ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث|دعّم القضية الفلسطينية وأجمع المسلمين والمسيحيين على موائد الإفطار
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
يوافق اليوم الأحد 17 مارس الذكرى الـ 12 لرحيل البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، وهو البطريرك الـ 117 من بطاركة الكنيسة، الذي توفي عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.
وبدأ منذ أمس وحتى صباح اليوم نشر الأقباط على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للبابا شنودة ليحيون ذكرى نياحته (وفاته)، فكان يتميز بكثير من الصفات التي جعلته قريباً من قلوب جميع المصريين، ومنها الحنان والرفق بالناس، والحب والعطاء والحكمة والبساطة في الأسلوب والتعبير بجانب ثقافته العالية.
ويُعد البابا شنودة هو ثاني أكثر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، وجلس لمدة 44 سنة منذ نياحة البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، وكان البابا كيرلس الخامس هو أكبر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، إذ جلس على الكرسي البابوي لمدة 52 عامًا و9 أشهر.
وولد البابا شنودة الثالث في 3 أغسطس 1923، بقرية سلام بأسيوط يتيما بعد وفاة والدته أثناء ولادته، وظهر نبوغه منذ طفولته إذ لم تكن له شهادة ميلاد عند وصوله للسن الإلزامي لدخول المدرسة، والطريف أن الطفل الذكي نظير جيد، اسمه قبل الرهبنة، أرشد الطبيب إلى يوم مولده بدقة، بحسب الكنيسة.
واجتاز مراحله التعليمية الأولى في ثلاثة محافظات دمنهور والإسكندرية وأسيوط، وأتم دراسته الثانوية بشبرا مصر، وكذلك بدأ نظير خدمة بالكنيسة في السابعة عشر من عمره بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ليخدم في مدارس الأحد، ومنذ ذلك الوقت وبدأت ميوله للرهبنة وحياة الدير وفاتح أب اعترافه القمص ميخائيل إبراهيم في ذلك الأمر الذي أرشده إلى حياة الصلاة والهدوء والتأمل والنسك.
وفي يوم 18 يوليو 1954 رسم الشاب نظير جيد البالغ من عمر 31 عامًا راهبًا باسم الراهب أنطونيوس السرياني، ووجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، وبعد عامين من رهبنته أحب البرية وحياة الوحدة فاتجه إلى مغارة في الصحراء ليخرج منها بعد 6 سنوات كأول أسقف للتعليم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وبعد رحيل البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، ولتقع القرعة الهيكيلية على البابا شنودة ليكون البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة منذ ذلك الحين وحتى 17 مارس 2012، إذ أعلنت الكنيسة وفاة البابا شنودة الثالث بعد صراع طويل مع المرض بعد خدمة في الكنيسة امتدت لـ60 عاما.
كانت وطنية البابا شنودة شأنها كشأن كل جوانب حياته، التى تفوق بها حتى أصبحت جانباً مميزاً فى شخصيته، فكان دائماً يتمنى السلام لمصر والشرق الأوسط، وأحبه الجميع، مسيحيين ومسلمين، حتى شعروا بصدق وطنيته، ولقبوه بـ “بابا العرب”، فقد أعاد البابا الراحل مقولة «مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه» لزعيمه الذى تأثر به مكرم عبيد.
وفكان يجمع قداسة البابا شنودة أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين، حيث فى عهده بدأت موائد الإفطار لأول مرة عام 1986 بمقر الكاتدرائية تم تحويلها إلى عادة سنوية يجتمع فيها الجميع بروح الأخوة والمحبة والود، وبعدها انتقلت إلى كافة الطوائف والكنائس فى مصر وكذلك الايبراشيات والكنائس فى مختلف الأحياء على مستوى مصر، فضلا عن تنظيم تلك الموائد فى إيبارشيات الكنيسة بالخارج والتى كان يدعى لها السفراء والدبلوماسيين ومجموعة من المصريين فى الخارج.
فكان أيضا البابا شنودة داعما لـ “القضية الفلسطينية” والقدس وكان رفضا التطبيع مع إسرائيل، وكان يدعو دائما للوحدة لإنقاذ القدس والقضية الفلسطينية وهو ما حفظ له دائما مكانة في الذاكرة الفلسطينية والعربية.
فكان حب الوطن في قلب قداسته عندما قال "إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا”.
وله قصائد فى حب مصر منها:
ــ جعلتك يا مصر فى مهجتى .. وأهواك يا مصر عمق الهوى
ــ إذا غبت عنك ولو فترة .. أذوب حنينا أقاسى النوى
ــ إذا ما عطشت الى الحب يوما .. بحبك يا مصر قلبى ارتوى
وبمناسبة ذكرى رحيل قداسة البابا شنودة كان في وقت سابق، تواصل "صدى البلد" مع الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة الذي روى موقفًا إنسانيًا للبطريرك الراحل من ضمن مواقف كثيرة عُرفت عنه.
وقال الأنبا رافائيل، إن شابا تقدم للارتباط بفتاة أكبر منه سنا بعدة سنوات، وعندما يكون هناك أمر مثل ذلك يتقدم الشباب بطلب للحصول على تصريح بالموافقة من المجلس الإكليريكي، حيث يمضي "العريس" على أنه يعرف سن "العروس" ويحدث العكس حيث تمضي الأخرى على أنها تعلم بأن الشاب أصغر منها سنا.
وتابع الأنبا رافائيل قائلا: عندما ذهب الثنائي إلى أحد المسؤولين داخل الكاتدرائية رفض على منحهما تصريحا بالموافقة بحجة أن فارق السن بينهما غير متوافق قائلا: "لا مش هينفع الفرق بينكم في السن كبير قوي"، متابعا: ذهب معهما كاهن ولكن المسؤول أصر على موقفه ورفض منحهما التصريح، لكن من حسن حظهما أن هذا اليوم كان يوافق الخميس حيث يتواجد البابا شنودة لمقابلة البسطاء وتوزيع العطايا عليهم.
وأردف: قام الكاهن بأخذهما ودخل بهما إلى غرفة البابا شنودة كي يمنحهما إذنا بالموافقة على الزواج وبالفعل جرى ما كانا يرغبان به حيث عقب البابا قائلا: "إحنا مالنا طالما هم موافقين وأهلهم موافقين، إحنا ننصح بس نقول إن فرق السن يعمل مشاكل، لكن طالما هم موافقين خلاص يبقي منقدرش نجبرهم".
واستطرد أسقف وسط القاهرة قائلا: "نظر البابا في وجه "العروس" وشعر أنها فقيرة وبسيطة فسألها: "انتي محتاجة حاجة"، فردت قائلة: "إن الأنبا رافائيل يتولى كل شيء"، ليتابع البابا قائلا: "سيبك منه ومنحها كل احتياجاتها".
ولفت الأنبا رافائيل أن البابا الراحل كان يكلف كنائس "غنية" في القاهرة لتتولى رعاية البسطاء من شعب الكنيسة، مردفا: "خرجت الفتاة من عند البابا حاصلة على تصريح الموافقة بالزواج مع حصولها أيضا على "عزالها" واحتياجاتها ومعها أموال في يدها"، معقبا هذا يدل على إنسانية وعظمة قداسة البابا شنودة الثالث واحساسه بالبسطاء من أبناء الكنيسة.
وكان يمتلك البابا شنودة من الكاريزما والحكمة حتى أطلق عليه الكثيرون لقب حكيم هذا العصر، ومن اقوال البابا شنودة الشهيرة :
إن ضعفت يومًا فاعرف أنك نسيت قوة الله.أعط من قلبك قبل أن تعطى من جيبك.إن الكلمة التي تقولها تُحسب عليك مهما اعتذرت عنها.إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب ضاق عن أن يحتملها. ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفي الضيقة ويبقى الله المحب. الضمير هو صوت وضعه الله في الإنسان يدعوه إلى الخير ويبكته على الشر ولكنه ليس صوت الله.توجد صلاة بلا ألفاظ .. بلا كلمات ... خفق القلب صلاة .... دمعة العين صلاة ..... الإحساس بوجود الله صلاة.المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البابا شنوده البابا شنودة الثالث البابا شنودة الثالث قداسة البابا شنودة البابا تواضروس الأنبا رافائیل رحیل البابا
إقرأ أيضاً:
البطريرك الذي لا يحمل رقماً.. الأقباط يودعون شيخ مطارنة الكنيسة القبطية الأنبا باخوميوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الأنبا باخوميوس؛ راهبٌ صنع من الزهد تاجًا، ومن الخدمة جناحين حلّق بهما في سماء الخدمة والإيمان، وُلد في شبين الكوم، من التجارة إلى الرهبنة، ومن التلمذة إلى القيادة، سار دربًا لم يحد عنه يومًا، حمل على عاتقه المسؤولية حين اختير ليكون أول أسقف يرسمه البابا شنودة الثالث وحين رحل البابا شنودة.
ألقى عليه القدر أمانة إدارة الكنيسة القبطية، عشرات من الأعوام تصل إلى السبعين من الخدمة شماسًا وراهبًا وأسقفًا ومطرانًا، منها حوالي ٥٤ سنة في خدمة الرعاية الأسقفية؛ لتكتب نهاية هذه الرحلة الحافلة بالعطاء يوم أمس الموافق 30 مارس بوفاة شيخ مطارنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقائم مقام البطريرك الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي عن عمر يناهز الـ 90 عاماً.
محطات في حياة القائم مقام
وُلد باسم سمير خير سكر في 17 ديسمبر 1935 بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية. حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس عام 1956، ودرس في الكلية الإكليريكية من 1959 إلى 1961. خدم كشماس في الكويت عام 1961، ثم ترهبن في دير السريان بوادي النطرون في 11 نوفمبر 1962 تحت اسم الراهب أنطونيوس السرياني. رُسم كاهنًا في 2 يناير 1966، وخدم في السودان من 1967 حتى مايو 1971. مثّل الكنيسة القبطية في عدة مؤتمرات دينية دولية، وكان عضوًا في مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس كنائس أفريقيا
ولد الأنبا باخوميوس، باسم سمير خليل سكر، في 17 ديسمبر 1935م في شبين الكوم، وانتقلت أسرته إلى طنطا عام 1945م، حيث اعتاد الذهاب إلى كنيسة مارجرجس، التي كانت آنذاك كنيسة خشبية. وفي عام 1950م، التقى بالراهب مكاري السرياني، الذي كان أول من دعاه للتكريس في يونيو 1956م، وعرض عليه أن يكون مسؤولًا عن سكرتارية اللجنة العليا لمدارس الأحد.
منذ صغره، امتلأ قلبه بمحبة الخدمة، فبدأ خدمته في مدارس الأحد وهو في الثالثة عشرة من عمره، متنقلًا بين الزقازيق، الجيزة، شبرا، ودمياط، إلى جانب خدماته في القرى وأعمال الافتقاد. حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس عام 1956، ثم واصل دراسته في الكلية الإكليريكية من 1959 إلى 1961، ودرس كذلك بقسم الاجتماع في معهد الدراسات القبطية.
في عام 1961، أصبح أول شماس يخدم في الكويت مع القمص أنجيلوس المحرقي (نيافة الأنبا مكسيموس لاحقًا)، بتكليف من البابا كيرلس السادس، حيث أسسا معًا أول كنيسة رعوية قبطية بالخارج.
عاد من الكويت عام 1962، وعُرض عليه الكهنوت أكثر من مرة، لكنه فضّل حياة البتولية ليتفرغ للخدمة.
وفي سبتمبر من العام نفسه، قرر الرهبنة، وترهبن في دير السريان مع الراهب ميصائيل السرياني (الذي أصبح لاحقًا الأنبا ميصائيل أسقف برمنغهام).
رُسِمَ قسًا في 2 يناير 1966، وبدأ خدمته في معهد إعداد الخدام الأفارقة بكوتسيكا، حيث أشرف على المركز البابوي للكرازة في أفريقيا.
ثم أُرسل إلى السودان عام 1967، حيث خدم حتى مايو 1971، وقام بتعميد العديد من المؤمنين في جبال النوبة.
كما أرسله البابا كيرلس السادس إلى إثيوبيا عام 1971، وأسهم في تأسيس الكنيسة القبطية في لندن.
كان له دور بارز في تمثيل الكنيسة القبطية في العديد من المؤتمرات الدينية الدولية، حيث أصبح عضوًا في مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس كنائس كل أفريقيا.
في 12 ديسمبر 1971، رسمه البابا شنودة الثالث أسقفًا على إيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، وكان بذلك أول أسقف يرسمه البابا شنودة بعد تنصيبه.
عند توليه الإيبارشية، كانت تضم 19 كنيسة فقط و17 كاهنًا، لكنه عمل بجد لتطويرها، فأنشأ كاتدرائية العذراء والقديس أثناسيوس بدمنهور، وشيد العديد من الكنائس، كما أحضر جزءًا من رفات القديس أغسطينوس من الجزائر عام 1987 وأودعه بالكاتدرائية، حيث يُحتفل به سنويًا.
استمر في جهوده التعليمية والتوعوية، حيث قام بالتدريس في الكلية الإكليريكية، وألّف العديد من الكتب والأبحاث، وكان عضوًا في المجمع المقدس ضمن لجنتي الرعاية والخدمة، وشؤون الأديرة.
بعد رحيل البابا شنودة الثالث في 17 مارس 2012، تم اختياره قائم مقام البطريرك لإدارة شؤون الكنيسة، بعد اعتذار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط لكبر سنه. ظل في هذا المنصب لمدة ثمانية أشهر، حتى تم تجليس البابا تواضروس الثاني في نوفمبر 2012.
ترك الأنبا باخوميوس إرثًا روحيًا عظيمًا، وسيرة مضيئة تنير درب الأجيال القادمة، إذ كان مثالًا للراعي الحكيم، والخادم الأمين الذي أعطى حياته بالكامل من أجل الكنيسة.
نظرة الوداع
وترأس يوم أمس قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صلوات تجنيز الأنبا باخوميوس في مقر البطريركية المرقسية بالعباسية، وجاء ذلك بمشاركة مطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية بجانب حضور غفير من الشخصيات العامة، ونقل بعدها جثمان المطران إلى كنيسة القديس مار مرقس الرسول (مقر المطرانية بدمنهور) لإتاحة الفرصة أمام أبنائه لإلقاء نظرة الوداع عليه.
وأكد قداسة البابا تواضروس الثاني خلال كلمة رثائه على أن الأنبا باخوميوس كان شخصية كنسية استثنائية قدمت خدمة ناصعة البياض لأكثر من 75 عامًا، مشيرًا إلى أنه كان مستقيمًا وأمينًا في كل مراحل خدمته وترك أثرًا كبيرًا في الكنيسة القبطية، وأن البابا الراحل شنودة الثالث تعرف على الأنبا باخوميوس في فصول مدارس الأحد بالزقازيق، حيث بدأ خدمته منذ شبابه، ثم عمل محاسبًا بعد تخرجه، قبل أن ينتقل إلى الكويت كشماس، وفي عام 1962 قرر تكريس حياته للرهبنة، لينضم إلى أحد الأديرة، حيث تميز بالتواضع والهدوء والخدمة المثمرة.
وأشار البابا تواضروس أن الأنبا باخوميوس عاصر ستة من الاباء البطاركةبالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان يتمتع بروح تفانٍ نادرة، حيث كان يردد في أيامه الأخيرة: "أريد أن أخدم، رغم تقدمي في العمر وضعف صحتي، إلا أنني أريد أن أخدم"، مؤكدًا أن هذه الروح الخادمة ميزته طوال حياته.
وتطرق البابا إلى الدور القيادي الذي لعبه الأنبا باخوميوس في عدة أزمات تاريخية، منها أزمة عام 1981 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، والتي استطاع التعامل معها بحكمة وهدوء، مما ساهم في استقرار الكنيسة، كما لعب دورًا حاسمًا في 2011 عندما تم اختياره قائم مقا عقب رحيل البابا شنودة الثالث، وهي فترة شديدة التوتر، لكنه قاد الكنيسة بحكمة كبيرة، وأثبت أنه راعٍ قدير استطاع اجتياز التحديات دون أن تخسر الكنيسة أحدًا من أبنائها.
وأشاد قداسته بالدور الذي لعبه الأنبا باخوميوس في تأسيس عدد كبير من الكنائس، ليس فقط في مصر، ولكن أيضًا في أستراليا وإنجلترا والكويت، مما ساهم في اتساع رقعة الخدمة القبطية عالميًا.
واختتم البابا تواضروس كلمته قائلاً: "الأنبا باخوميوس لم يكن مجرد شخص عادي، بل كان موسوعة كنسية، تتلمذ على يديه العديد من الشباب والشابات، وسيظل التاريخ يشهد له بأنه كان أحد الأعمدة الكبرى في الكنيسة القبطية الأرثوذكسي.
وأرسل الدكتور عبد الرحيم علي رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير “البوابة نيوز”، برقية عزاء إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، يعزي فيها الآباء المطارنة والأساقفة، وجميع أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في رحيل القائم مقام الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة.
وقال الدكتور عبد الرحيم علي في كلمته: “رحل اليوم رجل من أعمدة الكنيسة القبطية، وأحد أبرز رموز الحكمة والتواضع والمحبة. لقد كان الأنبا باخوميوس مثالًا للقيادة الرشيدة، ليس فقط داخل الكنيسة، بل في المجتمع المصري ككل، حيث كرّس حياته لخدمة الجميع، وكان نموذجًا للتسامح والمحبة والسلام".
الأنبا باخوميوس كان رجلًا استثنائيًا في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لن ينسى التاريخ دوره العظيم كقائم مقام البطريرك فقد تولى مسؤولية القائم مقام البطريرك في مرحلة من أدق المراحل التي مرت بها مصر والكنيسة معًا، بعد رحيل البابا شنودة الثالث في عام 2012. لقد أثبت خلال تلك الفترة أنه قائد حكيم، حافظ على استقرار الكنيسة وأدار شؤونها بروح المسؤولية والهدوء، رغم التحديات الكبيرة التي كانت تواجهها البلاد في ذلك الوقت، كما كانت له بصمات واضحة في تعزيز العلاقة بين الكنيسة والدولة، ودعم قيم المواطنة والتعايش المشترك.
وأضاف: “لم يكن الأنبا باخوميوس مجرد رجل دين، بل كان شخصية وطنية بامتياز، تدرك تمامًا أهمية دور الكنيسة في الحفاظ على النسيج الوطني المصري. علاقته بالدولة كانت قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون من أجل مصلحة الوطن. فقد كان حريصًا على التأكيد أن الكنيسة جزء أصيل من الدولة المصرية، وأنها تدعم كل ما يحفظ استقرار البلاد ويضمن حقوق جميع المواطنين".
وأردف: “تسليمه منصب البطريرك للبابا تواضروس الثاني تم بروح من المحبة والتواضع، ليؤكد أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مؤسسة قوية قادرة على إدارة المراحل الانتقالية بحكمة دون أن تتأثر باضطرابات السياسة أو تغيرات الزمن. لقد كان الأنبا باخوميوس بحق ‘البابا الذي لم يحمل رقمًا بابويًا’، لكنه كان رجل المرحلة، وترك إرثًا من المحبة والحكمة سيظل يُذكر به في تاريخ الكنيسة والوطن"
واختتم الدكتور عبد الرحيم كلمته قائلاً: “نعزّي أنفسنا ونعزّي مصر كلها في فقدان هذا الأب الجليل، ونسأل الله أن يمنح محبيه وأبناء الكنيسة الصبر والعزاء.
ومن جانبه قال القس الدكتور رفعت فكري الأمين العام المشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط، ورئيس لجنة الحوار بالكنيسة الإنجيلية لـ"البوابة": رحل الأنبا باخوميوس، تاركًا خلفه إرثًا كبيرًا من الخدمة والعطاء، ليس فقط داخل إيبارشية البحيرة، بل على مستوى الكنيسة المصرية ككل، فقد كان شخصية محورية ومؤثرة في تاريخ الكنيسة المعاصر، من خلال أدواره المتعددة داخل المجمع المقدس، وزياراته المستمرة، وحلوله الحكيمة للمشكلات التي واجهت الكنيسة.
وتابع، بعد رحيل البابا شنوده الثالث، تولى الأنبا باخوميوس منصب القائم مقام في واحدة من أصعب الفترات التي مرت بها الكنيسة والوطن. كانت تلك الفترة مليئة بالتحديات، سواء على المستوى السياسي أو داخل الكنيسة، لكن بحكمته وقيادته الرشيدة، استطاع توجيه السفينة إلى بر الأمان، متجاوزًا العواصف التي كادت أن تعصف بالكنيسة.
وأكمل، لم يكن الأنبا باخوميوس مجرد أسقف لإيبارشية، بل كان شخصية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يسعى دائمًا لخدمة الكنيسة والوطن بروح المحبة والتفاني. لذلك، فإن رحيله لا يمثل خسارة للكنيسة فقط، بل هو فقدان لشخصية وطنية بارزة كانت دائمًا تسعى لتحقيق الخير والاستقرار.
واختتم القس رفعت فكري قائلاً: في وداعه، نصلي أن يمنح الله العزاء لكل أفراد الكنيسة وأسرته ومحبيه، وأن تبقى سيرته وخدمته وعطاؤه شاهدًا حيًا على محبته للكنيسة والوطن. لقد ترك الأنبا باخوميوس بصمة لا تُمحى، وسيظل اسمه مرتبطًا بالحكمة والخدمة الحقيقية.
بينما يقول الباحث جرجس حنا تمهيدي ماجستير بقسم العلاقات الكنسية والمسكونية بمعهد الدراسات القبطية في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»: رحل الرجل الذي سطر حياته بحروف من نور، فكانت حياته مناره ونور ساطح في تاريخ بيعة الله المقدسة كنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية، هو شخصية ستظل خالدة في ذاكرة التاريخ، حيث أنه يتمتع بحب كبير في قلوب المصريين، سواء من المسلمين أو الأقباط، بفضل حكمته وحنانه.
وتابع، لا يمكن لأحد أن ينسى قيادته للكنيسة خلال أصعب مراحلها التاريخية الحديثة كقائم مقام، بعد رحيل قداسة البابا شنودة الثالث في مارس 2012م، كان هناك اعتقاد بأن الكنيسة ستواجه تحديات جسيمة، خاصة في الفترة الحرجة التي تلت ثورة 25 يناير وظهور، لكن الله حفظ كنيسته، واختار نيافة الأنبا باخوميوس لقيادة هذه المرحلة الصعبة حتى انتخاب قداسة البابا تواضروس الثاني للكرسي المرقسي.
وأكمل، خلال فترة قيادته للكنيسة كان هو البطريرك الذي لم يحمل رقمً، فكان الجميع ينِظر إلى الأنبا باخوميوس كقائد حكيم وراعي ناجح، استطاع أن يقود بيعة الله إلى بر الأمان، ليُسلمها للراعي الأمين قداسة البابا تواضروس بعد أن أظهرت القرعة الإلهية إرادتها.
واختتم كلمته قائلاً: كان الأنبا باخوميوس شعلة نشاط وحيوية كان نسراً يكرز ويعلم ويؤسس الكنائس، ومحل تقدير واحترام جميع أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كباراً وصغاراً.