أطياف - صباح محمد الحسن
والقاهرة تمد حبال الوصل وداً وترى أن جهدها يحتاج المزيد لطالما أن الوساطة فسحت لها في مجالس الحل مطرحا للغوص أعمق في جذور الأزمة السودانية
ولأن مصر بيدها كثير من الخيوط التي نسجتها لمحاولة هزيمة حركة التغيير في السودان والحد من تمدد تيار الثورة الجارف، لطالما أنها كانت داعمة للأنظمة الديكتاتورية وعازفة جيدة لسيمفونية الإنقلابات في السودان، التي تحقق لها مصالحها، آن الآوان لتنقض غزلها معهم
ولاشك أنه سيكون لها تأثيرها القوي والفاعل اكثر من أي دولة، ليس لعلاقاتها العميقة والإستثنائية بالسودان وحسب ولكن لأنها قادرة علي كبح جماح الذين تتوق أنفسهم لإراقة كل الدماء الذين ظلوا يراهنون علي أن الحل لن يحدث إلا بإستمرار الحرب فالذي يعلم خبايا واسرار خطاياك وجرائمك هو وحده القادر لحملك علي حمالة العقاب
فمنذ ان وجهت مصر الدعوة الأولى لعبد الله حمدك لزيارتها أحدثت تلك الخطوة إضطرابا واضحا في الخطاب السياسي السوداني وأظهرت مشاعر السخط والغضب عند قيادات الحرب وخرج العطا ملوحا انهم لن يسلموا السلطة للمدنيين وسبقه علي كرتي بقوله انهم اصحاب الجلد والراس في حرب ابريل لذلك نحن من نستحق ان نكون جزءا من الحل لاغيرنا فجميعهم يعلمون ان مدنية تدعمها مصر ستكون خطرا كبيرا عليهم
فكل التصريحات العنترية المتتالية هذه الايام هي رسائل في بريد القاهرة وليس لها علاقة بالصراع السياسي في السودان
ويعلمون أنهم لن يستطيعوا الخوض في بركة العداء بعمق لمواجهة مصر
فهي التي (كتفت) نظام المخلوع بحبال ذنوبه ثلاثين عاما وسلبت من (حباب عيونه) حلايب وشلاتين وكلما حاول ان يرفع سبابة الرفض حدثته عن ان كيف كانت محاولة اغتيال مبارك موجعة
وبذات الحبل قيدت المجلس العسكري بعد الثورة ومعلوم ان مصر كلما سحبت منك القوة منحتك الدعم حتي يكون عمر حكمك أطول
فالإنقاذ اشترت سنين عمرها بالسكوت عن ماسلبته مصر من تراب الوطن الغالي
ولنظام البرهان اكبر من جريمة محاولة اغتيال مبارك وأكثر من جريمة في السودان، ومعلوم أن البرهان ماطغى وتجبر واستمر إنقلابه إلا بدعم مصر فالأدراج في مصر فيها مايخص البرهان أكثر مما يخص الإخوان
لهذا فإن التحول السياسي الملفت لمصر تجاه السودان سيكون اول مسمار في نعش حكم البرهان وفلوله، ستدقه مصر ولسانها يقول له بعد (إذن حضرتك) فهي تجيد عملية إفلات اليد مثلما تجيد المصافحة الأولى بحرارة فالفراق عندها اسهل من (شربة ميه)
فأول إشارات الوداع قد تعبر عنها بتسريب (أدي كده) حتي يظن الناس ان مخابراتها اكبر من المعلومات الصغيرة في التسجيل لكنها تكشف القليل لتقول ان بيدها الكثير
وتقدم مصر الدعوة لحمدوك من جديد بالرغم من أن الرجل غادرها قبل اسبوع وتدعو البرهان ولأول مره بعنوان بحث سبل وقف الحرب
وتعترف (ام الدنيا) كلها انها وبعد زيارة حمدوك كانت مخطئة في قياس وزن المكون المدني السوداني في العملية السياسية هكذا تقول د.
ألم نقل منذ البداية أن (مصر الجديدة) ستتخلي عن الجنرال وستدعم خيار التغيير برغبة منها او بدونها
والآن ستواصل خطواتها حتى تقوم بدورها على اكمل وجه تدفعها لذلك إلتراماتها الدولية
لذلك من الواجب علينا أن نتقدم بالتعزية للفلول لفقدانها اهم محور وحليف كانت تسند عليه ظهرها بقوة هذا (الفقد العظيم) جعل القيادات الاسلامية والعسكرية الآن، لاتزعجها الدول الداعمة للحرب ولكن يهددها شبح الرعب والخوف من الدول الداعمه للسلام، مايعني (رفع الغطاء) الذي يجعل ظهرك مكشوف
والقاهرة قد تٌحدث إختراقا واضحا وفارقا علي طاولة حل الأزمة السودانية لأن البرهان الذي يمكن ان يراوغ على الجميع لايستطيع ان يمارس هذه الهواية معها،
اما حمدوك هو ذاته الرجل الذي رفضته سابقا لكنها اليوم تحتاجه برغبة أكيدة
طيف أخير:
#لا_ للحرب
هل يعمل كرتي الآن علي شق صف الدعم السريع لتشكيل حكومته الجديدة المزعومة وهل آن اوان عودة كيزان الدعم السريع الي حضن المؤسسة العسكرية!! غداً
الجريدة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
لجنة إعمار الخرطوم – ما بين الأمل والفخّ السياسي
في خضمّ الخراب الذي حلّ بالخرطوم بعد عامٍين من الحرب، ووسط جهود متفرقة ومبعثرة لإعادة الحياة إلى العاصمة، برز اسم “لجنة إعمار الخرطوم” كمبادرة تبدو في ظاهرها وطنية وخيّرة. لكن، خلف هذا الاسم الكبير، تلوح تساؤلات جدّية: من هم؟ ما هي مرجعيتهم؟ ما هي صلاحياتهم؟ وهل هناك رؤية منشورة للرأي العام؟ والأهم، هل نتجه إلى تكرار تجربة “لجنة إزالة التمكين” التي استنزفت طاقات الثورة في معارك جانبية وانصرافية؟
الإعمار لا يعني الترميم… بل إعادة التأسيس من الجذور
إعمار الخرطوم ليس طلاء أرصفة ولا ترقيعات – جملة مازية – ، بل هو فرصة تاريخية لإعادة صياغة المدينة كليًا وفق تخطيط حضري عصري قائم على مفاهيم:
– الاستدامة
– العدالة الاجتماعية
– السيادة المدنية.
وذلك وفق الاتي :
اولا: التخطيط الحضري والبنية التحتية الذكية
– إجراء تعداد سكاني ومهني شامل يغطي السكان، المساكن، والأنشطة الاقتصادية، مع تأسيس هوية رقمية موحدة لكل فرد، مسكن، ونشاط.
– تخطيط عاجل للصرف الصحي وبناء محطات معالجة بيئية حديثة.
– إعادة توجيه خط السكة الحديد من الجيلي إلى الغابة ليعبر عبر كبري سوبا، وتحرير وسط المدينة من العوائق.
– تحويل المقابر الكبرى داخل المدن إلى حدائق عامة مثل:
– مقابر فاروق
– حلة حمد
– البكري
– أحمد شرفي
– حمد النيل
– نقل كافة المقابر إلى مناطقة مركزية خارج المدث الثلاثة، وإعادة تأهيل المساحات كمناطق خضراء.
ثانيا: مراكز النفاذ الشامل والتحول إلى حدائق تكنولوجية
إحياء مشروع مراكز النفاذ الشامل “بسط الامن الشامل” وتحويله إلى وحدات حضرية ذكية “حدائق تكنولوجية” داخل الأحياء، تتكون من:
– نقطة بوليس رقمية تشمل:
– وحدة شرطة مجتمعية
– وحدة إلكترونية لاستخراج الوثائق الرسمية (بطاقة، جنسية، سكن…)
– مكتب بريد مركزي يمنح كل منزل صندوق بريد خاص.
– منطقة تعليمية مجتمعية تضم:
– نادي إلكتروني
– مكتبة إلكترونية وورقية
– مساحة مخصصة للقراءة والتعلم الذاتي
– قاعة اجتماعات صغيرة للمبادرات المحلية والنشاطات الثقافية
– إمكانية التوسع لتشمل: وحدة إسعاف أولي، نقاط بيع ذكية، وحدات طاقة شمسية.
ثالثا: السيادة المدنية وإخلاء المدن من العسكرة
ما أثبتته الحرب أن وجود الثكنات العسكرية داخل المدن يمثل كارثة أمنية وحضرية. فقد كانت هذه المواقع هدفًا مباشرًا للهجمات اثناء الخرب ، وتسببت في دمار واسع للأحياء المحيطة بها.
لذلك يجب:
– إخراج كل الثكنات والمقرات العسكرية من العاصمة، وتشمل:
– القيادة العامة
– المدرعات (الشجرة)
– المظلات (جبل أولياء)
– سلاح الإشارة (بحري)
– منطقة أم درمان العسكرية بكل وحداتها.
– تحويل هذه المواقع إلى:
– مرافق مدنية (جامعات، مراكز بحوث)
– حدائق عامة
– خدمات حكومية متطورة
– إعلان مبدأ العاصمة المدنية ضمن الوثائق الدستورية أو خطة الإعمار، كمطلب وطني غير قابل للمساومة.
رابعا: إعادة توظيف الأصول العامة
– تحويل مطار وادي سيدنا إلى مطار أم درمان الدولي، وتفكيك مطار الخرطوم الحالي كمقدمة لإعادة تصميم مركز العاصمة.
– تحويل مبنى وزارة الخارجية إلى جامعة العلوم والبحث العلمي السودانية.
– هدم حي المطار وتحويله إلى حي سكني حديث متكامل البنية.
– تحويل مبنى المؤتمر الوطني إلى مركز موحد للسجل المدني والجنسية.
– منح مبنى وزارة العدل لتلفزيون السودان، ودمج مؤسسات الإعلام في مجمع متطور.
– إغلاق سجني كوبر وأم درمان وتحويل الأراضي إلى مسرح قومي وحدائق ثقافية عامة.
خامسا: نقل الأسواق العشوائية وتجميل المداخل
– ترحيل سوق قشرة وإنشاء سوق بديل منظم.
– إزالة سوق أمدرمان القديم وتوطين التجار في سوق حديث ضمن حديقة أمدرمان.
– إلغاء السوق شرق استاد الهلال.
– هدم سينمات العرضة وبانت والحلفايا وكوليزيوم والثورة وتحويلهم إلى مجمعات ثقافي موحدة.
سادسا: الاقتصاد والإنتاج الوطني
– إنشاء شركة مساهمة عامة وطنية للصناعات الغذائية، تمنح عقاراً حكومياً كمقر، وتبدأ بسلسلة مصانع للزيوت، الطحين، التعبئة، والألبان، لتقوية الأمن الغذائي والتشغيل.
خاتمة: بين الطموح والإخفاق… ننتظر بوصلتكم
لجنة إعمار الخرطوم قد تكون شعلة انطلاق، أو قد تكون كميناً لإعادة إنتاج النظام القديم بوجه تنموي مزيف.
نقول بوضوح:
> نريد لجنة شفافة، منتخبة من أهل الاختصاص والمجتمع، تضع الخطط وتخضع للمحاسبة. نريد عقل حضري لا عقل أمني، نريد حياة لا إدارة للأزمة.
هذا مع ثقتنا التامة في حسن نوايا المبادرين وحفظ حقهم في الاقدام والطرح والمبادرة .. لكن.. اول استفادتنا من الحرب ستكون في الحرص والتدقيق والتمحيص، ثم لاحقا المراقبة والمسائلة في كل ما له شأن بالعمل العام .
الخرطوم لا تُرمم… الخرطوم تُعاد صياغتها.
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد