بنطلحة يكتب: التخطيط الاستراتيجي وتدبير الأزمات
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
الأزمة هي موقف يواجه صناع القرار، تتلاحق فيه الأحداث وتتشابك الأسباب بالنتائج، ويزيد الأمر سوءا إذا ضاعت وضعفت قدرة صناع القرار في السيطرة على ذلك الموقف وعلى اتجاهاته المستقبلية.
ومن المعلوم أن العناصر الأساسية للأزمة، تتجلى كالتالي:
أولا، عنصر المفاجأة: إذ إن الأزمة تنشأ وتتفجر في وقت مفاجئ غير متوقع بدقة، وفي مكان مفاجئ أيضا.
ثانيا، عنصر التهديد: تتضمن الأزمة تهديدا للأهداف والمصالح في الحاضر والمستقبل.
ثالثا، عنصر الوقت: يكون الوقت المتاح أمام صناع القرار ضيقا ومحدودا.
ومن العوائق التي تعيق الاكتشاف المبكر للأزمة وتحول دون إصدار إنذارات مبكرة تنبئ بقرب وقوعها، حجب البيانات والمعلومات المتعلقة بالأزمة المحتملة، لأن في امتلاك تلك المعلومات الحقيقية تكون للدول والمنظمات القدرة والوقت المناسب لاتخاذ القرارات المناسبة، ولدراسة نقاط الضعف والتغلب عليها. وبالتالي، فحجب البيانات والمعلومات يؤدي إلى غياب إشارات الإنذار المبكر، كما أن عدم الاستجابة المناسبة والفعالة في الوقت المناسب للأخطار المحيطة والمحتملة يؤدي بالدول والمجتمعات إلى الوقوع في الأزمات، قبل أن ترصد أي إشارة انحدارية مبكرة خاصة بهذه الأزمة.
وبالتالي، فهذه الأزمات تعرض الدول إلى تهديدات وضغوط كبيرة من جانب أطراف متعددة، مما يؤدي إلى التأثير في السير العام للمرافق الاقتصادية والاجتماعية والإدارية…، وإلى خلل عام في الاقتصاد والتنمية. ولقد أثبتت الدراسات أن الدول التي لا تمتلك خططا لإدارة الأزمات تعاني من الكثير من المشاكل والتبعات لمدة سنين طويلة. لذا، نجد أن التخطيط الاستراتيجي يفرض نفسه في هذا المجال، فهو جهد منظم ويهدف إلى الوصول إلى قرارات ونشاطات أساسية، مع التركيز على المستقبل، وهو أسلوب لمواجهة الأزمات والتكيف مع التغيرات المفاجئة وغير القابلة للتوقع المسبق، إنه استخدام الوسائل المتاحة درءا لتجنب المخاطر والأزمات.
لقد عرف بيتر دركر (drunker) التخطيط الاستراتيجي بأنه عبارة عن عمليات اتخاذ قرارات مستمرة بناء على معلومات ممكنة عن مستقبلية هذه القرارات، وتنظيم المجهودات اللازمة لتنفيذ هذه القرارات، وقياس النتائج في ضوء التوقعات، مما يجعلنا نستنتج أن التخطيط الاستراتيجي يقوم على أربعة عناصر هي:
أولا، تحديد الأهداف المستقبلية
ثانيا، عملية منظمة مستمرة
ثالثا، المقابلة بين البيئة الداخلية والبيئة الخارجية
رابعا، اتجاه وطريقة وقناعة لدى صناع القرار بجدواه وأهميته
هكذا يتضح لنا أن إدارة الأزمة تتطلب تخطيطا استراتيجيا، ينطلق من تحديد الأهداف الرئيسية والتحليل المستمر للأزمة وتطوراتها والعوامل المؤثرة فيها، ووضع البدائل والاحتمالات المختلفة وتحديد مسارها المستقبلي من خلال التنبؤ والاختيار الاستراتيجي للفرص الموجودة، وهذا ما يطلق عليه « الاستراتيجية الوقائية ». كما يجب أن يكون هناك وعي بضرورة التكيف المسبق مع التغيرات المفاجئة، بمعنى يجب على الدول أن تضع جميع الاحتمالات في خططها الاستراتيجية بغية تجنب المخاطر والأزمات.
إن عملية التخطيط الاستراتيجي عملية مستمرة، وليست لحظية أو مؤقتة أو ذات طابع سياسوي. إنها عمل مؤسساتي يخضع للتقييم المستمر تفاديا لأي مشاكل محتملة، وهي تحتوي على مجموعة من المؤشرات والمعايير، ويجب أن تكون المخططات الاستراتيجية هجومية مفتوحة، وليست دفاعية مغلقة، كما أنها ليست عمليات ردود أفعال، وليست انكماشية جامدة، بل يجب أن تكون عبارة عن عمليات تسارعية مرنة، تعتمد على عمل جماعي يضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، يستخدم الساهرون عليه الطرق العقلانية في تحديد الخيارات، في إطار عمل شمولي متكامل يمتلك رؤية نسقية لما يريد إن يصل إليه، وأن يمتلكوا القدرة والمهارة على التدخل الناجع، مع وضع تخطيط يراعي الأولويات والحاجيات والإمكانيات البشرية والمالية.
وتجدر الإشارة إلى أن مرحلة التقويم تعتبر أساسية وضرورية لأنها تساهم في إعادة النظر والتصحيح في مسار التنفيذ بغية تحديد مواطن القصور وتدارك مكامن النقص، كما يجب أن نستحضر مسألة في غاية الأهمية أثناء التخطيط وقت الأزمات، وهي أن الديمقراطية تظل دوما حلا لكل المشكلات، بما في ذلك الطارئة منها، كما يقول ذلك الفيلسوف الفرنسي « مارسيل غوشي » في حوار له مع جريدة « le point » الفرنسية ،
ويرى مارسيل غوشي أنه من خلال الديمقراطية أنه عندما نكون أمام حالات مستعجلة، فإن القرار الوطني يكون أكثر فعالية. وها نحن نعيد اكتشاف أن السيادة ليست خيارا مجردا، ولكنها تتوافق أولا مع ضرورة وظيفية: منح المواطنين ثقتهم للسلطة، وأيضا معرفة دقيقة بمجالات تطبيق هذه السيادة.
إن التاريخ المفصلي الذي يعيشه العالم اليوم غني بالدلالات والعبر ،إننا نشهد تغييرا في كل الاتجاهات، مما يتطلب منا تخطيطا مبدعا واستراتيجيا للقادم من الاحتمالات، مع العلم أننا اليوم ليس لدينا ما هو أكثر استعجالا من السيطرة على أمواج التسونامي الصحية والاقتصادية التي تضرب العالم، لأنه في حال فشلنا في ذلك، سنواجه سنوات قادمة مظلمة للغاية، مع العلم أن وقوع الكارثة يظل غير مؤكد، ولكي نتمكن من الحيلولة دون وقوعها، كما يقول المنظر الفرنسي ” جاك أتالي »، علينا أن ننظر بعيدا أمامنا وخلفنا لكي نفهم مايحدث في هذا العالم بالضبط.
ولحسن حظنا، ثمة درس نتعلمه-يقول جاك أتالي-من هذه الأزمات، وهو أن رغبة الناس في الحياة تظل هي الأقوى دوما، وأنهم في النهاية يتجاوزون كل ما يعترضهم في طريقهم لكي ينعموا بلحظاتهم النادرة فوق الأرض.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: التخطیط الاستراتیجی صناع القرار یجب أن
إقرأ أيضاً:
تحديد أولى جلسات استئناف سائق ميكروباص معدية أبو غالب على حكم حسبه
حددت محكمة جنح مستأنف إمبابة، جلسة 27 نوفمبر لنظر استئناف سائق ميكروباص معدية أبو غالب على حبسه 3 سنوات.
جدير بالذكر، قضت محكمة شمال الجيزة، اليوم الإثنين، بحبس المتهمين في حادث ميكروباص معدية أبو غالب بمنشأة القناطر المتسببة في غرق 17 ضحية من من 6 أشهر لـ 3 سنوات للمتهمين في واقعة معدية أبو غالب.
كشفت النيابة العامة في القضية رقم 2698 لسنة 2024 إداري مركز إمبابة، أنه في صباح أمس الثلاثاء الموافق 21 من شهر مايو الجاري، تلقت إخطارًا بسقوط حافلة نقل ركاب -ميكروباص على متنه 25 فتاة- من أعلى معدية لنقل السيارات عبر ضفتي الرياح البحيري بمنطقة أبو غالب بدائرة مركز شرطة منشأة القناطر، مما أدى إلى إصابة ووفاة عدد من مستقليها.
أمرت النيابة العامة بحبس قائديْ الحافلة والمعدية وأخذ عينة منهما للوقوف على مدى تعاطيهما للمواد المخدرة، وتكليف قوات الدفاع المدني بموالاة البحث عن الفتيات المفقودات، والتحفظ على الحافلة والمعدية محل الواقعة، وتشكيل لجنة ثلاثية لانتقال لمعاينة المعدية وفحصها للوقوف على صلاحيتها الفنية للعمل وطريقة تشغيلها ومدى توفرها على معدات الإنقاذ والسلامة وقوام طاقمها ودور كل منهم، وصولًا إلى بيان كل من تسبب في ارتكاب الواقعة وتحديد دوره ومسؤوليته عنها، كما أمرت النيابة العامة بفحص الحافلة وقوفًا على سلامتها الفنية.
معدية منتهية الترخيص
كشف مصدر مسؤول بالهيئة النقل النهري: أن المعدية التي شهدت حادث غرق ميكروباص ابو غالب منتهية الترخيص من شهر أغسطس الماضي، مشيرًا إلى أن اخر تفتيش للمعدية كان في شهر مارس الماضي، وتم تحرير محضر إيقاف للمعدية من قبل مهندس الهيئة ومفتشي الرقابة النهرية.
وأكد المصدر في تصريحات خاصة لموقع "الفجر" ان توقف ترخيص المعدية كان سببه عدم ملاءمتها للسير والمرسى لوجود مياه في القاع الداخلي وعدم صيانة أوناش رفع وإنزال البوابات، مضيفًا أن ترخيص المعدية يجدد كل سنتين، وتم تحرير أكثر من محضر من قبل مهندس الهيئة النهرية ومفتشي الرقابة النهارية.
أقوال شهود العيان
قال احد شهود العيان على حادث انقلاب معدية أبو غالب بالجيزة، أن تلك الواقعة لم تكن الأولي من أمرها، بل كانت المنطقة شاهدة على ضحايا الغرق وانقلاب السيارات وكانت آخر واقعة من نحو 3 شهور والذي راح ضحيتها 13 شخص.
وأكد أحد شهود العيان ان هناك كوبري مازال أكثر من سنتين، تحت أعمال الانشاء ولم يتم الانتهاء منه حتي الآن.
القبض على سائق ميكروباص معدية أبو غالب
تحفظت الأجهزة الأمنية بالجيزة، على سائق ميكروباص معدية أبو غالب بالجيزة، بعد أن وصل عدد المصابين حتى الآن إلى 12 حالة، فضلا عن انتشال 9 جثث.
كشفت التحريات الأولية عن سبب انقلاب سيارة تقل مجموعة من الفتيات أثناء عبورهم المعدية، بأن سائق سيارة ميكروباص دخل في مشادة كلامية مع أحد الأشخاص أعلى المعدية فترك السيارة دون التأكد من سلامة الفرامل التي حدث بها عطل تسبب في سقوط السيارة بمياه نهر النيل.
وذكرت التحريات بأنه تم استخراج الجثة الثالثة من ضحايا سقوط سيارة ميكروباص من معدية أبو غالب، وهناك ٦ فتيات أخريات مفقودات داخل المياه، حيث كانت المعدية تقل عمالة من الفتيات بمركز أشمون بالمنوفية.