أخناتون.. رائد الثورة الثقافية
تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT
أخبار متعلقة
«سياسات الخطاب».. أحدث إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب
«رسائل صينية» كتاب مترجم جديد عن الهيئة المصرية العامة للكتاب
ديوان شعري جديد لداغر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب
كتاب «أخناتون.. رائد الثورة الثقافية» صدر عام 1974 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لمؤلفه الأستاذ فؤاد محمد شبل سفير مصر الأسبق فى إندونيسيا والذى أمضى فى السلك الدبلوماسى أكثر من 30 عاماً، والذى له العديد من المؤلفات منها: السياسات الاقتصادية الدولية، دراسات فى اقتصاديات القارة الإفريقية، منهاج توينبى التاريخى، مشكلة اليهودية العالمية، دور مصر الحضارى، غاندى.
مينا بديع عبدالملك - صورة أرشيفية
فأخناتون لم يكن فرداً عادياً دفعته أحاسيسه النبيلة لإنقاذ مجتمعه من أوزاره وتخليص مواطنيه من الجهالة التى يكابدونها. بل كان ملكاً آثر التضحية بملذات الحياة وأبهة المُلك فى سبيل مبدأ اعتقد فيه خلاص الإنسانية من الشرك. فهو الذى قاد أول ثورة فى التاريخ شملت كل جانب من جوانب الثقافة والحياة الروحية. فكان أن جلب على رأسه عداء الناس وكراهيتهم، ولقبه أعداؤه بالمجرم وعملوا على طمس ذكراه وإزالة اسمه من جميع الآثار المصرية. وامحت بالفعل ذكراه إلى أن كشف الباحثون فى أواخر القرن التاسع عشر سجلات مدينته «مدينة تل العمارنة» ومحفوظاتها، فكان أن انبعث ذكراه وأصبح اسمه يدوى فى أرجاء الأرض ويثير عواطف القراء ويستثير إعجاب الباحثين. ولم يكن أخناتون مُسيّراً فى مسعاه بدوافع سياسية، مثل التى دفعت «بطليموس سوتير» إلى توليف مزيج من العبادات لتوحيد العالم «الهلينى» روحياً.
فؤاد محمد شبل
لقد افتتح أخناتون عهده بإصدار قرار بالشروع فى استغلال محجر جبل السلسلة ليستخرج الحجر الرملى لتشييد معبد ضخم فى الكرنك للرب «آتون»، ويقع هذا المعبد شرق معبد «آمون». وأمر الملك بإقامة شاهد حجرى فى هذا الجبل ليخلد هذه المناسبة. وجدير بالذكر أنه لأول مرة فى التاريخ المصرى، يُسجل اسم المعبود الجديد «آتون» داخل «خراطيش» أسوة بما كان مُتبعاً فى تسجيل أسماء الملوك عند الاحتفال بتوليهم العرش. وقد وُصف بأنه «آتون الحى، العظيم، سيد السماء والأرض». كما أنه عزف كلية عن تجسيد إله الشمس برسمه فى هيئة طائر أو حيوان أو إنسان له رأس صقر يحمل قرص الشمس وفقاً لما كان مُتبعاً من قبل. فلقد عمد أخناتون إلى إبراز «آتون» فى صورة تجريدية عبارة عن حفر غائر لشعاع الشمس: قرص يكتنفه رمز الأفعى المقدسة فى تاج ملوك مصر الأقدمين وتتلى من عنقه علامة الحياة «عنخ» ويخرج منها عديد من أشعة الشمس تنتهى بأيد بشرية. حدث فى عصر أخناتون تطور خطير فى معالم اللغة المصرية الكلاسيكية. إذ أستعيض عن المنهاج اللغوى القديم بأسلوب طريف قوامه كلمات وأساليب الحديث المألوف بين عامة الناس. وكان الكهنة (كهنة آمون) يفرضون على الكُتّاب والمفكرين التزام المنهاج اللغوى العتيق والالتزام بالتعبيرات التى سجلها السلف على جدران المعابد. وإذا كان الشعب المصرى متزمتاً بأصله شديد الحرص على الحفاظ على الموروث، فقد أوحى الكهنة إليه أن لأساليب أجداده الأقدمين قدسية، جزاء من يحيد عنها الإقصاء عن حظيرة المجتمع بل وتكفيره. وإذا كانت إصلاحات أخناتون الدينية والاجتماعية قد تقوض بنيانها، فقد حافظت البلاد على إصلاحه اللغوى. وأصبح هذا الإصلاح ركيزة نهضة أدبية شارك فيها الشعب بنصيب موفور لم يكن ليُتاح له ظل لغة تقيد مرونتها استعارات عتيقة، وتُكبل حركتها صيغ تحجرت ولم تساير الزمن حتى أصبحت تستغلق على إفهام الناس، إلا قلة ضئيلة من رواد المعابد.
غلاف الكتاب
وهكذا غدا الناس ينظرون إلى العالم كما هو قائم فعلاً ويستمتعون بمباهجه. وهذا ما تشهد به أغنيات الحُب التى ازدان بها الأدب المصرى فى أعقاب الإصلاح اللغوى. فقد أسفر أسلوب الدولة الحديثة عن تطلع الروح المصرية للالتحام بالنزعة الإنسانية. لقد خلف لنا عصر الثورة الثقافية أدعية وجهت للملك تفيض بساطة فى التعبير كما تسفر عن محبة الناس لحياة لا عُسر فيها ولا التواء، إذ يطلبون من الإله أن يطيل بقاء الملك ويمد فى عمره حتى يسود البجع ويشيب الغراب، وينعكس مجرى النهر وأن يصبح له من رزق الدنيا بقدر ما على الشاطئ من رمل وما على الأسماك من قشر وما على الأنعام من شعر، وأن تكون أعياده بقدر ما على الطيور من ريش وما على الشجر من ورق.
ثم يسجل لنا المؤلف الأنشودة «الآتونية» التى وُجدت مكتوبة مع نشيد آخر على جدران مقبرة الكاهن «آى» فى جبانة «تل العمارنة». وقد جاء فيها: «كل عين ترنو إليك».
عندما تكون شمس النهار «آتون» الذى يُشرق على الأرض.
أنت فى قلبى، ولا أحد يعرفك،
غير ابنك أخناتون.
أنت الذى ألهمته معرفة طبيعتك وطاقتك.
إن سكان العالم ملك يديك، لأنك أنت خالقهم.
يحيون عندما تشرق، ويهجعون عندما تغرب.
فإنك أنت الحياة بعينها.
والكل يحيا بك.
والعيون تستمتع بجمالك عندما تغرب عنها.
ويتوقف العمل عندما تأوى إلى الغرب).
لقد كرس أخناتون حياته القصيرة للحد من سلطان الكهنة. إذ لم يقتصر نفوذهم على الدين، بل لقد سيطروا على جميع الوظائف الإدارية الكبرى ورتب الجيش. من هنا فقد هفت نفس أخناتون لإزاحة عبء الكهنة والبيروقراطية عن كاهل الشعب، فشرع بشن ثورة دينية ضاربة تدعو للإيمان بألا واسطة بين الإله الحق ومخلوقاته.
ولا ينكر أحد على أخناتون صفاءه الروحانى ومزاجه الشاعرى الذى يتبدى فى انتفاء مظاهر الخوف والتدمير والرهبة والقسوة والانتقام من عقيدته. فالحق أنه يصور الرب رحيماً شفوقاً براً بمخلوقاته ويسبغ على الجميع أفضاله ويسبّحون بحمده- لا خوفاً ورهبة- بل بدافع الشكر على نعمه الجزيلة.
كتاب أخناتون.. رائد الثورة الثقافية الهيئة المصرية العامة للكتابالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين الهيئة المصرية العامة للكتاب زي النهاردة لم یکن
إقرأ أيضاً:
«سعاد الصباح والتاريخ الكويتي» محاضرة بمعرض الكويت الدولي للكتاب الـ47
أقيم على هامش معرض الكويت الدولي الـ47، محاضرة عنوانها "سعاد الصباح والتاريخ الكويتي.. .الكتابة والمعايشة بين المشافهة والتدوين"، وذلك في المقهى الثقافي شارك فيها بأوراق بحثية الأكاديميون الدكتورة نور الحبشي والدكتور عبد الله النجدي والدكتور علي الكندري، وأدارها مدير دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع سعاد الصباح الكاتب علي المسعودي.
وألقى المحاضرون الضوء على ما الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح، للمكتبة الكويتية والخليجية والعربية والعالمية من إصدارات مهمة وملهمة.
وفي السياق قال علي المسعودي: المحاضرة تسلط الضوء على جهود سعاد الصباح في تدوين التاريخ الكويتي بدأته من حقبة مبارك المؤسس، في سلسلة طويلة، وثقت من خلالها مرحلة مهمة وغائبة عن المكتبة الكويتية، وهي الأمانة التي حملتها وحملها إياها سمو الشيخ عبد الله المبارك الصباح طيب الله ثراه، الذي كان حريصا على تسجيل تاريخ الكويت منذ الخمسينيات عندما كان نائبا للحاكم في الكويت ومن خلال ترأسه لمجلس المعارف، بعث نداء لشعب الكويت لجمع كل الوثائق التي تخص التاريخ الكويتي ثم استقطب المستشرقين منهم ديكسون وشجعهم على تسجيل التاريخ الكويتي، وأيضا استدعى محمد خليفة النبهان الطائي واستضافه في قصر مشرف، الذي كان حريصا أن تكون الكويت جزءا من تحفته "التحفة النبهانية".
وقال سمو الشيخ عبد الله المبارك الصباح طيب الله ثراه إن تاريخ الكويت لا يتوقف عند مبارك الكبير، وإنما قبل ذلك، وبالتالي كلف الدكتورة سعاد الصباح بالبحث في تاريخ الكويت، وبدورها شرعت فوراً وبحثت في الوثائق البريطانية والعثمانية وكتب التاريخ التي دونها المستشرقون والعرب الذين زاروا الكويت، فكان هذا النتاج، وأضاف: "سعاد الصباح تتميز بصدقها وإخلاصها، ولا تبحث عن ترويج شخصي، فهناك مثقف يعمل لنفسه وهذا من حقه، وهناك مثقف يُنشئ حراكا ويشجع الشباب، وهذا ما فعلته الدكتورة سعاد الصباح من خلال تأسيس دار نشر منذ عام 1984م، حينما أعادت طبع مجلة الرسالة، ثم أعلنت مسابقات سعاد الصباح للإبداع الأدبي، ومسابقات عبد الله المبارك للإبداع الأدبي، وكرمت كبار المبدعين، منهم صاحب السمو الملكي عبد الله الفيصل آل سعود وثروت عكاشة وغسان توني ونزار قباني وعبد الكريم غلاب والدكتور صالح العجيري، وغيرهم الكثير من المفكرين والأدباء الذين اثروا بعطاءاتهم الساحة الثقافية والفكرية العربية، وكانت الفكرة تكريم المثقف قبل موته، لأن العادة العربية أنه لا يُكرم المثقف إلا بعد موته، وهذا ما أعطى سعاد الصباح القوة والقبول لدى المجتمع الكويتي بشكل خاص والعربي بشكل عام، كما تُرجم بعض أعمالها إلى اللغات الحية جميعها، وأخيرا دُشن ترجمة أحد أعمالها إلى اللغة الهندية".
وقرأ المسعودي قصيدة وردة البحر، التي كتبتها الشاعرة سعاد الصباح، خلال الأيام العصيبة التي مرّت بها الكويت أثناء الغزو، حيث ملأت الدنيا شعرا ونثرا، وتنقلت تدافع عن قضية الكويت.
من جهتها قالت الدكتورة نور الحبشي: الدكتورة سعاد الصباح.. .اسم كبير وله قيمته الثقافية والعلمية الكبيرة، ثم تحدثت في مجمل عام عن الكتب التي أصدرتها الدكتورة سعاد الصباح في تاريخ الكويت، وكانت الاستثناء الوحيد في الكويت الذي كتب عن الشيخ صباح الأول إلى الشيخ مبارك الكبير، بسلسلة متقنة متزنة بمعايير الوثائق، حيث وثقت التاريخ بحرفية ومهنية وبسلاسة ولغة واضحة للجميع، ومتاحة للكل، ومن ثم نقلتها بأمانة علمية.
وأضافت: الشيخ عبد الله المبارك كان داعما للشاعرة الدكتورة سعاد الصباح في كل المراحل وكان الدعم كبيرا، وواضح ولقد ذكرت في كل لقاءاتها الصحافية والتلفزيونية تشجيعه ودعمه لها على صعيد الإنتاج الثقافي الذي قدمته، وتابعت: الدكتورة سعاد الصباح إضافة إلى ما قدمته في توثيق تاريخ الكويت، حملت هموم الأمة العربية بقضاياها ودعمت مواقف القضية الفلسطينية من خلال درا نشرها وحضورها في الملتقيات الثقافية على صعيد الخليج والمنطقة وأوروبا من خلال مشاركات دار سعاد الصباح للنشر، ولم تتخل يوما عن أي مثقف، فقد احتوت الجميع، وكان حضورها جدا متميزا بتواضعها وسمو أخلاقها ومن يقترب منها سيجد البعد الإنساني فيها.
وقال الدكتور عبد الله النجدي: تجربتي مع دار سعاد الصباح تعود إلى فترة الدكتوراه، حينما كتبت عن سيرة أحد حكام الكويت الكبار والعظام وهو الشيخ عبد الله السالم، منذ طفولته وشبابه ومشاركاته السياسة قبل الحكم وبعده، عندما استند على رجالات دولة أقاموا كيان الدولة الحديث، أحد هؤلاء الرجال هو الشيخ عبد الله المبارك الصباح، لذلك بحثت عن سيرته فوجدت الكتاب الذي يعد أول إصدارات الشيخة سعاد الصباح وعنوانه "صقر الخليج" فبدأت أبحث عنه فوجدت كمّا كبيرا من الوثائق، والكتاب في نسخته المزيدة والمنقحة أضاف العديد من المعلومات، وهو من الكتب المميزة الذي نقلت لنا فيه الدكتورة سعاد الصباح حياة الشيخ عبد الله المبارك، من خلال علاقاته مع أسرته ثم انتقلت إلى علاقاته السياسة والدولية، وتأسيسه للطيران المدني والدفاع، والإذاعة ومجلس المعارف وغير ذلك من الإنجازات الكثيرة، كما تولى نيابة الحكم لفترات طويلة.
واستطرد قائلا: توالت السلسة التي تؤرخ لتاريخ الأسرة، التي تعد من الناحية العلمية مفيدة، وتضم معلومات مهمة من خلال شتى أنواع المصادر، وكنت أقول لتلاميذي إن كنتم تبحثون عن كتب مهمة ابحثوا عن كتب الدكتورة سعاد الصباح، كما أعجبتني لمساتها الشعرية، حيث كانت ترفق الأشعار في كتبها، إضافة إلى أنها أعطت التاريخ حقة من كل جوانبه، وهذا يدل على شغفها بالبحث عن المعلومات الدقيقة.
وبدوره قال الدكتور علي الكندري: عادة في قراءة أي مشروع تاريخي تكون هناك أسئلة عدة حاضرة عند النقاش، فالكتاب له خطين زمنين للتسلس التاريخ، خط للأحداث، وخط للمؤلف، والكتاب، له خط زمني معاكس للخط الزمني التاريخي.
وتحدث الكندري عن فكرة ذاتية المؤلف، وذكر مثالا حول كتاب عبد العزيز الرشيد عن تاريخ الكويت، ليؤكد على وجود حركة ثقافية مؤثرة على المحيط العربي وأن الكويت جزء منها، وكتاب مرزوق الشمال "من تاريخ الكويت"، وهو بذلك يريد التأكيد على تاريخ الكويت البحري، وأشار إلى انه في مشروع سلسة كتب سعاد الصباح الكثر من الأفكار ومنها علاقة أسرة الحكم بالشعب، والنهضة في الكويت.
وقال الروائي هيثم بودي في مداخلته: الشيخة الشاعرة سعاد الصباح، جزء من تكويننا الوجداني، فحينما كنت أتجول في لندن أجد إصداراتها، كونها الناشر الأول للكتب الكويتية المترجمة، فرحلتنا مع دواوينها قديمة، وشخصيتها الإبداعية والكتابية متنوعة حيث إنها مؤرخة وحررت الكثير من الوثائق المهمة.
أما الشيخة الشاعرة أفراح المبارك الصباح، فقد أكدت أن الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح لديها الكثير من المؤلفات، وهي مرجع تاريخي مهم، ومن ثم طرحت اقتراحين، الأول حول نشر إصدارات الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح بطريقة الكتاب المسموع، والاقتراح الثاني أن تكون هذه الإصدارات في متناول الأطفال، من خلال كتب مبسطة تضمّ رسومات، كي يعرفوا تاريخ الكويت.