حزمة تمويل أوروبية جديدة لمصر بالمليارات.. وانتقادات حقوقية
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم حزمة تمويل كبيرة إلى مصر، في إطار اتفاق بين الطرفين يشمل مجالات عدة، لكنه يركز بشكل أساس على ضمان وقف تدفق الهجرة غير الشرعية مع تردي الأوضاع الاقتصادية.
ومن المتوقع أن يعلن الزعماء الأوروبيون عن حزمة تمويل بمليارات من اليورو وتطوير العلاقات مع مصر في القاهرة الأحد، في إطار مسعى لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط والذي انتقدته جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون في مجالات تشمل الطاقة المتجددة والتجارة والأمن مع تقديم منح وقروض وغيرها من أشكال التمويل على مدى السنوات الثلاث المقبلة لدعم الاقتصاد المصري المتعثر.
وتشعر الحكومات الأوروبية منذ فترة طويلة بالقلق بشأن خطر عدم الاستقرار في مصر، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 106 ملايين نسمة والتي تكافح من أجل الحصول على العملة الأجنبية وحيث دفعت الصعوبات الاقتصادية أعدادا متزايدة للهجرة في السنوات الأخيرة.
ويقترب التضخم من مستويات قياسية ويقول الكثير من المصريين إنهم يجدون صعوبة في تدبر أمرهم. ومع ذلك، خلال الشهر الماضي، خفت الضغوط المالية على الحكومة إذ أبرمت مصر صفقة قياسية لضخ استثمارات إماراتية، ووسعت برنامج قروضها مع صندوق النقد الدولي، وخفضت قيمة عملتها بشكل حاد.
ويقول دبلوماسيون إن الأهمية الاستراتيجية لمصر برزت من خلال الصراع الدائر في السودان المجاور، والذي تسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم، والحرب في غزة المتاخمة لشبه جزيرة سيناء المصرية.
ومصر هي الممر الرئيسي للمساعدات الإنسانية الدولية التي يتم إرسالها إلى غزة، وتحاول مع قطر والولايات المتحدة التوسط للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس.
وستترأس أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وفدا الأحد إلى مصر، يضم أيضا رئيسة الوزراء الإيطالية ونظيرها اليوناني والرئيس القبرصي.
وقال وزير المالية المصري إن الحكومة جمعت إجمالي 20 مليار دولار من الدعم المتعدد الأطراف بعد زيادة قروضها وبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف محمد معيط في تصريحات لـ"اقتصاد الشرق"، إن من المتوقع أن يصل التمويل من الاتحاد الأوروبي إلى ما بين خمسة وستة مليارات دولار.
ويقول المسؤولون المصريون إن مصر تستحق التقدير لاستضافتها ما يقدر بنحو تسعة ملايين مقيم أجنبي ومنعها الهجرة غير الشرعية إلى حد كبير من سواحلها الشمالية منذ عام 2016.
ارتفاع بأعداد المهاجرين
لكن هناك زيادة في عدد المصريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا، ويقدم الاتحاد الأوروبي بالفعل التمويل الذي يهدف إلى الحد من هذه التدفقات.
وفي الأشهر القليلة الماضية، شهدت جزيرتا كريت وجافدوس اليونانيتان ارتفاعا حادا في أعداد المهاجرين الوافدين، معظمهم من مصر وبنغلادش وباكستان، مما زاد الضغط على السلطات غير المجهزة على النحو الملائم وأثار مخاوف من طريق تهريب جديد في البحر المتوسط.
وانتقد نشطاء الدعم الغربي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تولى السلطة قبل عقد من الزمن بعد أن قاد الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر.
وتقول جماعات مدافعة عن الحقوق إن عشرات الآلاف من الأشخاص سُجنوا في حملة قمع طالت معارضين من مختلف الأطياف السياسية.
ويقول أنصار السيسي إن الإجراءات الأمنية ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر بعد اضطرابات انتفاضة "الربيع العربي" عام 2011 وتمهيد الطريق لتوفير الحقوق الاجتماعية مثل السكن والوظائف.
وواجهت تحركات الاتحاد الأوروبي لتقديم التمويل مقابل فرض قيود على الهجرة في بلدان أخرى، بما في ذلك تونس، عقبات وانتقادات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان عن خطة تعزيز العلاقات مع مصر وتوفير تمويل جديد "الخطة هي نفس اتفاقات الاتحاد الأوروبي المعيبة مع تونس وموريتانيا: أوقفوا المهاجرين وتجاهلوا الانتهاكات".
ورأت المنظمة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، أن هذا النهج "يدعم الحكام المستبدين ويخون المدافعين عن حقوق الإنسان".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاتحاد الأوروبي تمويل مصر الهجرة العملة الأجنبية مصر الاتحاد الأوروبي تمويل الهجرة العملة الأجنبية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
سوريا وتركيا نواة لسوق مشتركة على غرار بدايات تأسيس الاتحاد الأوروبي
في عالم تتسارع فيه المتغيرات السياسية والاقتصادية، يصبح من الضروري أن تبحث الدول عن سبل التعاون والتكامل لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي. واحدة من أبرز الأفكار التي يمكن أن تساهم في تحقيق هذه الأهداف هي فكرة إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية شبيهة بالنموذج الأوروبي، حيث يمكن للدول الممتدة من كازاخستان شمالاً إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان غربًا إلى موريتانيا شرقًا، التي تمتلك موارد اقتصادية هائلة وقوة بشرية تقارب المليار نسمة، أن تشكل بنية اقتصادية وإقليمية قادرة على مواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي. وفي هذا السياق، يمكن أن تكون تركيا وسوريا النواة الأولى لهذا المشروع الطموح.
الجغرافيا السياسية.. الشرق الأوسط كجسر للتكامل
يمتد الشرق الأوسط من غرب آسيا إلى شمال إفريقيا، ويضم مجموعة واسعة من الدول التي تتنوع ثقافاتها وسياساتها واقتصاداتها. ورغم هذا التنوع، إلا أن هناك نقاط التقاء عديدة بين هذه الدول تجعل من المنطقة بيئة خصبة للتعاون والتكامل.
سوريا تتميز بتنوعها الإثني والقومي، وبعد انتصار ثورتها على نظام الأسد، سيكون لها دور هام في تغيير وجه المنطقة. وهي تشكل بوابة للعالم العربي، حيث وصفها نابليون بـ"قلب العالم"، فيما اعتبرها تشرشل "مفتاح الشرق الأوسط". وعلى الرغم من الأزمة الطويلة التي عانت منها، تبقى سوريا واحدة من المكونات الحيوية للمنطقة بفضل موقعها الجغرافي وتاريخها المشترك مع دول الجوار وثرواتها الباطنية والبشرية الهائلة. كما أن هذه التحديات يمكن أن تشكل حافزًا لإعادة النظر في أساليب التعاون بين دول المنطقة، حيث يمكن تحويل تسوية الأزمات إلى فرصة لتحقيق تقدم اقتصادي وسياسي مستدام.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.أما تركيا فبحكم موقعها الجغرافي الذي يصل بين الشرق والغرب، رابطًا جغرافيًا وثقافيًا مهمًا بين القارتين الأوروبية والآسيوية، مما يجعلها نقطة انطلاق مثالية لأي مشروع تكامل إقليمي. وهي بوابة للجمهوريات التركية التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي. ولا شك أن التقدم التكنولوجي الكبير الذي حققته تركيا في العقدين الماضيين يعزز من أهميتها في هذا السياق، كما أن انضمامها المستقبلي المحتمل إلى الاتحاد الأوروبي سيزيد من تأثيرها الإقليمي.
نموذج الاتحاد الأوروبي.. درس مهم
عند النظر إلى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ كاتحاد اقتصادي محدود في خمسينيات القرن الماضي، نجد أن تأسيسه اعتمد على عدة عوامل أساسية: الحاجة إلى تعزيز التعاون بين دول عاشت صراعات تاريخية طويلة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في منطقة عانت من أزمات وحروب مدمرة.
في البداية، ضم الاتحاد الأوروبي عددًا محدودًا من الدول (ست دول مؤسسة)، لكنه سرعان ما توسع ليشمل دولًا أخرى، معتمدًا على مؤسسات مشتركة تقوم بحل الخلافات وتنسيق السياسات الاقتصادية.
بالنسبة للشرق الأوسط، يمكن تطبيق فكرة مشابهة من خلال إنشاء "سوق شرق أوسطي مشترك". بدلاً من التركيز على النزاعات والحروب، يمكن للدول أن تركز على التحديات الاقتصادية المشتركة مثل تحسين التجارة البينية، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه والموارد الطبيعية والبشرية والتكنولوجيا والتنمية المستدامة.
الاقتصاد والتكامل بين دول المنطقة
إن تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير على النمو الاقتصادي للدول المشاركة، كما حدث مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويشمل هذا التكامل الجوانب التالية:
1 ـ تعزيز التجارة البينية: من خلال إزالة الحواجز الجمركية والقيود التجارية بين دول المنطقة، مما يسهل تدفق السلع والخدمات ويشجع الإنتاجية والاستثمار.
2 ـ تطوير البنية التحتية المشتركة: التعاون لتحسين شبكات النقل والطاقة، بما في ذلك بناء شبكات طرق وموانئ مشتركة وتطوير مشروعات الطاقة، ومنها المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
3 ـ استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي: العمل على معالجة التضخم، وتحقيق استقرار أسعار العملات، وتقليل البطالة، بالإضافة إلى تنسيق السياسات النقدية.
4 ـ تشجيع تدفقات الاستثمارات: توفير بيئة أكثر استقرارًا وتعاونًا لجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
5 ـ حل مشكلات الأقليات: على غرار ما حدث في الاتحاد الأوروبي، حيث ساهم التكامل الاقتصادي في معالجة قضايا الأقليات وتعزيز التعايش السلمي.
تأسيس منظمة لحل الأزمات والمشكلات
أحد الدروس المهمة التي يمكن تعلمها من تجربة الاتحاد الأوروبي هو ضرورة وجود آليات لحل الأزمات والصراعات بين الدول الأعضاء. في هذا الإطار، يمكن لدول السوق المشتركة في الشرق الأوسط إنشاء منظمة مشابهة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OECO)، وكذلك مفوضية ومحكمة عدل لها، بحيث تكون منصات لحل النزاعات وتعزيز التعاون.
إن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.1 ـ آلية تحكيم للنزاعات: إنشاء محكمة إقليمية أو لجنة دائمة لحل النزاعات بين الدول الأعضاء من خلال الحوار والمفاوضات، مما يساهم في تقليل التوترات السياسية.
2 ـ إدارة الأزمات: تطوير آليات لإدارة الأزمات الإنسانية والسياسية التي تهدد استقرار المنطقة، بهدف منع تفاقم الأزمات.
3 ـ التعاون الأمني: تعزيز التعاون في مجال الأمن، بما يشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مما يعزز من استقرار المنطقة.
التحديات والصعوبات
رغم الفوائد المحتملة، يواجه مشروع إنشاء سوق مشتركة شرق أوسطية تحديات كبيرة، منها:
1 ـ الاختلافات السياسية: التنوع الكبير في الأنظمة السياسية بين دول المنطقة، مما قد يجعل الاتفاق على قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان صعبًا. ومع ذلك، يمكن للمشروع أن يبدأ بالتعاون الاقتصادي كخطوة أولى.
2 ـ الأزمات الأمنية: الصراعات المستمرة في بعض الدول مثل السودان واليمن، مما قد يشكل عقبة أمام تحقيق الاستقرار.
3 ـ التنمية غير المتوازنة: التفاوت في مستويات التنمية بين الدول يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه يتيح أيضًا فرصة لتبادل الخبرات ودعم الدول الأقل نموًا.
إن فكرة تأسيس سوق مشتركة شرق أوسطية تمتد من كازاخستان شمالًا إلى السودان جنوبًا، ومن باكستان شرقًا إلى موريتانيا غربًا، تمثل خطوة طموحة نحو تحقيق التكامل الإقليمي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة. ومن خلال تبني نموذج شبيه بالاتحاد الأوروبي، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية بشكل جماعي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار.
رغم التحديات وضخامة هذا المشروع الكبير، فإن التاريخ يُظهر أن التعاون بين الدول هو السبيل الأنجع لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة. وستكون سوريا وتركيا النواة الصلبة لمشروع قرن الواحد والعشرين الواعد، وبدايته ستكون بخطوة مشابهة لتلك التي بدأ بها الاتحاد الأوروبي: خطوة مثل مسافة الألف ميل التي تبدأ بخطوة.
*نائب ألماني سابق