عاطف محمد عبد المجيد يكتب: سامى الغباشى يرحل بطريقة «شاعر ابن أصول»
تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT
يحزننى جدًّا أن أقرأ خبر رحيل صديق أو شخص أعرفه، أو حتى لا أعرفه، فالموت بالنسبة لى شىء محزن للغاية، وكثيرًا ما أضع نفسى مكان الذين رحلوا، متخيلًا حزن الذين سيمثل رحيلى لهم شيئًا قاسيًا، لكنى حين قرأت خبر رحيل الشاعر والنحات سامى الغباشى شعرت بضربة قوية تصيب قلبى، ربما ينتابنى شعور كهذا للمرة الأولى فى حياتى.
أخبار متعلقة
من ديوان: عند حافة الكراهية (شعر) سامى الغباشى
«عند حافة الكراهية».. ديوان جديد للشاعر سامي الغباشي
شعر.. عاطف محمد عبد المجيد: أصبحتُ «رغّايًا» مثلكِ وأكثر!
أنا كائنٌ فوضوى جدًّا (شعر) لـ عاطف محمد عبد المجيد
كان سامى الغباشى مبدعًا حقيقيًّا، كان يفضل الابتعاد عن بؤرة الأحداث ما استطاع إلى ذلك سبيلا، مكتفيًا بما يكتبه من شعر، وما تنتجه يداه من أعمال نحتية، بعد أن أيقن أن هذا هو قدر المبدع ومصيره، وأنه لا أمل فى أن يتغير الوضع الذى كان يراه متجهًا فى انحدار دائم نحو الأسوأ. لحظة أن علمتُ بخبر رحيله الذى صدمنى زرت صفحته فإذا بى أجد بوستًا كتبه قبل رحيله بساعات قليلة، كتب يقول: «من كتر ما الشرفاء بيقابلوا عثرات وإخفاقات ومكائد من (شياطين الإنس) قبل الجن، يوشك الشخص الشريف أن يفقد إيمانه بأن الخير سينتصر فى آخر الفيلم/ الحياة. ووقتها الشيطان الحقيقى بيعلن انتصاره وبيتوج أعوانه من الإنس كرعاة رسميين للمأسوف على ما وصلت إليه (الحياة). ربما يلخص هذا البوست حجم المعاناة التى كان يعيشها سامى الغباشى، الذى رغم ثراء تجربته الشعرية، ورغم ما أبدعه، إلا أنه لم يلقَ التكريم المناسب به، ويبدو أنه كان يشعر بقرب أجله فكتب قبل رحيله بعشرين يومًا تقريبًا قصيدة نشرها على صفحته سمّاها «خبر وفاة مفاجئ على الفيس بوك» يقول فيها:
عندما ينتشر خبر وفاتك على الفيس بوك.. ستجد حتى القتلة وحاملى الخناجر.. يرفرفون حول اسمك وصفحتك كعصافير.. وسيبحثون عن أى صورة معك ليكتبوا فوقها.. كم كنت جميلا جدًّا.. أيها الرجل الطيب كسنبلة.. حتى فتاتك التى تركتك فى ظلمة الفقد.. منذ ثلاثين عامًا.. ستكتب على صفحتها «وداعا يا
توأم الروح».. والمرابى الذى لجأت إليه يومًا، لإنقاذ حياة ابنتك الوحيدة من الموت.. واشترط ضعفين ليقرضك عاجلًا.. سيقيم مأتمًا فى جلسته الأسبوعية.. وسيرفع يديه عاليًا إلى السماء ليدعو لك.. وبالتأكيد لن يستجيب الله له.. عندما سينتشر خبر وفاتك على الفيس.. ستبحث حبيباتك عن أى أسود محتشم.. ليظهرن به فى الندوات.. لمدة أسبوع على الأقل.. رغم أنهن ساهمن فى جلطاتك المتكررة لكن للفقد غواية.. وللموت سحر على القلوب.. وحينها ستصبح جميلًا جدًّا.. وطيبًا كسنبلة.. أساءوا لها.. وأشعلوا القش بجوارها.
منذ سنوات كلفنى الصديق الشاعر فارس خضر بعمل حوار مع سامى الغباشى ليُنشر ضمن ملف تُعدّه عنه مجلة الشعر وقتها، وقد رأى سامى أن حوارى معه من أهم ثلاثة حوارات أجريت معه طوال مسيرته الشعرية، وظل يردد هذا حتى بعد نشر الحوار بسنوات، وقد كتبت فى مقدمة حوارى معه قائلًا: سامى الغباشى شاعر ينحت القصائد ويخطُّ أعمالاً نحتية بإبداعٍ واعٍ وراقٍ أيضًا. هو باختصار مثلما يقول عنه الناقد د.صلاح فاروق العايدى هو شاعر يثق فى نفسه ويؤمن بقدراته، هو صاحب سيرة ومسيرة شعرية تمتد فى الزمن بعمق يصل إلى بدايات الموجة الأخيرة من القصيدة العربية.
سامى الغباشى شاعر تسعينى، لتجربته الشعرية لونها الذى يخصها وحدها ولقصيدته رونقها الجمالى الذى آثر أن يصيغها عليه، من دون أن يقترب من محاكاة آخرين أو تقليدهم. إنه صوت شعرى حقق مكانةً ومكانًا شعريًّا مرموقًا على خارطة الشعر المصرى، وسألته فى الحوار عن كيف ينظر إلى القصيدة، فأجابنى يقول إن القصيدة هى كتابة يتحرر بها وفيها من كل القيود والجدران، وفيها يسيطر تمامًا على رقباء الجمجمة والمنابر والمكاتب. لذلك نجده فى الكتابة يمارس حياة صاخبة متحررة أوسع من طبيعته المتدينة، فالقصيدة بالنسبة له هى إرادة الحياة التى تشتبك بشراسة مع كل ما هو يقينى ومستقر، لذلك يستسلم لها ويحصد المشاكلات.
حين سألته عن علاقته بالنحت قال إن النحت بالنسبة له هو معركة مع الكتلة والفراغ لصالح الجمال والفكرة، وقد مارس النحت كفن تشكيلى، يشارك به فى المعارض لفترة، ولكنه رضخ لسطوة الشاعر داخله منذ البداية، فتحول النحت فى حياته إلى «مشروع تجارى لإنتاج التحف» ولكن خبرة النحت والاشتباك مع الخامات الصعبة والصبر عليها واستنطاقها أضافت الكثير لطريقة تعامله مع اللغة والتشكيل بها فى فضاء القصيدة.
فى فترة من حياته اغترب سامى الغباشى عن مصر، وعن هذه التجربة قال لى إن الغربة إحساس أصيل فى شخصيته، فقد رفض اليقين العائلى وهو فى سن السادسة عشرة، فتمرد على محاولات رسم خرائط الرأس وسافر إلى سوريا فى هذا العمر للعمل والدراسة، بحثًا عن براح يليق بمراهق مشاكس، ولذلك تجد ذلك الإحساس واضحًا فى قصائده وبين السطور. والغربة التى يقصدها سامى الغباشى هنا ليست اغترابًا عن المكان وفقط، ولكنها غربة عن الذات وفيها، وعن المحيطين بنا والمقربين، هى غربة نفسية كان يقرأ عنها عندما كان صغيرًا ولم يفهمها إلا عندما اعترك مع الحياة بتفاصيلها وتناقضاتها وفى ديوانه «وتسميهم أصدقاء» نجد ذلك واضحًا.
سامى الغباشى الشاعر المتفرد، النحات المبدع، ومن قبلهما الإنسان الطيب المحبوب من الجميع، الذى لم يكن أبدًا طرفًا فى أى معركة من المعارك التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، غير أنه كان يتعارك من أجل أن يحظى الإنسان بمكانة تحترم آدميته، وأن يحظى المبدع بما يليق به، وأن يتم تقديره من الجميع حتى يتمكن من ممارسة حياته كإنسان يعتز بكرامته وعزة نفسه، رحل الأحد الماضى فى هدوء، وبطريقة تليق بشاعر ابن أصول حافظ على ثوبه الإنسانى من التلوث، وحفظ لردائه الإبداعى قيمته وبريستيجه الذى يفشل كثيرون فى الحفاظ عليهما، خاصة فى زمان كثر فيه المدّعون وقلَّ فيه الحقيقيون.
برحيلك يا سامى ينقص الذين أتواصل معهم واحدًا مهمًّا، كان بالنسبة لى أخًا وصديقًا ألجأ إليه لنحكى معًا ولنخفف عن أنفسنا أوجاع الحياة ومآسيها التى من المؤكد ستزداد بشراهة بعد رحيلك، يا من كنت وستظل إلى الأبد من أجمل الناس.
سامى الغباشى
وهنا أتركك عزيزى القارئ مع بعض نصوص سامى الغباشى لتقرأها وبعدها تقرأ عليه الفاتحة، داعيًا الله أن يتغمده برحمته ومغفرته وأن يتقبله مع ذوى القلوب النقية الذين لم يكرهوا ولم يحقدوا ولم يحسدوا ولم يفكروا ذات يوم فى إلحاق الأذى بأحد.
■ «المَعْمَعيُّون»
عندهم دائمًا
ما يناسب الوقت
وعندكَ عزلة القروىِّ
فَدُرْ فى مدارك ما استطعتَ
وواجه ابتسامتهم بالتَّجهم
وقس بعينيكَ قاماتهم
واعوجاج ظهورهم
من كثرة الانحناء.
■ «يكفى أنهم مثلك»
وحدكَ
تعد الأصدقاء العابرين
وتمنح كل واحدٍ منهم
مدارًا فى ملكوتك الليلى
وتُقسم أينما كنت
: إنهم «طيبون» حتى النهاية
ومغتربون جدًّا مثلك
أحببتهم
وأنت لا تعرف عنهم
غير الأسماء المبتورة
وحكاياتٍ هم مروِّجوها
عن مغامرتهم التى لا تشى ملامحهم بها
والتى - جاهدًا - تصدقها
ولاهثًا تحاول أن تُصالح
بين الحكايا والوجوه.
■ «وتسميهم أصدقاء»
■إلى مكانِ ما:
ينفضنى الأصدقاء عادةً
عندما يهمُّون بمغادرة المقهى
لم يحدث ذلك مرة أو مرتين
بل كل مرة يفعلونها
ليذهبوا إلى أمكنةٍ أخرى
يستطيعون فيها
أن يقترحوا لأنفسهم مداراتٍ مثيرة..
واثقين من دعم جلسائهم
الذين بدورهم
سيقترحون مداراتٍ أكثر إثارة
واثقين
أن لهم فى العيون تَصديِقًا
وأن جلساءهم
الذين انتهوا لتوّهم من تراتيل «الأنا»
لا ينكرون الجميل
■ ■ ■
■ سيحدث ذلك بالتأكيد:
سيذهب إليهم ويترككَ وحيدًا
عندما يتأكد
أن ما لديك من بهجةٍ
أقل بكثير مما لديهم
وأنكَ- عكس ما يفعلون-
لا تهدر أسرار بيتك على طاولات المقاهى
ولا تجعل من أصدقائك أضحوكة بعد ذهابهم
لذلك سيذهب إليهم
لأنه يظلُّ ضئيلاً فى مجلسكَ
رغم أنك تحب الجميع
لكنك دائماً تنسى
وتضع مرآةً بحجم من تُجالسهم
طيلة الوقت
■ ■ ■
■ رغم أننى لست نبيًّا:
أصرُّ على محبةٍ
أمنحها للكثيرين كأنها دينٌ
ويصرون على كراهيةٍ
يلقونها على صباحاتى
علانيةً وسرًّا
فلماذا أهب محبتى دائمًا
وهم يُصرون.
■ ■ ■
■ «وحيدة فى الليل»
تتباطأ فى الليل
رهبتها ليست من عتمة هذا الشارع
ليست من خطواتى
الأبطأ من خطوتها خطوة
رهبتها من شىء يسعى فى ظلمتها
رهبتها تفرز رائحةً تعبث فى جسدى
كأصابع أعمى
تتحسس وجه عزيز عاد
كيف التفَّ الشارع؟
كيف تلعثمت قليلاً؟
ونظرت إلى الساعة حين تقابلنا
عند رصيف يصلح لقضاء الليل
كيف تخففنا من رهبتنا
حين انطفأ المصباح الأوحد فى الشارع
واشتعلت أعمدة الرغبة فينا؟
بل كيف استسلم كلٌ منا للآخر
لأغيب سنينًا فى ظلمتها
وتغيب سويعاتٍ فى ظلماتى.
سامى الغباشى عاطف محمد عبد المجيدالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين زي النهاردة
إقرأ أيضاً:
عبد الرحيم أبو ذكرى: شاعر الاغتراب الوجودي والجمال المأساوي
قراءة انطباعية في قصيدة “الرحيل في الليل” ..
كتب: د
عند التأمل في تجربة الدكتور عبد الرحيم أبو ذكرى في ديوانه “الرحيل في الليل” تتبدى لنا صورة شاعر مسكون بالأسئلة غارق في بحار الاغتراب تتقاطع في قصائده المأساوية الجمالية مع البحث الفلسفي عن الذات والمصير والحيرة يناقش قضايا الإنسان وعوالمه ويعبّر عن نفس شاعرية رقيقة ومرهفة..
تتجلى ملامح الجمال والمأساة في تجربة ابو ذكرى في الإيقاع الداخلي والصور والأخيلة ذات الدهشة العالية سماوات غريبة وتموجات شعورية عميقة والرسم بالكلمات ورؤى بصرية وفكرية تجسد الموقف النفسي والفلسفة الوجودية للشاعر الراحل وتغوص في أسئلة الموت والاغتراب والحنين والمصير محملةً بثقل الفقد بلغة ليست مترفة بالزخرفة لا يتكلف في التعبير ويترك المعاني تنساب كضوء خافت في عتمات الغربة والعزلة والزمان..
عاش الشاعر ممزقا بين الوطن والمنفى، بين الأمل واليأس والقصيدة والصمت وانتهى به الأمر إلى مصير مأساوي عكس في طياته البعد التراجيدي في كل ما كان يكتبه.. شعرية فريدة تحمل في ثناياها ألم الإنسان وتيهه وروحه القلقة وجراحه العميقة ..
تقوم قصيدة “الرحيل في الليل” على ثنائية الرحيل والانتظار حيث يغوص الشاعر في مشاعر الغربة والبحث عن معنى في فضاء زمني متداخل بين الماضي والحاضر. يستخدم أبو ذكرى صورا حسية ورمزية تجسد مشاعر الوحدة والحنين معتمدا التكرار والإيقاع الهادئ لإضفاء طابع تأملي عميق يسبقه العنوان عتبة دلالية حزينة تفيض بالإيحاءات والرمزية وارهاصات الفراق وغموض “الرحيل” في المفردة “الليل” بكل دلالاتها ضمن السياق البنائي للقصيدة..
“أيها الراحل في الليل وحيدا
ضائعا منفردا
أمس زارتني بواكير الخريف
غسلتني بالثلوج
وبإشراق المروج”
تتجلى ملامح الحنين والاغتراب الوجودي في مخاطبة الشاعر لذاته المتشظية وتتكرر فكرة العزلة في كلمات “وحيدا”، “ضائعا”، “منفردا” توصيفات ترمز إلى اغتراب النفس والعزلة والضياع حالة من الوجود غير المكتمل. تتلوها بواكير الخريف رمزا للتحولات الزمانية والنفسية تغسل احزان الشاعر “بالثلوج وبإشراق المروج” تحمل البهجة وِاشراق المروج واِخضرار الحياة
“أيها الراحل في الليل وحيدا
حين زارتني بواكير الخريف
كان صيفي جامدا
وجبيني باردا
وسكوتي رابضا فوق البيوت الخشبية
مخفيا خيرته في الشجر
وغروب الأنهر
وانحسار البصر”
المفارقة بواكير الخريف تعود بصيف جامد و ثلوج وصمت مميت هنا تحتشد الثنائيات الضدية وتتوالد جدلياتها ضمن صياغات جديدة حيث مشاهد الحيرة والوجوم ويرتبط الصيف بالجمود “كان صيفي جامدا”ميتا فاقدا لمعناه لوحة مشبعة بالسكون والموت البطيء حيث يظل السكوت “رابضا فوق البيوت الخشبية” رمزية الغربة والعزلة وتتلاشى الحركة في المشهد مع “غروب الأنهر” و “انحسار البصر” ايماءات بالانطفاء وجمود الشعور والرتابة وغياب الرؤى والأمل .
“لوحت لي ساعة حين انصرفنا
ساعة حين انصرفنا
ثم عادت لي بواكير الخريف
حين عادت
وثب الريح على أشرعتي المنفعلة
سطعت شمس الفراديس على أروقتي
ومضت تحضنني الشمس الندية
والتي ما حضنتني
التي ما عانقتني
في الزمان الأول
في الزمان الغائب المرتحل”
مع عودة الخريف تتغير دينامية المشهد وينتقل النص من السكون إلى الحركة العنيفة “وثب الريح على أشرعتي المنفعلة” إشارة إلى الترحال حيث تتعرض لهبوب الرياح في صورة تعكس الاضطراب العاطفي ثم تسطع “شمس الفراديس” لتشكل نقطة تحول جمالية تستدعي فكرة الفردوس المفقود رمزية إشراق روحي وايحاءات لمرحلة تالية والانعتاق بعيدا الي الأعالي إلا أن الاحتضان جاء متأخرا “ما حضنتني… ما عانقتني في الزمان الأول” حسرة دفينة على الفرص الضائعة وكأن الماضي كان ضنينا لم يمنحه الدفء الذي يحتاجه..
“انتظرني
فأنا أرحل في الليل وحيدا
موغلًا منفردا
في الدهاليز القصيات انتظرني
في البحر انتظرني
انتظرني في حفيف الأجنحة
وسماوات الطيور النازحة
وقت تتنهد المدارات
وتسود سماء البارحة
انتظرني”
تتجسد ثنائية الرحيل والانتظار في النداء “انتظرني… انتظرني.. فأنا أرحل في الليل وحيدا موغلا منفردا” صدى داخليا يكرر الشعور بالعزلة ويتنوع المكان في النداءات اللاحقة وتتسع دائرة البحث ويصبح الرحيل كونيا يمتد عبر حفيف الأجنحة وسماوات الطيور النازحة والمدارات المتنهدة والدهاليز القصيات و في البحر ويسود الليل في “سماء البارحة” ويتحول السفر إلى حالة أبدية في فضاء شعري مفتوح على كل الاحتمالات.
الختام بكلمة “انتظرني” يترك النص معلقا ربما قصد الشاعر الرقيق أبو ذكري البقاء في ذاكرة الآخرين أو ربما في أفق الانتظار الأبدي…
قصيدة “الرحيل في الليل” نص يتجاوز المعاني المباشرة الى تجربة وجدانية متشعبة ومختلفة رحلة داخل الذات عبر الأزمنة والأمكنة والمشاعر والذكريات تتجلى فيها ملامح الحنين والاغتراب والرحيل في سياق يفيض بالعزلة والتأمل مما يمنح القصيدة بعدا فلسفيا يتجاوز تجربتها الشخصية ليعانق تجربة إنسانية شاملة عن الوحدة الموحشة والمعاناة العميقة والضياع.
* عبد الرحيم أبو ذكري
شاعر من السودان ولد عام 1943 وانتحر برمي نفسه من قمة مبنى أكاديمية العلوم السوفياتية في موسكو عام 1989. صدر له ديوان واحد بعنوان: ”الرحيل في الليل” عن دار جامعة الخرطوم للنشر عام 1973.