يحتفظ جامع السليمية باهتمام خاص لدى زوار مدينة أدرنة (غرب تركيا)، إذ يعد تحفة من التحف العثمانية بخصائصه المعمارية الفريدة، رغم مرور أكثر من 4 قرون على إنشائه.

ووصفه المعماري العثماني الشهير سنان آغا -الذي أشرف على إنشاء الجامع- بأنه تحفة فنية يتلألأ كالعقد الذي يزين مشهد مدينة أدرنة بروعته.

تحفة معمارية على قائمة "اليونسكو"

وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والفنون "يونسكو" جامع السليمية في قائمة التراث الثقافي عام 2011، وكان أول مسجد يتم إدراجه في القائمة المذكورة، وقد اكتسب شهرة عالمية أكبر بعد الإدراج ليصبح محط أنظار الجميع.

ومن الخصائص المعمارية التي تميز الجامع عن غيره، قبته العملاقة التي أنشأت كقبة وحيدة دون الارتكاز على أي نصف قبة تدهش المهتمين، ومن يجرون دراسات حول المعمار والهندسة، بارتفاعها البالغ 43 مترا وقطرها البالغ 32 مترا.

لجامع السليمية 4 مآذن رفيعة على شكل قلم ارتفاع كل منها 85 مترا ولكل مئذنة 3 شرفات (الأناضول) اهتمام بطراز العمارة

ولجامع السليمية 4 مآذن رفيعة على شكل قلم ارتفاع كل منها 85 مترا لكل مئذنة 3 شرفات، كما يبهر المسجد زواره بجمال باحته ذات الرواق والخزف الملون.

الجامع الذي يراه القادمون إلى المدينة لأول مرة مسجدا صغيرا، يبهر العين بحجمه وروعته كلما اقتربوا منه، ويمثل المبنى الذي شيده بأمر السلطان العثماني سليم، ذروة إتقان المعمار سنان.

وكان المعماري سنان (1489-1588) أنشأ الجامع بتكليف من السلطان العثماني سليم الثاني عام 1568، حيث شيده على تلة مرتفعة تطل على كل أرجاء المدينة، واستغرق إنشاؤه 7 سنوات، وافتتح للعبادة عام 1575، لكن السلطان سليم الثاني توفي قبل إتمام البناء بفترة قصيرة.

تاريخ اجتماعي مهم

المدير العام لوقف مسجد سنان والسليمية والمحاضر في جامعة تراقيا (حكومية)، المهندس المعماري محمد علي أسمر، قال "إضافة إلى كون جامع السليمية مكانا للعبادة عندما تم بناؤه، كان أيضا بمثابة مركز تعليمي ومكان للاجتماع حيث تمت مناقشة مشاكل المدينة".

وأشار إلى أن المباني العامة في تلك الفترة كانت تستخدم لأغراض عديدة، مبينا "إذا نظرنا إلى السليمية من هذا المنظور، فهو أكبر منطقة تجمع، وهو نموذج لدول الأتراك الخمس العظيمة ولأمة واحدة عظيمة، ويعتبر الجامع قصة مهمة جدا للتاريخ التركي".

وأشار أسمر المنابر التي تظهر في زوايا الجامع كانت تستخدم كمنابر علمية عند بناء الجامع، "وأن المنابر في الجامعات جاءت من هنا، كما يتمتع بإطلالة تخلق تصورا لمساحة واحدة، فهو المسجد ذو القبة الأكبر".

"وبينما كان المعمار سنان يفعل ذلك، بالطبع أجرى حسابات رياضية رائعة، وعمل بشكل علمي للغاية، وصنع الحسابات الصوتية، وحلل كل شيء بدءا من التهوية وحتى حسابات الزلازل بشكل مثالي، إذ حل كل مشكلة بهيكل الجامع"، وفق المهندس التركي.

محمد علي أسمر: استخدم سنان قياسات النسبة الذهبية بشكل جيد جدا وطبق نظام الدفاع للمبنى ضد الزلازل (الأناضول) نسب بناء متقنة

وحول البناء المتقن للجامع، قال أسمر أن أهم ما يميز المسجد هو "نظامه الهيكلي الذي يخفف الحمل عليه، وحمولة القبة موزعة على 8 أذرع، تنزل أذرعها الأربع إلى الدعامات، تلك الدعامات اثنتان تلو الأخرى على الجانبين، والأذرع الأربع الأخرى تذهب تحت المآذن".

"والمآذن ليست في الواقع لأغراض العرض وحسب، بل أيضا للتثبيت وكل النسب في البناء هي نسب طبيعية، وقد استخدم سنان قياسات النسبة الذهبية بشكل جيد جدا، وعندما ننظر إلى المبنى من مسافة بعيدة، نرى أن جميعها ترسم زاوية 52 درجة أفقيا، أي الزاوية التي تتخذها الساعة الرملية بشكل طبيعي عندما تصب رملها على الأرض"، بحسب المدير العام لوقف مسجد سنان وسلمية.

وأضاف "هذا هو نظام الدفاع للمبنى ضد الزلازل، لقد استخدم هذا بشكل جيد للغاية، وعند فحص الجامع فإنه يخفي الكثير من الميزات في التفاصيل".

عصمت عثمان أوغلو: حقق جامع السليمية نجاحا كبيرا للعمارة التركية بنظام الرفع وتقنية البناء والزخارف (الأناضول) قمة العمارة العالمية

من ناحيته، قال المحاضر في كلية الهندسة المعمارية بجامعة تراقيا عصمت عثمان أوغلو إن جامع السليمية هو أحد المباني التي تمثل ذروة الهندسة المعمارية العالمية.

وذكر عثمان أوغلو أن المعمار سنان طور نظام الفضاء المركزي بنصف القبة، وجمع المساحة المركزية تحت قبة واحدة في الجامع، وتم تحقيق الوحدة الداخلية والخارجية في المساحة المعمارية، لقد كانت لحظة عظيمة للهندسة المعمارية العالمية، هذا الابتكار هو في الواقع تقدم كبير.

وأضاف أن المعمار سنان بنى العديد من المساجد النموذجية، "إلا أن البناء الذي حققه مع جامع السليمية حقق نجاحا كبيرا للعمارة التركية والعالمية، وكانت في مرحلة متقدمة من الهندسة المعمارية من حيث نظام الرفع والبناء والعمارة، وتقنية البناء والفنون الزخرفية والتصنيع".

وفيما يخص عمليات ترميم الجامع، أوضح عثمان أوغلو أنه تم ترميم الجامع لأول مرة في عهد السلطان مصطفى الثالث بعد أن تضرر في زلزال أدرنة عام 1752، وتم تجديد المبنى عدة مرات بعد الترميمات التي تمت في القرن الـ18.

وقال في هذا الصدد، "لقد خضع لعملية إصلاح كبيرة في ستينيات القرن الـ18، وفي السنوات التالية كانت تتم الصيانة من وقت لآخر، وحتى الديكورات الداخلية تم تغييرها".

وفي القرن الـ19 تم استبدال الزخارف بزخارف الباروك، وكان آخر إصلاح لها عام 1980، وقد خضعت لعملية ترميم شاملة، وتعود الزخارف والأعمال المرسومة يدويا على القبة إلى تلك الفترة.

وتابع، "في عام 2021 بدأت عملية ترميم جديدة في السليمية نظرا للحاجة لذلك، واستكمال المشاكل الهيكلية التي نشأت ونواقص الترميم في عام 1980، ووصلت أعمال الترميم إلى نقطة متقدمة للغاية".

وختم بالقول، "الترميم الذي تم إجراؤه في جامع السليمية هو ترميم علمي للغاية، وسوف يحمي المبنى لمدة 100 عام أخرى".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات

إقرأ أيضاً:

تفاصيل الزيارة المفاجئة لمحافظ أسيوط لمستشفى الصحة الإنجابية بمركز منفلوط

 

 


تابع اللواء هشام أبو النصر محافظ أسيوط سير العمل بمستشفى الصحة الإنجابية بمركز منفلوط واطمئن على مدى تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى والمترددين خلال جولة مفاجئة وذلك في إطار جولاته الميدانية لمتابعة القطاع الصحي في أوقات مختلفة للتأكد من جاهزيتها ومدى تقديم الخدمات الطبية للمواطنين والنهوض والارتقاء بالمنظومة الصحية تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية وتحقيقًا لرؤية مصر 2030.

رافقه خلال الجولة الدكتور مينا عماد نائب المحافظ، والدكتور إيهاب عبد الحكم مدير مستشفى منفلوط المركزي.

حيث تفقد محافظ أسيوط ـ خلال جولته ـ عدد من الأقسام المختلفة داخل المستشفى منها المعمل وبنك الدم وعيادة الأسنان ووحدة الأطفال المبتسرين الذي يتكون من 30 حضانة والصيدلية فضلًا عن المكاتب الإدارية وذلك للوقوف على مستوى الخدمات المقدمة للمترددين والمرضى والتأكد من تواجد الأطقم الطبية والتمريض ومدى توافر مخزون كافي من الأدوية والمستلزمات الطبية ومعالجة أي معوقات تؤثر على مستوى تقديم الخدمة الطبية، وكذا الإطمئنان على مدى الإلتزام بضوابط تنظيم العمل.

واستمع المحافظ لشرح تفصيلي من مدير المستشفى عن الخدمات التي تقدمها مستشفى منفلوط المركزي والذي أوضح إنها مقسمة مؤقتًا إلى 3 أماكن (وحدة الغسيل الكلوي وبها 43 جهاز غسيل كلوي ومقرها بمدرسة التمريض، ومستشفى الحميات بمنطقة بحري منفلوط وبها "الباطنة والحميات وعلاج على نفقة الدولة وبعض العيادات الخارجية"، ومستشفى الصحة الإنجابية بمنطقة محطة السكة الحديد وبها "الصيدلية وبنك الدم والجراحة العامة والمعمل والمسالك والأسنان وبعض العيادات الخارجية") وذلك لحين الإنتهاء من التشطيبات النهائية وفرش المبنى الجديد للمستشفى المركزي والذي سيتم الإنتقال له قبل نهاية العام الجاري.

وحرص المحافظ ـ خلال الجولة ـ على التحدث مع المرضى والمرافقين للتأكد من رضاهم عن الخدمات الطبية المقدمة لهم والاستماع لمطالبهم واحتياجاتهم لتذليل أي معوقات تواجههم مطالبًا الأطباء بتقديم الدعم الطبي والمعنوي للمرضي وبذل المزيد من الجهود للنهوض بقطاع الصحة والاهتمام براحة المرضى وتوفير كافة الإمكانيات وتسخير الطاقات لتقديم الخدمة الطبية والعلاجية المميزة للمواطنين موجهًا بأرشفة الملفات إلكترونيًا بجانب الأرشفة الورقية حفاظًا عليها من التلف والضياع وتسهيلًا في الوصول إليها وقت الحاجة

مقالات مشابهة

  • دار الآثار الإسلامية تشارك بـ57 تحفة نادرة بمعرض "في مديح الفنان الحِرفي"
  • مدبولي: الصناعة بمصر تستحق أن تساهم في الاقتصاد بنسبة 20%
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • بالفيديو.. لندن تشهد لقاء وتكريم أطول امرأة في العالم التركية روميسا التي تناولت الشاي مع أقصر امرأة بالعالم الهندية جيوتي
  • عضو غرفة السياحة: أسعار الحج "مشوهة ينقصها العداله" وأحذر من "تأشيرة الزيارة"
  • فصائل فلسطينية: تمكنا من استهداف قوة مشاة هندسية للاحتلال من 5 جنود
  • الفصائل الفلسطينية تقضي على قوة هندسية للاحتلال.. وتستهدف ناقلة جند
  • تفاصيل الزيارة المفاجئة لمحافظ أسيوط لمستشفى الصحة الإنجابية بمركز منفلوط
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • سرقة جامع أبو بكر مزهر الأثري بشارع المعز والنيابة تتحفظ على الجاني