جنرال إسرائيلي متقاعد: خسرنا الحرب مع حماس
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
قال اللواء المتقاعد بالجيش الإسرائيلي إسحاق بريك، إن بلاده خسرت الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقطاع غزة، مؤكدا أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة لحرب إقليمية واسعة.
وفي مقال له بصحيفة معاريف نشر اليوم الأحد، قال بريك إنه "لا يمكنك الكذب على الكثير من الناس لفترة طويلة"، وإن ما يجري في قطاع غزة وضد حزب الله في لبنان سينفجر في وجوهنا عاجلا أم آجلا، وحينها ستنكشف الحقيقة بكل خفاياها".
وأكد بريك أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة لحرب إقليمية ستكون أصعب وأخطر بآلاف المرات من الحرب الجارية في قطاع غزة.
وبشأن ما يواجه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة قال بريك: كل يوم يقتل جنودنا ويصابون بجروح خطيرة بسبب الفخاخ والمتفجرات عندما يدخلون المنازل المفخخة دون أي تفتيش، ولا يتخذون التدابير المناسبة قبل الدخول.
وانتقد بريك قيام رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي بسلسلة تعيينات في الجيش، معتبرا أنه "منعزل عن الواقع، وفقد السيطرة على الأرض منذ وقت طويل، لكنه بدأ بتعيين عقداء ومقدمين على شاكلته وصورته"، وفق تعبيره.
القادم أسوأ
وأضاف أنهم يعينون عقداء وعمداء، وبعضهم يتحمل المسؤولية المباشرة عما حدث (يقصد في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبعده)، وذلك من أجل الحفاظ على إرثهم الذي تسبب في "أكبر كارثة خلال 75 عاما من قيام دولة إسرائيل"، وفق قوله.
واعتبر بريك أنه إذا استمر المستويان السياسي والعسكري على هذا النحو، "فسنجد أنفسنا في وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الوضع قبل أن نبدأ الهجوم على قطاع غزة، بل وسنخسر الإنجازات التي حققناها، ولن نحقق هدفي الحرب: إسقاط حماس وإعادة المختطفين".
وأضاف "لقد خسرنا الحرب مع حماس، كما أننا نخسر حلفاءنا في العالم بمعدل مذهل. وقد أزيل هدف القضاء الكامل على حماس من جدول الأعمال، كما أننا لم نعد المختطفين أحياء إلى الوطن بعد"، وفق قوله.
وأردف الجنرال السابق أن ما وصفها بالمناورة (الهجوم البري على قطاع غزة) التي هلل لها القادة الإسرائيليون، لم تصمد أمام الاختبار ولم تحقق النتيجة التي كان الجميع يأمل فيها.
ويواجه الجيش الإسرائيلي منذ بداية الهجوم البري على غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مقاومة شرسة من الفصائل الفلسطينية بالقطاع كبدته خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
ووفق بيانات الجيش الإسرائيلي، فإن عدد القتلى في صفوفه جراء الحرب منذ 7 أكتوبر، بلغ 591 ضابطا وجنديا، منهم 249 منذ بدء العملية البرية.
ومنذ بداية الحرب أصيب 3079 ضابطا وجنديا بينهم 1781 منذ بداية الهجوم البري.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الجیش الإسرائیلی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
هل بدأ خزان التجنيد في الجيش الإسرائيلي بالنضوب؟
القدس المحتلة- فاقمت الحرب على جبهتي لبنان وغزة أزمة الجيش الإسرائيلي، وذلك بسبب النقص الحاد بالقوى البشرية وفي أعقاب الخسائر الفادحة التي تكبدها بالجنود والضباط في المعارك البرية، وهو ما يلزم تجنيدا فوريا لآلاف الجنود.
ولتفادي هذا المأزق كان وزير الدفاع المقال يوآف غالانت قد أعلن عن تجنيد 7 آلاف من اليهود الحريديم، وهو ما هدد بتفكيك ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى إقالة غالانت والاستعاضة عنه بوزير الخارجية يسرائيل كاتس.
وعكس هذا الإجراء من قبل نتنياهو أزمة الخدمة العسكرية التي تتفاقم منذ عقود في المجتمع الإسرائيلي، وذلك بسبب إعفاء اليهود الحريديم من التجنيد، وهو ما ترك ترسبات في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من نقص شديد بالقوات في ظل احتدام المعارك البرية على جبهتي القتال.
احتياجات وترتيبات
وفي وقت تسعى فيه حكومة نتنياهو إلى الالتفاف على القانون الذي أجاز لعشرات الآلاف من اليهود الحريديم سنويا التهرب من الخدمة العسكرية لضمان بقاء الحكومة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026 كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الجيش الإسرائيلي بحاجة ماسة إلى 7 آلاف جندي.
واستعرضت الصحيفة في تقريرها أزمة التجنيد في المجتمع الإسرائيلي والتسرب من الخدمة العسكرية والإعفاء من التجنيد لأسباب طبية ونفسية، وامتناع الحريديم عن الخدمة، إذ ادعى الجيش أنه كان يستطيع تجنيد 3 آلاف حريدي، ولكن في عام التجنيد السابق تم تجنيد 1200 فقط من أصل نحو 13 ألف مرشح للخدمة.
وتكشف "يديعوت أحرونوت" من خلال التقرير أن واحدا من كل 3 رجال مطلوبين للخدمة العسكرية لم يدخل مكتب التجنيد على الإطلاق، وأن 15% من الجنود تسربوا خلال الخدمة العسكرية ولم يخدموا في الاحتياط على الإطلاق، في حين قفز عدد الحاصلين على إعفاءات من التجنيد لأسباب طبية ونفسية من 4 إلى 8% قبل الخدمة.
وفي قراءة لهذا المعطيات والبيانات تناولت قراءات وتقديرات للمحللين ومراكز الأبحاث الإسرائيلية التحديات التي تواجه الجيش الإسرائيلي مستقبلا، وأبرزها قضية تجنيد الحريديم التي ما زالت مثارا للجدل في الساحة السياسية الإسرائيلية، بحيث إن الإعفاء السنوي لعشرات الآلاف من طلاب المدارس الدينية اليهودية ما زال موضع خلاف في المجتمع الإسرائيلي بكل ما يتعلق بعدم تحقيق المساواة الاجتماعية وعدم تقاسم الأعباء.
ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان تعززت قناعات الجيش الإسرائيلي بضرورة توفير الحد الأدنى من الجنود والقوى البشرية لتأمين التشكيلات التي يحتاجها مستقبلا، إذ تكشف من خلال القتال أن الجيش سيضطر إلى زيادة القوات البرية، والتأهب لاحتمال نشوب حرب أوسع على أكثر من جبهة، وحماية الحدود لتجنب تكرار الهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وعليه يجب على الجيش الإسرائيلي وبإجماع قراءات المحللين أن يأخذ في عين الاعتبار عواقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس، والقيام بترتيبات لتلبية الاحتياجات العملياتية، سواء بتوسيع دائرة التجنيد، وتمديد مدة الخدمة العسكرية، وزيادة استخدام النساء في الوحدات القتالية ومقارنة مدة خدمة المرأة مع الرجل، وخلق مسارات تجنيد جديدة.
تزداد المطالب بتوزيع العبء في الجيش الإسرائيلي بتجنيد الحريديم وعدم إعفائهم من الخدمة (الفرنسية) استخلاص العبربدوره، قدّر البروفيسور إيال بن آريه الباحث في معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن أن الحرب متعددة الجبهات كشفت عمق أزمة التجنيد في الجيش الإسرائيلي، وتساءل عما إذا ما كان نموذج التجنيد يلبي احتياجات المؤسسة العسكرية بعد حرب غزة.
وفي استعراضه لهذا التساؤل في ظل استمرار الحرب على جبهتي غزة ولبنان، شدد الباحث الإسرائيلي على ضرورة استخلاص العبر من الحرب الحالية والاعتراف بالحاجة إلى حماية الحدود، والاستثمار في الموارد البشرية بالجيش، وتجنيد المزيد من فئات المجتمع في الخدمة العسكرية.
وأشار بن آريه إلى أن الجيش سيكون مطالبا بالاستمرار في الاستعداد لحرب أوسع، إذ إن إسرائيل ستحتاج إلى جيش أكبر بكثير لخوض حرب متعددة الجبهات، وهو ما يلزم الحكومة الإسرائيلية بتكييف نموذج التجنيد الإجباري للتحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
ويعتقد أن الاعتبارات والمعايير لأي نموذج تجنيد مستقبلي للجيش الإسرائيلي عليها أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات العملياتية للجيش، وبالذات خلال الحرب متعددة الجبهات، والقيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المفروضة على الخدمة العسكرية وتجنيد الحريديم، وضرورة تخطي هذه القيود والاستجابة لاحتياجات الجيش.
ضعف الجيشوفي قراءة لأزمة التجنيد التي تكشفت خلال المعارك في قطاع غزة والتوغل البري في جنوب لبنان، تساءل الباحث في علم الاجتماع نداف هعيتسني في مقال له في صحيفة "إسرائيل اليوم" عن موقف الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي بعد عام ونيف من الحرب، وما الذي تغير منذ تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول وما الذي لا يزال يتعين عليه أن يتغير؟
ويشير هعيتسني إلى كتاب "جيش التكنولوجيا الفائقة وجيش الفرسان" الذي يصف عمق التشويه الذي حدث بالجيش الإسرائيلي في الجيل الأخير، وكيف أن هذا التشويه خلق جيشين مختلفين "أحدهما متألق ومتعدد الإنجازات، والآخر مهمل، وهو جيش البرية".
ويضيف الكاتب الإسرائيلي "نحن نعرف العناوين الرئيسية بشأن سير المعارك البرية، لكن التفاصيل صادمة ولا تزال مزعجة للغاية، لقد انحسر ما نسميه الجيش البري وأصبح ليس ذا أهمية، ففرق المشاة -بمن في ذلك المظليون ولواء غولاني– والمدرعات والمدفعية والهندسة جميعها أهملت، في حين تم تطوير القوات الجوية والمخابرات والوحدات الخاصة وتحولت إلى جيش يتم استخدامه بشكل شبه حصري".
وبعد مرور أكثر من عام على الحرب يقول هعيتسني إنه "بدون القوات البرية لا يمكن الحسم، وبالتالي لا بد من توسيع فرق المشاة والاستثمار بالقدرات البشرية، فالجيش البري هو رأس الحربة بالقتال والدفاع، وإن الانشغال بالجيش واحتياجاته والقدرة على حماية وجود إسرائيل يتطلب تغييرا جوهريا في التعامل مع تجنيد الحريديم".
هرتسي هاليفي يتفقد قاعدة لواء غولاني بعد تعرضها لهجوم بمسيّرة مفخخة لحزب الله (الصحافة الأجنبية) ملء الفراغالطرح ذاته تبناه الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية البروفيسور عميحاي كوهين الذي أكد أن المعارك البرية على جبهتي لبنان وغزة أثبتت مدى حاجة الجيش الإسرائيلي إلى المزيد من القدرات البشرية الميدانية، وكذلك إلى تدعيم الوحدات القتالية من أجل حسم الحرب.
ويعتقد كوهين أن النقص في القوات البرية والقدرات البشرية بالجيش من شأنه أن تكون له تداعيات على سير العلميات العسكرية واستمرارها، وقد يدخل إسرائيل في حرب استنزاف طويلة الأمد، ويتسبب بتآكل القدرات القتالية لمختلف الفرق والوحدات العسكرية وإنهاك الجنود وقوات الاحتياط.
ولفت إلى أن الحرب أظهرت الحاجة إلى المساواة بين مختلف قطاعات المجتمع الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالخدمة العسكرية، قائلا إن "عدم تجنيد الحريديم يشكل في حد ذاته انتهاكا لمبدأ المساواة، إذ إن تقاسم الأعباء والمساهمة المتساوية يخلقان التضامن بين جميع شرائح المجتمع، وهو التضامن الضروري لقدرة إسرائيل على مواجهة التحديات التي تواجهها".
ويضيف كوهين أنه بدا واضحا من سير المعارك البرية أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى قوات بشرية، خاصة في الوحدات القتالية "وخلال الحرب تم توسيع مهام الجيش، إذ قُتل المئات من الجنود وجرح الآلاف، وهو ما عمق أزمة النقص في القوات البشرية، وهناك حاجة ماسة لسد النقص، ودون تجنيد الحريديم سيكون من الصعب جدا الحسم الحرب".