على مدار 10 سنوات.. جهود مصرية حثيثة لمكافحة الهجرة غير الشرعية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
سيطرت قضية سياسة الهجرة واللجوء على مناقشات وجدول أعمال اجتماعات الاتحاد الأوروبي، العام الماضي توافقت دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على إصلاح واسع لسياسة الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي، وعلى إثر ذلك وقع الاتحاد الأوروبي في صيف عام 2023 على اتفاقية هجرة مع تونس، يدفع بموجبها الاتحاد الأوروبي أكثر من مليار يورو مساعدة مالية لها مقابل منعها انطلاق قوارب المهاجرين من سواحلها باتجاه أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وفق دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
ولم تكن اتفاقية الهجرة مع تونس، هي الأولى للاتحاد الأوروبي بهدف إبقاء المهاجرين بعيدًا عن أوروبا، ففي السنوات الماضية عقد الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مع تركيا وليبيا، نظًرا لما تعانيه أوروبا من ضغوط بسبب تسارع وتيرة الهجرة إليها على نحو غير مسبوق، وتزايد موجات اللاجئين التي تصل إلى حدودها، الأمر الذي دفع معظم قادة دول الاتحاد الأوروبي إلى التفكير في تحرك استراتيجي، يهدف إلى مواجهة الموجات المتلاحقة من الهجرة إليها
فاتجهت أنظار الاتحاد الأوروبي إلى مصر كشريك إقليمي استراتيجي مهم؛ نظًرا لما تتمتع به من تاريخ طويل من التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وإدارة الحدود مع جيرانها.
إحصائيات الهجرة غير الشرعية لأوروباوبحسب الدراسة التي أعدها المركز، فقد وصل أكثر من 36 ألف مهاجر إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط في أوروبا من يناير إلى مارس 2023، مقابل 16 ألفًا و596 مهاجرًا في نفس الفترة من عام 2022، أي ما يقرب من ضعف العدد، وفًقا لأحدث الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي عام 2023 وصل أكثر من 98% عن طريق البحر، مقابل 2% عن طريق البر، وهي أعلى حصة منذ عام 2016، وفًقا للأمم المتحدة.
وتشير بيانات الأمم المتحدة، إلى أن ما يقدر بنحو 522 مهاجرًا لقوا حتفهم أو فقدوا في طريقهم، مما يعكس عدم وجود طرق آمنة وقانونية متاحة للاجئين وطالبي اللجوء.
وعن أكثر الدول الأوربية التي يوفد إليها المهاجرين، فهي إيطاليا والتي وصل إليها نحو أكثر من 30 ألف لاجئ ومهاجر، في عام 2023.
فمنذ بداية العام 2023، ارتفع عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية من شمالي إفريقيا عبر إيطاليا، إلى أكثر من 42 ألفًا، وهي زيادة بنسبة 292% بين يناير وأبريل الماضيين، مقارنة بالأشهر الأربعة نفسها من عام 2022.
أوجه التعاونكانت مصر وجهة ونقطة عبور مهمة لأوروبا منذ أواخر الثمانينيات، إضافة إلى كونها مصدرًا للمهاجرين أيضًا، فالتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال الهجرة وإدارة الحدود ليس بجديد، ولكن منذ عام 2014 إلى الآن، حدثت زيادة كبيرة في والاتصالات والاجتماعات والجلسات التشاورية.
الجهود المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية على الصعيد الدُّوَليّشاركت مصر في إعلان روما بشأن «مبادرة الاتحاد الأوروبي للهجرة في القرن الإفريقي»، والتي سميت بـ«عملية الخرطوم» في نوفمبر 2014؛ لمساعدة دول القرن في مكافحة أسباب الهجرة غير الشرعية، ومناقشة مسارات الهجرة ومكافحة الإتجار في البشر وتهريب المهاجرين، إلى جانب مشاركتها بفاعلية في عملية التحضير والصياغة في «قمة فاليتا» بمالطا، حول الهجرة غير الشرعية في نوفمبر 2015، الأمر الذي يبرز أواصر التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة وإدارة الحدود، ويعطي مؤشًرا قوًيا لدور مصر كقائد إقليمي في أفريقيا، والذي اتضح من دورها القيادي في عملية الخرطوم.
ووفًقا للمفوضية الأوروبية، فأن تبني سياسة الجوار الأوروبية المنقحة في عام 2015، قد وفّر فرصة «إحياء» المحادثات المتعلقة بالحوار الرسمي بين الاتحاد الأوروبي ومصر، حول الهجرة.
وفي أكتوبر 2018، وقّعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وتضمنت الاتفاقية 7 مشروعات في 15 محافظة بقيمة 60 مليون يورو، لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وأيضًا في فبراير 2019، استضافت مصر أول قمة عربية أوروبية بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي؛ لمناقشة قضايا الهجرة.
تعاون مصر وإيطالياووقعت مصر وإيطاليا بروتوكول مكافحة الجريمة والهجرة غير الشرعية في عام 2018؛ ليتم تجديده عام 2020 بما يعكس ثقة أجهزة الأمن الإيطالية والأوروبية بخبرات الأجهزة المصرية وإمكاناتها التدريبية.
وتتعاون مصر وإيطاليا في مجال التدريب والتأهيل وتصدير العمالة المصرية لسوق العمل الإيطالي، بطريقة شرعية والثقة والتصدي لعمليات الهجرة غير الشرعية.
وفي سياق متصل، جرى عقد عدة مشاورات بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ لبحث أزمة الهجرة وسبل التصدي لها، على مدار 3 جلسات، كما تم الاتفاق على بروتوكولات تعاون مشتركة ذات طابع استراتيجي لمكافحة التهريب والإتجار بالبشر، ودعم جهود تعزيز الهجرة الشرعية، والتأكيد على الحاجة لجذب مزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل، بجانب مساهمات الاتحاد الأوروبي في توفير المُعِدَّات اللازمة في مجال مكافحة الهجرة.
على الصعيد الإقليمياستضافة مصر للمؤتمر الإقليمي الثاني لمبادرة الاتحاد الإفريقي والقرن الإفريقي، بمدينة شرم الشيخ، في سبتمبر 2015؛ حيث تم تقديم مجموعة من المشاريع والأفكار الإفريقية للتنمية، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية.
ترأست مصر واستضافت بشرم الشيخ الاجتماع الوزاري الثاني لمبادرة الاتحاد الإفريقي والقرن الإفريقي، حول الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في يونيو 2016.
استضافت مصر بالأقصر، في نوفمبر 2017 المؤتمر الأول من نوعه، الذي يضم كافة العمليات التي تتناول مسار الهجرة بين إفريقيا وأوروبا، وركز المؤتمر على مكافحة عمليات تهريب المهاجرين والاتجار في البشر، مع التركيز على الأشخاص القصر دون مرافقين.
استضافت مصر المنتدى الإقليمي الأول، لهيئات التنسيق الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين في إفريقيا، في نوفمبر 2019.
جرى إطلاق المكون المصري من مشروع تفكيك شبكات الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين في شمال إفريقيا، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في يوليو 2020.
على الصعيد المحليتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية «2016-2026»، وتستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين وهم الشباب 18- 35 سنة، والأطفال وأسرهم والوافدين إلى مصر بشكل غير شرعي، كما تسعى إلى ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة، من خلال إجراءات وعقوبات مشددة عبر تعزيز التعاون بين الحكومة والأطراف غير الحكومية والإقليمية والدولية؛ للحد من الظاهرة، ورفع القدرة المعلوماتية ذات الصلة، وزيادة الوعي العام بها، وتعبئة الموارد اللازمة، وتعزيز الإطار التشريعي اللازم لدعم جهود مكافحتها، مع اعتبار التنمية أساسًا لذلك، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
كما جرى تأسيس «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر» رسميًا في 23 يناير 2017، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 192 لسنة 2017، وهي لجنة تابعة لمجلس الوزراء، وتضم 29 وزارة وهيئة، بخلاف رئيس اللجنة واثنين من الخبراء، وتختص اللجنة الوطنية بالعمل على رفع مستوى الوعي العام بمخاطر الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وتعمل اللجنة أيًضا على تعبئة الموارد اللازمة لدعم جهود مكافحة تلك القضايا، ودعم التنمية كأساس لمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل في مصر، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاتحاد الاوروبي مصر جهود مصر الهجرة غير الشرعية الهجرة غیر الشرعیة والإتجار بالبشر لمکافحة الهجرة غیر الشرعیة مکافحة الهجرة غیر الشرعیة الاتحاد الأوروبی وتهریب المهاجرین فی نوفمبر أکثر من فی مجال فی عام عام 2023
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع تركيا إنقاذ الاتحاد الأوروبي؟
أنقرة- في خضم التحولات الجيوسياسية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي، ومع تصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية التي تهدد وحدته واستقراره، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليطرح رؤية جريئة تتمثل في أن بلاده لم تعد مجرد دولة مرشحة للانضمام للاتحاد، بل هي "شريان الحياة" الذي يحتاجه للخروج من أزماته المتفاقمة.
وتعكس تصريحات أردوغان المتكررة، والتي كان آخرها الاثنين الماضي، قناعة تركية متزايدة بأن غياب أنقرة عن المشهد الأوروبي لم يعد خيارا قابلا للاستمرار. فبينما تواجه القارة العجوز تداعيات الحرب في أوكرانيا، وصعود التيارات القومية، وتراجع الدور الأميركي في أمنها، تطرح تركيا نفسها كقوة إقليمية قادرة على سد الفراغ الأمني والاقتصادي والإستراتيجي.
ولا تقتصر تصريحاته على الخطاب السياسي فقط، بل تأتي ضمن حراك دبلوماسي مكثف يهدف إلى اختبار مدى استعداد الاتحاد الأوروبي لإعادة النظر في موقفه من تركيا، بالتوازي مع تعزيز خيارات إستراتيجية أخرى.
ورقة ضغطوفي هذا السياق، وخلال لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بأنقرة في فبراير/شباط الماضي، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى أن ملف انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي "يظل معلقا بسبب سياسات الهوية داخل التكتل".
إعلانوقال فيدان إن "الاتحاد لا يشعر بالارتياح إزاء استقبال دولة مسلمة كبرى مثل تركيا، رغم أنه لا يصرح بذلك علنا" وإن "تجاهله مطالب أنقرة قد يدفعها نحو تعزيز شراكاتها البديلة، مثل مجموعة بريكس" في إشارة واضحة إلى أن تركيا لم تعد مستعدة للبقاء رهينة للسياسات الأوروبية.
ويرى المحلل السياسي والباحث في مركز تركيا للأبحاث مراد تورال أن حديث أنقرة عن "إنقاذ الاتحاد الأوروبي" هو بالأساس ورقة ضغط دبلوماسية، إذ تمتلك مقومات تجعلها شريكا مهما في ملفات الأمن والطاقة والهجرة، لكنها ليست قادرة بمفردها على معالجة أزمات أوروبا البنيوية، مثل تصاعد الشعبوية وأزمة الطاقة.
ويؤكد تورال للجزيرة نت أن أنقرة تلعب دورا أمنيا حاسما في أوروبا حتى دون عضوية الاتحاد، بفضل موقعها الجغرافي وقوتها العسكرية كعضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكنها تواجه عقبات كالصدامات المستمرة مع اليونان وقبرص، إلى جانب التحفظات الأوروبية بشأن سياساتها الداخلية.
وبرأيه، سيبقى التعاون الأمني بين تركيا وأوروبا قائما على أساس براغماتي عبر الناتو والشراكات الثنائية، لكن دون دمجها رسميا في الدفاع الأوروبي ما لم تُحل القضايا السياسية العالقة.
مواقف متباينةمن جانبه، حاول أردوغان تحريك المياه الراكدة عبر لقاءات مباشرة مع مسؤولين أوروبيين، حيث التقى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مؤكدا خلال اللقاء أن الزخم القديم للعلاقات بين أنقرة وبروكسل بدأ يعود تدريجيا، لكنه شدد على أن الاتحاد الأوروبي مطالب "بتصحيح أخطائه" إن أراد إحياء مسار انضمام تركيا.
كما أجرى الرئيس التركي محادثات مع الرئيس الألماني فرانك والتر شتاينماير بأنقرة، في فبراير/شباط الماضي، حيث ناقشا مستقبل العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، مشيرا إلى أن التغيرات في المشهد السياسي الأوروبي، خصوصا مع صعود أقصى اليمين، قد تفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في موقفه من تركيا.
إعلانولا يزال ملف انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي مجمدا منذ عام 2016، بعد أن قرر الاتحاد وقف فتح فصول تفاوضية جديدة بسبب ما اعتبره "التراجع في سيادة القانون وحقوق الإنسان" والخلافات المستمرة حول القضية القبرصية وملف التنقيب شرق المتوسط.
ورغم أن تركيا لا تزال دولة مرشحة رسميا، فإن مؤسسات الاتحاد تتبنى مواقف متباينة تجاه مستقبل العلاقة معها، حيث يفضل البرلمان الأوروبي وبعض الدول الأعضاء تجميد المفاوضات، بينما تدعو دول أخرى إلى اتباع نهج أكثر براغماتية يأخذ بعين الاعتبار الأهمية الإستراتيجية لتركيا.
وفي السياق، قال ناتشو سانشيز أمور، مقرر شؤون تركيا بالبرلمان الأوروبي، -في مقابلة تلفزيونية، في فبراير/شباط الماضي- إن "تركيا هي الدولة المرشحة الوحيدة التي تشهد تراجعا ديمقراطيا، وإن إحياء مفاوضات الانضمام مستبعد دون تقدم ملموس في سيادة القانون والديمقراطية" مضيفا أن البرلمان لن يدعم أي تحرك بهذا الاتجاه دون إصلاحات جوهرية في الداخل التركي.
قوة صاعدةوفي المقابل، أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، أرانشا غونزاليس لايا، في ندوة بعنوان "الديمقراطيات الأوروبية تواجه عالما مجزأ" عُقدت في فبراير/شباط الماضي، أن "أنقرة باتت قوة عالمية صاعدة لا يمكن لأوروبا تجاهلها" مما يستوجب إعادة تقييم العلاقات معها.
وأوضحت أن التحديات الجيوسياسية الحالية، مثل تراجع الدور الأميركي في أمن أوروبا وصعود قوى عالمية جديدة كالصين وروسيا، تفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في طبيعة علاقته بتركيا، ليس فقط من منظور العضوية، ولكن أيضا من حيث بناء شراكة إستراتيجية أوسع.
ومن جهته، يؤكد المحلل جنك سراج أوغلو أن أنقرة تمتلك أوراق ضغط قوية لكنها تكتيكية أكثر من كونها إستراتيجية، أبرزها ملف الهجرة، حيث تعتمد عليها أوروبا لضبط تدفقات اللاجئين، وهو ما يجعل الاتحاد الأوروبي مضطرا للحفاظ على تفاهمات مع أنقرة.
إعلانويوضح للجزيرة نت أن أنقرة تدرك أن الاتحاد الأوروبي يتمسك بشروطه فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتفاهمات مع اليونان وقبرص، مما يجعل قدرتها على فرض أجندتها محدودة. وعلى الرغم من أهمية تركيا كشريك إستراتيجي، فإن الاتحاد الأوروبي لا يبدو مستعدا لتقديم تنازلات سياسية جوهرية.
أما خيار التوجه نحو البريكس كبديل للاتحاد، فيراه سراج أوغلو مناورة دبلوماسية أكثر من كونه تحولا إستراتيجيا. فرغم اهتمام تركيا بتوسيع تحالفاتها، فإنها لا تزال تعتمد اقتصاديا على أوروبا، وستواصل استخدام التلويح بالبريكس لتعزيز موقفها التفاوضي دون القطيعة مع الغرب.