الإمام أحمد الطيب .. انطلاق فعاليات ملتقى الأزهر للخط العربي والزخرفة
  • نصائح مهمة لدوام الصلاة والتغلب على التقصير فيها .. الإفتاء توضح
  • بدء الدورة التدريبية للمرشحين للابتعاث الخارجي بالأزهر الثلاثاء المقبل
  • مفتي الجمهورية يكشف أسباب وأهمية تحويل القبلة في تاريخ الإسلام.. فيديو
  • الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
  • خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين والتفاوض على الأوطان
  • خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين إلى قضايا متعددة
  • الأزهر الشريف يوجه رسالة عاجلة إلى العرب والمسلمين