جامع السليمية بأدرنة التركية.. تحفة هندسية تستحق الزيارة
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
يحتفظ جامع السليمية باهتمام خاص لدى زوار مدينة أدرنة (غرب تركيا)، إذ يعد تحفة من التحف العثمانية بخصائصه المعمارية الفريدة، رغم مرور أكثر من 4 قرون على إنشائه.
ووصفه المعماري العثماني الشهير سنان آغا -الذي أشرف على إنشاء الجامع- بأنه تحفة فنية يتلألأ كالعقد الذي يزين مشهد مدينة أدرنة بروعته.
تحفة معمارية على قائمة "اليونسكو"وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والفنون "يونسكو" جامع السليمية في قائمة التراث الثقافي عام 2011، وكان أول مسجد يتم إدراجه في القائمة المذكورة، وقد اكتسب شهرة عالمية أكبر بعد الإدراج ليصبح محط أنظار الجميع.
ومن الخصائص المعمارية التي تميز الجامع عن غيره، قبته العملاقة التي أنشأت كقبة وحيدة دون الارتكاز على أي نصف قبة تدهش المهتمين، ومن يجرون دراسات حول المعمار والهندسة، بارتفاعها البالغ 43 مترا وقطرها البالغ 32 مترا.
لجامع السليمية 4 مآذن رفيعة على شكل قلم ارتفاع كل منها 85 مترا ولكل مئذنة 3 شرفات (الأناضول) اهتمام بطراز العمارةولجامع السليمية 4 مآذن رفيعة على شكل قلم ارتفاع كل منها 85 مترا لكل مئذنة 3 شرفات، كما يبهر المسجد زواره بجمال باحته ذات الرواق والخزف الملون.
الجامع الذي يراه القادمون إلى المدينة لأول مرة مسجدا صغيرا، يبهر العين بحجمه وروعته كلما اقتربوا منه، ويمثل المبنى الذي شيده بأمر السلطان العثماني سليم، ذروة إتقان المعمار سنان.
وكان المعماري سنان (1489-1588) أنشأ الجامع بتكليف من السلطان العثماني سليم الثاني عام 1568، حيث شيده على تلة مرتفعة تطل على كل أرجاء المدينة، واستغرق إنشاؤه 7 سنوات، وافتتح للعبادة عام 1575، لكن السلطان سليم الثاني توفي قبل إتمام البناء بفترة قصيرة.
تاريخ اجتماعي مهمالمدير العام لوقف مسجد سنان والسليمية والمحاضر في جامعة تراقيا (حكومية)، المهندس المعماري محمد علي أسمر، قال "إضافة إلى كون جامع السليمية مكانا للعبادة عندما تم بناؤه، كان أيضا بمثابة مركز تعليمي ومكان للاجتماع حيث تمت مناقشة مشاكل المدينة".
وأشار إلى أن المباني العامة في تلك الفترة كانت تستخدم لأغراض عديدة، مبينا "إذا نظرنا إلى السليمية من هذا المنظور، فهو أكبر منطقة تجمع، وهو نموذج لدول الأتراك الخمس العظيمة ولأمة واحدة عظيمة، ويعتبر الجامع قصة مهمة جدا للتاريخ التركي".
وأشار أسمر المنابر التي تظهر في زوايا الجامع كانت تستخدم كمنابر علمية عند بناء الجامع، "وأن المنابر في الجامعات جاءت من هنا، كما يتمتع بإطلالة تخلق تصورا لمساحة واحدة، فهو المسجد ذو القبة الأكبر".
"وبينما كان المعمار سنان يفعل ذلك، بالطبع أجرى حسابات رياضية رائعة، وعمل بشكل علمي للغاية، وصنع الحسابات الصوتية، وحلل كل شيء بدءا من التهوية وحتى حسابات الزلازل بشكل مثالي، إذ حل كل مشكلة بهيكل الجامع"، وفق المهندس التركي.
محمد علي أسمر: استخدم سنان قياسات النسبة الذهبية بشكل جيد جدا وطبق نظام الدفاع للمبنى ضد الزلازل (الأناضول) نسب بناء متقنةوحول البناء المتقن للجامع، قال أسمر أن أهم ما يميز المسجد هو "نظامه الهيكلي الذي يخفف الحمل عليه، وحمولة القبة موزعة على 8 أذرع، تنزل أذرعها الأربع إلى الدعامات، تلك الدعامات اثنتان تلو الأخرى على الجانبين، والأذرع الأربع الأخرى تذهب تحت المآذن".
"والمآذن ليست في الواقع لأغراض العرض وحسب، بل أيضا للتثبيت وكل النسب في البناء هي نسب طبيعية، وقد استخدم سنان قياسات النسبة الذهبية بشكل جيد جدا، وعندما ننظر إلى المبنى من مسافة بعيدة، نرى أن جميعها ترسم زاوية 52 درجة أفقيا، أي الزاوية التي تتخذها الساعة الرملية بشكل طبيعي عندما تصب رملها على الأرض"، بحسب المدير العام لوقف مسجد سنان وسلمية.
وأضاف "هذا هو نظام الدفاع للمبنى ضد الزلازل، لقد استخدم هذا بشكل جيد للغاية، وعند فحص الجامع فإنه يخفي الكثير من الميزات في التفاصيل".
عصمت عثمان أوغلو: حقق جامع السليمية نجاحا كبيرا للعمارة التركية بنظام الرفع وتقنية البناء والزخارف (الأناضول) قمة العمارة العالميةمن ناحيته، قال المحاضر في كلية الهندسة المعمارية بجامعة تراقيا عصمت عثمان أوغلو إن جامع السليمية هو أحد المباني التي تمثل ذروة الهندسة المعمارية العالمية.
وذكر عثمان أوغلو أن المعمار سنان طور نظام الفضاء المركزي بنصف القبة، وجمع المساحة المركزية تحت قبة واحدة في الجامع، وتم تحقيق الوحدة الداخلية والخارجية في المساحة المعمارية، لقد كانت لحظة عظيمة للهندسة المعمارية العالمية، هذا الابتكار هو في الواقع تقدم كبير.
وأضاف أن المعمار سنان بنى العديد من المساجد النموذجية، "إلا أن البناء الذي حققه مع جامع السليمية حقق نجاحا كبيرا للعمارة التركية والعالمية، وكانت في مرحلة متقدمة من الهندسة المعمارية من حيث نظام الرفع والبناء والعمارة، وتقنية البناء والفنون الزخرفية والتصنيع".
وفيما يخص عمليات ترميم الجامع، أوضح عثمان أوغلو أنه تم ترميم الجامع لأول مرة في عهد السلطان مصطفى الثالث بعد أن تضرر في زلزال أدرنة عام 1752، وتم تجديد المبنى عدة مرات بعد الترميمات التي تمت في القرن الـ18.
وقال في هذا الصدد، "لقد خضع لعملية إصلاح كبيرة في ستينيات القرن الـ18، وفي السنوات التالية كانت تتم الصيانة من وقت لآخر، وحتى الديكورات الداخلية تم تغييرها".
وفي القرن الـ19 تم استبدال الزخارف بزخارف الباروك، وكان آخر إصلاح لها عام 1980، وقد خضعت لعملية ترميم شاملة، وتعود الزخارف والأعمال المرسومة يدويا على القبة إلى تلك الفترة.
وتابع، "في عام 2021 بدأت عملية ترميم جديدة في السليمية نظرا للحاجة لذلك، واستكمال المشاكل الهيكلية التي نشأت ونواقص الترميم في عام 1980، ووصلت أعمال الترميم إلى نقطة متقدمة للغاية".
وختم بالقول، "الترميم الذي تم إجراؤه في جامع السليمية هو ترميم علمي للغاية، وسوف يحمي المبنى لمدة 100 عام أخرى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات
إقرأ أيضاً:
بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح فضل العلم
نظم الجامع الأزهر الملتقى الأسبوعي بلغة الإشارة بعنوان "فضل العلم" ، وحاضرت فيه الدكتورة منى عاشور، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المنظمة العربية للغة الإشارة.
واستهلت الدكتورة منى عاشور، حديثها بعرض آيات قرآنية وأحاديث نبوية تبرز مكانة العلم، مثل قوله تعالى: " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ"، وقول النبي: "طلب العلم فريضة على كل مسلم." وبيّنت أن الإسلام يعتبر طلب العلم عبادة تقرب العبد إلى الله.
ومن خلال استخدامها للغة الإشارة استعرضت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية قصة الإمام أبي يوسف، الذي نشأ فقيرًا ولكن شغفه بالعلم قاده للتعلم على يد الإمام أبي حنيفة، وأشارت إلى موقف أبي حنيفة الذي زار "أبا يوسف" أثناء مرضه، حيث شجعه قائلاً: "إني أرى فيك علمًا سيخلّد اسمك" وتعكس هذه القصة أهمية الإصرار ودور المعلم في دعم تلاميذه.
وأكدت أن العلم هو الأساس في بناء المجتمعات وتحقيق العدالة، مشيرة إلى أن أبا يوسف أصبح قاضي القضاة في عصره بفضل علمه، مما يدل على أن طلب العلم يعود بالنفع على المجتمع ككل، كما أوصت بتشجيع هذه الفئة على طلب العلم والمشاركة الفعالة في الأنشطة الدينية ودمجهم في المجتمع من خلال إعداد برامج تعليمية متخصصة لتمكين الصم وضعاف السمع من فهم النصوص الشرعية، مؤكدًة أن العلم هو النور الذي يبدد ظلمات الجهل، وهو حق لكل فرد في المجتمع، بغض النظر عن التحديات التي يواجهه.
وفي نهاية المحاضرة، تم فتح المجال لطرح الأسئلة بلغة الإشارة، مما يفتح باب المشاركة أمام الجميع الذين عبروا عن امتنانهم لهذه المبادرة، حيث قال أحد المشاركين: "هذه الدروس تعني لنا الكثير، فهي تساعدنا على فهم ديننا بلغتنا الخاصة..".