المقاومة الفلسطينية في فلسفة طه عبد الرحمن
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
الأحداث التاريخية الكبرى تطرح أسئلة فلسفية كبرى تعجز السياسة أمامها عن طرح أجوبة مقنعة؛ كانت هزيمة عام 1967 أحد هذه الأحداث التي استنفرت العقل والوجدان العربي لاستيعاب الصدمة ومن ثم التعامل معها على مستويات مختلفة. وكان الفيلسوف المغربي الدكتور طه عبد الرحمن واحدا من هؤلاء الذين شكلت هذه الهزيمة نقطة تحول في حياتهم وانطلق في رحلة فلسفية بحثية ناهزت أكثر من نصف قرن ليجيب على سؤال توصيف هذا العقل الذي هزم العرب في تلك الحرب، فمهد الفيلسوف المغربي وأفسح الطريق أمام تأسيس عقل منطقي عربي جديد.
ويبزغ السؤال هنا: إلى أي مدى يتحاج العرب إلى الفلسفة في هذا الظرف شديد الخطورة؟ والجواب أن هذا الظرف هو الأنسب لتأطير هذه المفاهيم؛ لأن الأحداث المتلاحقة التي تعيد ترتيب المشاهد والمواقف والمبادئ تسببت في سيولة فكرية هائلة، وحدهم الفلاسفة أصحاب المشاريع الجادة هم القادرون على إعادة ترتيب الأوراق الفكرية لزخم الحركة المتسارعة.
إلى أي مدى يتحاج العرب إلى الفلسفة في هذا الظرف شديد الخطورة؟ والجواب أن هذا الظرف هو الأنسب لتأطير هذه المفاهيم؛ لأن الأحداث المتلاحقة التي تعيد ترتيب المشاهد والمواقف والمبادئ تسببت في سيولة فكرية هائلة
من حسن حظ جيلنا أن الدكتور طه عبد الرحمن حي يرزق بين ظهرانينا ينظر إلى تزاحم أحداث عملية طوفان الأقصى بعين الفيلسوف والمفكر وليس المحلل، ولفت نظري أن الفيلسوف الذي أخذ على عاتقه التنظير للعقل والأخلاق اعتبر أن المقاومة الفلسطينية انتصرت على إسرائيل في معركتي العقل والأخلاق، وشرح أن الهزيمة السياسية لإسرائيل في هذه المعركة هي مجرد تابع للهزيمة العقلية والأخلاقية.
يعتبر عبد الرحمن أن المقاوم الفلسطيني تجاوز حدود بلده وقضيته المحلية إلى الأفق العالمي الأرحب، إذ أنه لم يكشف فقط عن العوار الأخلاقي الذي أصاب العالم، بل أصبح منقذا للعالم من السقوط الأخلاقي بعد أن أعاد ربط السياسة بالأخلاق. وهنا يتجاوز الأمر من وجهة نظر الفيلسوف المغربي حتى المعارك الدائرة؛ إلى طور انبعاث جديد للأمة واستئناف جديد للحضارة ومخاض ميلاد إنسان جديد يعيد المرء فيها اكتشاف ذاته.
في معركة طوفان الأقصى التي دخلت شهرها السادس تدور معركة أخرى في الوجدان العربي الذي يغلي بسبب ما يجري وبسبب غل أيديه عن أي فعل مناصرة جاد للمستضعفين في غزة. ينقل عبد الرحمن أتون المعركة من الأرض والوجدان إلى العقل ليكشف أن هذه الحرب "تعيد تأسيس القيم على الصفات الإلهية، وتعيد تأسيس الإسلام على الصبغة المقدسية، وتعيد تأسيس الروح على القرب الإلهي".
فعل المرابطة قد يتجلى في فعل المناصرة للقضية الفلسطينية بأشكال مختلفة منها التضامن الذي يستهدف رفع الظلم وبالتالي إقامة العدل، مما يعني الحفاظ على الفطرة السوية
كانت القضية الفلسطينية هي من أخرجت المفكر المغربي عن طبيعة الفيلسوف التي لا تميل إلى الاشتباك مع قضايا الساعة، وقرر في كتابه "ثغور المرابطة" الابتعاد عن التاريخ والسياسة والخوض في التحليل الفلسفي لفكرة ومفهوم المرابطة، وأخرجه من نطاقه المكاني في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إلى فضاء أوسع، ويشمل هذا الفضاء مرابطة السياسي والفقيه ومرابطة المثقف.
ينطلق عبد الرحمن في حديثه من نظريته الائتمانية كنظرية أخلاقية تنظر للأصول الدينية للإنسان والحضارات، سواء اعترفت هذه الحضارات بهذا الجذور أم لا. فهو يرد القضايا والمشاكل إلى أصولها، وعندما يتورط الإنسان في الظلم مثلا، فإنه يخون أمانة العدل وهنا فإنه يتنازل عن جزء من آدميته لأن أمانة العدل جزء من الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها.
وبالتالي، فإن فعل المرابطة قد يتجلى في فعل المناصرة للقضية الفلسطينية بأشكال مختلفة منها التضامن الذي يستهدف رفع الظلم وبالتالي إقامة العدل، مما يعني الحفاظ على الفطرة السوية. وهكذا يجرد الدكتور طه عبد الرحمن كثيرا من المفاهيم والأفعال وأشكال النضال المختلفة داخل وخارج فلسطين عربيا وعلميا وفق هذا المنظور الأخلاقي الائتماني.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسفة الفكرية المقاومة الفلسطينية فلسطين المقاومة الفكر الفلسفة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طه عبد الرحمن هذا الظرف
إقرأ أيضاً:
العيدروس: انتصار المقاومة الفلسطينية هو انتصار لكل أحرار العالم
جاء ذلك، خلال زيارته اليوم لمكتب حركة المقاومة الإسلامية حماس بصنعاء، ومعه عدد من أعضاء المجلس، مباركًا ومهنئًا لفصائل المقاومة الفلسطينية تحقيق الانتصار التاريخي على الكيان الغاصب، وإجبار المجرم نتنياهو على التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بعد 14 شهرا ارتكب خلالها أبشع حرب إباده جماعيه بحق الشعب الفلسطيني.
وعبر العيدروس، خلال لقائه ممثل حركة حماس في اليمن معاذ أبو شمالة، ومدير مكتب حماس عمر السباخي، ومسؤول العلاقات السياسية عبد الله هادي، والمسؤول الإعلامي بالمكتب خالد قاسم، عن أسمي آيات التهاني وأطيب التبريكات باسمه وهيئة رئاسة وأعضاء مجلس الشورى للشعب الفلسطيني وحركة المقاومة الاسلامية "حماس" وكل فصائل المقاومة الفلسطينية ودول الدعم والإسناد.
وأشار إلى أن فرحة الشعب اليمني بهذا النصر هي جزء لا يتجزأ من فرحة الشعب الفلسطيني وكل أحرار وشرفاء العالم، أما من ارتهن للعدو وظل صامتا أمام ما جرى من فضائع في غزه فلا لوم عليه كونه صار جزءا من العدوان.
من جانبه، أكد رئيس اللجنة السياسية والعلاقات الخارجية بمجلس الشورى المهندس لطف الجرموزي، أن حركات المقاومة الفلسطينية وحركات الإسناد يمثلون النقطة المضيئة والمشرقة في تاريخ الأمه لخروجها في مواجهة المشروع الاستعماري الذي جاء ليستولي على مقدراتها وخيراتها.
وأشار إلى أن المعركة مع الكيان الغاصب لم تنته ولكن الحرب والصراع مع العدو صراع حتمي يقتضي أن يكون الجميع في جهوزية عالية، مشيرا إلى أن اليمن مثل بإسناده لغزة نقطة مضيئة في تاريخ العرب والمسلمين يجب الاقتداء به وبقيادته القرآنية كي تتخلص من الارتهان والوصاية لدول الهيمنة.
فيما عبر ممثل حركة حماس بصنعاء، معاذ أبو شماله، عن التقدير لرئيس مجلس الشورى ومرافقيه على الزيارة لتقديم المباركة والتهنئة، وما جسدته من تأكيد لقول قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي للفلسطينيين: " لستم وحدكم ".
وثمن عاليا موقف الشعب اليمني بكل ألوانه وأطيافه وقياداته، الذي تميز بكل حيثياته من مظاهرات وموقف سياسي وعسكري واستراتيجي أذهل العالم، مؤكدا أن ذلك الموقف سيبقى راسخا في الاذهان ووسام شرف لكل الشعب اليمني.
وقال لقد "تحطم على أيدي ثلة من مجاهدي القسام وكافة الفصائل المقاومة جبروت العدو الصهيوني الذي فشل في تحقيق ما أعلنه من أهداف ولم يستطع أن يستعيد أي أسير حتى بالقوة المفرطة".
وأشار إلى أن مشاهد خروج نحو 90 أسيرا ومعتقله من سجون الاحتلال جاء وفقا لما خططت له المقاومة ووعد به الشهيد أبو إبراهيم يحيى السنوار باعتبارهم أمانه في أعناق المقاومة.
وأضاف " يسكون في المرحلة الأولى خروج 1700 أسير بينهم 292 أسيرا مؤبدا سيفرج عنهم، وذلك بفضل الجهد الذي بذله مجاهدو المقاومة في فلسطين، وستنكسر بفضلهم كل قيود الأسرى بأذن الله تعالى رغما عن اليهود وبطشهم"، مؤكدا أن معركة طوفان الأقصى بكل آلامها هي بداية نهاية العدو الصهيوني وزاوله، وسيكرم الله قريبا المجاهدين وكل المؤمنين بزوال الكيان الغاصب والصلاة في المسجد الأقصى.