الطريق الثالث الذي تتجاهله القيادة !
يعود الناس إلى الماضي عندما يخذلهم الحاضر، ويبحثون فيه عن تلك النماذج المثالية التي تغيب الآن عن مواقعها وأدوارها، ولكن التغافل عن نماذج مثالية حاضرة وتقوم بدورها، والتعلق بأشياء من الماضي ربما يمكن وصف هذه الحالة بالتوهان.

هو ذات التوهان السياسي الذي تعيشه الدولة الآن ، وأعني بالدولة هنا ليست المؤسسات الوطنية وإنما الشخصيات والعقول التي تدير الأمور وتوجهها.

غريبة المقارنة بين مجموعة أحزاب وشخصيات من الماضي، تمت تجربتها حتى نفذت صلاحيتها الجماهيرية أولاً، وقدرتها على الفعل السياسي ثانياً، وبين تيار المقاومة الشعبية الذي قاد الجيش إلى النصر في معركته الدولية، بأن هزمت المقاومة الشعبية كل دعاوى المليشيا وحاضنتها السياسية، التي حاولت أن تدفع بالحرب إلى اتجاه كونها تعبر عن تطلعات شعبية في التحول الديمقراطي، وأن تجعل من القوات المسلحة كياناً موازياً لمليشيا ولدت من رحم موقف سياسي وليس وطنياً.

هل يحتاج الجيش لمؤيدين؟ نعم ، ها هو يحظى بتأييد كل الشعب السوداني، الذي قدم أروع نموذجاً للصمود والبطولة؛ بأن احتمل السكنى بمعسكرات إيواء وانتظار المساعدات الإنسانية؛ لم يتذمر، أو يتراجع لحظة عن دعم القوات المسلحة وتأييدها، بل ومضى الشعب السوداني في تضحياته ومساندته للجيش إلى مرحلة الدفع بفلذات أكبادهم إلى معسكرات الاستنفار الشعبي للقتال جنباً إلى جنب مع الجيش الوطني.

هل يمكن مقارنة هذه الحاضنة، بحفنة أحزاب بالية وشخصيات عفا عليها الزمن؟ وإنفاق المال على مؤتمرات هلامية لن تقدم خطوة واحدة على طريق معركة الجيش السياسية والعسكرية.
لم تعد حرب السودان مسألة سياسية أو عسكرية. إنها قضية أخلاقية ترسم صورة لحالة البشر وتقسمهم ما بين مجموعة انتهازيين ، وآخرين عملاء و ما بين شباب المقاومة الشعبية وإبطال معركة الكرامة.

إذا كان الجيش يبحث عن حاضنة جماهيرية، فالشعب السوداني كله خلفه، وإن كان يبحث عن سياسيين فمن يتصدرون المشهد الآن ليسوا بالشخصيات المناسبة لخوض معركة سياسية بحجم المؤامرة على السودان، ينبغي أن تراجع القيادة العليا رؤاها وأدواتها.
بهذه المناسبة أحب أن أرفع قبعات الفخر والإعزاز بإبطال الدفعة (٥٤) قوات مسلحة، من ضباط مشاة، نسور الجو وبحرية ، لقيادتهم المذهلة للمعركة على الأرض باحترافية يحسد عليها الجيش السوداني، وان انحني تقديراً لتضحيات الشهداء الأبطال من الدفعة (٥٤) قوات مسلحة، الشهيد الرائد سهل، والشهيد الرائد ناصر عجيب و (٢٢) شهيداً آخر من رحم هذه الدفعة المميزة.
محبتي واحترامي

رشان أوشي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!

الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن! لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعومة

في أرضٍ تُقاس فيها الفحولة بعدد الطلقات، والنضال بعدد اللايكات، يتكرر المشهد نفسه: رجال يتحدثون عن "تحرير الوطن"، بينما النساء يحررن الحياة من ركام الخراب. في السودان، البطولة ليست مجرد شجاعة، بل استعراض ذكوري تتراقص فيه البنادق، بينما تواصل النساء رقصة البقاء على الهامش، حاملاتٍ ما تبقى من البلاد فوق أكتافهن المتعبة.

"الشهيد… صورة فوتوشوب ثورية!"
لا شك أننا جميعًا تأثرنا بصور الشهداء التي تنتشر كالنار في الهشيم: وجوه مضاءة، ابتسامات خجولة، وكأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم ليتحولوا إلى أيقونات رقمية! لكن، هل تساءل أحد عن الأمهات اللواتي حملنَ هؤلاء الأبطال؟ عن النساء اللواتي دفعنَ الثمن قبل الرصاص وبعده؟ لا أحد يكتب عنهن، فالتاريخ – كما العادة – يهوى الأبطال، لكنه يتجاهل من صنعوهم!
"النساء… مقاومة خلف الكواليس"
بينما يعتلي الرجال المنصات الثورية، ويخطبون عن التضحية والنضال، تعمل النساء بصمت يُشبه المعجزة: يطهون طعامًا من لا شيء، يهربن الأطفال من الموت، ويحملن الوطن على ظهورهن دون أن ينتظرن تصفيقًا. لكن لا بأس، فالنضال كما يخبرنا "المنظرون"، هو فقط لمن يحملون السلاح، أما من يحملون الحياة… فهم مجرد تفاصيل!

"المجتمع الذي لا يكفّ عن معاقبة النساء"
إن نجت المرأة من الحرب، وجدت نفسها في معركة أخرى، حيث يتحول جسدها إلى محكمة، وشرفها إلى تهمة، وخياراتها إلى خيانة للأعراف. إن قاومت، اتُّهمت بالتمرد. إن سكتت، صارت مجرّد ضحية أخرى في أرشيف الظلم السوداني الممتلئ عن آخره.

"اغتصابٌ على هامش الحرب: سلاح الجبناء!"
عندما يعجز الذكور عن النصر، يقررون أن يجعلوا أجساد النساء ساحة للمعركة. في السودان، كما في كل حرب خاسرة، يُستخدم الاغتصاب كسلاح لإذلال المجتمعات، وكأن المرأة ليست سوى مرآة لشرف الرجل. المضحك المبكي أن ذات المجتمع الذي يبكي على "العار"، لا يبكي على النساء أنفسهن، بل على اسمه الذي تلطخ!

"الحركة النسوية؟ لنترك الرجال يقررون!"
ما إن تجرؤ امرأة على المطالبة بحقها، حتى يتزاحم حولها الرجال، كلٌّ بطريقته: "المناضل التقدمي" يخبرها أنه سيتحدث نيابة عنها، و"التقليدي المحافظ" يأمرها أن تعود للمطبخ. وبين هذا وذاك، تُواصل النساء نضالهن الحقيقي، بينما يمضي الرجال في صراعاتهم حول "من الذي يفهم المرأة أكثر!"

"الكرن: حين ترقص الأرض وترتعد الذكورة!"
في حفلات الكرن، حيث تتحدث الأجساد بلغة الأرض، تبدو النساء أكثر حريةً من أي وقت. لكن، ما إن ينتهي الاحتفال، حتى يعود الرجال إلى لعبتهم الأزلية: "من الأكثر فحولة؟". ربما لو أدركوا أن القوة ليست في البندقية، بل في الأرحام التي تُنجب الأبطال وتدفن الجبناء، لاختلفت معايير البطولة لديهم!

"هل الحرب حكر على من يطلق النار؟"
عندما يُقال إن الرجال "يحاربون"، فهم يفعلون ذلك بحمل البنادق، بينما النساء يحاربن باللحم والدم والدموع. في البيوت، في الأسواق، في المعسكرات، في الطرقات التي صارت أفخاخًا للأجساد الهشة. ومع ذلك، لا تُمنح المرأة صكوك البطولة، فهي مجرد "مرافقة"، مجرد ظلٍّ للحدث، مجرد تفصيلة ثانوية في رواية الرجال.

"أيها الرجال، تخيلوا يومًا بلا امرأة سودانية!"
تخيلوا صباحًا بلا أم تجهّز لكم الطعام رغم أنها لم تتذوق شيئًا.
تخيلوا شارعًا بلا امرأة تبيع الشاي، بلا أرملة تحفر في الأرض لتُخرج لأطفالها وجبة اليوم.
تخيلوا بيتًا بلا جدة تحكي الحكايات، بلا أخت تقف في صفوف الرغيف، بلا فتاةٍ تحمل حقيبة المدرسة رغم القهر.
تخيلوا وطنًا بلا امرأةٍ تشدّ الجراح وتجمع الحطام وتحوّل الخوف إلى أغنية صمود.

"خاتمة: متى تصبح المرأة مواطنة كاملة؟"
ربما عندما يكف الرجال عن اعتبارها مجرّد مرحلة انتقالية في نضالاتهم.
ربما عندما تُذكر النساء في كتب التاريخ كقائدات، وليس كمجرّد شهيدات وأمهات شهداء.
ربما عندما يُنظر إلى وجودها ليس كترف، بل كأساسٍ لوجود الوطن نفسه.

وحتى يحين ذلك اليوم، ستظل المرأة السودانية تحارب بصمت… بينما يستمر الرجال في صناعة الحروب والقصائد عن أنفسهم.
أنها لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعمة أيضا.

 

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن تحقيق انتصارات على الدعم السريع في عدة محاور
  • الجيش السوداني: دمرنا أسلحة ومعدات عسكرية لميليشيا الدعم السريع في عدة مناطق
  • منظمة الشهيد بكسلا تكرم شهداء معركة الكرامة
  • إنها الآن حرب أوروبية
  • حكومة السوداني.. معركة بقاء معقدة سلاحها الضغوط المركبة والتنافس في الانتخابات
  • إسرائيل قلقة من قدرات الجيش المصري..كاتس: إنها أكبر وأقوى دولة عربية!
  • حكومة السوداني.. معركة بقاء معقدة سلاحها الضغوط المركبة والتنافس في الانتخابات- عاجل
  • الجيش سيقبل على معركة محلية الخرطوم بتركيز مريح
  • بالتفصيل.. الجيش الإسرائيلي يكشف خبايا معركة 7 أكتوبر
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!