الوصاية الدولية لا تنطبق على الحالة السودانية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
د. فيصل عبدالرحمن علي طه
ftaha39@gmail.com
1
طُرحت مؤخراً ثمة اجتهادات تدعو إلى أن يكون علاج الأزمة السودانية المعقدة، هو وضع الإقليم السوداني تحت نظام الانتداب او الوصاية الدولية. وقد بدا لي بأن هذه الاجتهادات ربما لا تكون مدركة للسياقات او الأطر التي ابتدرت فيها هذه النظم، ولا حتى اطلعت على صكوكها الحاكمة.
2
تم إنشاء نظام الانتداب بموجب معاهدة فرساي للسلام المبرمة في 28 يونيو 1919م، كما تم تضمينه في المادة 22 من عهد عصبة الأمم. وقد وضع نظام لانتداب الأقاليم والمستعمرات الألمانية والتركية التي لم تبلغ درجة من الرقي تمكِّنها من حكم نفسها والاستقلال، تحت الإشراف الدولي ورقابة عصبة الأمم. ولا مجال هنا للبسط والتوسع بشأن أحكام نظام الانتداب وتطبيقاته، لأنه قد انقضى بزوال عصبة الأمم مع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939م.
3
أنشأ الفصل الثاني عشر من ميثاق الأمم المتحدة نظام الوصاية الدولي. وتشمل أهداف النظام: العمل على ترقية أهالي الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم، واطِّراد تقدمها نحو الحكم الذاتي او الاستقلال حسبما يلائم الظروف الخاصة لكل إقليم وشعوبه، ويتفق مع رغبات هذه الشعوب التي تُعرب عنها بملء حريتها.
4
وقد حددت المادة 77 من الميثاق الأقاليم التي يُطبَّق عليها نظام الوصاية وهي:
- الأقاليم التي لا تزال مشمولة بالانتداب،
- الأقاليم التي قد تُقتطع من دول الأعداء نتيجة للحرب العالمية الثانية،
- الأقاليم التي تضعها تحت الوصاية دول مسؤولة عن إدارتها بمحض اختيارها.
5
وبموجب الفصل الثالث عشر من الميثاق تم إنشاء مجلس الوصاية كجهاز رئيسي للأمم المتحدة. ويضم ذلك المجلس في عضويته الأعضاء الذين يتولون إدارة أقاليم مشمولة بالوصاية، وكذلك الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
6
ولكن نظام الوصاية لا يمكن تطبيقه على إقليم السودان، لأن المادة 78 من الميثاق تنص على أن نظام الوصاية لا ينطبق على "الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الأمم المتحدة إذ العلاقات بين أعضاء هذه الهيئة يجب أن تقوم على احترام مبدأ المساواة في السيادة". ولا خفاء في أن السودان عضو في هذه الهيئة منذ 12 نوفمبر 1956م.
7
ولقد علّق مجلس الوصاية اعماله في عام 1994م، بعد أن استقل إقليم بلاو، لأنه كان يمثّل الإقليم الأخير الذي كان مشمولاً بنظام الوصاية الدولية. إن جميع الأقاليم الأخرى التي كانت مدرجة في النظام قد حصلت على الحكم الذاتي أو الاستقلال لوحدها، أو بالانضمام إلى بلدان مستقلة مجاورة. وللعلم، فإن بلاو الآن دولة جزيرية مستقلة في غرب المحيط الهادي. وقد انضمت جمهورية بلاو إلى الأمم المتحدة في 15 ديسمبر 1994م.
8
وفي تقريره السنوي عن أعمال الأمم المتحدة عام 1994م، أوصى الأمين العام، بطرس غالي، بأن تشرع الجمعية العامة بموجب المادة 108 من الميثاق في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مجلس الوصاية، بل وإلغاء الفصلين الثاني عشر والثالث عشر من الميثاق. علماً بأن المادة 108 تتعلق بتعديل الميثاق، وهو ما لن يتم إلا في إطار الإصلاح الشامل لمنظمة الأمم المتحدة.
9
وأخيراً، نعيد ما ذكرناه في الفقرة 6 من المقال، وهو أن نظام الوصاية الدولية لا ينطبق على الأقاليم التي أصبحت أعضاءً في الأمم المتحدة (كما هو الحال بالنسبة للسودان)، لأن العلاقات بين أعضاء المنظمة تقوم على أساس مبدأ احترام المساواة في السيادة. وهذا فضلاً عن أن نظام الوصاية قد انقضى عملياً لأنه لا توجد حالياً أقاليم مشمولة بالنظام.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الوصایة الدولیة الأقالیم التی الأمم المتحدة من المیثاق
إقرأ أيضاً:
الائتلاف السوري: ندعم حكومة البشير ونرفض الوصاية الأممية على العملية السياسية
أعرب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عن دعمه للحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير، مبينا أن تطبيق القرار الأممي 2254 بات محصورا بقوى الثورة، عقب إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ورفض الائتلاف -في بيان صدر عنه مساء أمس الاثنين ونشره على حسابه بموقع إكس- أي وصاية على سوريا، مؤكدا أن تنفيذ قرار مجلس الأمن وفق نصه يتم عبر "عملية سياسية بملكية السوريين وقيادتهم، وعبر الحوار السوري، ولا تتحكم بها الأمم المتحدة بأي شكل من الأشكال".
بيان صحفي
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
دائرة الإعلام والاتصال
16 كانون الأول 2024
إن الائتلاف الوطني السوري، إذ يتابع عمله بعد إسقاط النظام المجرم، من أجل تحقيق كامل أهداف الثورة وتطلعات الشعب السوري في العدالة والحرية والديمقراطية؛ يوضح ما يلي:
• بسقوط… pic.twitter.com/POlDTa85vM
— الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) December 16, 2024
وأكد أن القرار الأممي "لا يمنح المنظمة الدولية حق الوصاية على العملية السياسية، حيث ينحصر دورها في التيسير وتقديم الخدمات الاستشارية والخبرات في حالة الحاجة إليها وطلبها من السوريين".
ولفت الائتلاف إلى أنه يدعم الحكومة المؤقتة التي شكّلها محمد البشير عقب إسقاط النظام، وذلك لضرورة وجود سلطة تنفيذية مؤقتة تشغّل مؤسسات الدولة، وتقدّم الخدمات للشعب حتى بداية مارس/آذار المقبل.
إعلانوشرح الائتلاف القرار الأممي والمهام التي يتوجب على هيئة الحكم الانتقالي إنجازها، وهي "صياغة مشروع الدستور الجديد، وقيام الحكومة الانتقالية بتيسير انتخاب أو تشكيل جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد وتحقيق البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء الانتخابات".
وشدد الائتلاف على أن تضافر جهود القوى العسكرية والسياسية الوطنية في هذه المرحلة "ضرورة من أجل بناء سوريا الجديدة"، مؤكدا ضرورة ملاحقة جميع مرتكبي جرائم الحرب ضد الشعب السوري وتقديمهم للعدالة.
ونص القرار 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن في ديسمبر/كانون الأول 2015، على إنشاء إدارة انتقالية بعد مفاوضات بين وفدي المعارضة ونظام الأسد، لكن الأخير لم يستجب لذلك، الأمر الذي انتهى بسقوطه.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري سيطرت فصائل المعارضة السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، بعد إطلاقها عملية عسكرية ضد قوات النظام، لينتهي بذلك عهد دام 53 سنة من حكم عائلة الأسد.