نتائج الإنتخابات الإيرانية.. تشددٌ يستشرفُ التحديات الآتية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
17 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
محمد صالح صدقيان
أسفرت نتائج الإنتخابات التي جرت في إيران يوم الجمعة في الأول من آذار/مارس الجاري عن نتائج جاءت مُعبرةً عن حراك الداخل الإيراني من جهة وما ينتظر إيران وشعبها من تحديات في المرحلة المقبلة من جهة ثانية.
حدّدت الإنتخابات الخارطة السياسية للبرلمان الإيراني في دورته الثانية عشرة؛ فيما تم انتخاب أعضاء مجلس خبراء القيادة الإيرانية في دورته السادسة.
وقد خيّمت عوامل داخلية وأخری خارجية علی الناخب الإيراني بشكل خاص وعلی العملية الانتخابية بشكل عام، لعل أبرزها داخلياً الهموم الإقتصادية والمعيشية التي تثقل كاهل أغلبية المواطنين الإيرانيين، وبعضها ناتج عن تداعيات العقوبات الإقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة علی إيران منذ عقود من الزمن، وبعضها الآخر له أسبابه الداخلية مثل سوء الإدارة والفساد الإداري والارتباك الإقتصادي، وهذا كله يترك تأثيراته المباشرة علی الأحوال النفسية والحياتية للناخبين الإيرانيين؛ فيما شكّلت الحريات العامة عاملاً آخر أثّر أيضاً علی سلوك الناخبين. أما الملف الخارجي، فإنه لم يكن بعيداً عن توجهات الناخب الإيراني بسبب انعكاساته وتداعياته علی الحياة الإقتصادية والإجتماعية كالعلاقة مع الدول الغربية وتحديداً أمريكا؛ فضلاً عن تداعيات الانخراط الإيراني الكبير في عدد من الملفات الإقليمية واستشعار الناخب بوجود تأثير كبير لذلك علی حياته المعيشية ومتطلباته المختلفة.
الإصلاحيون ينكفئون
لقد امتازت الإنتخابات الاخيرة برفض التيار الإصلاحي تقديم قوائم انتخابية كما كان يفعل في الإنتخابات السابقة بسبب ما قاله حول عدم وجود مرشحين رئيسيين له بعد أن رفض مجلس صيانة الدستور أهلية غالبية المرشحين الإصلاحيين؛ في حين ترأس النائب المحافظ المعتدل علي مطهري نجل المفكر الاسلامي الراحل مرتضی مطهري قائمة نيابية يتيمة بعنوان “صوت الشعب” لم يُكتب لها النجاح من ألفها إلی يائها.
أما التيار الأصولي الذي خاض الإنتخابات وحده تقريباً، فقد توزع علی أربع قوائم رئيسية عكست تنافساً حاداً في الخطاب والممارسة بين المُصنفين بالاعتدال أو التشدد من أقصی اليمين إلی أقصی اليسار في هذا التيار الذي لطالما كان سابقاً يخوض الإنتخابات بقائمة موحدة تُعبّر عن توجه التيار الأصولي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً لكن هذه المرة تعذر ذلك بسبب الخلافات الحادة ضمن المعسكر الواحد، وهو الأمر الذي جعل المرشد الإيراني الأعلی علي خامنئي يُطلق دعوة للكف عن المهاترات والمناكفات السياسية والشخصية التي تفسد أجواء الإنتخابات التي تُعبر عن ارادة المواطنين في المشاركة بصنع القرار عبر مؤسساتهم الدستورية المختلفة.
هذا التشظي السياسي أدی إلی توزع الأصوات الأمر الذي جعل فقط 14 مرشحاً من مجموع مرشحي دائرة طهران يتمكنون من الفوز في هذه الإنتخابات، فيما أُرجئ انتخاب 16 آخرين إلى الدورة الثانية، وهي ظاهرة لم تشهد الإنتخابات الإيرانية مثيلاً لها من قبل ولها دلالة واضحة على حقيقة المشهد السياسي الإيراني حالياً.
المتشددون المحافظون يتقدمون
وفي النتائج؛ لم يستطع رئيس مجلس الشوری (البرلمان) محمد باقر قاليباف الذي ترأس إحدی القوائم الرئيسية للتيار الأصولي من الفوز بالرقم واحد في العاصمة طهران بل حلّ في المرتبة الرابعة في عدد الأصوات، مما جعل عديد المراقبين يعتقدون بأنه لن يتمكن من الفوز برئاسة البرلمان في دورته الجديدة مقابل الفائز الأول محمود نبويان الذي حرق ذات يوم من العام 2015 “الاتفاق النووي” أمام منصة رئاسة البرلمان، أو حميد رسائي الذي يقف إلی أقصی اليسار في التيار المتشدد؛ في الوقت الذي مُني بالخسارة كلٌ من محمد باقر نوبخت معاون الرئيس الإيراني السابق والنائب المحافظ البارز محمد رضا باهنر القريب من رئيس البرلمان الأسبق علي لاريجاني.
وفي حقيقة الأمر أن هذه النتائج كانت متوقعة إلی حد بعيد بسبب عزوف الوسط الشعبي المعتدل والإصلاحي عن التوجه إلى صناديق الإقتراع، وتبلغ نسبة هذه الشريحة حوالي 60% من عموم من يحق لهم التصويت؛ فيما شارك الوسط الأصولي بكثافة وهؤلاء يُشكّلون حوالي 40% من إجمالي الناخبين. أما أعداد الأصوات الباطلة والتي تجاوزت أصوات الفائز الرقم واحد في طهران، فإنها تدل علی أن نسبة كبيرة من المواطنين لا تعارض النظام السياسي بقدر ما تعارض أداء الأجهزة التنفيذية واخفاقها في حل مشاكل المواطنين الإقتصادية والإجتماعية ولا سيما فئة الشباب التي تشكو من قلة فرص العمل.
وأمام هذه النتائج يبدو واضحاً أن المعتدلين في التيار الأصولي لم يُكتب لهم الحظ والنجاح في الاستحواذ علی غالبية المقاعد البرلمانية حيث تراجعوا لمصلحة المتشددين في حزب بايداري (“الصحوه”) المتشدد في ملفات داخلية وخارجية عديدة، فهو يعارض بشدة اعطاء المزيد من الحريات العامة خصوصاً تلك المتعلقة بالمرأة ويدعو المواطنين إلی تحمل الأعباء الإقتصادية من أجل الحفاظ على استقلالية القرار السياسي الإيراني.
ويظهر جلياً من خلال نتائج الإنتخابات الأخيرة أننا أمام مرحلة جديدة من التشدد في المواقف في مواجهة تحديات إيرانية سواء على مستوى الإقليم أو خارجه وهي تستشرف أيضاً نتائج الإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
يبقی ملف إنتخابات مجلس خبراء القيادة الإيرانية في دورته الجديدة التي تستمر لمدة ثماني سنوات، ولنا معه حديث قريب.. إن شاء الله. (U2saleh@gmail.com
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: نتائج الإنتخابات فی دورته
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تشدد قيودها على وصول الفلسطينيين للأقصى في ثاني جمعة برمضان
فرضت إسرائيل قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة إلى مدينة القدس للصلاة بالمسجد الأقصى في ثاني جمعة من شهر رمضان، وبالتزامن مع استمرار اقتحامات المستوطنين اليومية للأقصى خلال رمضان.
وعزز الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية من قواته على المعابر المؤدية إلى القدس، ودقّق في هويات الفلسطينيين، ورفض دخول بعضهم بدعوى عدم الحصول على تصاريح خاصة.
ورغم حصولهم على التصاريح المطلوبة، منع جيش الاحتلال فلسطينيين من محافظتي جنين وطولكرم (شمال الضفة) من الوصول إلى القدس لأداء صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
ويأتي ذلك في ظل تواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في محافظتي جنين وطولكرم منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، والتي خلفت دمارا كبيرا طال المنازل والبنى التحتية وتسببت بتهجير نحو 40 ألف فلسطيني واعتقال نحو 400، وقتل نحو 50، بحسب مصادر فلسطينية.
كما شهد حاجز قلنديا شمال القدس، وحاجز 300 جنوب المدينة، ازدحاما على بوابات الدخول من الضفة باتجاه القدس.
وتمنع سلطات الاحتلال فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة من الوصول إلى المسجد الأقصى منذ بداية رمضان وفق سياستها التي تطبقها منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
رصدت عدسات مصلين فجر اليوم الجمعة انتشارا مكثفا لشرطة الاحتلال الإسرائيلي بين المصلين في المسجد الأقصى المبارك، مع تحليق لطائرة درون فوق ساحات المسجد لمراقبة المصلين.
ومنذ بداية شهر رمضان تقتحم شرطة الاحتلال باحات الأقصى على مدار الساعة وتتجول بين المصلين، خصوصا أثناء صلاتي الفجر… pic.twitter.com/yodgbelhT5
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) March 14, 2025
إعلان قيود مشددة في رمضانوفي السادس من مارس/آذار الجاري صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على فرض قيود مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان.
وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، أن الحكومة أقرت توصية المنظومة الأمنية بالسماح لعدد محدود من المصلين من الضفة بدخول المسجد وفقا للآلية المتبعة العام الماضي.
ووفق التوصية، سيسمح فقط للرجال فوق 55 عاما، والنساء فوق 50 عاما، والأطفال دون سن 12 عاما بدخول المسجد الأقصى المبارك بشرط الحصول على تصريح أمني مسبق والخضوع لفحص أمني شامل عند المعابر المحددة.
ويتزامن هذا القرار مع استمرار اقتحام مئات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى يوميا خلال رمضان، وسط تصعيد إجراءات التضييق على الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية.
تغطية صحفية: توافد أهالي من الضفة الغربية إلى حاجز قلنديا لأداء صلاة الجمعة الثانية من رمضان في المسجد الأقصى وسط إجراءات أمنية مشددة pic.twitter.com/2AM5JiT1KB
— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) March 14, 2025
يذكر أنه منذ بدء العدوان على غزة والضفة، اقتحم أكثر من 68 ألف مستوطن المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال، وسط تشديد إجراءات الدخول للمسجد، ومداخل البلدة القديمة.
وفي الجمعة الماضية تمكن نحو 90 ألف فلسطيني من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، رغم القيود الإسرائيلية المشددة، وفي ظل الطقس الشتوي الماطر الذي شهدته المدينة.
وخلال رمضان العام الماضي كانت غالبية المصلين بالمسجد الأقصى من سكان القدس الشرقية والمواطنين العرب في الداخل الفلسطيني.
وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة إلى القدس الشرقية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين أعلنت الشرطة نشر تعزيزات أمنية إضافية في القدس مع حلول شهر رمضان.
إعلانويعتبر الفلسطينيون هذه الإجراءات جزءا من محاولات إسرائيل لتهويد القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.