مكافآت الجيش للفشل في الحكم والمهنية! رد على مقال دكتور عبدالله على إبراهيم
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
الرأى اليوم
صلاح جلال
(١)
???? لعناية دكتور عبدالله على إبراهيم يجده صائما بخير
إطلعت على المقال المنشور لك تحت عنوان (*هل للأمة قوات مسلحة أم للقوات المسلحة أمة* ) الذى إتهمت فيه القوى المدنية بعدم فهم طبيعة القوات المسلحة و تريد فيه توطين فهم ثقافة العسكر (القوات المسلحة) لدى المدنيين حتى يتمكنوا من التعامل معهم بمعرفة وفهم لعلمك لقد متنا وشقينا المقابر وإطلعنا إلى حد التخمة عن ثقافة العسكر فى السياسة من تجارب الجيوش المحيطة بنا خاصة الجيش المصرى الذى لم يخرج من السياسة منذ ثورة يوليو إلى اليوم قرابة ٨٠ عام حسوما وتجربة وتوصل المجتمع المدنى المصرى لمعادلة تعايش معه فى الحالة السياسية المصرية ، وكذلك إطلعنا على تجربة الجيش العربى السورى فى تقلباته المختلفة منذ إنقلاب أديب الشيشكلى ضد القدسى والأتاسى إلى أن تحول الجيش السورى لجيش أيدلوجى فى عهد حافظ الأسد (البعث العربى) وصنوه جيش العراق العظيم ورديفه تجربة الجيش اليمنى الذى ترقى فيه شاويش لرئاسة الجمهورية تجارب متصلة ومؤصلة أمام أعيننا للجيوش التى تحزبت وقادت الدولة من فشل إلى فشل مجيد بلا نموذج واحد يشفع لهم بنصف نجاح .
(٢)
???? آخر كتاب إطلعت عليه قبل عامين إمبراطورية الضباط فى مصر للكاتب الأخوانى محمود جمال
الكتاب الأهم عن ثقافة الجيوش والحكم للباحث المجيد د.عزمى بشارة الجيش والسياسة نماذج عربية جاء الكتاب فى ثلاثة فصول بين العسكرية والمجتمع المدنى وحالات تطبيقية إمتدت على خريطة الجيوش والسلطة فى العالم العربى وبعض النجاحات وأسبابها وأخيرا الإنزلاق للفشل ثم الإنهيار بالدولة درس فيها نماذج لتجارب الجيوش العربية الفاشلة التى تحقق تنمية مؤقته وتهزم التحول الديمقراطي وتنتهى بفشل الدولة وسقوطها .
(٣)
????وهناك دراسات عديدة وعميقة عن تجارب القوات المسلحة السودانية فى كل جوانبها العسكرية وفى السلطة منها كتاب الجيش والانقلابات فى السودان العميد عصام الدين مرغنى الذى تمت طباعته فى قاهرة التسعينات ، لقد تجرأت عدة مرات وزرت المكتبة العسكرية بالقوات المسلحة التى كان يقودها فرع التاريخ العسكرى بدرجة لواء مليئة بالبحوث والدراسات عن طبيعة القوات المسلحة وتطورها ومفاهيمها، القوى المدنية السودانية يا دكتور عبدالله ليست جاهلة بمعرفة العسكر كما تقول إهتمت باكراً بدراسة القوات القوات المسلحة ومحاولة فهم ظاهرة الإنقلابات العسكرية
[هذا المجتزأ منقول من كتاب (من أجل التوثيق- مذكرات العم فضل النور عليه رحمة الله ) ص101 مدير مكتب الأمير عبدالله نقدالله وزير الداخلية 1966] وهى متاحة الآن فى أمازون ذكر أن الأمير عبدالله نقدالله بعد أداءه القسم إستدعى القائد العام الفريق الخواض و *ناقش معه فكرة حل القوات المسلحة وإعادة تكوينها بطريقة إحترافية وقومية متوازنة هو العلاج الوحيد لجرثومة الإنقلابات فى داخلها* وقابليتها للتآمر منذ ذلك التاريخ بعد ثانى إنقلاب فى البلاد بقيادة إبراهيم عبود ، أما عن أدلجة القوات المسلحة فقد كانت تجربة تمت تحت نظرنا ١٩٩٠م إلى ٢٠١٩م بعد تفريغها من الضباط الوطنيين وأيلولت قيادتها لمحاسيب التنظيم السياسى الحاكم وآخر شهادة بهذه الحقيقة إنقلاب مفتش عام القوات المسلحة الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب الذى ذكر أنه يتلقى تعليماته من د.نافع والجاز وعلى كرتى
إلى إنقلاب اللواء بكراوى.
(٤)
???? كما أن القوى الوطنية والمدنيين ليست خلو من دراسة ظاهرة الجيش المؤدلج فى البلاد فهناك كان نقاش عميق للظاهرة فى التسعينات إبتدرة دكتور عبدالله بولا ببحث مبذول فى الإنترنت بعنوان (نسب أمنا الغولة) لتأصيل ممارسات الكيزان الاصولية وعبثهم بمؤسسات الدولة وقواتها المسلحة المؤدلجة لصالح التنظيم بقيادة عسكرية (الحزب تحت الكاب) ، لقد ساهم فى ذلك النقاش د.فاروق محمد إبراهيم النور والرفيق باقان أموم وشخصى صلاح جلال والمناقشات موجودة فى إرشيف جريدة الخرطوم الصادرة بالقاهرة فى التسعينات ، القوات المسلحة يا دكتور عبدالله كتاب مفتوح للدراسة والنقد وهناك معرفة حقيقية بها لا كما أدعيت ورميت الأحزاب السياسية والقوى المدنية بالجهل وعدم المعرفة بالجيش وأذكر مقوله لدكتور حسن الترابى رحمه الله ارسل له شخص مقاله ناقده قدمها له صديق مشترك بينهم سأله هل تذكرت هذا الكاتب رد عليه قائلاً (هل ينسي أحد منا غريمه) القوات المسلحة هى غريمنا الذى بإسمه تمت مصادرة حرياتنا وزُج بنا فى السجون والمنافى وبإسمها تم تعذينا وقتلنا عدة مرات فهى غريمنا الذى لن ننساه ولا نغفل عنه .
(٥)
???????? ختامة
هذا الرد العفوى والتدفق التلقائي جاء على عجل فى شكل خواطر من سطح الذاكرة ، ولكن سأعود لهذا الموضوع الهام يوماً ليس ببعيد ، برد أكثر تأصيل فى الموضوع والإتهام والنفى له بالدليل الذى لايقبل الجلجة ، نعترف لك دكتور عبدالله بحق الأستاذية علينا والإجتهاد فى البحث، ولكن نختلف معك فى هواك تطفيف وعى القوى المدنية قرباناً للعسكر ، الذين قاومتهم فى شبابك وتواددهم فى شيخوختك الراهنة نتفهم تعبك وإرهاقك من النضال الطويل ورغبتك فى الإستراحة والإبتعاد عن مصادر القلق والإزعاج ، رجائي أن تذهب لوحدك دون تنظير لجر الآخرين معك ، هناك قانون فى القوات المسلحة يسمى (الوقاحة وعدم الإنقياد ) مخالفته تقود العسكرى إلى الإعدام والتجريد من الخدمة ، أنا عاصى سيادتك جنابو دكتور عبدالله لا أشترى مقالك أعلاه بشروى نقير لجرنا لفهم جديد للقوات المسلحة الإنقلابية دون المطالبة بتقويمها ومعالجتها ، *الجيش لايصلح للحكم يجب أن يعود للثكنات* نقطة سطر جديد و قناعة ترسخت لدينا منذ الصبا إلى الكهولة ، كما قال الإمام الغزالى فى إحياء علوم الدين المجلد الثانى فى وصفه الإيمان الراسخ (بإيمان العجائز )، نحن *نؤمن بضرورة إعادة تأسيس القوات المسلحة لتكون قوات قومية التكوين مهنية ومحترفة وموحدة تحتكر العنف فى الدولة بلا شريك وحل جميع المليشيات والحركات المسلحة وتصفية وجودها العسكرى وفق ترتيبات أمنية والدمج والتسريح (DDR) ، وان تبتعد القوات المسلحة وبقية القوات الأمنية عن السياسة والإقتصاد هذا هذا هو الوعى الذى أكدته مجريات الخرب العبثية الراهنة التى يجب أن تقف فوراً أو الطوفان والحرب الأهلية الشاملة وهى القاصمة التى لاتبقى لنا عمود فى دولة.
صلاح جلال
١٧ مارس ٢٠٢٤م
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة القوى المدنیة
إقرأ أيضاً:
حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يذكرنى بعض العرب فى السلطة وخارجها، ممن ينتظرون بلهفة نتائج الانتخابات الأمريكية التى تجرى بين الديمقراطية «كامالا هاريس» والجمهورى «دونالد ترامب» آملاً فى أن تحمل تلك النتائج بعض أوجه التغيير فى منطقتنا المنكوبة بالحروب والكوارث والمآسى، بالمثل الشعبى القائل «يامستنى السمنة من بطن النملة لا أنت طابخ ولا قالى». وبرغم التحذير الذى ينطوى عليه المثل لمن يبالغون فى توقعاتهم، وينتظرون شيئاً سوف يأتى، لكنه لا ياتى وغير قابل أصلاً للمجئ، وأيضاً السخرية من جهلهم بخصائص النملة وطبيعتها، فالمثل يتضمن كذلك استهانة بعناصرالقوة التى يمتلكها هذا الكائن الضئيل والهش.
بدأت «كمالا هاريس» مرشحة الحزب الديمقراطى، الذى يتخذ منذ نهاية القرن التاسع عشر من الحمار رمزاً له، حملتها الانتخابية، التى قادتها الصدف لخوضها، بإبداء التعاطف مع الفلسطينيين فى غزة والدعوة لوقف الحرب. ثم ما لبثت أن تراجعت ورفعت الشعار المجرم الذى يقول بمناسبة وبغيرها، إن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس. وكان بايدن قد اتخذ هو وإدارته الصهيونية، من هذا الشعار، مبرراً لمنح إسرائيل الضوء الأخضر لشن حرب إبادة جماعية وتهجير قسرى ضد الشعب الفلسطينى. بالإضافة لتشجعيها على تجاهل كل القوانين والمؤسسات الدولية، التى تحمى سيادة الدول وتؤمن أعرافاً وقوانين لإدارة الحروب، بالحرب المستمرة على لبنان. ولولا الدعم العسكرى واللوجستى والمخابراتى غير المسبوق فى تاريخ العلاقات بين الطرفين، الذى عزز هوس نتنياهو كمجرم حرب تطارده العدالة الجنائية، بسفك الدماء، لتوقفت الحرب .
والتضارب فى التصريحات والتقلب فى المواقف هى من طبيعة الانتخابات التنافسية. وبطبيعة الحال تسعى «هاريس» لكسب أصوات اليهود، حيث يبلغ عددهم نحو 6 ملايين من بين تعداد السكان البالغ 337 ملايين نسمة بنسبة تصويت تصل إلى 2.4%من أعداد المصوتين الذين يصل عددهم إلى 186 مليون ناخب.. وبرغم أنها نسبة تبدو ضئيلة، إلا أن قوتها لا تكمن فى عددها، بل فى تنظيمها كقوة ضغط توجهها وتديرها لجنة الشئون العامة الأمريكية -الإسرائيلية المعروفة إعلاميا باسم «أيباك». هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من المراقبين للسباق الانتخابى بين الديمقراطيين والجمهوريين، يؤكدون أن السياسة الخارجية لا تشغل بال الناخبين، بقدر اهتمامهم بالقضايا الاقتصادية والداخلية، لاسيما قضايا الهجرة والحق فى الإجهاض، التى تلقى بظلالها على الحياة اليومية لمعظم الشعب الأمريكى وتتحكم فى مسارها وتساهم فى تأرجحها بين الجودة والرداءة .
لكن هذا التوجه سوف يصطدم بحقيقة تلعب دوراً مهماً فى النتائج التى ستسفر عنها الانتخابات، وهى أن 49% ممن يصوتون هم من الشباب الذى قاد أعداد منهم، لا يستهان بها مظاهرات عارمة فى كبرى الجامعات الأمريكية ضد موقف إدارة بايدن من غزة، وللمطالبة بوقف الحرب .
فى خطابه للجاليات الأمريكية من أصل عربى التى يبلغ عددها نحو 3.7 ملايين مواطن، تعهد المرشح الجمهورى دونالد ترامب بوقف الحرب فى الشرق الأوسط، لكنه فى بداية الحملة، وربما تيمناً برمز الفيل الضخم الذى يتخذه الجمهوريون شعاراً لهم، قال نصاً «إن مساحة إسرائيل تبدو على الخريطة صغيرة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها». وكما بات معروفاً فقد كان هو من أمر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبر الجولان السورية المحتلة جزءاً من دولة إسرائيل .
خلاصة القول إن الفروق تبدو طفيفة فى الموقف من قضايا المنطقة بين المرشحين الجمهورى والديمقرطى. فكلا المرشحين يدعمان تسيد إسرائيل على دول الشرق الأوسط بالقوة وبالبلطجة بإعانتها بكل عناصر القوة والتفوق، وبمحاولات إضعاف محيطها العربى، حتى لو كان ذلك ضد رغبة حكامها وشعوبها، وحتى بتجاهل الاعتراضات المتصاعدة فى المجتمع الأمريكى على الدور الذى باتت إسرائيل تلعبه فى السياسة الخارجية الأمريكية. وعلينا أن ندرك أنه لا سمنة سوف تأتى من بطن النملة، ولا حلول خارجية منتظرة لمشاكل المنطقة، ما لم تتشكل إرادة سياسية تسعى عبرها دولها، لتغيير موازين القوى لصالحها، والعمل الجاد والشاق للبحث الجماعى عن حلول لتلك المشاكل من داخلها .
وإذا كان لنا أن نستخلص بعض حكمة النمل، فهو يمتلك تنظيماً أسطورياً لصفوفه وحنكة لتوجيهها نحو أهدافها، يفتقد إليها أحيانا بعض البشر، فقد عجزت الجاليات العربية فى الولايات المتحدة أن تستلهم تلك الخبرة بحثاً عن نفوذ لها فى المجتمع الذى استوطنت به.. والنمل برغم هشاشته وعدم استطاعة رؤيته بالعين المجردة، يمتلك قدرة عالية على الإيذاء حين تلسع لدغاته وتؤرق من تستهدفه. وهو استطاع بفطنته أن يتحاشى دهس جنود النبى سليمان كما أرشدنا العلى القدير بقوله تعالى «وحين أتوا على واد النمل، قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون».
وبدلاً من انتظار «سمنة» من نتائج الانتخابات الأمريكية، استحضروا الإرادة الجماعية الغائبة، وتأملوا حكمة النمل وقدرته على تنظيم صفوفه وسعيه الذكى لتحاشى الأذى .