سودانايل:
2025-01-27@04:38:34 GMT

في جدل الصراع: الأحزاب أخر من يعلم

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
يقول المفكر علي حرب في واحدة من تجلياته ( فمن لا ينتج معرفة بالمجتمع لا يستطيع المساهمة في تغييره و من لا يبدع فكرا هو عاجز من أن يؤثر في مجرى الأحداث و تطور الأفكار هذا هو المأزق الذي يمسك بخناق المثقف العربي)
أن العديد من السياسيين السودانيين لا يريدون بقرأت الواقع بواقعية، و معرفة القوى المحركة للأحداث، و أيضا معرفة أين يميل ميزان القوى في المجتمع.

أن الجدل الذي كان دائرا في الساحة السياسية قبل الحرب ما عاد مفيدا العودة إليه إلا من باب الاستفادة من التجربة، لكن الأحداث قد تجاوزت أجندة الماضي ما قبل 15 إبريل 2023م و أفرزت أجندة جديدة، و أيضا لاعبين جدد دخلوا المسرح السياسي، الأمر الذي يحتاج لمراجعة أوراق اللعبة السياسية، لأنها بالضرورة سوف تغيير من طبيعة التحالفات السابقة، و تبرز تحالفات جديدة و اجندة جديدة.. لكن للأسف هناك قيادات سياسية تعتقد أن الأحداث ما هي إلا مظاهر خارجية لا تؤثر على الأجندة السابقة... هذا نوع من الجمود العقلي السبب فيه ضعف القدرات التي تساعد على الإدراك، و هؤلاء سوف يصبحون كتل معيقة لعملية الحل الذي يؤدي لتحول ديمقراطي حقيقي، و ليس شعارات معلقة في الهواء لا تتوافق مع العديد من المرجعيات الفكرية لهؤلاء..
هذه المقدمة نختبرها على مجريات الواقع السياسي و التحولات التي حدثت في الساحة السياسية من تغييرات.. كانت " قحت المركزي" هي التي تقود العملية السياسية قبل 15 إبريل 2023م و حتى بعد الحرب بشهور.. أن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي " مولي في " منظرة " الإتفاق الإطاري" قد اكتشفت أن رهانهم على "قحت المركزي" سوف يفشل مشروع عملية التحول الديمقراطي بالرؤية التي تريدها أمريكا، و لابد من أحداث تغيير في المشهد السياسي، لذلك أوعزت إلي أربعة من الذين لهم علاقة بالمؤسسات الأمريكية و هم " الباقر العفيف و بكري الجاك و نور الدين ساتي و عبد الرحمن الأمين" أن يشرعوا في تأسيس تنظيم القوى المدنية الذي أصبح أخيرا " تقدم" هذا تحالف جديدة تتقدمه القوى المدنية بالرؤية الأمريكية لتقود العملية السياسية. التحالف جعل في القيادة " 70% من المدنيين و هؤلاء عبار عن أفراد و مؤسسات مجرد أسماء فقط و ليس لها قواعد اجتماعية و 30% أحزاب" ماذا يعني هذا؟ يعني أن قيادات الأحزاب أعترفت بشكل صريح إنها عجزت عن إدارة الأزمة بالصورة المطلوبة، و أعطت القيادة لأفراد مستقلين.. أي دخول لاعبين جدد على المسرح السياسي، أن هذا التحالف كان لابد أن يخلق صراعا داخل الأحزاب المنضوية فيه، لأنه من غير المعقول أن تتراجع الأحزاب عن دورها فاسحة المجال لأفراد مستقلين، الأمر الذي ثار عليه حزب الأمة و قدم برنامج إصلاح و تعديل في ميثاق التحالف..
إذا نظرنا إلي المشهد من الجانب الأخر: نجد أن الحرب قد خلقت استنفارا شعبيا كبيرا داعما للجيش، هؤلاء من قبل كانوا يقفون مع الأحزاب مناصرة لشعارات ثورة ديسمبر، و هؤلاء كانوا يقولون شكرا حمدوك و يبجلونه، الآن يقفون في الجانب الأخر المعاكس لموقف حمدوك.. ذهب حمدوك للقاهرة و عقد فقط اجتماعين مع القيادة المصرية الأول كان مع وزير المخابرات عباس كامل و الثاني مع أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية.. و لا أدري لماذا أخفت " تقدم" أسم القيادة المصرية. رغم أن مصر أحترمت حمدوك بالاجتماع مع وزير المخابرات و كان يمكن أن ترسل فقط مندوبا للقاء لمعرفة مايريده حمدوك من مصر، و هذا يبين أن حمدوك حقيقة يحاول أن يراهن على لقاء الفريق أول البرهان و قائد الميليشيا حميدتي، و لا اعرف تقديرات الحكومة المصرية في ذلك لأنها لم تعلق عليه... رغم أن المتغيرات في ارض المعركة هي وحدها التي يجب الرهان علي إفرازاتها، إذا كان مقبولا للجيش و المقاومة الشعبية و الشعب الذي يؤيد الجيش مقابلة الفريق أول البرهان مع قائد الميليشيا حميدتي.. لكن الغريب أن حمدوك في زيارته تجاهل مئات الآلاف من السودانيين المتواجدين في مصر. و أيضا تجاهل الصحافيين و الإعلاميين السوداني و حتى السياسيين، مما يؤكد أن تحالف المدنيين قاصر على مجموعة بعينها فقط.. فهل حمدوك بالفعل يريد جبهة مدنية عريضة؟ تجاهل حمدوك للسودانيين في القاهرة يؤكد أن حمدوك لديه أجندة غير معلنة يسعى لتحقيقها..
في جانب أخر لمتغيرات المشهد السياسي: ننظر في البيان الذي أصدرته ثلاث أحزاب سياسية هي " الأمة القومي و الشيوعي و البعث الأصل" و البيان يحمل تصورات سياسية رغم أن الثلاث أحزاب مواقفها متعارضة... و توقيع حزب الأمة بيان مع الشيوعي الذي له موقف سالب من " تقدم" و البعث الذي يقف وحيدا في الساحة؛ يؤكد أن حزب الأمة يعاني من اضطراب داخلي، و التوقيع على البيان ربما تكون محاولة لكسب مناصرين له إذا غادر محطة " تقدم" .. يقول البيان ( يجب تكثيف جهودنا عبر العمل الجماهيري الميداني وسط القواعد بالداخل و مع ابناء شعبنا بالخارج من أجل محاصرة دعاة الحرب و الضغط على أطرافها و داعميها لإيقاف الحرب و فتح المسارات للمساعدات الإنسانية) السؤال ما هو الذي يمنع هؤلاء الذهاب مباشرة للسودان، و إقناع الشعب بوقف الحرب، بدلا من رسائل المناشدة؟ لماذا الخوف من الشعب؟.. و هذا متغير جديد في الواقع أن الأحزاب التي كانت تعتقد أن الشارع تابع لها بدأت تتخوف منه و تتعامل معه من خلال المناشدة.. هذا يؤكد أن الحرب تفرز واقعا جديدا تتغير فيه العديد من الأجندة..
من أهم بنود البيان الفقرة السابعة، و تبين مدي فقر المعلومة عند الأحزاب، و أن هؤلاء أصبحوا خارج المسرح السياسي تقول الفقرة ( نما إلي علمنا تسريبات و معلومات " غير منشورة" تدور في الخفاء الأيام الماضية عن إعداد يتم لمشروع تسوية تؤسس لشمولية يتم فيها تقاسم للسلطة لمدة عشرة سنوات بين الجيش و الدعم السريع و أرتال من الحركات المسلحة و بعض المسميات لتنظيمات مدنية.. و هي " تفاهمات" مرفوضة موضوعا وشكلا.. و سنقوم باستعراضها و عمل تبين لخطورة التماهي معها أو الصمت عليها) إذا كانت معلومة غير متأكدين منها لماذا نشرتوها في البيان؟ هذه إشارة لزيارة حمدوك.. و أحزاب سياسية فشلت أن تتأكد من معلومة رغم أن حزب الأمة ليس ببعيد عن قيادة الميليشيا.. هذه الفقرة لوحدها تؤكد أن العديد من الأحزاب السياسية تراقب الحرب و مجرايتها و حتى مسعى وقفها من خلال القروبات و الايفات و لا تملك أي معلومات مؤكدة تستطيع أن تبني سياستها وفقا لها، أليس هذا يؤكد سبب فشل الفترة الانتقالية لقصور في الأحزاب.. نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العدید من حزب الأمة یؤکد أن رغم أن

إقرأ أيضاً:

المبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون

#المبادرة_الغائبة التي ينتظرها #الفلسطينيون _ #ماهر_أبوطير

بين يدي أرقام متضاربة حول عدد الأطفال الأيتام في قطاع غزة، بعض الأرقام القديمة حول عدد الأيتام قبل الحرب تتحدث عن أربعين ألف طفل يتيم، وبعض الأرقام الجديدة بعد الحرب تتحدث فقط عن ثمانية وثلاثين ألف طفل يتيم، وهناك تقديرات متفاوتة ومتغيرة ومتناقضة، لكنها كلها من حزمة عشرات الآلاف.

فلسطين وسورية ودول عربية أصبحت من أوائل شعوب العالم من حيث عدد الأيتام، بما يعنيه اليتيم هنا من حاجة وفقر وحرمان وحاجة للدعم والرعاية النفسية، والتعليم، وكأن قدر هذا المشرق، أن يكون الأغنى من حيث الثروات وسط العالم العربي، لكنه أيضا الأغزر في ظاهرة الأيتام، وما ينتج عنها من كلف قاسية.

هناك مؤسسات للأيتام في قطاع غزة، ودور متخصصة لرعايتهم، تم تدميرها خلال الحرب، وعموم الغزيين لا يقبلون بنقل الطفل اليتيم من عائلته إلى عائلة ثانية، أو إلى دور أيتام، حيث أن التكافل الاجتماعي مرتفع جدا، وهذا يعني أن أي طفل يتيم لديه أهل متبقين من هذه الحرب الدموية سينتقلون إلى رعايتها، مع ادراكنا أن كل الوضع الاقتصادي والاجتماعي سيئ، حيث تشير الأرقام أيضا إلى وجود أربعة عشر ألف أرملة، وأرقام مرعبة أيضا حول مبتوري الأطراف، إضافة إلى أرقام الشهداء الذين لا يعرف عنهم أحد أي معلومة لوجودهم تحت الانقاض، أو بسبب الاختطاف وعدم إقرار إسرائيل بمصيرهم، أو انهم قضوا خلال التعذيب.

مقالات ذات صلة بين “بلفور” و “ترامب” 2025/01/26

ارتفاع أعداد الأيتام من نتائج الحرب، وهم بحاجة اليوم إلى مبادرة عربية كبرى، أو فلسطينية، أو عربية فلسطينية، من أجل مساعدتهم، وإدخال الأفراد على خط دعمهم من حيث كفالة الأيتام ماليا، ومساندة هؤلاء، وهكذا مبادرة قد تطلقها أي دولة أمر مهم جدا، حتى لا تبقى قصة الأيتام أيضا تحت صراع التنافس بين جهات عديدة، تجمع المال، ولحاجتنا إلى معلومات محددة”داتا” حول كل طفل، ووضعه، وعنوانه، واحتياجاته، وهذا بحاجة الى جهة متخصصة، لديها القدرة على جمع البيانات في القطاع، وتصنيفها بشكل عاجل، لتحديد الأولويات، إضافة إلى جهة موثوقة تتولى إدارة كل العملية على الصعيد المالي، والحاجة أيضا إلى مساهمة الأفراد الفلسطينيين والعرب في هكذا مشروع ضخم جدا، لتكفيل الأطفال الأيتام.

قطاع غزة أمام مهمات صعبة جدا، من حيث كلف إعادة الإعمار، واستعادة الاقتصاد، والحياة الطبيعية، والتخلص أيضا من الظواهر التي نشأت على خلفية الحرب، مثل لصوص المساعدات، أو حتى الصرافين والتجار الذين يأخذون ثلث قيمة أي حوالة مالية محولة من خارج غزة إلى داخل غزة، وكأن أهل غزة ينقصهم هذا الاجرام والاتجار بدمهم، في الوقت الذي لا بد فيه لجهات موثوقة تولي كل العمليات وتحديدا ما يتعلق بالملف الذي أشرت اليه، أي ملف الأيتام، بما يعنيه من أهمية أيضا تفرض على رأس المال الفلسطيني في كل مكان، القيام بدور مضاعف، خصوصا، ونحن نعرف أن بين الفلسطينيين أغنياء كثر في كل دول العالم، وبينهم أيضا طبقة وسطى متعلمة وتجارية ذات دخل مرتفع، وإذا كنا هنا لا نتهم أحدا في وطنيته أو اهتمامه باحتياجات أطفال غزة، فإن ملف الأيتام تحديدا، بحاجة إلى وقفة مختلفة، تساهم فيها دول أيضا، حتى تكون العملية ممتدة وواسعة، ويشارك بها آلاف القادرين من الفلسطينيين ومن العرب والمسلمين، في ظل حاجة القطاع إلى الدواء والغذاء ومستلزمات كثيرة ومتنوعة، بعد الذي تعرض له القطاع من مجازر.

عشرات آلاف الأطفال الشهداء في هذه الحرب وحروب ثانية، وعشرات آلاف الأطفال الأيتام من نتاج هذه الحرب وحروب ثانية، والفاعل المجرم واحد، لكننا أيضا علينا واجب كبير، في التخفيف عنهم، حيث لا تنفعهم شعاراتنا، ولا دموعنا.

المال الفلسطيني والعربي ساند الغزيين على مستوى الدول وما يقدمه الأفراد أيضا، حتى لا نتورط في إنكار أحد، لكننا نتحدث عن مرحلة ما بعد الحرب ومتطلباتها تحديدا، والمبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون في غزة، بخصوص الأيتام وكفالاتهم ودور رعايتهم وتأمين احتياجاتهم وتعليمهم، أساسية، خصوصا أن بعض الأيتام أصبحوا بلا أهل أو أقارب بعد إبادة العائلات وهذا أخطر ما في هذا الملف.

الغد

مقالات مشابهة

  • المبادرة الغائبة التي ينتظرها الفلسطينيون
  • الخطاب السياسي للحرب
  • هذه الحرب لحظة وطنية غير قابلة لأي إختزال
  • الألحاد السياسي
  • نائب رئيس مصر أكتوبر : هناك اهتمام بقضايا الوعي السياسي بين أعضاء الأحزاب
  • جامعة بنها تشارك في ندوة التنسيقية "بؤر الصراع الإقليمي ومخاطر الأمن القومي المصري"
  • الأمم المتحدة تدعو إلى حوار حقيقي جامع لإنهاء الحرب في السودان
  • توصيات ندوة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين حول بؤر الصراع الإقليمي
  • "أسوشيتد برس": ضغوط داخلية وخارجية تهدد مستقبل نتنياهو السياسي
  • انطلاق ندوة التنسيقية في معرض الكتاب حول «بؤر الصراع الإقليمي»