أعلنت الصين عن استعانتها بالذكاء الاصطناعي لإدارة وتشغيل شبكة القطارات السريعة لديها، وتبلغ طول شبكة السكك الحديدة نحو 45 ألف كيلومتر، مما يجعلها الأكبر على وجه الأرض، وتجرى عملية إدارة الشبكة بواسطة المقرات المخصصة في العاصمة الصينية بكين.

ووفقا للمهندسين العاملين في المشروع، يمتلك هذا النظام دقّة عالية تصل لحوالي 89%، في حين يعالج نظام الذكاء الاصطناعي عددا كبيرا من البيانات في الوقت الفعلي في جميع أنحاء البلاد، كما أنه قادر على تنبيه الفرق المسؤولة عن الصيانة بالحالات الحرجة خلال 40 دقيقة.

ويشير ليو داوان، أحد كبار المهندسين في مركز فحص البنية التحتي التابع لمجموعة السكك الحديدة الصينية، إلى أن النظام يتسم بالكفاءة العالية. وفي بحث نشرته المجلة الأكاديمية (تشاينا رايلواي) (China Railway)، يقول داوان إن النظام الجديد يساعد فرق الصيانة الموجودة في الموقع على إجراء مهامهم بأسرع وقت ممكن.

وتمتلك الصين قطارات هي الأسرع في العالم، وتعمل بسرعة 350 كيلومترا في الساعة، مع خطط إلى رفع السرعة إلى 400 كيلومتر في الساعة العام المقبل. وتخطط الحكومة لمواصلة عملها على توسيع شبكة القطارات لتشمل جميع المدن التي يزيد عدد سكانها عن نصف مليون نسمة.

محاسن الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكة القطارات

وبفضل الذكاء الاصطناعي انخفض عدد الأعطاب البسيطة في خطوط السكك الحديدية في الصين بنسبة 80% عن العام الماضي، ولم تتلق إدارة الشبكة أي تحذيرات أو إخطارات بشأن تقليل السرعة بسبب مشاكل تتعلق بغياب الانتظام في المسارات، وذلك لحسن إدارة الذكاء الاصطناعي وتحليله للبيانات بشكل مباشر ومتواصل.

وكان التحدي الذي يلوح في الأفق قبل أن تشرع الصين في العمل على القطارات عالية السرعة قبل 15 عاما، هو صيانة السكك الحديدة الطويلة ومترامية الأطراف، إذ توقع المهندسون أن عمليات الصيانة ستكون مرهقة وغير مجدية، لأن الأسلاك والقضبان الحديدة سوف تتلف مع الوقت.

وعليه، جاء استخدام الذكاء الاصطناعي في تحديد مكامن الخلل في السكك الحديدة لإجراء الصيانة السريعة والمباشرة، وقد لاحظ الباحثون أن خطوط السكك الحديدة باتت في حالة أفضل بكثير مقارنة بما كانت عليه سابقا.

في السابق كانت تصل البلاغات إلى مقر إدارة الصيانة مرة واحدة في الأسبوع، أما الآن أصبحت أكثر فعالية وانتظاما مع دخول الذكاء الاصطناعي، وباتت التقارير ترد يوميا.

وللمقارنة، فإن شبكة السكك الحديدة في الولايات المتحدة تواجه العديد من التحديات، فقد تجاوز متوسط عدد حالات الخروج عن المسار نحو 2800 حالة سنويا خلال الـ50 عاما الماضية.

وفي ظرف عقد من الزمن، ستعمل دول مثل ألمانيا وسويسرا على استنساخ التجربة الصينية في تشغيل الذكاء الاصطناعي لإدراة شبكاتها للسكك الحديدة، علما أن هذه الدول تمتلك شبكات أصغر مقارنة بالصين.

لقد بني الذكاء الاصطناعي، ودرب على مجموعة كبيرة من البيانات الأولية من قبل علماء مختصين، وتشمل هذه البيانات حركة هيكل القاطرات، واهتزاز السكك الحديدة، والأشكال الموجية، ومعلومات مهمة عن الأرصاد الجويّة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الذکاء الاصطناعی شبکة القطارات

إقرأ أيضاً:

الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي

تشير الدراسات الاستشرافية إلى أهمية تبني معادلة جديدة في الموازنة بين الذكاء البشري، والذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال، ومع التقدم العلمي، واتساع وتعقيد التحديات التي تواجه المؤسسات والاقتصاد والمجتمع، أصبح إدماج الذكاء الاصطناعي ضرورة لا بد منها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين ينتهي حدود الخبرات النادرة للعقل البشري لتبدأ أدوار الذكاء الاصطناعي وفق نهج يقوده الإنسان، وتعززه التكنولوجيا؟

إذا عدنا بالذاكرة إلى بداية ظهور الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي التوليدي، نجد أن الحوار الفكري قد تركز خلال تلك المرحلة عن تأثيرات هذه التقنيات على ملف التشغيل، وبمعنى أدق، عن إحلال الآلة في بعض الوظائف التي لا تتطلب المهارات الكاملة للعقل البشري، ولكن مجالات النقاش في الوقت الراهن قد تحولت بشكل جذري لتتمحور حول الفرص والتحديات المتمثلة في استخدام الذكاء الاصطناعي لدفع الكفاءة والإنتاجية، وما هي أنجح الطرق للجمع بين الإبداع البشري مع الفهم المناسب لحدود إمكانات التكنولوجيا، وكيفية اكتساب القيمة من توظيف التقنيات المتقدمة، والاستثمار في البيانات والمهارات، وعلى رأس هذه المحاور، يأتي الموضوع الأكثر أهمية؛ وهو المحافظة على الخبرات البشرية النادرة في وسط ضجيج الآلات الذكية.

وهذا يفرض الكثير من التساؤلات؛ فإذا كانت الملامح المثالية للمعادلة الجديدة هي قيادة الإنسان للمهام مع الاستفادة من توظيف التقنيات، فإن الحاجة ملحة لإعادة تعريف معايير ومحددات النجاح في هذا المشهد، هذا بالإضافة إلى معرفة الحدود الفاصلة بين الخبرات العملية والمهنية، والخبرات النادرة، وأين ينتهي حدود هذه الخبرات، وكيف يمكن تعريف دور الذكاء الاصطناعي في ظل وجود الخبرات المفاهيمية، وهل هي ممكنة وداعمة، أو أنها مكررة ولا تتقاطع معها بشكل تكاملي، وكذلك يظهر موضوع التدريب كأحد أهم الموضوعات المرتبطة بهذا الشأن، إذ لا بد من تعريف الموجهات التي تحدد متى تتخذ المؤسسة قرار الاستثمار في تدريب فرق العمل على مهارات وأدوات الذكاء الاصطناعي، ومتى يمكنها إحلال الوظائف والمهام وأتمتها.

ولكن الوضع الراهن في عالم المؤسسات والأعمال لا يزال في وضع المترقب، ويكاد يكون من النادر وجود التوجه الفعلي لإدماج الذكاء الاصطناعي التوليدي في المهام والتخصصات العملية المؤسسية، وذلك رغم أن نماذج اللغة والبرمجيات تتطور بشكل لا يصدق، ويمثل هذا بحد ذاته تحديًا كبيرًا، وتتعد أسباب قلة خوض تجربة إدماج الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل، وإن كان يعود معظمها إلى الحواجز الثقافية التي تحول دون تبني هذه التقنيات، وكذلك الحاجة إلى الوصول لكميات هائلة من البيانات العامة والنوعية، والتي يمكن استخدامها لأغراض التنبؤ، وبناء النماذج، وتحديد الأنماط، وتشمل التحديات كذلك العوامل الفردية المتمثلة في وجود المخاوف من العمل مع التكنولوجيا، والتفاعل مع الآلة، والتحولات العميقة التي سوف ترافق عملية التحول هذه، والتي تتطلب كذلك الكثير من الوقت والجهد لتأصيل الواقع الجديد، وتمكين أنماط العمل الهجين، مع المحافظة على المصداقية المهنية، وخصوصا في الجوانب التي تتطلب الكثير من الموضوعية، وتستند في ذات الوقت إلى الاعتبارات الأخلاقية، مثل تقييم أداء الموظفين الذين يؤدون مهامهم في الواجهة بين الآلة، وبين أقرانهم الذين لا يتعاملون مع التقنيات.

وفي عمق كل هذه المسارات المتقاطعة، تظهر الحاجة الملحة للمحافظة على الخبرات النادرة، التي لا يوجد لها في الواقع تعريف مباشر وبسيط، ففي عالم الأعمال والمؤسسات، هناك خبرات مهنية تكتسب صفة الندرة النسبية، والتي يصعب إحلالها بأدوات وإمكانيات الذكاء الاصطناعي، ولكن المخاطر الحقيقية ليس في هدر هذه الخبرات النادرة، وإنما في صعوبة التعرف إليها، والاستفادة منها، وكذلك في بناء خبرات مناظرة لها بعد أن أصبحت الاتجاهات الرئيسية للرؤى الداعمة لإدماج الذكاء الاصطناعي في الأعمال المؤسسية تؤكد أن تبني هذه التقنيات يعزز الإنتاجية والابتكار، وكذلك يسهم في اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، وكذلك يقلل من التكاليف التشغيلية من خلال الأتمتة، ويسمح للموارد البشرية بالتركيز على الجوانب الإبداعية، والمهام الأكثر استراتيجية، وجميع هذه العوائد قد تؤثر على احتمالية استمرار المؤسسات في الاستثمار في بناء المهارات الفردية النادرة، وهنا تأتي المخاطر ذات المدى الطويل لإدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ مثل تعمق فجوات المعرفة والمهارات بين فرق العمل، والنزوح الوظيفي المحتمل، وغيرها من التحديات التي تتطلب وجود التقييم المسبق، وتحديد الجاهزية الشاملة لتنفيذ التحول الذي يخدم الأهداف المؤسسية بنطاقها الأوسع.

إن إمكانات الذكاء الاصطناعي في عالم المؤسسات والأعمال لا حصر لها، ولكن المعادلة الجديدة لإدماج التقنيات المتقدمة تتطلب تحقيق التوازن النوعي بين توظيف الخبرات النادرة للعقل البشري، والاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي والأتمتة، مع إيلاء الأهمية لاستبقاء الكفاءات والمعارف والخبرات، وإعادة تدريبها لتزويدها بخبرة الذكاء الاصطناعي، ويجب ألا تشمل مسارات التدريب التركيز على مجموعة المهارات الفنية والتقنية فحسب، بل يجب أن تشمل أيضا التعلم المستمر لتأصيل عقلية وثقافة النمو، والتكيف مع تطور تقنية الذكاء الاصطناعي، وذلك مع تعزيز الفهم العميق لأهداف العمل في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع، وأهمية الاستفادة من الخبرات النادرة كمورد استراتيجي للمؤسسة وللعمل، وعلى سبيل المثال، تُعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي من أهم الأدوات التحليلية لخلق القيمة من مجموعات البيانات الكبيرة، وذلك لتحديد الأنماط والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، مما يساعد في التخطيط الاستراتيجي، وتخصيص الموارد، ولكن الاستفادة الفعلية من نتائج هذا التحليل الذي يقوم به الذكاء الاصطناعي لا يكتمل سوى بوجود الخبرات المهنية الرصينة القادرة على قراءة الاتجاهات بالمقارنة مع الأداء السابق للعمل، وبالعودة إلى اعتبارات كثيرة أخرى، وبذلك تكتسب عملية اتخاذ القرار جميع الأبعاد التي من شأنها تحقيق الإنتاجية، مع مراعاة أهمية تجريب وتقييم مسارات تبني النهج المتكامل بين الخبرات النادرة والتقنيات المتقدمة وذلك قبل توسيع نطاق دمجها في العمليات المؤسسية، لضمان الانتقال السلس في سير الأعمال، مع الإدراك بأهمية وضع مسارات موازية للكشف عن الخبرات الفردية النادرة، واستبقائها وتفعيل دور المهارات الرئيسية لهذه الخبرات في عملية التحول نحو النهج المتكامل، فالإنتاجية تتطلب وجود العلاقة التكافلية بين الخبرات وإمكانات الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • الحداد يتفقد هيئة الإمداد والتموين لمتابعة أعمال الصيانة والتحديث
  • لمتابعة إجراء الصيانة.. «الحداد» يزور هيئة «الإمداد والتموين»
  • صفعة يمنية مبكرة لإدارة ترامب.. إسقاط (إم كيو-9) الخامسة عشرة في الحديدة
  • شرطة دبي تعتمد الرؤية الاستشرافية لإدارة التحريات والمباحث الجنائية 2040
  • معرض برشلونة للأجهزة المحمولة ينطلق مع تخصيص الحيّز الأكبر للذكاء الاصطناعي
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • بعد فرض رسوم جمركية جديدة.. من المستفيد الأكبر من اشتعال الحرب التجارية؟ أمريكا أم الصين!!
  • «إي باي» تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات الشراء والشحن
  • مصر تدخل عالم منع حوادث القطارات باستخدام الذكاء الاصطناعي.. قريبا
  • الذكاء الاصطناعي نجم معرض برشلونة للأجهزة المحمولة