صالح الرزوق ينظر حليم بركات لتاريخ المنطقة من خلال علامتين. 1- وجوه ومواقف شخصيات أصبحت جزءا من الحياة الفكرية العامة. 2- ومحطات أو أمكنة لها رمز جيوبوليتيكي. وقد ربط بين الجانبين بطريقة نوستالجية في كتابه “غربة الكاتب العربي”**. ولا يخلو هذا الكتاب من القناعات التي ترتكز على تجاربه، حتى أنه كان ينظر للإنسان ومكانه من خلال العلاقة الذاتية والانطباعات.
بمعنى أن التاريخ لا يمكن أن يكون موضوعا في نظر حليم بركات، وهو جزء من تجربة محمولة، وأكثر ما يتضح ذلك من خلال علاقته بأدونيس وهشام شرابي، حتى إن من يتابع تحليله لمجتمع المدينة لا يجد فيه غير جملة من الذكريات عن نقاط لقاء وافتراق. فقد التقى مع صديقيه بالمكان، وهو مكان تجريبي أرغموا جميعا على الحياة فيه، وأقصد بذلك بيروت. فشرابي أرغم على الهجرة من فلسطين بسبب النكبة، وأدونيس اضطر لمغادرة سوريا لسبب أمني. أما بركات فقد غادر مسقط رأسه بسبب العوز – يمكن قراءة ذلك بسبب العجز الاقتصادي. وكما نلاحظ إن هذه الدوافع الشخصية هي في أسوأ الأحوال تمثيلات لواقع عام، فالبلاد كانت تستعد لتدخل في مرحلة طويلة من المعاناة مع ثلاث هزائم: أمام الغرب أولا. ثم أمام أنفسنا في الجانبين السياسي – مفهوم الحريات العامة، والاقتصادي – علاقة الإنتاج بمؤسسات الدولة. ولكنه لم يحاول أن يقدم أي تعليل، وغاب عنه أن التفكير القومي – وكل مرادفاته في الجيوب الضيقة لمفهوم المواطنة أنتج مجتمعا عسكريا. وقد تبارت المعارضة مع الدولة في إنشاء جيشها ونظامها الاقتصادي، وفي النتيجة كررت التصور الدولاتي لنظام بني أمية. فقد كان يحكم بيت الخلافة من الخارج، قبل أن يستولي على السلطة وينقلها إلى دمشق. وعدم نجاح هذه التجربة يعود للحفرة التاريخية التي تفصل الوعي الاجتماعي عن ذاكرته الدينية. وللأسف المجتمع متحول والدين راكد، ولذلك تغلبت القراءة الدينية للمتحولات، وإذا وضع النظام الأموي الدين بخدمة الأمة، فالمعارضة – بنظامها الإنقلابي وضعت الأمة في خدمة الفكر الديني. وبالمحصلة انتكس الفكر القومي إلى إسلام عروبي. وأشار بركات نفسه إلى هذا الخطأ، ونقل عن شرابي: أننا تخلينا عن كامو واخترنا فانون وغيفارا. بتعبير آخر تخلينا عن الذات الحضارية واخترنا الحل العسكري (يسميه شرابي وبركات: العنف أو منطق القوة). حتى أنه لا يربطه بأي معيار كأن يقول العنف الثوري أو قوة الحق، واكتفى بهذا التعبير المستعار والغامض. ولم يسأل بركات نفسه: ما دام الحل بالعنف لماذا هاجر إلى بيروت أصلا وبعدها إلى أمريكا لينضم هناك لشرابي. مثل هذا الحل لم يضع المثقف العربي في غربة نفسية أو روحية ولكن ساعد على تغريب مجتمعاته وحضارته عنه. كانت هذه القراءة الفكرية لبيروت عبارة عن نفي وتغريب لها. وإذا كانت حقيقة بيروت أنها عدة مدن في مدينة واحدة، فقد حولها العنف إلى عدة دول ومعسكرات يحكمها منطق النزاع وليس حسن الجوار. ولا أحد ينكر أننا تأخرنا بحروبنا الأهلية، فقد بدأ عصر النهضة باستيراد الصناعات والأفكار وتعريب الدساتير، ثم استعرنا مفهوم المواطنة من الغرب ولم نؤسس له. بلغة أوضح ما جرى ليس تناصا ولكنه تضمين، فقد أضفنا للصورة العربية لسانا معربا. ويمكن القول إننا كنا نترجم الآخر ولا نخترع أنفسنا كما فعلت الثورات العربية في القرن السادس والسابع. وأشير لثورة دمشق التي تأسست على أنقاض ماضيها البيزنطي، ولثورة بغداد التي حرصت على تحديث وعصرنة ثقافة الشرق والغرب. ولذلك انتهت الجمهوريات العربية وثوراتها – ما نقول عنه النزوع بعد الاستعماري إلى دول ظل. وحصلنا بالنتيجة على حريات نظرية. وهذا التعارض يبدو واضحا عند هشام شرابي إذا قارنت مذكراته “جمر ورماد” مع كتابه “المثقفون العرب والغرب”. فهو ليبرالي في سيرته، يتابع خط غراهام غرين التحرري المثقل بلغة كهنوتية، ولا سيما في غموض معنى المنفى والانتماء. فلا هو جاهز للارتباط بفكرة متبلورة – لها صيغة مؤسساتية، ولا هو قادر على نفي الجانب الذاتي من تفكيره الوطني. حتى أن الأوراق تبدو على الطاولة الخطأ: المنفى في الداخل، والحياة العضوية خارجه. ودائما يشير إلى الولادة من الماء، حتى إن السفن والبواخر هي رموز النجاة لديه، كما هو حال أسطورة الطوفان وباخرة النبي نوح، وهذا آخر مشهد في سيرته، وهو تأكيد آخر على أنه يغرّب مدينته، ويعجز عن أن يندمج بواقعها الموضوعي. ويسمي بركات هذه الأخلاق باسم مهذب وهو العلمانية. وإذا كان هذا المصطلح مفهوما ويدل على فصل الدين عن الدولة – لا أفهم ما هو المقصود بالقومية والتقدمية (وهو تعبير ينقله بركات عن هاني فارس). وبكل تأكيد نحن في خطابنا المعاصر ننظر إليها كمرادفات مع أنها كانت تتساوى في القرن التاسع عشر مع تهمة الماسونية والخيانة. لكن يبدو شرابي في كتابه الفكري تاريخيا، ويرسم معالم شخصية دينامية لا يمكن تعويمها. وأعتقد أن هذا التعارض هو الذي حول مفهوم العروبة لقوس من المذاهب تبدأ بالشوفينية – مصطلح غامض آخر وكأن النظرية القومية نوع من التصوف الهوياتي، وتنتهي بالإشتراكية – وهو عنوان متنازع عليه بين العسكر والإسلاميين. أو بلغة سياسية معاصرة بين القوميين والوحدويين. ويفرض هذا التناقض إشكالا آخر يصعب الاتفاق حوله، ولا أرى كيف يمكن للوحدوي أن لا يكون عروبيا. وعلى الأغلب إن الوصفة الجاهزة لحل كل هذه التناقضات موجودة في المناخ الأسطوري لجيل الحداثة الوطنية أوالحداثة المعربة، باعتبار أنها تبني وجودها على وجود غيرها. وهو ما يعترف به حليم بركات في حديثه عن الروائي لا الشاعر أوالمترجم جبرا. ولمثل هذا العزل ما يبرره بسبب تشعب جبرا. فهو اثنان في واحد، على شاكلة بيروت، المدينة التي تتقاسمها عدة اتجاهات. وتدور مناقشة بركات لأعمال جبرا حول فكرة الحداثة المفيدة. بمعنى أنه لا يلغي منها مفهوم الذاكرة ولا يدعو لزراعة ذاكرة وطنية محل ذاكرة ميتة. ولكنه يضيف إليها بعض الثوابت، ومنها الأرض – وهي بالنسبة له وهم ناجم عن أحلام شقية لم يكتب لها النجاح. والالتزام، وتركه جبرا ضائعا بين عدة احتمالات. وهذا شيء مفهوم إذا علمنا أنه ترجم شكسبير بنفس الأسلوب الذي ترجم به فوكنر. فقد قرأ الأول بمنظار الحداثة، وقرأ الثاني بعقلية اليمين الأصولي. وألغى أي تنازع بين الحداثة الرومنسية والقيامية. ومثلما أعاد تركيب مأساة عصر شكسبير حرص على تفسير المآسي والفواجع الفردية لأمريكا. وبهذه الطريقة يكون قد نظر لمأساة الأفراد على أنها نافذة لمأساة تاريخية وجماعية. فسقوط أبطال فوكنر في لحظة تحول يمكن أن يكون تعبيرا عن سقوط سابق لأبطال شكسبير في لحظة تحول مماثل. والفرق هنا ليس المرحلة التاريخية ولكن الجغرافيا البديلة – أو الأرض. ويعتقد بركات أن أسلوب الأصوات الذي يتبناه جبرا (على نحو ظاهر في “السفينة” – وبشكل ضمني في بقية أعماله) هو تعبير عن حالة التصوف والغموض الذي تتجلى له فيها مدينة القدس، وهي جغرافيا رمزية تنبع منها رؤيته لتاريخ مأساوي لا يفارق خياله، ويحقنه بكل أنواع “التناقضات” كما ورد في مقالة لجبرا نفسه. ولا يتردد جبرا لحظة في الإقرار أنه يكره واقعه ويهرب منه بواسطة شخصيات أعماله، ولذلك يصورهم بحالة سأم وجودي أو ضجر. ويمكن أن نستنتج أن الهروب – السفر بلغة مهذبة أو الترحال والتنقل طريقة من طرق حليم بركات وجماعته في تصفية خلافاتهم مع أنفسهم. فهم دائما جزء من الماضي وبحاجة لسياسة أو استراتيجية تبديل الجلد. وينقل بركات عن محمد عصفور أن الهرب من الواقع يكون ايجابيا إذا لازمته دعوة للتغيير. ويتحقق ذلك بالبنية الأسطورية التي يلجأ فيها أبطالها للهبوط إلى العالم السفلي. ويرمز جبرا لهذا التكنيك بفرض جو من التعتيم على الصور وبتقييد حركة الشخصيات كأنهم يزحفون في أقبية تحت الأرض. ويمكن لهذا الهبوط أن يكون بالغياب عن الوعي كما في قصص “عرق”. وفيها تهرب الشخصيات من إحساسها التاريخي وتلغي أي شعور بالمسؤولية، وتجد أن الحل يكون باستبدال الواقع الناقص بالوهم. وبرأيي إن “السفينة” لجبرا هي باخرة ثانية لنوح، تهرب بها الذات الفنية من اتخاذ قرار حاسم بتكنيك الأصوات، ثم تهرب كل الشخصيات من واقعها بركوب السفينة. ولذلك أعتبر أن صوت جبرا مقنّع دائما ولو أنه ملتزم بنفس القضية، وهي ليس ذات بعد عسكري أو حربي، ولكنها تعبر عن المأساة بالفجوة الاجتماعية التي نجمت عنها، كما فعل نجيب محفوظ في “ثرثرة فوق النيل” – والمقارنة لحليم بركات. فمحفوظ يشحن مجموعة من الشخصيات في سفينة من سفن نوح، ويحاول أن يدلهم على طريق النجاة بواسطة الحشيش واختراع الحكايات الفكاهية – أو المسكنات كما يقول بركات. وهي أبسط طريقة للتحايل بالوهم على الواقع. وكما يقول بركات أيضا: بهذه الطريقة يصعب التمييز بين الحقيقة وعكسها، ويصبح الوهم مكملا لوعي الشخصيات بالواقع الميؤوس منه. وتنسحب هذه القراءة على تحليل بركات نفسه. فهو ينظر للمجتمع وكأنه قيمة ثابتة، ولا يعزو أي فرق للشخصيات إن كانت في بيئة معادية أو صديقة، وحتى تيار الشعور لا يبدل من وعيها، وأي قراءة لروايته “طائر الحوم” تشير لهذه المشكلة. فهو ينظر لنفسه وللآخرين من داخل مصعد، أو حين يكون فوق السفوح، ولذلك يكون منفصلا عن الخارج والداخل. وينظر للآخر كما ينظر لنفسه. الاثنان برأيه موضوع لذات لا تتبدل. وأحيانا يتعايش مع نفسه وهو على متن الطائرة. وفي كل الحالات لا يستطيع أن يكوّن أي انطباع إلا من وراء حاجز زمني. والمشكلة أنه عبارة عن إدراك أو حدس إنما ليس هو معرفة تاريخية. ولذلك تستمر المعاناة من الركود النفسي. وهو ما يفاقم من أهوال المأساة الحضارية وأوجاعها – يقول عنها بركات الوطن الضائع، وأحيانا الزمن المفقود، وكأنه يستعير وعي بروست بنتائج الحرب العالمية الثانية وتأثير ما بعد الثورة الصناعية على موضع الفرد بين الجماعة. إلا أن أهم علامة فارقة في هذا العمل (كما يشير صديقه سليمان بختي) أنه حوار متواصل مع أمه المتوفاة، والتي رحلت قبل المباشرة بكتابة النص. بمعنى أنه استعادة لعاطفة فوق تاريخية، وتأسيس لعلاقة بين الحاضر المادي والميتافيزيقا. وتؤكد هذه الإشكالية على طريقة تفكير بركات بالمجتمع وظواهره. فهو كما يبدو دائما مجتمع مثقفين، ويحمل وعيا يغلب عليه الإحساس بالمكان التاريخي، وليس المكان الاجتماعي. ويتكرر تحسس حليم بركات من أخلاق الحرب في كل أعماله: “ستة أيام”، ثم “عودة الطائر إلى البحر”، و”الرحيل بين السهم والوتر”. وهي كما رأى إلياس خوري روايات رمزية ذات أفق مفقود. بمعنى أن رؤيتها غير محدودة بواحد من المعرفات: الزمان والمكان والتاريخ. ولمضمونها مفعول عاطفي وحضاري. كما أنها مثلما لاحظت ريتا عوض تترك مساحة مجهولة – ولا أريد أن أقول بمدلول تموزي، ولكن بوعي روحي لعلاقات مجتمعانية. فعلى المستوى الأرواحي لا يوجد فقدان، وإنما إعادة تشكيل، أو انتقال من مستوى لآخر، وما هو غير منظور يكون بحالة سبات حتى يظهر مجددا. ولهذا السبب تتألم شخصيات بركات لكنها لا تنتحر مثل هاني الراهب، وتختبئ عن الأعين، لكنها لا تتنكر كما هو حال عبد الرحمن منيف. والمعاناة أخلاق مسيحية بامتياز. وأعتقد أن العلاقة إيمانية بكل معنى الكلمة، فالمسيح مخلص، وهو لا يزال حيا لكن في وقت آخر. وكذلك هي شخصيات بركات. تعيش في عالمها، ولديها نافذة مفتوحة على الوقت الراهن. وتوفر هذه الرؤية لفلسفة العودة أطروحة بوجهين: استكمال الأمة لدورتها الحضارية، وحق العودة للأرض المفقودة. وأول حالة تدل على اغتراب وجودي، لكن الثانية ذات مضمون سياسي. والفاجع الذي يترتب من خلال وعي المأساة غير الألم الناجم عن الشقاء والتعب. وبودي التأكيد أن أسلوب بركات اختار التعبير المأساوي عن تشريد الروح، بينما ركز صديقه جبرا على التعبير الثقافي عن غروب الحضارات وسقوطها. في حين اختار عبد الرحمن منيف التصور السياسي للأزمة، وهكذا لعب دور كاتب أزمات، وتابع لحظات انقلابية بدلت تاريخ المشرق، ولاحقا وجهه السياسي. واستطاع أن يتقن هذه الصياغة، وأن يعطيها خطابا متفاوتا في وعيه الفني، فقد تراوح بين الإسقاط والترميز، ودائما عبر وسائط أو نماذج. وبهذه الطريقة ترك وراءه بعد رحيله في دمشق مجموعة من العلامات أو الرموز. ولكن لا يسعنا أن نضع منيف في عداد حلقة أدباء بيروت، ويمكن تشبيه حالة منيف بأوجاع وأطوار الشريف حسين. من حيث لا يدري تحول من قائد دولاتي إلى طريد مطلوب من الإمبراطوريات الاستعمارية، ولم يفقد في النتيجة دوره، ولكن أيضا هويته، ولذلك تحول إلى قضية. وأعمال منيف ضمنت لتصوراته عن أوجاع الجمهوريات المؤجلة – أو اليوتوبيات أن تتحول إلى رؤية عن مخاض الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص القنطرة القومية التي تمتد من الحجاز حتى بغداد، مرورا بعمان ودمشق. وهذا لا ينفي أن تتطور أحداثها في أماكن مجهولة ليس لها وجود على الخريطة كما في “الأشجار واغتيال مرزوق” و”شرق المتوسط” و”الآن هنا”. و برأيي إن مشهد المصحة في آخر نموذج – أول 70 صفحة منه هو زبدة العمل، وما تبقى تنويعات على أعمال سابقة. ويحاول بركات أن يتتبع شخصية منيف في أعماله. فهو يعتقد أنه يصعب فصل الكاتب عن عمله، ولكنه ينسى أن يفصل منيف عن حلقة أدباء بيروت، فهم أدباء ثقافة مائية، في حين أن منيف كاتب ثقافة رمال وغبار، ولا يوجد لديه اهتمام إلا بالداخل، بمعنى أنه لا ينتبه لرموزية البحر، ويرى أن الإنسان من تراب مثل اليابسة، وهذه الحقيقة تضع أعماله أمام أعمال الاخرين. فهو يحفر في مادة صلبة، ولم يوظف رمزية السفينة في أي عمل من أعماله، لكن لا تخلو رواية لبركات من نسمات المحيط، وحينما زار منيف مسقط رأس بركات، فتنته الجبال والأشجار المتمسكة بالأرض، وكتب له عن ذلك، ولم يذكر شيئا عن المطر أو السيول أو البحار التي تغطي ثلثي مساحة الكرة الأرضية. وعليه أرى أن اغتراب منيف أوضح من تغريب شرابي وأدونيس وبركات. فهو يحمل أوراق إيديولوجيا تحترق، بينما لم تأخذ الإيديولوجيا المائية فرصتها. ومنيف يعيش على أرض الواقع، لكن الفريق الثاني يعيش في الفضاء أو الماء. وإذا كان الكلب من أهم رموز منيف، فالسفينة والطائر هي أهم لدى الفريق الآخر. وهو ما ينفي عن منيف الحساسية الشعرية التي تعذب الفريق الآخر. وكما قال عنه بركات حرفيا: أهم إنجاز له أنه أخضع السياسة للإبداع والتفكير النقدي والتأملي. ولا يفوتتي هنا الإشارة لمسألتين فارقتين في جدلية حليم بركات وعبد الرحمن منيف. الأولى هي عن الاستشراق. ولكن منيف ليس استشراقيا اكثر من أجاثا كريستي. فهي أيضا كتبت عن غدر الأرض القاحلة بالبشر، وعن تحالف الطبيعة مع التخلف لمضاعفة العذاب المفروض على الإنسان العادي. وتجد وظيفة مباشرة عن ذلك في كتابها التسجيلي “تعال وأخبرني كيف تعيش”. في هذه السيرة تتابع كريستي كشف النقاب عن المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا، وتتكلم عن التآمر الذي تفرضه الظروف الصعبة على قدرات الإنسان، ويتخلل ذلك القليل من الحفر في الذاكرة العاقلة وغير العاقلة، بحيث يبدو الإنسان ابنا للأرض، والأرض جزءا من ديناميكية البشر، وهو المبدأ الأساسي لقصص “النهايات” لمنيف. وكذلك هذه هي الخلفيات الروحية لروايته “حين تركنا الجسر”. وباستثناء “قصة حب مجوسية” تدخل كل أعمال منيف في إطار اللغز الذي كانت تهتم به كريستي وهي تتنقل مع زوجها مالون عالم الآثار المعروف، برفقة جبرا أحيانا (كما ورد في “شارع الأميرات” الجزء الثاني من سيرته). ولكن يندر أن تجد أي نوستالجيا مشرقية في أعمال بركات. وهو مدمن على غربنة أفكاره مع ربطها بمنطق الحضارة الهيلينية وأساطيرها، وأرى أنه لا يوجد مساحة رمادية في هذا الشأن، فقد كانت أفكاره تعكس سياسة النظام الأموي، من حيث الاهتمام بالشمس والسماء المنبسطة، وليس القبة السماوية الفضية. بالإضافة إلى الولع العجيب المنقول عن شرابي فيما يتعلق بتنظيم الدساكر – أو الفصائل العسكرية – وفق الترتيب البيزنطي. وأعتقد أنه ورث هذه الأفكار من أول مهاجر إلى الشام وهو قصي بن كلاب، والتطورات اللاحقة التي مهدت لتعريب بلاد الشام، واحتلال العنصر العربي لها. وما بدأ بشكل عقوبة ونفي تحول إلى طبقة من الأنتلجنسيا الماركنتيلية. وربما كان الصدع الأساسي في هذه الرؤية هو صدام الهيلينيين مع البيزنطيين. ومن هذه النقطة تفرع الإحساس المؤلم بالمأساة. فقد كانت تعبيرا موضوعيا عن العلاقة الشائكة بين العقل والنفس، أو بلغة معاصرة الروح والمادة. الثانية عن الهزيمة. كان منيف مولعا بكشف الخلفيات السياسية لسقوط المجتمع السياسي الشرقي. وقد وسع رؤيته لتشمل طهران أيضا، وكتب مرثية لحكومة مصدق في “سباق المسافات الطويلة”. ولا أعتقد أنه كان مهتما بخنق الديمقراطية في بلدان المشرق، وإلا ما أفرد صفحات طويلة للتغزل بالإشتراكيات العسكرية لدول حلف وارسو. ولكنه كان مهموما بتراجع حركات التحرير العربية ودخولها تحت وصاية العسكرتاريا. ولهؤلاء تفاصيل غامضة لا تستطيع أن تفك ألغازها إلا إذا عرفت كيف تقرأ علاقة السلطة بالدولة. وهذه مهزلة إضافية نوه إليها بركات حينما لاحظ عمق الشرخ بين ما يسمى النظام والدولة، حتى أنه لم يتعب نفسه بتعريف هذه المفردات المحيرة. ونادرا ما استعمل مفهوم الحكومة، ويبدو أنها لا تعني لديه شيئا، وهذا دليل آخر على زئبقية الحياة السياسية في دول العالم الثالث (ناقش الموضوع بالتفصيل خيري شلبي في روايته: “وثالثنا الورق”). لكن توظيف الأسطورة رفع روايات بركات قليلا فوق هذه المهاترات، ووضعها بخدمة مشاكل الحضارة، ولذلك تبدو الهزيمة عند بركات وكأنها جزء من البنية. أقصد جزءا من البصمة النفسية والروحية للمجتمع – الأفراد والرموز عند منيف. وهنا تجد أول وأهم فارق بين الاثنين. أن بركات حضاري ومنيف سياسي. ولبركات ذاكرة اجتماعية ولمنيف ذاكرة وطنية. ومشكلة فك الارتباط مع المحيط تأخذ معنى شخصانيا عند منيف وشموليا عند بركات. فالوقائع تجعل منيف بمواجهة آلة مفاهيم النظام، والأسطورة تحول بركات إلى روح تجريدية تتأمل مصادر الإحباط والسقوط. ولا يمكن بأي حال مقارنة الفاجع السياسي والروحي عند كليهما بمعنى الهزيمة كما يقرأها كاتب قومي كلاسيكي من مرتبة العجيلي. فالنضال السلبي – بمعنى passive، أو غير مباشر عند أول اثنين يختلف تماما عن النضال الفعلي للعجيلي. وأي قراءة عمودية لأعمال هذا الثنائي ستكشف عن رؤية نقدية لمجتمع الهزيمة ولكن ليس عن مشاركة فعلية بصناعة مجتمع الهزيمة ذاته. وأكاد أشعر أن الغربة بمفهوم حليم بركات تتأرجح بين حدين.. الهجرة القسرية من طرف، والعزل القسري من طرف آخر. ولكنه يمر بذلك مرور الكرام ليعاين حياة ورحيل زمرة من المعارف والاصدقاء مثل الطيب صالح، وسعد الله ونوس، وإدوارد سعيد، والفنان مروان قصاب باشي، وأخيرا جبران خليل جبران. ويحاول أن يقرأ في كل اسم تجربته العملية ومن ضمنها نصوصه. ويستنتج أن الوعي بالغربة كان نتيجة لبارادايم أساسي له تمثيلات مختلفة كالمرض ومعارضة السلطة والمعاناة من الهزيمة والنسيان (بمعنى الإهمال – وهذا حال جبران الأمريكي). وغني عن الذكر أن حليم بركات لا يستطيع أن يتناول كل هؤلاء الأصدقاء بشكل وحدة فكرية، ولكن ينظر إليهم كبقايا مرآة مكسورة أو في أحسن الأحوال وجه مشروخ تعرض لصدمة حضارية. ولا توجد صدمة دون حواجز. ويرى بركات أن جبران هو من اختصر هذا الموقف الملحمي حينما عانى من عدة صدمات مركبة: في اللغة والدين والحس الوطني والأسلوب. ويعتقد أنه شكل وضعية منطقية ضمن مجتمع فقد الإحساس بالاتجاه ولم يعد لديه محطات استراحة أو نقاط علاّم. بتعبير آخر لقد دخل الإنسان الحديث في مشاكل التجانس مع التناقضات، ولذلك رغم كل تأزيم الحضارة وثورة المعلومات، وهو تأزيم ناجم عن الإفراط بكل شيء، ضمنا زيادة عدد الإسقاطات التمثيلية – الصور بلغة مترجمي إدوارد سعيد، لم يعد الإنسان يدرك أنه مختلف مع نفسه، وأنه موزع بين عدة حدود كل منها يؤشر لحالة مستقلة أو هوية. وأجد أن لوحات قصاب باشي هي أفضل من يعبر عن هذه الحقيقة. فهي غالبا ما تعيد تشكيل وجوهنا الدبلوماسية دون مكياجات، لذلك تحفر عما وراء الصورة وما يريد الذهن أن يتعايش معه كالخطوط المنكسرة والنتوءات والتجاعيد أو الغضون، وهي تدل على القلق الروحي وانعدام التصالح ونهاية عصر التوازنات السعيدة، لكنها أيضا بسبب إشراقها وألوانها المتوردة تؤشر أيضا للخلل الفعلي الذي يحكمنا. وبهذا المعنى يقول حليم بركات مع ليون ميركرت: إن مروان قصاب باشي خير من يدرك حقا النزاعات والتناقضات التي نعاني منها وتقسمنا بطريقة غير عادلة بين الألم والفرح، وذلك لتحقيق هدف واحد وهو تحرير المشاعر. ولكن يذهب بركات لخطوة أبعد حينما يربط هذه الحقيقة بأسبابها في المجتمع العربي. ويرى انها موجودة في عدم تفاهم السلطة مع حرية القول والفعل عند أي كاتب. وأحيانا تؤله الدولة نفسها، وهكذا يجد الكاتب نفسه ضمن مجموعة دوائر مغلقة، هي على التوالي المجتمع والدولة والتقاليد الفنية والدين، ويفرض كل منها عليه مجموعة من المعايير التي تغير من شكل ومعنى الحقيقة، وتقيد حرية الروح بمجموعة أهداف تسميها المسؤولية أو الالتزام وما شابه ذلك. بتعبير آخر لا يعاني المثقف العربي من سلطة واحدة، بل من عدة سلطات، وفي بعض الأحيان تتقاطع وتتآزر لدرجة تصنيع مجتمع رقابي خاص بالمثقفين. وأعتقد أن أفضل من تكلم عن هذه الإشكالية هو غراهام غرين في روايته “قضية محترقة”. فهي لا تحدد مكان إقامة الإنسان فقط ولكنها تحدد مكان إقامة الروح ضمن الوجود البشري. وبالنتيجة يجد الوعي نفسه في مستعمرة للمجذومين، ويعاني فيها كل طور من أطوار الوعي من تعايش الحياة الجزئية مع الوجود الشمولي والكلي للروح والمشاعر. و يفاقم اختيار غرين لمسرح الأحداث في إفريقيا من تغريب الروح عن نفسها، فهي ليست منفية عن إرادتها الحرة فقط ولكن أيضا منفية عن رغبات الإله العامة. ولحليم بركات ولع شديد بالخلفيات الإيمانية لعذاب وقلق ابن الرب، سواء كان هو المسيح نفسه أو المثقف حامل الرسالة والذي يسير نحو صليبه. وعلى هذا الأساس يرفض حليم بركات أي شعور بضرورة التمرد – بالمعنى الذي وضعه كامو، ويفاوض على موقف ثوري. ومن أهم صفاته أنه يأنف من الاستسلام ولا يتخلى عن حرياته الفطرية. غير أن هذا لا ينفي وجود تعطيل للحدين في آن واحد. فالمثقف مضطر لعقد هدنة مع شياطينه. وعبر لاكان عن هذا الموقف من خلال فصل البنية النفسية إلى اثنتين. الأنا وأنا غيري، وهو ما يدفع الذات – بتعبير لاكان إلى الإحساس بالعجز واليأس ويحرضها على السعي نحو الكمال بما يتخطى احتياجاتها البيولوجية. بتعبير آخر يفاقم من الليبيدو، وعلى هذا النحو كما ورد في كلام بركات، تتوسع الفجوة بين الحقيقة والواقع ويتضاعف إحساس المثقف بمأساته وهامشيته، وتتفافم غربته عن المجتمع والدولة. ويصبح خارج الواقع المضطرب الذي لا يتقبله ويبذل كل ما بوسعه لتحجيم وعيه. وما يدعو للسخرية أنه في ظل الواقع الراهن يبدو المثقف خائنا أو مارقا، وتبدو قوة الجهل الاجتماعي صورة من صور الأصالة. وفي ظل هذا الظرف نشأت أمية المثقفين وأنتجت شريحة من العقول الكسولة التي تستهلك المعلومات الميتة والمريضة أو تستورد المعلومات من عدة مصادر دون تحديد أي موقف منها. وإذا اختبأ أفراد هذه الطبقة تحت مظلة الحياد فقد أذنبوا في ترك باب الاجتهاد والتجديد للمثقف السلفي، ودون أي شك سيقتصر اجتهاده على تأويل الحاضر بالماضي. ولا يمكنني التقليل من شأن هذه الاجتهادات. فهي تأخذ شكل تحديث معكوس، وتعمل على تحويل الواقع والعقل إلى سرد أسطوري غير تاريخي، ولكنه يستهوي طبقة واسعة من اليائسين، ويزيد من مخاطر هذا الظرف النفور العام من الخطاب الرسمي العاجز الذي يتكلم عن واقع مزيف ومنفصل تماما عن اتجاهات الحياة العامة والخاصة. وللأسف وقع أنصار الفكر القومي بدعوتهم للتأصيل وتعريب العقل العربي في هذه الحفرة، وكأن العقل العربي يمكن أن يعيد إنتاج نفسه، وحتى لو صح هذا الافتراض تبقى أمامنا عدة مخاطر أجملها باثنين. الأول إنتاج الأفكار من الأفكار أو تكثير الفكرة وليس تجديدها. الثاني إنتاج الأفكار من البقعة المظلمة التي انتهت عندها العصور الوسطى ودخلنا في مرحلة عصور الانحطاط. ويكفي أن هذا الاتجاه هو الذي أخر نهضة الرواية العربية وتركها مقيدة بألعاب لغوية كأننا في سيرك لغوي. ولا أستطيع أن أرى لماذا نفهم شراء كومبيوتر صيني أو أمريكي ولا نقبل تأويل أخلاقنا العملية والنظرية بالأسلوب الغربي. وإذا كانت الرواية أطروحة مفتوحة أمام العقل البشري، ولا تجد أية شكوى من هاردي على تولستوي، أو أي نفور من ديكنز ضد ديستويفسكي، لماذا اضطر حافظ إبراهيم، وهو رمز ثقافي تجديدي، لإعادة كتابة المقامات القروسطية الممجوجة في “ليالي سطيح” بطريقة المحاكاة. وهذا السؤال يفرض سؤالا آخر: لماذا لم يلتزم بقانون الشعرية العربية وأضاف إليه تراكيب غير مسبوقة لكنه كرر كتابة المقامات. تبدو الإشكالية معقدة وكان التجديد حقل تجريبي وليس رؤية مفتوحة. أو كما قال بركات نقلا عن الجابري: إنه بحث عن مشروع وتفكير بنموذج، ولتحقيق ذلك يجب أن نبدأ من التفكير بإنتاج الذات الأخرى وليس توسعة الذات القديمة ناهيك عن تكرارها. ولا يسعني عدم تجريم الأصولية القومية. فقد تحولت إلى عقل ظلامي آخر أو سلفية قومية موهومة بوهم الأصالة، ومرعوبة من العالم ومشروعاته الاستعمارية. وخوفنا من الاستعمار وصل لدرجة الهلوسة. وكذلك شأن مخاوفنا من إسرائيل واليهودية السياسية. وإذا كنا نعتقد (جدلا – وهو اعتقاد مشكوك به) إن الفضل بالحداثة العربية يعود لغزو نابليون لمصر، لماذا لا نعتقد أن الشرق أوسطية والعولمة لهما فضل في تعريفنا بما بعد الحداثة وما بعد الثورة الصناعية. ولا أرى كيف يمكن للجنرال نابليون أن يكون مفيدا، بينما لا نستفيد من بقية جنرالات أوروبا وأمريكا في الألفية الثالثة. هذه البقعة السوداء وغير المفهومة من العقل العربي لا تدعونا لإعادة التفكير بتاريخنا المكتوب فقط، بل تحدونا لإعادة التفكير بظروف كتابته. ويفسر حليم بركات هذه المشكلة بالإشارة لعدم تجانس الغرب، فهو أيضا لديه ثقافة سائدة وأخرى مضادة، والنظام الغربي يعمل على حساب المواطن الغربي، ومن باب أولى أن يحاول تسخير بقية الأمم لمصلحته. وليس من مهمة الغرب أن يخدم قضايانا، ولكن هذا لا يمنع أن نستفيد منه. ومثلما هي المعركة محتدمة بين الصين وأمريكا على الصناعات الصغرية – أشباه النواقل، يمكن للمعركة أن تحتدم بين المثقف العربي ومجتمعه في سبيل بيئة نظيفة. وليس في ذلك خيال علمي أو فانتازيا سياسية لأن إهمال البيئة ومشكلة الانبعاثات سيقود لاستنزاف وتجفيف المصادر. ولا ضرورة للتذكير بالأثر السلبي لذلك على صحة وكفاءة الإنسان ومؤسساته. وهذه المشكلة ليست بعيدة، وسيكون أثرها محسوسا في غضون خمس عقود أو أقل. ودعوة الدكتور بركات المثقف العربي للمواجهة مع الإمبريالية والغرب وعدم التعاون معه لا يعني أن نعيش في قبو عالمي أو ثلاجة كونية. فالمواجهة تتضمن حكما الاحتكاك والتلامس. وإذا تمسكنا بمخاوفنا من العالم يجب أن نحذف من ذاكرتنا رحلات ابن بطوطة وابن خلدون وابن عربي. وكذلك رحلات السندباد البحري الذي أعتقد أنه سابق لرموز عصر النهضة الإيطالية مثل دافنشي، وكذلك متقدم على رموز الحداثة التنبؤية مثل جول فيرن وجي إتش ويلز، فقد ترك لنا منبعا لا ينضب من أفكار الخيال العلمي للتعبير عن إرادة الروح في مواجهة مصيرها المظلم. ولا يوجد في التحليل النهائي فرق بين وجهة نظر بركات عن الحكومات الوطنية والاستعمار. كلاهما كما نستنتج من مجمل قراءته أداة قمع، وكلاهما فرض ثقافة الصمت على المجتمع، والأسوأ أن الحكومات العربية عاجزة أمام الغرب، ولكنها متنمرة على المجتمع، ويدفع ذلك المثقف للهرب والذوبان في مجتمعات ديمقراطية حاضنة، وحتى إذا سخرته لخدمتها فذلك يكون مقابل جعالة مجزية وظروف أقل ما يقال عنها إنها إنسانية ونظيفة. وللخروج من هذه الأزمة يجدر بنا تنشيط المجتمع المدني. ولكن معظم أشكاله – للأسف، كما يلاحظ حليم بركات، تتلقى الدعم من الخارج. ويضيف بركات: في ظل هذا الواقع أصبح الشعب الفلسطيني يخاف من بطش السلطة الوطنية أكثر مما يخاف من سلطات الاحتلال، ووصل الحال بالسلطة لمنع نشر وتداول مؤلفات إدوارد سعيد، والتخطيط لاغتيال رموز ثقافية مؤيدة له. وينهي حليم بركات قراءته لغربة المثقف العربي بتحديد النقاط الثابتة في النفس العربية وهي: – الاغتراب في الواقع بمعنى حالة عجز الإنسان عن تأسيس علاقة له مع المؤسسات والنظام العام والمجتمع. لذلك تسارع التفكك الاجتماعي والسياسي وأدى لحالة القنوط والانحدار. – تأزيم المجتمع المدني بمعنى عدم التحاق المواطن بالدولة لخلل أخلاقي وسلوكي. وأدى ذلك لتخلي المواطن عن دوره في تحديد مصيره ومصير دولته. – مشكلة العولمة والتي سهلت للولايات المتحدة التصرف بمستقبل الكرة الأرضية. ومع ذلك لم تتوحد الجهود وتخللها تناقض وصراعات متجددة. ويخاف الدكتور بركات من العولمة على هوية البلدان الضعيفة، ولكنه لا ينكر أنها أصبحت حقيقة ومصدرا للمعلومات ونشر الثقافة. وإن انتشرت عن طريقها ثقافات مخربة، هذا لا يعني أن العولمة من أوجدتها بل إنها سمحت لها بالوصول لشريحة أوسع. وبعد أن كانت سرية وتحت الأرض وصل لها ضوء الحقيقة. وإذا كانت الثقافة السلبية تفسد صحة العقل والروح، دائما بمقدورنا محاصرتها بثقافة إيجابية وبناءة. مع الحرص على الابتعاد في صياغة خططنا الثقافية عن التلقين وتقريب الجميع من مهمة التفكير. وهذا لا يمكن أن يحصل دون إتاحة مزيد من الحريات، وبتعبير بركات: بالتشجيع على تجاوز القطيعة والانطوائية. **غربة الكاتب العربي. دار الساقي. 2011 / 365 ص.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
أن یکون
لا یمکن
لا یوجد
من خلال
یمکن أن
حتى أن
وهو ما
أنه لا
هذا لا
إقرأ أيضاً:
الهجرة الدولية: قرابة 788 مهاجرًا في ليبيا أغلبهم مسجلين في المنطقة الغربية
قالت منظمة الهجرة الدولية إن قرابة 788 ألف مهاجر على الأقل موجودون في ليبيا من جنسيات مختلفة.
وأضاف المنظمة وفقًا لآخر إحصائية رصدتها مصفوفة تتبع النازحين منذ بداية العام وحتى أكتوبر 2024، أن 78% من المهاجرين رجال إلى جانب 11% نساء و11% منهم نساء.
كما سجلت المنظمة 54% من المهاجين يقيمون في المنطقة الغربية، و 34% منهم في المنطقة الشرقية إلى جانب 12% منهم في المنطقة الجنوبية.
ووفقًا للمصفوفة فإن أبرز جنسيات المهاجرين هي: السودانية والنيجيرية والمصرية والتشادية والنيجرية.
المصدر: منظمة الهجرة الدولية “مصفوفة تتبع النازحين”
الهجرة الدولية Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0