نظام آموك.. تيارات مائية تدور لحفظ توازن المناخ في كوكب الأرض
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
الاسم العلمي لدوران انقلاب خط الطول الأطلسي (آموك) يعتبر جزءا كبيرا من النظام العالمي لتيارات المحيطات، الذي يعتمد على جلب المياه الدافئة من المناطق الاستوائية شمالا إلى شمال المحيط الأطلسي، ويضمن توازن المناخ العالمي. في بداية 2024 برزت تحذيرات من تباطؤ نظام "آموك" بفعل التلوث الذي يحدث بدوره كارثة مناخية في الكوكب.
تعتمد عملية دوران مياه المحيط على العديد من التيارات، مثل ظاهرة المد والجزر، التي يرتفع فيها منسوب المياه على شواطئ المحيطات والبحار بسبب جاذبية القمر للمياه على الأرض وبشكل أقل بسبب جاذبية الشمس، كما تتأثر أيضا التيارات السطحية بالرياح.
في المقابل هناك تيارات تحدث من السطح إلى القاع في عملية بطيئة جدا محملة بتغييرات في الملوحة ودرجة حرارة المحيط ويطلق عليها "الدوران الحراري الملحي"، وجميع هذه التيارات تنقل في "حزام ناقل عالمي".
يعتمد نظام "آموك" على عوامل عديدة منها اختلافات في درجات الحرارة، ومحتوى الملح، وكثافة الماء. فعندما تتدفق المياه الدافئة القريبة من السطح شمالا نحو القطبين فإنها تبرد وتشكل الجليد البحري، وتترسب نسبة كبيرة من الملح في مياه المحيط.
ومن المعروف أن انخفاض درجات الحرارة ووجود كميات كبيرة من الملح يجعل الماء أكثر كثافة، مما يؤدي إلى غوص هذه المياه الكثيفة في أعماق المحيط.
تمضي المياه الكثيفة إلى الأعماق باتجاه الجنوب في حركة بطيئة على مسافة كيلومترات تحت السطح ثم تعود مرة أخرى نحو السطح وتسخن ضمن عملية تسمى "تقلب المياه" لتصبح الدورة كاملة.
تحافظ هذه العملية العالمية على توزيع الحرارة والطاقة حول الأرض من المناطق المدارية إلى المناطق الواقعة أقصى شمال منطقة المحيط الأطلسي.
ولنظام "آموك" دور هائل في الحفاظ على اعتدال المناخ الأوروبي، إذ تتألف هذه التيارات من تدفق كبير من المياه المدارية الدافئة إلى شمال المحيط الأطلسي، وإتاحة الفرصة للمناطق الاستوائية بفقدان الحرارة الزائدة، مع إمكانية العثور على تيارات مشابهة قادمة من الشمال تقوم بتقليب مياه القطب الجنوبي في نصف الكرة الجنوبي.
ويضمن النظام تحويل المياه السطحية إلى تيارات محيطية عميقة متجهة جنوبا في أقصى خطوط العرض الشمالية، ويتيح النظام نقل المياه السطحية الإضافية شمالًا من المناطق الاستوائية.
ولذلك فإن نظام "آموك" يلعب دورا كبيرا في وضع المناخ الحالي المعتدل نسبيا في منطقة شمال المحيط الأطلسي، كما له أهمية كبيرة في ضمان اختلاط محيطات العالم باستمرار.
تعد دورة نظام "آموك" بطيئة للغاية، وتستغرق حوالي 1000 عام للمتر المكعب من الماء لإتمام رحلتها حول الحزام الناقل، رغم تباطؤ حركة الدورة فإن هناك مخاوف من احتمال زيادة هذا التباطؤ أو توقفه تماما.
مخاوف وتداعياتهناك قلق شديد بشأن المناخ في حال انهيار هذا النظام، الذي يؤثر على تباطؤ الحزام الناقل لتيارات المحيطات، والذي يدفع المياه الدافئة من المناطق الاستوائية إلى شمال المحيط الأطلسي.
استمرار النظام في التباطؤ قد يدفع إلى تأثيرات مناخية في غاية الخطورة، ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب فإن المياه العذبة الناتجة من ذوبان الجليد عند القطبين قد تؤدي إلى انحسار المطر، مما يدفع إلى جفاف شديد في جنوب أفريقيا.
وتشير دراسة بحثية نشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشانج" عام 2022 أن انهيار نظام "آموك" قادر على أن يحول المناخ العالمي إلى وضع شبيه لظاهرة "النينو"، التي بدورها تؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة التي قد تسبب الفيضانات على شرق أستراليا وموجات جفاف شديدة تتسبب في حرائق الغابات جنوب الولايات المتحدة.
وأكد مؤلفو الدراسة أن مراقبة نظام "آموك" كانت بشكل مستمر منذ عام 2004 لملاحظة حركة التيارات دون أي تدخل بشري يؤثر على المناخ، وأثبتت القياسات أن النتائج تختلف عامًا بعد عام، وتتوقع الدراسة الانهيار الكامل للنظام عام 2050 أو في وقت مبكر من عام 2025.
ويحذر العلماء من خطورة انهيار نظام "آموك" ويقولون إنه عرضة للانهيار خلال بضعة عقود إذا استمر العالم في ضخ التلوث، وهو ما من شأنه أن يكون كارثة بيئية على العالم بأسره، إذ ستتعرض أجزاء من أوروبا إلى شتاء قارس وارتفاع في مستويات سطح البحر.
مع ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد، يحدث تدفق شديد للمياه العذبة، مما يقلل من كثافة الماء وبدورها تدفع إلى عذوبة شديدة في المياه أو دفئها بصورة عالية أو كليهما، وبذلك يتوقف عمل الحزام الناقل.
وتشير الدراسة إلى ذوبان الجليد في بركة ألتندرا بجزيرة غرينلاند، مما يقوي احتمال ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل خطير.
منذ أكثر من 12 ألف عام توقف الحزام الناقل، حيث تسبب الذوبان السريع للأنهار الجليدية التي أدت إلى توقف نظام "آموك"، ونتجت عنه تقلبات مناخية شديدة في نصف الكرة الشمالي.
أصدرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة عام 2019 تقريرا يتوقع عجز نظام "آموك" خلال القرن الـ21 ، لكنه لا يرجح الانهيار الكامل للنظام قبل عام 2100.
ويؤكد بيتر ديتلفسن، أحد معدي التقرير وأستاذ الفيزياء بجامعة كوبنهاغن، أن العلماء حللوا درجات الحرارة لسطح المياه في شمال المحيط الأطلسي جنوب غرينلاند على مدار 150 عاما بين عامي 1870 و2020، مما دفعهم إلى الشعور بالقلق والتنبؤ بانهيار نظام "آموك" مبكرا قبل عام 2095.
ويدعو التقرير إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لخفض مستويات التلوث في العالم للمحافظة على مستويات دوران انقلاب خط الطول الأطلسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات شمال المحیط الأطلسی درجات الحرارة انهیار نظام من المناطق
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب الجمركية وتداعياتها على توازن أسواق النفط العالمية.. خبير يوضح
قال الدكتور عامر الشوبكي، مستشار الطاقة الدولية، إن الفترة الحالية تشهد تقلبات معقدة في أسعار النفط داخل الولايات المتحدة، حيث انخفضت الأسعار بنسبة 3% خلال الشهر الماضي.
وأشار إلى أن هناك مؤشرات على "فخ اقتصادي" أعدته إدارة بايدن ضد إدارة ترامب، من خلال فرض عقوبات على أسطول النفط الروسي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار خلال فترة الرئيس السابق.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية في برنامج "المراقب" المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أنه رغم تطبيق رسوم جمركية جديدة على واردات النفط ومشتقاته بنسبة 25% اعتبارًا من الغد، إلى جانب رسوم إضافية على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، فإن الأسواق العالمية تشهد انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار، مشيرًا، إلى أنّ وزارة الخزانة الأمريكية تعيد طرح العقوبات على روسيا للنقاش مجددًا.
وأوضح الشوبكي أن الولايات المتحدة، التي تستورد نحو 4 ملايين برميل يوميًا من كندا، قد تواجه صعوبات في تعويض هذا النقص داخليًا، نظرًا لأن النفط الكندي ثقيل ويحتاجه بعض المصافي الأمريكية.
وفيما يخص الاحتياطي الاستراتيجي، أشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى حاليًا لإعادة ملئه بدلاً من السحب منه، مع استمرارها في الإنتاج بأقصى طاقتها، وتبلغ معدلات الإنتاج الحالية 13.5 مليون برميل يوميًا، وتسعى إلى زيادتها بمقدار 3 ملايين برميل إضافية.
وعن تأثير التعريفات الجمركية على أرباح شركات النفط العالمية، لفت إلى أن التحولات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قد تعيد تشكيل خريطة تجارة النفط العالمية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل وإرباك الأسواق.
وحذر من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، على الرغم من التوقعات السابقة بتراجع طفيف.
أما في ما يتعلق بالسياسة النقدية، فقد اعتبر الشوبكي أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يواجه تحديات كبيرة، إذ يتعين عليه تحقيق معدل تضخم مستدام عند 2% في ظل السياسات الاقتصادية الحالية التي وصفها بـ"غير الطبيعية".