فلسطينيو بريطانيا يدعون لترجمة الانتصار لغزة عبر صناديق الاقتراع (شاهد)
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
دعا فلسطينيو بريطانيا إلى ترجمة الانتصار لغزة وأهلها في الحرب الظالمة التي يشنها الاحتلال عليهم منذ نحو ستة أشهر إلى فعل سياسي عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات البريطانية المرتقبة خريف العام الجاري.
جاء ذلك خلال الإفطار الرمضاني السنوي الثامن الذي أقامه المنتدى الفلسطيني في بريطانيا مساء أمس السبت في قاعة بايرون هول في هارو غرب لندن، في العاصمة لندن، والذي شارك فيه ما يناهز الأف شخص.
افتتح اللقاء، الذي حضرته "عربي21"، بآي من الذكر الحكيم تلاها المقرئ د. السعيد أبو الفيوض من مصر ثم تحدث عدنان حميدان نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا مؤكدا الدعوة لتذكر القيم التي يعلمنا إياها رمضان وتحديدا التعاطف والكرم والوحدة. داعيا لترجمتها عمليا في التضامن مع غزة.
وأضاف حميدان: بينما نشارك هذا الإفطار، تذكر مئات الآلاف من الناس في غزة الذين يتضورون جوعا ويعانون من ظروف قاسية، والذين يجب علينا عدم نسيانهم والوقوف معهم.
فيما أشار ميسرة إبراهيم بكلمته بالنيابة عن عائلات غزة إلى حجم المعاناة الذي يمر به القطاع وطبيعة رمضان الحالي الممزوجة بالألم لما يجري لأهلهم هناك.
بدوره تحدث د.أنس التكريتي عن أهمية استثمار مثل هذا التجمع الكبير للعرب والفلسطينيين في بريطانيا بالتأكيد على أهمية صوتهم بالانتصار لغزة عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة المرتقبة في البلاد.
اللقاء الذي أداره يوسف علي أكد على أن الجرح النازف في غزة يطغى على أي شيء آخر، وأن برنامج اللقاء يعيش بكل فقراته حالة التضامن مع الأهل هناك، وبالذات في المسابقة التي قدمها علي والتي دارت معظم أسئلتها حول غزة وقدمت في نهايتها جوائز تذاكر سفر إلى العاصمة الأردنية عمان مع الملكية الأردنية.
وختم اللقاء، والذي أهدى ربع تبرعاته التي ناهزت 30 ألف باوند لأهل غزة، بصلاتي العشاء والقيام خلف المقرئ السوري المعروف يحيى حوى، والذي أبكى المصلين بدعائه لغزة وأهلها بالخلاص من الظلم الواقع عليها والدعاء على الخائنين والمتخاذلين أيا من كانوا.
يذكر أن المنتدى الفلسطيني في بريطانيا أطلق مبادرة من بداية الشهر الفضيل لجمع 50 ألف باوند لصالح إفطار الصائمين في غزة تمكن من جمع 30 ألفا منها في أمسية الإفطار السنوي الثامن.
يُشار إلى أن المنتدى الفلسطيني في بريطانيا تأسس في العام 2004، وهو يُعتبر هيئة بريطانية مستقلة تعمل لخدمة أبناء الجالية الفلسطينية في بريطانيا.
وتعيش المملكة المتحدة هذه الأيام على وقع التداعيات الكبيرة للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ تشرين أول / أكتوبر الماضي، والتي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح.. حيث لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن تشهد واحدة من المدن الكبرى وفي مقدمتها العاصمة لندن تحركا شعبيا مناصرا لفلسطين ومناديا بوقف الحرب وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.
وعلى وقع المظاهرات الشعبية الحاشدة الداعمة لفلسطين، عاد عضو حزب العمال السابق السياسي جورج غالاوي إلى البرلمان البريطاني في الانتخابات الفرعية لبرلمان بلاده من بوابة مناصرته لغزة.
وقد أثار فوز جورج غالاوي، السياسي البالغ من العمر 69 عاماً جدلا سياسيا كبيرا في الساحتين السياسية والإعلامية في بريطانيا بعد قوله في حديث بعد لحظات من فوزه: "هذا من أجل غزة"، موجهاً حديثه لزعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر بعد أن أعلن الأخير موقفاً يعتبر مؤيداً لإسرائيل في حرب غزة، قال غالاوي في خطابه "كير ستارمر، هذا من أجل غزة. إنكم ستدفعون ثمنا باهظا للدور الذي قمتم به في تمكين وتشجيع وتغطية الكارثة الجارية حاليا في فلسطين المحتلة".
غالاوي كان واحداً من أعلى الأصوات المناهضة للحرب على العراق، وعارض السياسية الخارجية التي دعمها رئيس الوزراء العمالي آنذاك توني بلير.
ومع أنه لم يتم الإعلان رسميا عن موعد محدد للانتخابات العامة في بريطانيا، إلا أنه من المرجح أن تجري في خريف العام الجاري حسب قانون تحديد المدة البرلمانية بخمس سنوات (الانتخابات الأخيرة كانت في ديسمبر/كانون الأول 2019)، لاختيار الحكومة القادمة التي يشكلها الحزب الفائز بأكبر عدد من مقاعد مجلس العموم.
وقد أكد ريشي سوناك، رئيس حكومة المحافظين أن الانتخابات العامة ستكون في الخريف المقبل..
ويعتبر حزب العمال المعارض، وفق آخر استطلاعات الرأي، المرشح الأبرز لخلافة حزب المحافظين في قيادة الحكومة المقبلة.
إقرأ أيضا: من هو غالاوي الذي وعد بأن تهتز جدران قاعة البرلمان البريطاني من أجل غزة؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية بريطانيا الإفطار الرمضاني الفلسطيني بريطانيا فلسطين رمضان إفطار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الانتصار: هل يُعيد تشكيل الوعي لمستقبل واعد، أم مجرد فصل جديد في رواية لم يتغير سياقها؟
د. الهادي عبدالله أبوضفائر
فرحة الانتصار، التي وقف فيها الجيش والقوات المساندة له صامدين كالجبال، مُقدمين الغالي والنفيس، ليس مجرد واجب، بل كعهدٍ خالدٍ لا ينكسر. لم يكن هذا الفداء إلا انعكاساً لروحٍ، لا تعرف الانحناء، وعزيمةٍ تتحدى المستحيل، حيث امتزجت الدماء بالحلم، والتضحية بالمجد. إنها فرحة لم تكن مجرد نشوةٍ لحظية أوفرحة خاطفة، بل كانت ذروة ملحمة إنسانية، تماهت فيها دموع الشعب مع دماء الأبطال، لينسجوا معاً رايةً لا يطويها النسيان. ففي كل قطرة دمٍ سُكبت، وفي كل صرخة ألمٍ علت، كان هناك وعدٌ يولد، بأن هذا الوطن لن يكون إلا حراً، عزيزاً. أنها ملحمة إنسانية خُطّت بمداد التضحية، حيث التقى الألم بالأمل، والفقد بالمجد.
وسط قرع طبول الفرح، وفي غمرة الزهو بالنصر المستحق، يلوح في الأفق سؤال أشد عمقاً، يتجاوز لحظة النشوة ويخترق حجاب المستقبل: ماذا بعد؟ هل الانتصار خاتمة المسير، أم أنه أول الخُطى على درب لا يقل وعورةً عن دروب القتال؟ وهل النصر مجرد احتفاء بلحظة الفوز، أم يمكن تحويله إلى بذرة تُغرس في تربة المجد، فتنمو وتزدهر، لا لتذبل مع مرور الزمن، ولا لتبهت تحت وطأة الاندثار؟ إن الانتصار ليس راية تُرفع في يوم الفوز ثم تُطوى مع تعاقب الأيام، إن أعظم الانتصارات لا تُقاس فقط بما يُكتسب من أرض أو يُحقق من غايات، بل بما يُترجم إلى وعي حضاري قادر على اجتثاث أسباب الفرقة والشتات. فالشعوب التي لا تعي أن قوتها الحقيقية تكمن في وحدتها، تظل أسيرة دوائر الصراع، تتكرر أخطاؤها بأسماء مختلفة، وتتعثر خطواتها على الطرق ذاتها. أكتوبر، تفتحت فيها أزهار الحرية حينما أعلن الشعب عن رغبته في حياةٍ كريمة، لا يطالها الاستبداد ولا تُغشيها ظلال الفقر. وفي أبريل، ارتسمت ملامح التجدد بجرأة الأمل والإصرار على التغيير، حيث صار الحلم واقعاً يستحق النضال. وفي ديسمبر، ترددت أصداء الثورة لتحكي قصة شجاعة لا تعرف الاستسلام، قصة شعب أضاء درب الحرية بكفاحٍ لا يلين. ولكن، يبقى السؤال: هل لدينا الاستعداد أن نحافظ على النصر؟ هل نحن مستعدون للوقوف أمام اختبار الزمن، وحماية النصر حتى لا يصبح سراباً يذبل مع مرور الأيام؟ هل سنكتفي بظل وهج لحظي، أم سنغرس بذور هذا النصر في تربة الاستمرارية، ليرتقي من مجرد لحظة انتصار إلى مسيرة حضارية تُخلّد في صفحات التاريخ.
حينما يصمت أزير البنادق، هل ذلك إعلاناً للانتصار المطلق، وضماناً لسلام دائم وتعايش بين المكونات، أم أنه بزوغ فجر أشد تعقيداً، معركة إعادة البناء واستعادة التوازن؟. الهزيمة العسكرية، مهما بدت ساحقة، ليست سوى سطر في فصل طويل من التاريخ، فالتحدي كيف نعيد ترميم مجتمع أرهقته الحروب ومزقه خطاب الكراهيه، وأُنهكته دوامة الصراعات؟ إن سقوط الميليشيات لا يعني بالضرورة سقوط الأفكار التي أنجبتها، ولا يمحو الخراب الذي خلّفته في بنية الدولة والمجتمع. فالنسيج الاجتماعي الذي أصابه التمزق لا يلتئم تلقائياً، بل يحتاج إلى وعي عميق وإرادة سياسية صلبة لترميم الهوية الوطنية، وردم الفجوات التي تسللت منها، وبناء أسس لدولة لا تقوم على أنقاض الأزمات، بل تتجذر في العدل والاستقرار. فالانتصار ليس إسقاط كيان مسلح، بل في تأسيس نظام يحول دون ظهور كيان مماثل، وفي بناء وطن محصّن ضد التميز، عصيّ على التصدع، لا تتغذى مؤسساته على الصراعات، بل ترتكز على سيادة القانون، وتُعلي قيم المواطنة، حتى لا تتكرر المأساة في دورة أخرى.
إن سقوط الميليشيا، وإن كان منعطفاً مصيرياً، لا يعني بالضرورة محو الخوف المتجذر في الذاكرة الجمعية، ولا يضمن زوال الكراهية التي تغلغلت في النفوس. فالحرب، بطبيعتها، لا تنتهي بمجرد إسكات البنادق، بل تواصل حضورها في الوعي، تفرز أسئلتها القلقة، وتفرض تحدياتها الأشد تعقيداً: العدالة والمصالحة. وهنا، تُختبر الدولة لا كسلطة قهر، بل كحكومة قادرة على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، حتى لا تتحول الهزيمة العسكرية للميليشيا إلى مجرد محطة في دورة أزلية من الفوضى. فالتاريخ يُعلِّمنا أن الفراغ، إن لم يُملأ ببناء راسخ، صار تربة خصبة لولادة أشكال جديدة من العنف، يعيد إنتاج الخراب بأقنعة مغايرة. أخطر ما قد تواجهه أمة خارجة من نفق الاحتراب هو أن تترك جراحها مفتوحة، نهباً لرياح الضعف والانقسام التي تنتظر فرصة جديدة لتقتات عليها. لذلك، فالهدم وحده ليس انتصاراً، ما لم يتبعه بناءٌ راسخٌ يعيد التوازن، ويمنح لكل ذي حقٍ حقه. وكما أن السلاح قد يسكت صوت الفتنة مؤقتاً، فإنه لا يستطيع اقتلاع جذورها إن لم تُجتث معها أسباب الظلم، وإن لم يُسدَّ فراغ العدالة الذي تتسلل منه الفوضى.
المسألة أعمق من مجرد استرداد المدن ورسم الحدود، إنها استعادة الإنسان، وانتشاله من الأنقاض التي شوهت وعيه وأربكت انتماءه. إنها لحظة إعادة تعريف الهوية الوطنية بعيداً عن تشظيات الأيديولوجيا وضجيج الانقسامات، لحظة يُكرَّس فيها سلطة القانون ليعلو فوق همجية السلاح، الانتصار لن يكتمل إلا حين ينعكس في نفوس الأفراد قبل أن يُسجَّل على خرائط الأرض. ومهما بلغت عظمتها، تظل لحظية ما لم تتبعها انتصارات أكثر عمقاً على جبهات الفكر، والاقتصاد، والسياسة. فالحروب قد تهزم الجيوش، لكنها لا تهزم الأفكار، ولا تمحو جذور الصراعات إن لم تُجتث بأدوات أكثر حكمة ورسوخاً. تكتمل الفرحة حين حين يتحول النصر من مجرّد تفوّق عسكري إلى نهضة شاملة، تعيد صياغة الوعي الوطني، وتمنح الشعوب أسباباً حقيقية للسلام والاستقرار. وتنتقل المعركة من ميادين السلاح إلى ساحات الأفكار التي تنبذ الكراهية، وتقتلع جذورها من العقول، وتكسر الدوائر المغلقة التي تعيد إنتاج العنف بأشكال جديدة. إنها لحظة فارقة، يُختبر فيها وعي الأمة وقدرتها على تجاوز الانقسامات، وردم الفجوات، وترميم النسيج الوطني بعيداً عن ثارات الماضي. فإعادة بناء الأوطان لا تُنجز عبر ركام الحروب، بل على أسس العدل والتنمية، لا يكون السلام حقيقياً إلا إذا كان مستداماً، ولا تكون الدولة منيعة إلا إذا كانت عادلة. فالقوة وحدها قد تفرض الاستقرار، لكنها تظل هشّةً إن لم تسندها عدالة حقيقية تحفظ الحقوق وتصون الكرامة. حتى لا تجد الحرب ما تقتات عليه وتعيد انتاج نفسها. فالحروب لا تندلع من فراغ، بل تولد من رحم الظلم، وتتغذّى على الإقصاء والتهميش، وتنمو في بيئة يغيب فيها العدل ويسود فيها الفساد.
abudafair@hotmail.com