الحديث عن المعتقلين السياسيين في مصر ذو شجون، فهذا هو العام العاشر للعديدين منهم خلف القضبان، يصومون ويفطرون بعيدا عن أُسرهم، ورغم أن هذه الأسر لم تنسهم لحظة واحدة إلا أن شعور المرارة يزداد في رمضان حين يغيب عن مائدة الأسرة أحد أفرادها سواء كان الأب أو الأم أو الابن أو الأخ.. الخ.
يستطيع بعض السجناء ترتيب إفطارات مجمعة في محابسهم، يحاولون من خلالها صناعة أجواء رمضانية، لكن الغالبية العظمى من المحبوسين لا يستطيعون ذلك لأسباب مختلفة.
يقبع في السجون المصرية وفقا لتقديرات المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية 60 ألف معتقل، ولم تفلح لجنة العفو الرئاسي في تخفيض هذا العدد رغم الإفراج بين الحين والآخر عن دفعات من المحبوسين احتياطيا أو بأحكام، ذلك أن الأجهزة الأمنية تعتقل أضعاف من يخرجون. وتكتظ زنازين السجون بالنزلاء الذين يتبادلون مواضع النوم بسبب ضيق المكان، إذا كانت المنظمات النسوية المصرية قد احتفلت أمس السبت (16 آذار/ مارس) بيوم المرأة المصرية 16، فقد كان الأحرى بها أن تتحد خلف مطلب الإفراج عن سجينات الرأي اللاتي حُبسن بسبب تعبيرهن عن آرائهن، وبسبب أدوارهن الحقوقية والسياسية السلمية، واللاتي يتعرضن للموت البطيء داخل السجون، كما تحرم الكثير منهن من رعاية أطفالهنيفترشون الأرض ولا يجدون الغطاء الكافي في برد الشتاء، كما لا يجدون التهوية المناسبة في حر الصيف، ولا يكاد يمر شهر أو أسبوع دون الإعلان عن وفيات جديدة بين السجناء السياسيين بسبب الأوضاع غير الصحية التي يعيشونها، وعدم توفير العلاج المناسب لهم، أو السماح لهم بالعلاج خارج السجن على نفقتهم الشخصية.
بين الستين ألفا من المعتقلين هناك؛ المسنون الذين تجاوزوا السبعين أو حتى الثمانين عاما مثل الدكتور رشاد بيومي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، والدكتور محمود عزت، نائب مرشد الإخوان والأستاذ بكلية الطب، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي السابق، والسفير محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، وغيرهم كثيرون، وهؤلاء المسنون لهم حقوق خاصة في كل العالم، وحتى في مصر تنص المادة 83 من الدستور على التزام الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا، ولكن هذا النص مجمد مثل نصوص دستورية كثيرة.
وإذا كانت المنظمات النسوية المصرية قد احتفلت أمس السبت (16 آذار/ مارس) بيوم المرأة المصرية 16، فقد كان الأحرى بها أن تتحد خلف مطلب الإفراج عن سجينات الرأي اللاتي حُبسن بسبب تعبيرهن عن آرائهن، وبسبب أدوارهن الحقوقية والسياسية السلمية، واللاتي يتعرضن للموت البطيء داخل السجون، كما تحرم الكثير منهن من رعاية أطفالهن. وقد كان دورهن الطبيعي في هذه اللحظات هو تجهيز مائدة الإفطار لأسرهن في بيوتهن، لكنهن بدلا من ذلك يتعرضن للتعذيب المادي والمعنوي في محابسهن عقابا لهن على نشاطهن من أجل الوطن.
من هؤلاء السيدات المحامية هدى عبد المنعم (63 عاما)، المحبوسة منذ أول تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، والمصابة بالفشل الكلوي، ورغم أنها أنهت عقوبة بالحبس 5 سنوات إلا أن السلطات الأمنية رفضت الإفراج عنها، وأعادت تدويرها على ذمة اتهامات جديدة (قديمة) وهي في محبسها، وإلى جانبها أيضا الناشطة الحقوقية عائشة الشاطر والتي تعرضت للحبس فقط لكونها نجلة القيادي الإخواني خيرت الشاطر، وأيضا بسبب نشاطها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. وقد تدهورت صحتها بصورة كبيرة في محبسها حيث تعاني فشلا في النخاع العظمي.
وهناك الناشطة سمية ماهر، ابنة النائب البرلماني عن حزب الحرية والعدال ماهر حزيمة (السجين أيضا)، والتي اعتقلت في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 قبل أيام من موعد زفافها، وقد ظلت رهن الاختفاء القسري لمدة 70 يوما لم يعرف عنها أهلها أو محاموها شيئا حتى ظهرت في نيابة أمن الدولة، والغريب أنها تقضي عقوبة الحبس عشر سنوات بتهمة التخابر مع تركيا التي أعادت علاقتها الطبيعية مع مصر.
ولا ننسى أيضا السيدة حسيبة محسوب (55 عاما) التي اعتقلت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 لكونها شقيقة الوزير السابق في حكومة الرئيس مرسي ونائب رئيس حزب الوسط، محمد محسوب. وهناك المترجمة مروة عرفة والتي اعتقلت في نيسان/ أبريل 2020، وقد تجاوزت ضعف مدة الحبس الاحتياطي دون الإفراج عنها، ودون مراعاة لطفلتها ذات السنوات الخمس، والتي تعرضت لصدمة نفسية خلال القبض على والدتها بطريقة بشعة.
من الضروري أن تظل قضية المعتقلين السياسيين حية في الضمير الشعبي المصري والعالمي، ومن الضروري استمرار بل تكثيف الضغوط محليا ودوليا من أجل الإفراج عنهم، فهؤلاء المعتقلون ليسو محبوسين في قضايا شخصية، بل لتصديهم للدفاع عن الوطن، وعن إرادة وحرية الشعب كله، ومن حقهم على الجميع بذل كل الجهد لتحريرهم
وآخر الأمثلة هي الصحفية علياء عواد التي تقضي عقوبة الحبس بسبب تصويرها بعض مظاهر الاحتجاجات ضد الانقلاب، وقد عانت من السرطان في محبسها، ولم يشفع ذلك لخروجها للعلاج.. والقائمة طويلة واكتفينا بذكر نماذج منها.
لا يعبأ النظام المصري كثيرا بالمناشدات المحلية والدولية للإفراج عن سجناء وسجينات الرأي، ورغم أنه شكل لجنة للعفو الرئاسي فإنه لا يسمح إلا بالإفراج عن أعداد محدودة، يقابلها اعتقال أعداد جديدة، ما دفعه لبناء المزيد من السجون لاستقبال هذه الزيادات الكبيرة في أعداد المعتقلين، لكن تجاهل النظام لتلك المناشدات لا يعني أن تتوقف هذه المطالبات، أو أن يشعر المدافعون عن حقوق الإنسان باليأس والإحباط، فهذا هو ما يريده النظام فعلا، بل المطلوب المزيد من هذه الضغوط الحقوقية والإعلامية، فتراكم هذه الضغوط هو الذي يجبر النظام على التجاوب التدريجي معها، خاصة في ظل احتدام الأزمات المعيشية التي تحفز على الانفجار الشعبي.
من الضروري أن تظل قضية المعتقلين السياسيين حية في الضمير الشعبي المصري والعالمي، ومن الضروري استمرار بل تكثيف الضغوط محليا ودوليا من أجل الإفراج عنهم، فهؤلاء المعتقلون ليسو محبوسين في قضايا شخصية، بل لتصديهم للدفاع عن الوطن، وعن إرادة وحرية الشعب كله، ومن حقهم على الجميع بذل كل الجهد لتحريرهم.
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المعتقلين مصر رمضان السجون مصر نساء سجون معتقلين رمضان مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإفراج عن من الضروری
إقرأ أيضاً:
انتشار مرض الجرب بين المعتقلين الفلسطينيين في سجن النقب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت مؤسستان حقوقيتان فلسطينيتان، اليوم الاثنين، انتشار مرض الجرب، المعروف بالسكايبوس، بين صفوف المعتقلين الفلسطينيين في سجن النقب.
وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونادي الأسير في بيان مشترك أنه: "من بين 35 معتقلا تمت زيارتهم من قبل المحامين في الأيام الماضية، منهم 25 مصابون بمرض الجرب".
وذكر البيان "جميع من تمت زيارتهم خرجوا للزيارة وهم معصوبو الأعين، ومقيدو الأطراف، وجميعهم تعرضوا لعمليات إذلال، وتنكيل، من خلال عملية سحب مهينة تتم بحقهم، وإجبارهم على الجلوس على ركبهم حتى الخروج من القسم".